سابتكو تواصل الخسائر رغم ارتفاع الإيرادات    تحديد سعر سهم مستشفى فقيه عند 57.50 ريال    3 آلاف ريال الحد الأعلى للشراء من الأسواق الحرة في صالات القدوم    القمة العربية في البخرين نحو تعزيز التضامن العربي ومواجهة التحديات المشتركة    وزير الخارجية يترأس الاجتماع الثاني لهيئة متابعة تنفيذ القرارات والالتزامات على المستوى الوزاري    جائزة الشيخ زايد للكتاب تفتح باب الترشح لدورتها التاسعة عشرة 2024-2025    أولى رحلات مبادرة «طريق مكة» من تركيا تصل إلى المملكة    «أونروا»: نزوح 450 ألف شخص من رفح    أمير حائل يدشّن حزمة من المشاريع الجديدة في جامعة حائل    القيادة المركزية الأمريكية تشارك في مناورات "الأسد المتأهب" في تأكيد لالتزامها بأمن الشرق الأوسط    الفرصة ماتزال مهيأة لهطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    نائب أمير مكة: منع الحجاج المخالفين ساهم بتجويد الخدمات    تخريج كوكبة من الكوادر الوطنية لسوق العمل    فرص للمواهب العلمية ببرنامج كندي    القادسية يحسم لقب دوري يلو    «الموارد» تطلق خدمة «حماية أجور» العمالة المنزليَّة في يوليو    13 قطاعاً واعداً يعزز الشراكة الاقتصادية بين السعودية وبريطانيا    التجديد إلكترونياً لجوازات المواطنين الصالحة حتى (6) أشهر قبل العملية    أمير تبوك: خدمة الحجاج والزائرين شرف عظيم ومسؤولية كبيرة    المملكة رائدة الرقمنة والذكاء الاصطناعي    «الممر الشرفي» يُشعل ديربي العاصمة    أمير الباحة يستقبل مدير وأعضاء مكتب رواد كشافة بعد إعادة تشكيله    سمو أمير منطقة الباحة يناقش في جلسته الأسبوعية المشروعات التنموية والخدمات المقدمة    تغطية أرضيات مشعر منى بالسيراميك.    الأسهم الآسيوية ترتفع لأعلى مستوياتها في 15 شهراً مع تحسن اقتصاد الصين    في لقاء مؤجل من الجولة 34 من الدوري الإنجليزي.. مانشستر سيتي يواجه توتنهام لاستعادة الصدارة    ضمن الجولة 32 من دوري" يلو".. العروبة في اختبار البكيرية.. والعربي يواجه الترجي    فابريزيو رومانو يؤكد: 3صفقات عالمية على أعتاب دوري روشن السعودي    بطلتنا «هتان السيف».. نحتاج أكثر من kick off    في الإعادة إفادة..    أبل تطور النسخ الصوتي بالذكاء الاصطناعي    يدخل"غينيس" للمرة الثانية بالقفز من طائرة    الكويت في الصدارة مجدداً    وزير التعليم يزور مدرسة معلمة متوفاة    يستيقظ ويخرج من التابوت" قبل دفنه"    اللجنة الوزارية للسلامة المرورية تنظم ورشة "تحسين نظم بيانات حركة المرور على الطرق"    الداوود يتفقد نطاق بلدية العتيبية الفرعية ويطّلع على أعمال التحسين ومعالجة التشوه البصري    الرزنامة الدراسية !    سرابُ النصرِ وشبحُ الهزيمة    وزير الخارجية يصل إلى المنامة للمشاركة في الاجتماع التحضيري ل «قمّة البحرين»    ماهية الظن    فخامة الزي السعودي    استعراض الفرص الواعدة لصُناع الأفلام    الكويت.. العملاق النائم ونمور الخليج    آنية لا تُكسر    تركي السديري .. ذكرى إنسانية    نائب أمير مكة: "لاحج بلا تصريح" وستطبق الأنظمة بكل حزم    أمير المنطقة الشرقية في ديوانية الكتاب    الصحة.. نعمة نغفل عن شكرها    دور الوقف في التنمية المستدامة    الماء البارد    إزالة انسدادات شريانية بتقنية "القلب النابض"    «سعود الطبية» تنهي معاناة ثلاثينية من ورم نادر    حكاية التطّعيم ضد الحصبة    18 مرفقاً صحياً لخدمة الحجاج في المدينة    ما رسالة أمير حائل لوزير الصحة؟    فهد بن سلطان: خدمة الحجاج والزائرين شرف عظيم ومسؤولية كبيرة    أمير تبوك يرعى حفل تخريج طلاب وطالبات جامعة فهد بن سلطان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المسنون في جازان مهمشون ويعيشون ألم الوحدة وتنكر الأبناء
إنشاء دار لرعايتهم تنتشلهم من معاناتهم

المسنون في جازان أو كبار السن ممن تقطعت بهم السبل ووجدوا أنفسهم فجأة وحيدين تائهين في دروب الحياة الوعرة حيث لا ابن يبر بهم ويكرم نزلهم، ولا صديق أو خليل يؤنس وحدتهم ويبدد وحشتهم، ولا جار يزاورهم ويطمئن على أوضاعهم، يسكنون الأحياء القديمة والبيوت الخربة، وعلى قارعة الطرق وجوانب الأرصفة، ثيابهم بالية رثة وطعامهم من المارة ومرتادي المطاعم وفيما تبقى من زاد، منهم من توفت زوجته وعقه أبناؤه في سفرهم ورحيلهم وتناسيهم له، ومنهم من توفت زوجته ولم ينجب منها أبناء لكي يرعوه ويحملوه في كبر سنه، ومنهم من لم يتزوج قط ليعيش ما تبقى من عمره وحيداً وسط بحر الحياة المتلاطم. ليصبح كل واحد من هؤلاء المسنين بجازان دمعة على خد الزمن وليس لهم بعد الله إلاّ دار لرعاية المسنين التي لم تنشأ في جازان حتى تنتشلهم وتحتضنهم وترعاهم حق الرعاية وتؤمن لهم السكن والعيش الكريم بدلاً من حياة الوحدة والتشرد والضياع.
«الرياض» دخلت عالم هؤلاء المسنين في جازان، وزارت أماكن سكنهم ووحدتهم حتى نلمس جرحهم ونتعرف على حجم معاناتهم في هذا العمر الكبير لأنهم أناس منا وواجب علينا القرب منهم وإيجاد حلول عاجلة لأوضاعهم المحزنة.
محمد الحدادي في السبعين من عمره لاحظته أكثر من مرة يجلس وحيداً وعكازه في يده على سرير من الحديد في حي العشيماء بجازان تحت «هنقر» كبير له سقف دون حيطان. وأرضية مليئة بالاحجار المتناثرة.. اقتربت من ذلك المسن السبعيني وأجابني وتحدث معي بعد عدة أسئلة فقال: أعيش في هذا المكان وأسكن فيه وهذا السرير أنام عليه في الليل وقليل من النهار حيث إنني رجل أعيش وحيداً في هذا العمر الذي أنا فيه فقد تزوجت قديماً وعاشت معي زوجتي فترة ثم توفاه الله ولم أنجب منها. وكنت بلا عمل وتكالبت على الحياة والظروف الصعبة ولم أتزوج بعدها وليس لي منزل وكان لي أخ أكبر سكنت معه فترة في منزله حتى توفاه الله واضطررت للخروج حسب رغبة زوجة أخي الذي أصبح البيت ملكاً لها، وهمت في هذه الحياة أتنقل من مكان إلى آخر دون مأوى حتى وصل بي المطاف إلى هذا الحال وأنا في هذا السن لأسكن هنا في هذه المنطقة الخربة أنام في الليل وفي النهار ولا أبرح مكاني لأنه لا يوجد أحد يتعاهدني بالزيارة لا قريب ولا صديق غير أنني أذهب بنفسي إلى بعض المنازل القريبة مني لأحصل منهم على قليل من الطعام والشراب. وأعود إلى مكاني ووحدتي أقضي فيه بقية يومي ومنامي.
وفي مكان آخر من مدينة جازان وجدنا مسناً وحيداً يعيش معزولاً تحت صندقة صغيرة وسقفها من الخشب وعلى جوانبها تحيط بها مجموعة من البراميل الصدئة وفي وسطها سرير من الخشب وعند سؤالنا لمعرفة أحوال المسن سالم إبراهيم حسين جعفر تحدث قائلاً: أعيش هنا بمفردي حيث إنني ذقت مرارة اليتيم منذو طفولتي فقد توفيا أمي ووالدي في أوقات متقاربة بعد ذلك وصلت إلى مرحلة الشباب ولم تساعدني ظروفي المادية الصعبة من الزواج من امرأة تشاركني حياتي وسارت بي الأيام والسنون حتى هذه المرحلة من كبر السن لأسكن واستقر في هذا المكان وحيداً ما تبقى من عمري أنام ليلي وأقضي صباح وظهيرة اليوم التالي على سريري هذا الخشبي شاكياً إلى الله وحدتي وضيقي في هذه الحياة.
وعلى بعد ثلاثين كيلو من مدينة جازان كانت زيارتنا لمحافظة صبيا وجدنا العديد من كبار السن وحيدين بلا سكن أو مأوى منهم حسين عبدالله عربي يجلس وحيداً داخل أحد الأزقة اقتربنا منه وتحدثنا معه فقال: أعيش هنا وحيداً حيث أنني تزوجت منذ القدم وأنجبت زوجتي بنتاً ثم توفت وفضلت ان أعيش أرعى بنتي الوحيدة دون ان أتزوج حتى كبرت ابنتي وزوجتها وبعد فترة انتقل زوجها للعمل خارج المنطقة وبالتالي انتقلت معه زوجته ابنتي ولم أشاهدها أو أسمع عنها من عشرات السنين وعشت بقية عمري حتى هذا العمر الكبير خاصة أنني لا أملك منزلاً أعيش فيه وأنا في هذه الحارة أنام على جانب أحد المنازل الشعبية القديمة أنام على قطع من الكراتين ويقوم عدد من المارة من أهل الحي بإعطائي بعض الصدقات جزاهم الله خيراً.
وفي قرية لاتبعد كثيراً من المحافظة وهي قربة البخة تعيش هناك امرأة سبعينية وحيدة في غرفة صغيرة تنام وتصحو على سرير حديدي قديم لا أحد يسأل عنها وعندما تحدثنا إليها، إجابتنا بأنها كانت متزوجة وتوفي زوجها بعد ان أنجبت منه ابناً ولكن ظلت تسهر على تربية ابنها حتى تعلم ودرس وهي بدورها ترفض كل من تقدم إليها للزواج حباً في ابنها الوحيد. ولكن بعد كل تضحياتها تلك تزوج ابنها وانتقل إلى منطقة أخرى مع زوجته وتناسى أمه الكبيرة في السن والتي تحتاج إلى رعاية واهتمام أكثر من ذي قبل. وهكذا أصبحت هذه المرأة الأم تعيش بمفردها وسط غرفة متهالكة تفتقد لأبسط مقومات الحياة وتتمنى من يقوم بانتشالها من موقعها ومسكنها غير اللائق للحياة والعيش فيه على ان تنتقل إلى مسكن نظيف وتحصل على لقمة عيش نظيفة أيضاً حيث أنها تعيش على بقايا الخبز اليابس وتشرب الماء الساخن الذي تحصل عليه بصعوبة من بعض السكان.
«الرياض» بدورها تتساءل: هل بالإمكان ان يحصل هؤلاء المسنون وهم كثيرون في جازان على مبنى حديث «دار لرعاية المسنين» يتذوقون فيه طعم الحياة والعيش الكريم في تجمع أسري واستقرار نفسي يرفع من معنوياتهم مع رعاية تامة بما تبقى لهم من عمر في هذه الحياة؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.