جاءت تشكيلة المنتخب الأخيرة والتي تستعد لدخول المرحلة الأولى للمعسكر الاعدادي لتصفيات كأس العالم مفاجئة للكثيرين،وهو الامر الذي اظهرته ردود الافعال لا سيما في المواقع الرياضية على الشبكة العنكبوتية. ولعل المفاجأة تكمن لدى الكثيرين في خلو القائمة من أسماء بارزة ودخول أسماء جديدة لم تكن متوقعة خاصة في مثل هذه المرحلة التي تشكل مفصلا مهما في مشوار المنتخب نحو ألمانيا 2006. فلا احد - أبدا - كان يتوقع خروج خميس العويران من القائمة وهو الذي كان بمثابة ضابط ايقاع المنتخب على الاقل في العامين الماضيين لا سيما ايضا في ظل ايقاف محمد نور، كما ان قلة هم الذين تصوروا ابعاد الدعيع عن المرحلة المقبلة وهي الاكثر أهمية في الوقت الذي تواجد قبل ايام قليلة في دورة الخليج. في المقابل فإن الاسماء الجديدة التي دخلت كانت محل رصد وتساؤل واستغراب من قبل المتابعين كمحمد العنبر وعبدالرحمن القحطاني وفهد المسعود وحسين شراحيلي وهم الذين يدخلون قائمة المنتخب لاول مرة في تاريخهم خاصة وان هذا الدخول يأتي في مثل هذا الوقت الحرج في تاريخ الاخضر . وإلى جانب ذلك فإن عودة بعض الاسماء للقائمة كانت تحت المجهر وفي مقدمتهم حسين الصادق لتقدمه في العمر وبشكل اقل نسبيا حسين عبد الغني العائد من الاصابة وهادي شريفي وسعد الزهراني اللذين لم يشعر احد بوجودهما خلال مشاركتهما مع النصر. ووسط كل تلك التساؤلات الطبيعية تبرز جملة حقائق لا يمكن اغفالها لمن يضع تلك القائمة تحت المجهر دون الاعتماد على قراءته الاولية او نظرته السطحية التي تفتقد لاي تحليل منطقي او تدقيق فاحص. فالحقيقة الاولى هي بروز لمسة المدرب كالديرون على التشكيلة وهو امر مهم من شأنه إبعاد القائمة عن القيل والقال كما حدث بعد انتكاسة الدوحة، فبين هذه القائمة والقائمة التي اختيرت لمعسكر الدمام قبل دورة الخليج بون شاسع سواء على مستوى الشخوص أنفسهم او حتى على مستوى العدد. وتظهر ملامح اللمسة «الأرجنتينية» من خلال بعض الاسماء التي اصطادها كالديرون من المباريات التي حضرها كمباراة الرياض والهلال في كأس الامير فيصل بن فهد ومباراة الهلال والاتفاق في نهائي البطولة نفسها، ومباراة النصر والاتحاد الاخيرة في الدوري وهي المباريات التي قدمت الصادق والعنبر وشراحيلي والمسعود والقحطاني وشريفي «اخوان» والثقفي والزهراني وهم القادمون الجدد للقائمة. والحقيقة الثانية فهي وضوح عدم خضوع كالديرون لسطوة الاسماء الرنانة بدليل ابعاد الدعيع والعويران ومرزوق العتيبي في الوقت الذي يفتقد فيه محمد نور للايقاف وسعد الدوسري للوفاة، وهو امر يحسب له إذا ما اراد للمنتخب النجاح ولنفسه البروز. . والحقيقة الثالثة فهي وضوح حالة التمازج في اعمار وتجربة اللاعبين المختارين، ما بين اصحاب التجربة الثرية والمتوسطة والقليلة وعديمي الخبرة والتجربة، فاصحاب التجربة الثرية مثل الصادق والسويد وعبد الغني والدوخي، واصحاب التجربة المتوسطة مثل الشلهوب والمنتشري وابو شقير وكريري وياسر القحطاني، واصحاب التجربة القليلة مثل الجاسم وعبدربه والغنام ومحمد شريفي، اما عديمو الخبرة فمثل المسعود وعبد الرحمن القحطاني ومحمد العنبر. والحقيقة الرابعة التي لا يد لكالديرون فيها هي ان هذه التشكيلة إنما جاءت من واقع الدوري الذي يكشف لنا حجم الصعوبات التي تواجه من يكلف باختيار تشكيلة المنتخب في هذه المرحلة وابرزها نضوب المواهب في كثير من المراكز على مستوى جميع الاندية، ففي هذه التشكيلة يكاد لا يوجد سوى مهاجمين صريحين «رأسي حربة» وهما ياسر القحطاني والعنبر، وكذلك لا يكاد يتواجد سوى ظهير ايمن فعلي واحد هو احمد الدوخي، فضلا عن غياب «صانع الالعاب» التقليدي الذي يفتقده منتخبنا منذ زمن ليس بقليل. والحقيقة الخامسة فهي غياب القائد المحنك الذي يمكن الاعتماد عليه ميدانيا، فالقائمة التي ضمت 22 لاعبا لا يكاد يتواجد فيها قائد فعلي متمرس في ناديه سوى حسين عبدالغني الى حد ما على الرغم من انه يفتقد لكثير من الصفات القيادية، وهو امر يستدعي ضرورة السعي نحو تهيئة قائد للمنتخب ممن يملك مهارة القيادة وهو عمل من الضرورة بمكان بحيث نخشى تكرار ما حدث في «خليجي 17» من تداعيات داخل الملعب وخارجه. أما الحقيقة السادسة فهي تتركز على حاجة المنتخب في المرحلة المقبلة الى شيء من التركيز في العمل على كافة الصعد بدءا من لجنة المنتخبات ومرورا بالاجهزة الادارية والفنية وانتهاء باللاعبين وهم الحلقة الأهم، والتركيز لا يتحقق الا بتوفير مناخ اداري وفني وإعلامي وجماهيري صحي وأول متطلباته هو تنقية أجواء المنتخب من ترسبات دورة الخليج وكأس اسيا وعندها سنضع اقدامنا على اول الطريق نحو المانيا 2006 بإذن الله.