لم يكن العقاد مخرج الأفلام التاريخية المتميزة رجلاً يبحث عن المال دون الإبداع ودون إدراك مسؤوليته كفنان يحمل أمانة ليس لتاريخه الفني وحسب بل لأمته التي تحتاج لابداعه في تحقيق جسر من التواصل مع الغرب.. في الوقت الذي تمتد فيه مساحة القبح الفني عربياً كان يبحث عن ممول لفيلم يستقرئ حياة القائد المسلم صلاح الدين، ليس ليبحث من خلاله عن نجومية أو دخل وهذا حق مشروع له ولكن ليقدم عالمه العربي والإسلامي من خلال لغة يحتاج العرب لها ليصلوا للغرب.... نعم نحن عاجزون في المرحلة الحالية عن الوصول للغرب بإنجاز علمي وحضاري بل اننا للأسف لم نستطع استثمار العناصر البشرية الفردية المتواجدة في الغرب لتقديم صورة حضارية للإنسان العربي والمسلم بل اننا نتعامل مع تلك القوى كما لو كانت قدرات جاحدة لنا وليست طموحة خذلها واقعها العربي المليء بالاحباط وضعف الامكانات العلمية التي تساعد على ارتقاء العقول البشرية علمياً وليس فقط بلاغياً...؟؟ لم يكن العقاد يعلم انه سيموت على أيدي من يدعون حماية الإسلام وبلاد الإسلام.. الأكيد انه كان يأمل ان يجد الممول وليس المفجر..؟؟ الأغرب من كل ذلك ان الكثير من مؤسسات الثقافة العربية بات يتحدث عن تكريم العقاد كما لو كان مخرجاً يتم اكتشاف منجزاته الفنية للمرة الأولى..؟؟ كان تكريم العقاد الفعلي في تبني أفكاره لإخراج بعض الأفلام التي من خلالها يحاكي الغرب وأيضاً يحاكي أجيالاً صغيرة من ابناء العرب اعتقدت ان التاريخ العربي فعلاً هو ما تعرضه بعض المحطات العربية في رمضان المبارك.. من رؤوس منكوشة الشعر تبلع الخمر في كل حركاتها..؟؟ مع ضوء خافت لإنسانية الفتوحات العربية المتتالية.. الأكيد ان مصطفى العقاد لا يستحق ان يموت هكذا ليس لأنه مخرج مبدع ولكن لأنه إنسان لم يحمل سلاحه ليحارب أحداً على الاطلاق بل انه يبحث عن النور بقراءة الحدث العربي والإسلامي وفق لغة سينمائية يفهمها ابناء اليوم.. قد يكون إدراكه ان للغرب لغة لابد من العمل وفقها ليس لارضائهم ولكن لتقديم الإنسان العربي في أزهى مراحل تاريخه لعلمه ان واقع الحال لا يحمل حدثاً يصل من خلاله للغرب بشكل ايجابي... رحم الله العقاد مخرجاً أراد ان يرتقي بالفن العربي ويجعل من الفن لغة تخاطب الغرب في الوقت الذي أراد بعضنا ان يحول لغة الحوار مع الغرب إلى لغة دم تقتل المسلم قبل ان تقتل غير المسلم أو كما قالت تلك العجوز ان أرادوا الجهاد فأين هم عن إسرائيل...؟؟ لم يكن العقاد جزءاً من حالة الفن العربي المتهالكة كثيراً ولم يكن متسولاً بفنه ولم يكن باحثاً عن الثراء كما يفعل غيره من دعاة الإبداع الاخراجي، كان رجلاً مؤمناً أن الإسلام دين حب ودين تسامح كان يؤمن ان الإنسان المسلم هو القادر على إقامة علاقة ايجابية مع الجميع.. لم يكن العقاد ينتظر رهدار دمه مع الأبرياء ولكن..؟؟ والآن نكرمه بعد وفاته وايضاً لم يكن ينتظر تكريمنا له وهو تحت التراب ولكنها حالة عربية لم يستطع العقاد ان يدركها...