القارئ الذي اختار لنفسه اسم عبدالحليم عبداللطيف بعث لي يطلب مني شيئاً من المنطق في بعض ما أتناوله من مواضيع خصوصاً عندما قلت في مقال سابق «إن الحقوق والحرية والديمقراطية لها مفاهيم مختلفة في المجتمعات المختلفة».. أعتقد هو الآخر في حاجة إلى شيء من المنطق في فهم أوضاع الخارطة البشرية من حولنا أو بعيد عنا.. أنا لم أنصب نفسي محامياً عن أي خطأ أو تخلف أو خلل موجود في بلادنا لكنني من ناحية المبدأ وبحكم انتمائي إلى هذا المجتمع أجد أن معالجاتي لأوضاعه فيما أتفق به معه أو أختلف يجب أن تتم والهدف الأسمى المحافظة على وحدته.. ثم هل يستوعب المجتمع السنغالي مفاهيم الديمقراطية في بريطانيا؟.. وهل ممارسات الحرية في أمريكا يمكن أن تطبق اجتماعياً وليس سياسياً فقط بالمملكة؟.. وهل صبغة التنافس السياسي التي أبعدت المستشار شرويدر في ألمانيا ووضعت السيدة ميركل خلفاً له يمكن أن تنفّذ في لبنان أكثر الدول العربية حديثاً عن الديمقراطية والحرية والحقوق بصفة عامة وهو أقلها تطبيقاً لها من الناحية العملية.. والبعض الآخر من العرب لا يسمح بتداول مفرداتها.. الذين يعيقون هذه المفاهيم ليسوا هم أصحاب الثقافة التي أنتمي إليها.. وليست هي أيضاً الدولة.. لأن الثقافة التي أنتمي إليها هي ضد التطرف من قبل الجانبين وإعاقة اكتساب المفاهيم الإيجابية والممارسات الإيجابية.. سمّها كما شئت وأعطها مبدأ التألق كيفما شئت.. لكن لا تنسى أن العقول المتكلسة حدث لها ذلك بسبب إرث تاريخي ليس من السهل أن يفكك في زمن وجيز إلا إذا كانت لا تهمنا وحدة المجتمع.. وليست الدولة.. لأنها خطت في مناسبات كثيرة خطوات رائدة بدأت بتعليم البنات ثم بإضافة الإشراف والإدارة على كل من البنين والبنات ثم بفتح الحوار الوطني وبالإعلان الصريح من قبل عدد من المسؤولين المهمين بأن قيادة المرأة للسيارة أمر يقرره المجتمع.. وهذا صحيح.. أنت لا تنكر بأن الدولة مازالت تروّض جنوح الشباب وسرعة السيارات القاتلة وتعيد النظر في معظم المناهج وطرحت خطة التنمية الثامنة وهو مشوار مهم جداً في مجال خدمة العلوم والتقنية والاقتصاد.. ولا ننكر أن هذه الجريدة تعرضت لحرب شعواء من قبل المتزمتين الذين دعوا إلى مقاطعتها فكان أن تصدرت الصحف لأنها صريحة وواضحة وتم الرد هنا في هذا المكان على من رأى في المرأة «لحوماً» إذا لم تغلف بالسواد فسوف تأكلها الأسود.. قلنا له لماذا لا تنزع أنياب الأسود ثم تضعها في أقفاصها الخاصة فالمرأة يجب أن تمشي في الشارع لظروف مرض السكر أو الضغط أو الحمل أو شراء ما يلزمها إذا تعذر من يقوم بذلك..