مغادرة أولى رحلات المستفيدين من مبادرة "طريق مكة" من إندونيسيا    الذكاء الاصطناعي يحسم مستقبل السباق بين أميركا والصين    أرقام آسيوية تسبق نهائي الأهلي وكاواساكي    نظام جديد للتنبؤ بالعواصف    المطابخ الخيرية بغزة مهددة بالتوقف    غزة.. حصار ونزوح    الأطفال الأكثر سعادة في العالم.. سر التربية الدنماركية    ماجد الجمعان : النصر سيحقق «نخبة آسيا» الموسم المقبل    الفتح يتغلب على الشباب بثلاثية في دوري روشن للمحترفين    ريال بيتيس يتغلب على فيورنتينا في ذهاب قبل نهائي دوري المؤتمر الأوروبي    تشكيل الأهلي المتوقع أمام كاوساكي في نهائي دوري أبطال أسيا    تضاعف حجم الاستثمار الدوائي في السوق المحلي    لولوة الحمود : المملكة تعيش نهضة تشكيلية برؤية أصيلة ملتزمة    الإعلام السعودي يضبط البوصلة    عبدالله اليابس.. رحّالة العِلم    رؤية 2030.. خطى ثابتة وطموح متجدد    الوحدة يقلب الطاولة على الأخدود بثنائية في دوري روشن للمحترفين    تراجع الديمقراطية في أمريكا يهدد صورتها الدولية    عبدالعزيز بن سعود يدشن عددًا من المشروعات التابعة لوزارة الداخلية بمنطقة القصيم    الصيام المتقطع علاج أم موضة    تأثير تناول الأطعمة فائقة المعالجة    صندوق الاستثمارات العامة يعلن إتمام تسعير طرحه لصكوك بقيمة 1.25 مليار دولار    القبض على 5 إثيوبيين في جازان لتهريبهم 306 كجم "قات"    صافرة قطرية تضبط نهائي النخبة الآسيوية    مجاهد الحكمي يتخرج بدرجة البكالوريوس في الصحة العامة    أمانة الشرقية تفعل اليوم العالمي للتراث بالظهران    تسع سنوات من التحول والإنجازات    نائب أمير المنطقة الشرقية يدشّن قاعة الشيخ عبداللطيف بن حمد الجبر -رحمه الله- بالمكتبة المركزية بجامعة الملك فيصل    سكرتير الأديان في بوينس آيرس: المملكة نموذج عالمي في التسامح والاعتدال    تكريم 26 فائزاً في حفل جائزة المحتوى المحلي بنسختها الثالثة تحت شعار "نحتفي بإسهامك"    ارتفاع معدلات اضطراب التوحد في الأحساء    إطلاق 22 كائنًا فطريًا مهددًا بالانقراض في متنزه البيضاء    أمير الشرقية يثمن جهود الموارد في إطلاق 6 فرص تنموية    انخفاض وفيات حوادث الطرق 57 %    يوسف إلى القفص الذهبي    أمير تبوك: خدمة الحجاج والزائرين شرف عظيم ومسؤولية كبيرة    بتوجيه من أمير منطقة مكة المكرمة.. سعود بن مشعل يستعرض خطط الجهات المشاركة في الحج    خلال جلسات الاستماع أمام محكمة العدل الدولية.. إندونيسيا وروسيا تفضحان الاحتلال.. وأمريكا تشكك في الأونروا    عدوان لا يتوقف وسلاح لا يُسلم.. لبنان بين فكّي إسرائيل و»حزب الله»    الجبير ووزير خارجية البيرو يبحثان تعزيز العلاقات    845 مليون ريال إيرادات تذاكر السينما في السعودية خلال عام    الحميري ينثر إبداعه في سماء الشرقية    بريطانيا تنضم للهجمات على الحوثيين لحماية الملاحة البحرية    مدير الجوازات يستقبل أولى رحلات المستفيدين من «طريق مكة»    حراسة القلب    شارك في اجتماع "الصناعي الخليجي".. الخريف يبحث في الكويت تعزيز الشراكة الاقتصادية    "الرؤية".. يوم ثالث يحتفي به الوطن    العلا تستقبل 286 ألف سائح خلال عام    جمعية الزهايمر تستقبل خبيرة أممية لبحث جودة الحياة لكبار السن    جامعة الملك سعود تسجل براءة اختراع طبية عالمية    مؤتمر عالمي لأمراض الدم ينطلق في القطيف    اعتماد برنامج طب الأمراض المعدية للكبار بتجمع القصيم الصحي    أمير تبوك يترأس اجتماع لجنة الحج بالمنطقة    واشنطن تبرر الحصار الإسرائيلي وتغض الطرف عن انهيار غزة    أمير منطقة جازان يستقبل القنصل العام لجمهورية إثيوبيا بجدة    "مبادرة طريق مكة" تنطلق رحلتها الأولى من كراتشي    آل جابر يزور ويشيد بجهود جمعيه "سلام"    نائب أمير مكة يطلع على التقرير السنوي لمحافظة الطائف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حبيبتي والزمن الذي تغير
التفكير بصوت مسموع
نشر في الرياض يوم 03 - 03 - 2015

كانت الشمس تميل إلى الغروب، قرص برتقالي اللون يلوّن السحب، ويغرق في الأفق البعيد. لم يخطر ببالي أنها هناك تغتسل في الشفق إلى أن أطلت سدول الليل من شعرها، وماهي إلا هنيهة مترعة بالتوجس حتى بدد وجهُها الظلامَ بنور رباني أحسن الله خلقه. كان يسابقني إليها لهاث أنفاسي، بعد أن تجمدت الكلمات على شفاهي المسكينة من هول المفاجأة.
بادرتني بتهورها المعهود.. بدد بريق السعادة في عينيها غسق الهم الذي ضرب بأطنابه منذ ساعات حين يئست من وصولها. غمزة من طرفها ألهبت مشاعري، فتحركت شفتاي تترجم صراع المعاني في داخلي، أيهما يرحب بها أجمل. ساد الصمت مسافة من المكان تفصل بيننا، فقد كانت تحمل طرف فستانها الفاخر فأشرق عن قدم تلمع كومض البرق يعانق الثرى تحت قدميها، وما كاد طرفي يرتد حتى سمعتها تداعبني بما أحب:
طال هذا الليلُ بل طال السهر ولقد أعْرِفُ ليلي بالقِصَر
لم يَطُل حتى جفاني شادِنٌ ناعم الأطراف فتان النظر
لي في قلبي منه لَوْعَة ٌمَلَكَتْ قلبي وسَمْعِي والبَصَر
وكأنّ الهَمّ شَخْصٌ مَاثِلٌ كلَّما أبْصَرهُ النَّوْمُ نَفَرْ
همهمات تنساب في عروقي: أما زلت تحفظين لهذا الماجن الشعر من أجلي؟ لكن لساني خانني مع أول نفحات عطرها الذي ألهب النسيم من حولنا، وما بين عزف خطواتها نحوي، وأنا صامد في مكاني -أسأل ما إذا كنت ما زلت حياً، أم أنني كالأشجار تموت واقفة - وإذا بشريط الذكريات يعرض أمامي 18 عاماً من القرب والبعد، واللقاء والفراق، والحل والترحال.. بادرتها وقد استجمعت بعض شجاعتي:
أَإنْ هَتَفَتْ وَرْقَاءُ في رَوْنَقِ الضُّحى
على فنن غض النبات من الرند
بكيتُ كَمَا يَبْكِي الْوَليدُ ولَمْ أزلْ جليداً
وأبديت الذي لم أكن أبدي
وَأصْبَحْتُ قد قَضَّيتُ كُلَّ لُبَانَة ٍتِهامِيَّة
وَاشْتَاقَ قَلْبِي إلى نَجْدِ
إذا وعدت زاد الهوى لا نتظارها
وإن بخلت بالوعد مت على الوعد
وإنْ قَرُبَتْ دَاراً بكيتُ وَإنْ نَأتْ كَلِفْتُ
فلا لِلْقُرْبِ أسْلُو وَلاَ الْبُعدِ
وقد زعموا أن المحب إذا دنا يَملُّ
وَأنَّ النَّأْيَ يَشْفِي مِنَ الْوَجْدِ
بَكُلٍّ تدَاوَيْنَا فلمْ يُشْفَ ما بِنَا
على أنَّ قُرْبَ الدَّارِ خَيْرٌ مِنَ الْبُعْدِ
على أَنَّ قُرْبَ الدَّارِ ليسَ بِنافِعٍ
إذا كان مَنْ تَهْواهُ ليس بِذي وُدّ
ضحكت بعينيها، وهي تقترب بكل ما فيها، نور عينيها، ينبئ عن نار تجتاح صدرها.. أنصتُ إلى حديث مقلتيها، وقد لامس الشعر قلبها، ليس لأنها لبنى، ولكني لأنني سقيتها كلماته مرارا، في كل لحظة لقاء بعد فراق، كانت أشد عباراتها اعتراضا: ألا تفتأ تلومني أيها الرجل؟ لم تزد على ذلك فقد كانت مشغولة بتخير مواطئ خطواتها، وفي يدي ارتعاشة، وفي جسدي تسري نشوة اللقاء فتلهب ما بقي في من جذوة الانتظار، وإذا بها تلامس يدي، ودفء أنفاسها يعلن وصول قلبها، ولم تكد تمسح قطرات من العرق علت جبهتي، حتى أطلقت آهة انتفض لها كياني، وهي تقترب، وأكاد من دنوها أرتشف أنفاسها، لكنها تستقيم شامخة، ترمقني بطرف مشفق على رجل أنهكه الانتظار.. هنا فقط لم تترك لعينيها الكلام، وإنما افتر ثغرها نديا، وكلماتها تنداح مضمخة بالعتاب: الست الذي ودعتني بقسوة وأنت تسألني الرحيلا؟:
لنفترق قليلا.. لخير هذا الحب يا حبيبي وخيرنا.. لنفترق قليلا لأنني أريد أن تزيد في محبتي أريد أن تكرهني قليلا وضعتُ اصبعين على شفتيها.. أن اصمتي قليلا، وانتصبت عيناي تقرأ السلام.. تستجدي صمته: أن اسكتي، فالوجع الذي يعتصرني يزيد من آلامه العتاب، ثم همست موجوعا:
بحق ما لدينا.. من ذكرٍ غاليةٍ كانت على كلينا.. بحق حبٍ رائعٍ.. ما زال منقوشاً على فمينا ما زال محفوراً على يدينا.. بحق ما كتبته.. إلي من رسائل.. ووجهك المزروع مثل وردةٍ في داخلي.. وحبك الباقي على شعري على أناملي بحق ذكرياتنا أسألك ألا ترحلي، فأنت روحي، وأنت أنفاسي التي بها أعيش، وأنت يا فاتنتي، ملهمتي، وأنت بعض ما بي من حياة، وكل مابي من شقاء، لكنك توأمي السيامي الذي لا تستقيم حياتي بدون دعمك السخي. ارخت رأسها، فالتقطتُ اصبعي من على شفتيها، والحزن يقطر من خديها، ويداها ترتعشان من حيرة تجتاح تفكيرها، لكنها استجمعت قواها، ولم تجد سوى نزار يؤكد ما بدأته:
لنفترق أحبابا.. فالطير في كل موسمٍ.. تفارق الهضابا.. والشمس يا حبيبي.. تكون أحلى عندما تحاول الغيابا كن في حياتي الشك والعذابا كن مرةً أسطورةً.. كن مرةً سرابا.. لنفترق.. ونحن عاشقان.. لنفترق برغم كل الحب والحنان فمن خلال الدمع يا حبيبي أريد أن تراني ومن خلال النار والدخان أريد أن تراني.. حينها أدركت جيدا أنها سئمت النار والدمار، سئمت داعش والقاعدة، سئمت العراق والشام، وتبرمت مراراً من اليمن والصومال، ولم يعد لها في السلف والأخوان حاجة، فقد يئست أيضاً. قالت بملء فمها.. إنما للصبر حدود. وأخذت تؤلبني على كسر الأغلال، تدفع بي إلى المواجهة، كانت تبتزني بالطلاق البائن "فمقالتي" في عتابها هذه المرة قرأت عليّ نبأ الزمن الذي تغير.
لمراسلة الكاتب: [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.