نائب أمير الشرقية يستقبل منتسبي "طويق"    «الداخلية» تطلق خدمة الهوية الرقمية للقادمين بتأشيرة حج هذا العام    جميعة الدعوة نور تكرم المتطوعين والجهات بعد نجاح مخيم إفطار ودعوة 1445ه    أمير تبوك يدشن التمرين التعبوي "استجابة 14"    قمة البحرين ظروف استثنائية لحلحلة الأزمات    واشنطن مستمرة في دعم إسرائيل بالأسلحة    ولي العهد يهنئ رئيس وزراء سنغافورة    أمير الرياض يطلع على تقرير السجون    خادم الحرمين يصدر أوامر ملكية    «الداخلية» تطلق ختمًا خاصًا للمستفيدين من «مبادرة طريق مكة»    فالفيردي: نلعب باسترخاء كبير في الوقت الحالي ونتطلع لنهائي دوري الأبطال    المدربات السعوديات يكتسبن الخبرة الإفريقية    الأهلي يتمسك بذهب السيدات    أمير منطقة تبوك يتفقد مبنى مجلس المنطقة وقاعة المؤتمرات    تحرك لضمان توفير السلع الأساسية واستقرار أسعارها    بجامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل يختتم دورة "تدقيق سلامة الطرق    ارتفاع أسعار النفط إثر انخفاض مخزونات الخام في أمريكا    انطلاق الملتقى العربي لهيئات مكافحة الفساد    حالة رئيس وزراء سلوفاكيا حرجة بعد تعرضه لمحاولة اغتيال    4 أحزمة ملاكمة تنتظر من يحملها على أرض "المملكة أرينا"    القبض على مقيم لارتكابه أفعال خادشة للحياء    الأحزاب المصرية: تصريحات متطرفي إسرائيل محاولة يائسة لتضليل العالم    غوارديولا: لولا تصدي أورتيغا لكان أرسنال بطلا للبريميرليغ    محافظ القطيف: رؤية القيادة الرشيدة وضعت التعليم على سلم الأولويات    «البلسم» تختتم حملتها الطبية في اليمن وتنجح في إجراء 251 عملية قلب مفتوح و«قسطرة»    زيلينسكي يلغي جولة خارجية.. أوكرانيا تنسحب من خاركيف    زين السعودية تعلن عن استثمارات بقيمة 1.6 مليار ريال لتوسعة شبكتها للجيل الخامس 5G    تشغيل 4 رحلات أسبوعياً للخطوط الجوية البريطانية من هيثرو إلى جدة    الجامعة العربية تدعو مجلس الأمن لاتخاذ إجراءات سريعة لوقف العدوان الإسرائيلي ضد الفلسطينيين    مدير تعليم الأحساء يكرم الطالبة الفائزة ببرونزية المعرض الدولي للاختراعات    رئيس جمهورية المالديف يُغادر جدة    وزير العدل يلتقي رئيس المجلس الدستوري في فرنسا    ضبط 264 طن مأكولات بحرية منتهية الصلاحية    أمير تبوك يثمن للبروفيسور " العطوي " إهدائه لجامعة تبوك مكتبته الخاصة    «النيابة»: باشرنا 15,500 قضية صلح جنائي أسري.. انتهاء 8 آلاف منها صلحاً    زلزال بقوة 5.1 درجات يضرب جزر قبالة سواحل نيوزيلندا    «الصحة» تدعو الراغبين في الحج إلى أخذ واستكمال جرعات التطعيمات    فيغا يعود للتدريبات الجماعية للأهلي    نيمار يبدأ الجري حول الملعب    أمير حائل يكرم عدداً من الطلاب الحاصلين على الجائزة الوطنية بمبادرة «منافس»    السوق السعودية ضمن أول 10 دول في العالم المملكة أكثر الاقتصادات تسارعاً آخر 6 سنوات    أفضل الإجراءات وأجود الخدمات    وزير الحرس الوطني يرعى تخريج 2374 طالباً وطالبة من «كاساو»    شرف الخدمة    مكانة بارزة للمملكة في عدد مقاعد «آيسف»    تمكين المواهب وتنشيط القطاع الثقافي في المملكة.. استقبال 2200 مشاركة في مبادرة «إثراء المحتوى»    محتوى الغرابة والفضائح !    ليس لأحد الوصول    اطلع على تقرير« مطارات الدمام» واعتمد تشكيل «قياس».. أمير الشرقية يؤكد على تجويد الخدمات ورضا المستفيدين    طموحنا عنان السماء    أمير تبوك ينوه بالخدمات الراقية لضيوف الرحمن    انطلاق برنامج الرعاية الأكاديمية ودورة البحث العلمي في تعليم الطائف    حمام الحرم.. تذكار المعتمرين والحجاج    ..أنيس منصور الذي عاش في حياتنا 2-1    ( قلبي ) تشارك الهلال الأحمر الاحتفاء باليوم العالمي    الكلام أثناء النوم ليس ضاراً    تأثير العنف المنزلي على الأطفال    مواد كيميائية تسبب السرطان داخل السيارات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الباحث الدكتور نبيل طعمة يطرح رؤية إبداعية في فلسفة التكوين الفكري
بين سندان الفكر ومطرقة الفلسفة
نشر في الرياض يوم 20 - 10 - 2005

ضمن مشروعه الكبير لاعادة انتاج وبناء التكوين الفلسفي الفكري والمعرفي بعيدا عن التنظير والمهاترات وبعد ان اصبح الفكر الفلسفي العربي في مناخه الثقافي الراهن يصطدم بمعوقات كثيرة نتيجة «التقليد» و«المحاكاة» والتلاعب بالمصطلحات وعدم تقبل أي نتاج فلسفي ابداعي من شأنه ان يعيد فلسفة التكوين الى مسارها الصحيح، يطرح الباحث السوري الدكتور نبيل طعمة من جديد رؤية فلسفية حديثة في فلسفة التكوين الفكري ويتناول «الزمن» كمحور لمحاضرته التي أقيمت بدمشق مؤخرا والتي جاءت بمثابة نظرية فلسفية تؤسس في مضمونها وماهيتها لاسئلة ومسائل جوهرية في حياة الانسان.
فلسفة التكوين الفكري
يرى الباحث بأن الكثير من البشر لازال يعتقد بأن الفلسفة هي منهاج فكري محدد لايمكن المساس بحرفيته أو أنه تمثال شديد الجمال دقيق الصنع لايمكن الدخول إلى مكنوناته ومكوناته بل يكتفى بالنظر إليه، إنها حُبّ الحكمة والبحث عن الحقيقة عن طريق التفكير المنطقي والملاحظة الواقعية إلى جوهر للشيء من ظاهره، كما أنها العلم الذي ينظم علوم المنطق والأخلاق والجمال وفي مجملها تهذيب التكوين وإعطائه روح الحياة. ويبين انه من أجل ذلك ولدت الحاجة إلى وجود سر علينا جميعاً البحث عن إجابة له كي نتكلم ويتكلم هذا السر عن فلسفة التكوين الفكري. والتي نتاجها ومنها تنبثق فلسفة التكوين الديني وفلسفة التكوين السياسي والاقتصادي والاجتماعي والذي يشكل مربع التكوين الحياتي في مجمله.
الحصان والعربة
ويعتبر طعمة ان الفلسفة تقع في مفترق طرق لكافة فروع المعرفة الانسانية ولكي تستقيم الأمور وحتى لايكون الحصان خلف العربة علينا أن ننظر في تطوير المجتمعات ومن يريد أن يتطور، والمتطور نجده يسأل (لماذا) أي أين الهدف والغاية من سؤال (لماذا) معرفة السبب وراء أي فكرة أو معتقد أو نظرية أو مفهوم جديد أو طلب غير واضح أو تطور يراد تبَنَيِه. ولماذا نبحث عن السبب أي عن حقيقة الشيء عبر فلسفة تكوينية، في حين نجد أن المجتمعات الغير متطورة والغير باحثة عن التطور يبرر السؤال ب (ماذا) أو متى؟ أو أين؟ - أي ماذا أفعل؟ ومتى سيحدث ذلك؟ وأين مكان حدوثه وهذه الأسئلة لا تنطوي دائماً على أي بحث عن الحقيقة أو عن نظام تكوين الأشياء والمعرفة به. ويضرب طعمة مثلاً: ماهي فلسفة تكوين اليد كعضو في الجسم البشري يجب أن ننظر في ونبحث به عندما نسعى إلى أي تطور. فاليد عضو وُجِدَ ليساعد الإنسان على أن يقوم بمساعدة نفسه أولاً ومن ثم أداء عمله لينتج ليكتب، ليعمل، ليساعد الآخر، ويتساعد معه لخلق الحب والاحترام والتحية بتواصل يده بيد الآخر وفي كل الوظائف نجد أن اليد مرتبطة بالخير لصاحبها ولغيره فإذا قامت كل يد بمعرفة أسباب تكوينها لكانت الحياة إيجابية وتكوينية وأداة حوار وأداة سلام، أما إن لم تفهم وظائفها فكانت يد سلبية طاغية غاشمة وتكون بذلك خرجت عن فلسفة تكوينها وتكون يد سفلى وينطبق الحال على باقي أعضاء الجسم الماديّة كالعين والأذن والأنف واللسان واللمس والعاقلة والناطقة فإذا عرف الإنسان أسباب تَكَوُن مفرداته واستطاع أن يخدمها بشكل صحيح ينتقل إلى فلسفة تكوين الأشياء في محيطه فيكون.
ويؤكد الباحث على ضرورة الحوار مع الآخر في فلسفة التكوين ويعتبرها حقيقة من حقائق التكون ويقول: قد لا تسعفنا مقدراتنا الشخصية على الإلمام بكل شيء لذلك كان التبادل والحوار مع الآخر والاتصال به بهدف إنجاز التكوين ومن الحكمة التأمل العميق في أي مسألة وبحيادية وتجرد يؤدي بلا شك إلى فهم البعد الفلسفي من وراء تكون هذا الشيء وتكوينه لذلك ليس أصدق من القول أن أحد أهم الأدوات اللازمة لفهم كينونة أي شيء أو فلسفة تكوينه هي التأمل الذي يفتح عيني البصيرة والذي يتطلب توحيد عينَّي البصر حتى يتحقق التأمل، فالتأمل هو النافذة التي تنتجها بصيرة العقل وبصره على المجهول والطريق التي يسير فيها لإدراك المعرفة معرفة شيء من أسرار ذاته. وأسرار الكون ودراسة هندسته.
وفي ظاهرة التأمل بالمفهوم الفلسفي يرى بأن هناك عنصرين مهمين لتأمل ذهنية التكوين الفكري: الأول: وهو استعمال الفكر المؤلف من النظر والتفكير، والتفكير هو تصرف الذهن في معاني الأشياء لمعرفة أسبابها وأحوالها ونتائجها. والنظر هو متابعة مشاهدة التفكير لتوثيق الفكرة المصاحبة بالاعتبار. والثاني: راحة لذهن طويلة وعميقة غايته أبعاد التفكير عن الأشياء الحسية للاستغراق في النفس وما فوقها.
وللتأمل شروط يجب أن تتوفر في المتأمل ومراحل عليه الالتزام بها والمرور بمعرفة طريق التأمل والذي هو البحث في شيء ما على أساس علمي أو معرفي أو ديني بالشيء ذاته. وبالتأمل ومنه ينتج وتدور أسئلة كثيرة في فِكر عقلنا عندما ندخل على التكوين بماهية وجوده وكيفية صدوره.
طعمة وشوبنهاور
وعن نظرية الزمان والمكان تتطابق رؤية الباحث مع الفيلسوف «شوبنهاور» بأن الدهشة هي اساس المعرفة ويقول: أن الزمان والمكان تحركان بعد الفعل الحادث أي الخلق الكامل، وبحالة التفكر والتأمل الحقيقي نجد أن الزمن مرتبط بالفكرة والفكرة مرتبطة بالحركة والحركة مرتبطة بالمحيط، أي أن الزمن مرتبط بالحركة والمحيط. فإذا تصورنا حالة سكون الكون وتوقف كل شيء ماذا يحدث. ذلك أنه لا جسم يتهيأ له أن يكون موجودا إلا في مكان وفي نهايات. وفيه أيضاً حركة يوجد بها كونه وكينونته. وهذا له ذاتي أي ماهية وجوده في المكان والزمان والوقت ضمن الزمان هو عدد الحركة فإذا بينا أن كل جسم فيه حركة أو تحرك من السكون، وأن كل حركة هي بمعنى من مكان إلى مكان نبين هنا أن فيه وقتاً ضمن الزمان إذاً عند توقفه يتوقف الزمن أيضاً. بذلك ندرك أننا نتوهم ونخطئ إذا تخيلنا أن الزمن موجود قبل الكون، فإذا عدنا إلى نظرية الأبعاد الثلاثية في التكوين نجد أن الزمن هو البعد الرابع أي بعد أنجاز أي شيء يتحرك الزمن ويتحرك الشيء. بمعنى بكل سبب نتيجة ولكل نتيجة مسبب لظهورها. وان العقل يعلم ما لا يشهد البصر وتشهد العين ما ترمي به الفكر أي أن العقل بكونه مُصَمَّمْ يعلم ما به وما في باطنه وجوهره من أنجاز والعين ترى أنجاز العقل بعد تحويله إلى فكر ومن ثم إلى فكره فلنعلم أن الزمان نسبة لا وجود له في عينه وقد أطال الناس البحث في ماهيته فخرج من مضمون كلامهم وكلامنا ما ذكرناه من أنه بحث قائم على النسبة وأنه يحدث بحدوث السؤال (بمتى) فيحدث له أسماء بحدوث السؤال مثل حين، وإذ، وإذا وحروف الشرط كلها أسماء للزمان والمسمى أمر عدمي كلفظة العدم. ولكن حاجته للتكوين حاجة القفل للمفتاح وحاجة النفق للنور فالزمن يحدد حتى الأشياء ويعطي في بعض الأحيان الصفات، كالمَلِكِ والمُلْكِ والمَلَكِ والمالِكْ. والخوف من المجهول مرافق دائم الحضور بكون الإنسان عدو مايجهل أي (ما ينتظره في الزمن القادم). إذاً الزمن هو الحركة بالنسبة للسكون، وهو الصفر بالنسبة للَواحد، وهو النقطة بالنسبة للحرف وهو الثابت للمتحول، والنهار للظل والليل، والحاضر والماضي والمستقبل بالنسبة لحركة الحياة. فتمايل الرقاص تراه في كل شيء وقياس تمايله إلى اليمين مساو لتمايله إلى اليسار والإيقاع يبقى ثابتاً والحركة منتظمة. وهو اللانبضة تجاه النبضة بالنسبة للكمبيوتر، وهو البعد الرابع بالنسبة للأبعاد الثلاثية في أي تكوين يراد له الحركة. وهو الحرارة للنار، والبرودة للثلج، والرطوبة للماء، واليبوسة للتراب، والمرارة للحنظل، والحلاوة للعسل، وهو النور للعقل، والعقل للحواس، والروح للجسد والأنا الأعلى بالنسبة للأنا السفلى، وهو النواة للذرة، والهيولا للخلية. ويضيف بأن الزمن هو الزمن الذي يقطع فيه عقرب الثانية (1مم) في ساعة اليد و (1سم) في ساعة الحائط و(1م) في ساعة بيغ بن في لندن و (300000كم) ثا على دائرة الضوء ونفسه الزمن الذي يقطع فيه عقرب السابعة بهذه الساعة مسافة ثلاثمائة تريليون كيلومتر بالثانية الواحدة ليتناسب عكساً ويتقاطع مع الدائرة مابعد الضوئية الخامسة على مجرة درب التبانة والتي تبعد عن الأرض مليونين ومائتي ألف سنة ضوئية وكل سنة ضوئية تعادل نحو عشر تريليونات من الكيلومترات.
الزمن والكتب السماوية
لقد ظهرت كلمة زمن في الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد ولكن في الكتاب المكنون ((القرآن)) لم تظهر وإنما جاء مايدل عليها مثل (وقت - وحين - وسرمد - ولمح البصر - وساعة - وآصال - وبكرةً - وأصيل - صباح - دلوك الشمس -غسق - الليل - مساء - زوال - عصر - مغرب - عشاء - فجر - يوم - غد - جمعة - سبت - منازل - شهر - سنة - قرن - ألفية - حقبة - أمد - كان - يكون - سيكون - أبد - دهر - مما يدل على أن الزمن هو الحاضر بالماضي والحاضر بالحاضر والحاضر بالمستقبل ويملأ دائرة الوجود الكوني من نقطة مركز ارتكاز تشكيل الدائرة في قلب الدائرة حتى آخر نقطة من مالا نهاية محيط هذه الدائرة. ويضيف بأن بداية الشيء أي شيء نقطة كحرف الباء. ونهاية الشيء نقطة كحرف النون.
ويرى الباحث بأن الزمن الذي تتكون منه أعمارنا وأعمار كل الكائنات الحية والجامدة وأعمار الأشياء البعيدة والقريبة كان الزمن هو الحقيقه بلسان الحقيقه والذي هو العلم الواقع.
فللزمن مغزى خاص بالنسبة إلى الإنسان، لأنه لا ينفصل عن مفهوم الذات. فإذا وعينا نمونا العضوي والنفسي في الزمان ومانسميه الذات أو الشخص أو الفرد، لايحصل خبرته أو معرفته إلا من خلال التتابعات والإسقاطات الزمنية والمتغيرات التي تشكل سيرته.
ويذهب الباحث للتساؤل: ما هو معنى الزمن في عالمنا الحديث؟ أو لماذا أصبح الزمن بارزاً في حياتنا المعاصرة، وهل تستطيع أن تقول أن سرعته زادت وتسارعت وأصبح علينا واجب مواكبته كي لا يسبقنا. وهل نستطيع أن نصل بداية حياتنا بنهايتها كي نحقق السعادة أي بمعنى هل نستطيع أن ندع البداية تتصل بالنهاية في وحدة نتاجها فِعل الزمن وأن نراها مع انطلاقة فكرنا، فإذا حدث وكان إخفاق في تقديرنا للزمن وللفعل المقدم له والذي سيسجله تنشأ البربرية والفوضوية وتنهار المجتمعات. والوقت اسم القليل من الزمن والزمان كثيرة والأزمنة مداه وقد سمي الجوهر الأزلي يتبدل ويتغير ويتجدد وينصرم بحسب النسب والإضافات إلى المتغيرات لا بحسب الحقيقة والذات ومنه الماضي والحال والمستقبل وبه يقاس التقدم والتأخر، وذلك الجوهر باعتبار نسبة ذاته إلى الأمور الثابتة يسمى سر مداً. وبالنسبة قبل المتغيرات يسمى دهراً وإلى مقارنتها يسمى زماناً والزمن عند أرسطو ومتابعيه هو مقدار حركة الفلك الأعظم وللزمن حدود وهي الماضي كحد أولي نسبة إلى مدى تطلعنا إلى الوراء والمستقبل نهاية الزمان ونهاية الشيء خارجه عنه.
اعجاز الخالق
في عملية الخلق الإلهي يقول الدكتور طعمة: اننا نجد أن الزمان خلق ليلا مظلماً ثم جعل بعضه نهاراً بإحداث الإشراق لإبقاء بعض الزمان على ظلامه وبعضه مضيئاً. ولا استحالة في أن يكون للزمان زمان للمتكلمين الذين يُعَرِّفُون الزمان بالمتجدد والذي يقدر به متجدد آخر والزمان ليس شيئاً معيناً تحصل فيه الموجودات بل كل شيء وُجدَ وبقى أو عدم وامتَدَّ عدمه أو تحرك وبقيت جزيئات حركته أو سكن وامتد سكونه. ومن خصائص الزمن سرعة انقضائه، يمر مرَّ السحاب ويجري جري الرياح ومامضى منه لايعود ولايعوض فالأمس الذي يمر على قربه منا نعجز جميعنا بل يعجز أهل الأرض على إعادته.
إن الإنسان ليشعر بضرورة التغلب على الزمن وهو لهذا قد يحاول عن طريق الفعل أن يجمع شتات ذاته في الحاضر وكأنما هو يكتشف أقسام الزمان ليخلق من التحامها نوعاً من الأبدية.
فمواجهة الإنسان للزمن وإحساسه بالعداء نحوه قد جاء من حقيقة أن مرور الزمن عليه يصحبه أمران، النسيان والذاكرة، والنسيان فناء والفناء ضد الحياة والذاكرة ماضي وحاضر وهي حياة والحياة غاية في ذات الزمان. أن الإنسان هو الكائن الوحيد في الطبيعة الذي يحاول أن يخترق الزمان بمسيرته مع الزمن ويخترقه ببصره إما إلى الخلف أو إلى الأمام فلا يلبث أن يشعر في حسره وخيبة أمل بأنه هيهات للوجود الزماني أن ينفذ إلى سر الأزلية التي لا بداية لها أو أن يخترق حجب الأبدية التي لانهاية لها.
قيمة الزمن
ويقسم الباحث الزمن الى نوعين: الأول أنا أمشي عليه ويرافقني في حالة الحركة والفعل والتفاعل من أجل الإنجاز وأُقَيمه ويقيمني، والثاني يسير عليَّ وعلى نفسه في حالة سكوني وركودي وتوقف الفعل والاثنان معاً هما من قيمة الزمان بكون الزمن هو الحاضر والزمان هو امتداد الحاضر والماضي والمستقبل.
فالزمن هو الحاضر اللحظي بين اللحظة واللحظة بحكم الفعل المتفاعل مع المنجز ليتحقق الإنجاز وهو التقدم والعودة والمنظور من خلال أداة الوقت ميكانيكية أم الكترونية في اليد أو في أي مكان مراقب أو عن طرق المعرفة بالسؤال غايتنا معرفة كم بقى وكم نحتاج ولماذا نحتاج. ويرى بأن الزمان لا ينظر إلى الزمن والذي يضم الوقت إلا إذا كان مهماً وفاعلاً ومنفعلاً ولا يسجل منه إلا المهم فإذا كان لدنيا الكثير من الزمن فهل لدينا الكثير من الزمان؟ كي يسجل مافعلنا حقيقتةً. ويؤكد الباحث على أنه من الضروري، ومن وجهة الإدراك السليم أن نقيِّم بناءَ نظرية الزمن، فالهدف من كل هذا ومن أجل فلسفة التكوين الفكري، أن نتخلص من فوضوية الادّعاء بمعرفة الزمن ونلجأ إلى معرفة حاجتنا له وضرورته في عملية التكوين.
فهو يندمج في صورة التكوين ويُعَدُّ من أهم بنائيها لابل هو الصورة المميزة والتي تكون أهم وأشمل من التكوين لعلاقته بالعالم الداخل للانطباعات والأفكار والتي لا يمكن لنا أن نضفي عليها نظاماً مكانياً.
الوقت في اللغة
أصل يدل على حد الشيء وكنهه في زمن الحاضر، أي الوقت هو الزمن المعلوم. والموقوت منه الشيء المحدد. والميقات المصير للوقت أي وقت له كذا وَوَقَتَهُ أي حددَّه.
والوقت هو (الحال + الزمن الحاضر والإنسان) فهو إذا ثلاثي التكوين أي (حال وزمن حاضر وإنسان) وكل حدٍ يخضع لجملة مكونات ويتحرك في المجال الحيوي لها ليعطي الوقت مضامين متنوعة تنتقل من مفهوم الزمن الحاضر إلى العلاقة المسجلة عليه بمن ومع من ولمن ولتنتقل بعدها من الوقت اللحظي إلى الزمن الحاضر إلى الزمان الأكبر في التسجيل النهائي أن كانت تستحق.
فالآن: الحاضر دون النظر إلى ماضي قريب أو مستقبل قريب وهي ملحوظة في اللحظة أي أمر وجودي واقع بين زمنين. وحال الإنسان الحاكم عليه في الآن الحاضرة (الوقت) وهو كل ماحكم على الإنسان وحيث لا يحكم على الإنسان إلا بالنظر على استعداده فالوقت أداة الزمن وهو الحال اللحظي القائم بالإنسان ثابت أو متحرك بحسب استعداده، وأداته الساعة بكل أشكالها (الكترونية أو ميكانيكية). والإنسان المهم هو من يحكم وقته في عقله أولاً من خلال تقديره للفعل وفي ساعة تنفيذه المراقبة من بصره. فإن كان وقته الصحو فعليه أن يصحى وأن كان وقته العمل فعليه أن يعمل وإذا جاء وقت المحي فعليه أن يمحي السيئ من أفعاله وأن كنت في الدنيا فوقتك الدنيا فاستفد منه وعش وقت السعادة والسرور وتجاوز الحزن والفتور. ويعود الباحث ليذكر: أن كل المواقيت التي ذكرها ماهي إلاّ للتنبيه والتحديد والمعرفة في بدء الفعل والعمل والحركة ودرجة الانتهاء منه ودرجة التعب الحاصل للتكوين الإنساني والتكوين المادي والمنجز من الفعل وكمية الراحة المنشودة من خلال تنظيمه والمحتاجة لإعادة بدء الفعل. فإذا وصل الشيء المنجز من الفعل مع الزمن بأمان وجوده سجله الزمان في سَجلَّه الذهبي يعيده إلينا كلما احتجنا إليه واحتاجه الآخرون وكلما وجدنا أنفسنا أننا على استعداد لأن نضيف شيئاً جديداً له ويبقينا في الذواكر كَسِّر الخلود.
ويبين الباحث في ختام محاظرته: بأن الجميع يمتلكون أدوات الزمن من اليد إلى الجدار إلى العامة المتوفرة في مدننا وأننا لنتفاخر أحياناً بأدوات الوقت من خلال ثمنها فهل لهذا الوقت قيمة حقيقية وكم نشعر بأهميته وكم هو أداة مهمة إن استطعنا تقديره بشكل جيد وكم يسعدنا إن استفدنا منه وسجل لنا استفادتنا من خلال تسجيله لإنجازنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.