ضبط (19576) مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    ورشة عمل في فندق كراون بلازا تحت إشراف جمعية القلب السعودية ضمن حملة 55 قلبك بخير    الاحتباس الحراري يفاقم الظواهر المناخية المتطرفة ويؤثر على الصحة العامة    جناح القوات الخاصة للأمن البيئي في الصياهد.. تجربة تفاعلية تحاكي الطبيعة وتعزز الوعي البيئي    أمطار رعدية ورياح نشطة على أجزاء من الرياض والشرقية وجازان وعسير    "البيئة" تدعو لتبني سلوكيات التخييم الآمن والتنزه المسؤول خلال فصل الشتاء    كشف السلطة في محل الفول: قراءة من منظور فوكو    سماء المنطقة العربية تشهد زخة قوية من الشهب هذه الليلة    المهارات الوظيفية بين اليقظة والغفوة والسبات    فريق قوة عطاء التطوعي يكرّم الزميلتين عائشة مشهور وزينب علي بمناسبة اليوم العالمي للتطوع    الذرة تنعش أسواق جازان    وزراء دفاع الولايات المتحدة وأستراليا وبريطانيا يبحثون اتفاقية "أوكوس"    المأساة في غزة تتفاقم... الخيام تغرق والنازحين معرضين للخطر    القادسية يختتم معسكره في الإمارات بالفوز على الظفرة    أمسية شعرية وطنية في معرض جدة للكتاب 2025    مدرب الجزائر: محبطون للخروج من كأس العرب.. خسرنا بركلات الحظ    الأردني يزن النعيمات يصاب بقطع في الرباط الصليبي    القادسية يختتم معسكره الخارجي في دبي بالفوز على الظفرة ويغادر إلى المملكة    تراجع طفيف في أسعار النفط    الفتح يخسر ودياً أمام الاتفاق بثلاثية    إحباط تهريب (114,000) قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي في جازان    الاتحاد السعودي للتسلق والهايكنج ينفّذ فعالية هايكنج اليوم الدولي للجبال بالباحة    ورشة عمل في كتاب جدة حول فلسفة التربية    الأردن يكسب العراق ويواجه الأخضر السعودي في نصف نهائي كأس العرب    تأجيل مباريات الجولة العاشرة من دوري روشن    رئيس دولة إريتريا يصل إلى جدة    تصوير الحوادث ظاهرة سلبية ومخالفة تستوجب الغرامة 1000 ريال    الطائف تحتضن حدثًا يسرع الابتكار ويعزز بيئة ريادية تقنيه واعدة في CIT3    تحت شعار "جدة تقرأ" هيئة الأدب والنشر والترجمة تُطلِق معرض جدة للكتاب 2025    جلسة حوارية حول اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة نظمتها جمعية سنابل الخير والعطاء بعسير    الجوازات تستعرض إصدارات وثائق السفر التاريخية في واحة الأمن بمهرجان الملك عبدالعزيز للإبل ال (10)    الصعيدي يفتح دفاتر الإذاعة في أمسية بقصيرية الكتاب    إمام الحرم: بعض أدوات التواصل الاجتماعي تُغرق في السطحيات وتُفسد الذوق    إمام وخطيب المسجد النبوي: رحمة الله تسع العاصي والجاهل والمنكر    "الداخلية" تستحضر قيمة المكان والذاكرة الوطنية عبر "قصر سلوى"    تألق كبير لثنائية كنو والدوسري في كأس العرب    أمير منطقة جازان يشرّف الأمسية الشعرية للشاعر حسن أبوعَلة    محافظ جدة يطّلع على مبادرات جمعية "ابتسم"    الجريمة والعنف والهجرة تتصدر مخاوف العالم في 2025    المرونة والثقة تحرك القطاع الخاص خلال 10 سنوات    نائب أمير الرياض يعزي أبناء علي بن عبدالرحمن البرغش في وفاة والدهم    مدينون للمرأة بحياتنا كلها    نائب أمير جازان يستقبل الدكتور الملا    روضة إكرام تختتم دورتها النسائية المتخصصة بالأحكام الشرعية لإجراءات الجنائز    طرق ذكية لاستخدام ChatGPT    أمير المدينة المنورة يستقبل تنفيذي حقوق الإنسان في منظمة التعاون الإسلامي    مستشفى الملك فهد الجامعي يعزّز التأهيل السمعي للبالغين    «طبية الداخلية» تقيم ورشتي عمل حول الرعاية الصحية    زواج يوسف    القيادة تعزّي ملك المغرب في ضحايا انهيار مبنيين متجاورين في مدينة فاس    غرفة إسكندراني تعج بالمحبين    أسفرت عن استشهاد 386 فلسطينيًا.. 738 خرقاً لوقف النار من قوات الاحتلال    ترفض الإجراءات الأحادية للمجلس الانتقالي الجنوبي.. السعودية تكثف مساعيها لتهدئة حضرموت    وسط ضغوط الحرب الأوكرانية.. موسكو تنفي تجنيد إيرانيين وتهاجم أوروبا    دراسة تكشف دور «الحب» في الحماية من السمنة    ضمن المشاريع الإستراتيجية لتعزيز الجاهزية القتالية للقوات الملكية.. ولي العهد يرعى حفل افتتاح مرافق قاعدة الملك سلمان الجوية    طيور مائية    ولي العهد يفتتح مرافق قاعدة الملك سلمان الجوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السديس: لايحق لأي كان أن يلقي اللوم ضد الجهود التي بذلت لخدمة الحجيج
نشر في المدينة يوم 09 - 10 - 2015

أكد إمام وخطيب المسجد الحرام الدكتور عبدالرحمن السديس أنه في هذا الأوان الذي جَدَحَتْ فيه يَدُ الإمْلَاق كأسَ الفِرَاقْ، وأوشك العام على التمام والإغلاقْ، والتحديات المُحْدقة بالأمة عديدة، والأحوال أزماتها شديدة، والأيام في لُبها بالأماني مبدية معيدة، لا بد لأهل الحِجَى من وقفاتْ؛ للعبرة ومراجعة الذاتْ، والتفكر في ما هو آتْ، وهذا دَيْدَن المسلم الأريب اللّوذعي، ومنهج اللَّقِن الأحْوذي، حتى لا يَنْعَكِسَ الأملْ، أو يَسْتَنْوِقَ الجَمَلْ، فَيُبْصر كل إنسان وَسْمَ قِدْحِه، فَتَتَرَقَّى هِمَّتُه، وتصفو نفسه وتحسن سيرته وسريرته.
وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم في المسجد الحرام: " إن الوقفة الأولى؛ وقفة اعتبار وَعِظَة، لما في مرور الأيام والليالي من عِبْرَةٍ ومَوْعِظَة، فكم من خُطُواتٍ قُطِعت، وأوقاتٍ صُرِفت، والإحساس بِمُضِيِّهَا قليل، والتذكر والاعتبار بِمُرُورِهَا ضئيل، مهما طالت مدتها، وعظمت فترتها، وربما دامت بعد ذلك حسرتها، ولا يتبقى من الزمان إلا ذِكْرى ما تبدَّى، وطَيْف ما تجلَّى، وها هو عام انقلب بما لنا وما علينا في مَطاويه، وآخر اسْتَهَلَّ شاهدًا على مُضِيِّ الدَّهْرِ في تَعَادِيه، فاللهم نسألك أن تُبَارك للأمة فيما قَدَّرتَ فيه.
وأضاف " أن مَن لم يتَّعِظ بِزوال الأيّام ولم يَعْتبِر بتصرُّم الأعْوَام، فما تفكَّرَ في مَصِيره ولا أناب، ولا اتّصف بمَكارِم أولي الألباب، قال الرَّحيم التّواب:? إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ?، فما أحْوَجَ أمّتنا في هذه السَّانحة البَيْنِيَّةِ أنْ تَنْعَطف حِيال أنوار البصِيرة، فَتَسْتَدْرِك فَرَطاتِها وتنْعَتِق مِن ورَطاتِها، وتُفعِم رُوحها بِمَعَاني التّفاؤل السّنِيّة، والرَّجاءات الرَّبَّانية، والعزائم الفُولاذِيَّة، وصَوَارِم الهِمَمِ الفتِيّة، كي تفيء إلى مَرَاسِي الاهتِدَاءِ والقِمم، وبَدَائع الخِلال والقيم، على ضوء المورِدِ المَعِين، والنَّبع الإلهي المبين ، هَدْي الوَحْيَين الشريفين، مستمسكةً بالتوحيد والسنة بنهج سلف الأمة، تحقيقًا لقول النبي صلى الله عليه وسلم " تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما؛ كتاب الله وسنتي" أخرجه مالك في الموطأ ، " مشيرا إلى أن الوقفة الثانية؛ وقفة لإلْهَاب الهِمَّة في نفوس الأمة كي تعْتلي الذُّرَا والقِمَّة، وإذكاء جُذَا الأمل والتّفاؤل في أطواء الشباب كي يَسْتنفِرَ قُدُرَاته وملكاته، وكفاءاته وانتماءاته، فكم اتخذت الأمة - في عامها المتصرم - من قرار عظيم، وكم حققت من نصر مبين، تَسَنَّمَهَا عاصفة الحزم الميمونة، التي جَسَّدت الوحدة والتلاحم بين أبناء الأمة رُعَاة ورَعِيَّة، وحققت النُّصْرَة لجارٍ مَضُوم، وشعبٍ مكلوم، وصدَّت الظالمين المعتدين، وكم بذلت بلاد الحرمين الشريفين جَرَّاءَ هذا القرار الشجاع والموقف النبيل؛ من دماءٍ طَاهرةٍ صعدت أرواحها إلى بارئها، لإعادة الأمل؛ فكان الأمل بعد الحزم نورا يضيء البصائر والأبصار، ويبعث في النفوس البِشْرَ والضياء، بعدما آتت عاصفة الحزم ثمارها، وحققت أهدافها، وإن على الإخوة في يمن الإيمان والعلم والحكمة أن يَتَّحِدُوا للوقوف مع الشرعية، وعدم الإصغاء لدعاة الفتنة، وعزاؤنا أن من قضى من جنودنا البواسل في الحد الجنوبي نحسبهم عند الله من الشهداء:? بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ~ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ?.
وأوضح الدكتور السديس أنه مع تجديد الشكر للمنعم المتفضل سبحانه على ما مَنَّ به على الحجيج من إتمام مناسكهم بكل تميز ونجاح، قائلا :" فلا يَفُتُّ عَزْمَكُم ما اعتوره من فَلَتَاتِ الحوادث بين مَطَاوِي الزمان، وإن القلب ليعتصره الحُزْن والأَسَى على ما أصاب بعض حجاج بيت الله الحرام من حوادث عَرَضِيَّة لا تُنْسِينَا الإيمان بقضاء الله وقدره، في صفاء الأمر وكدره - نسأل الله أن يتقبل موتاهم ويَشْفِ مرضاهم، "، لافتا إلى أنه مع ذلك فإنه لا يحق لأي شخص أو كيان كائنا من كان أن يجعل هذه الأحداث مجالاً للمزايدات أو إلقاء اللوم وبث الشائعات ضد الجهود الجبارة التي تبذلها بلاد الحرمين في خدمة ضيوف الرحمن، وإن لبلاد الحرمين الشريفين يدًا حازمة لا تَتَهَاوَنُ مع المُتَلاعبين بأمْنِها وأمانها، ولا تُهَدْهِدُ من يحاولون التغرير بعقول شبابها، أو يُؤَلِّبُون عليها أفئدة العباد في أصقاع البلاد، كما أنه ليس من العدل والإنصاف أن تُصَادَرَ كل الجهود والإنجازات لحادثة أو واقعة، تُبْذَل أقصى الطاقات والإمكانات لتفاديها ومثيلاتها في الأماكن المقدسة طوال العام، وجهود المملكة لن تنسفها أقاويل المبطلين الذين لا يحسنون إلا التشكيك والإرجاف، وهذه الحملة الإعلامية الممنهجة القائمة على ترويج الأكاذيب واختلاق الوقائع هي محاولة يائسة من فئة بائسة للنيل من مكانتها، والخدمات الجُلَّى المقدمة في الحج ، هي أكبرُ رَدٍ عَمَلِيّ على هؤلاء المشككين، وجهود رجال الأمن وعطاؤهم النادر في خدمة الحجيج خير شاهد، فالعمل الكبير الذي قام به رجال الأمن والعاملون في خدمة الحج بمختلف قطاعاتهم يندر أن يوجد مثله في أنحاء العالم فهم الأشداء الأقوياء على الأعداء، الرُّحَماء الأَوِدَّاء على المسلمين والضعفاء، ولكن هذه سُّنة الله في الكون "فكل ذي نعمة محسود"، وستظل بلاد الحرمين واحة أمن واستقرار ضد مخططات العبث، و ستبقى قبلة الإسلام ومأوى الأفئدة، ومن رامها بسوء هلك دون مَرَامِه، لا مجال ولا حظَّ للنَّيْل منها، أو المساومةِ والمزايدة على جهودها ومكانتها، فلها - بحمد الله - الرِّيَادَة والقيادة والسيادة على الحرمين الشريفين، بل في إحلال الأمن والسلم الدوليَّين.
وإضاف إمام وخطيب المسجد الحرام : هذه الأحداث توجب علينا وقفة جماعية جادة للتصدي الحازم للمسالك الضالة المشبوهة؛ التي تنامت في الآونة الأخيرة وتمثلت في تفجير المساجد واغتيال المصلين وذوي الأرحام والأقارب، في مشاهد مخزية من فئام شَوَّهُوا صورة الإسلام بنقائه وصفائه وإنسانيته، وانحرفوا بأفعالهم عن سماحته ووسطيته، غير أن ذلك لا يُسَوِّغ أبدًا إلصاق تهمة الإرهاب بالإسلام. والعجيب أنهم يفعلون ذلك باسم الدين، وينشرونه على مرأى ومسمع من العالمين، أيُّ ضَلالٍ مَلأ عقولهم فاسْتَحَلُّوا الدَّمَ الحرام، وانتهكوا الحُرُمَات واعتدوا على بيوتِ الله في الأرض..؟! ، مما يتطلب تحصين الشباب الأَبِيّ من الفكر التكفيري، وتنظيم داعش الإرهابي، ونحوه من المناهج الضالة والمسالك المنحرفة، وما يقابلها من موجات التشكيك والإلحاد، وهَزّ الثوابت والقيم، والنيل من المحكمات والمُسَلَّمَات.
وشدد بقوله " غير أنَّ هذه الأحداث المُلِمَّة، والفواجع المُؤْلِمَة، لا ينبغي أن تنسينا قضيتنا الكبرى، قضية فلسطين والأقصى، وما يَلُفّها في هذه الآونة بالذّات، من مآسٍ وتعدِّيات، واستطالةٍ سافرةٍ في الهدم والحصار والاعتداءات، لذا وبراءةً للذِّمَّة، وإعذارًا للأمَّة، نناشد قادة المسلمين وأصحاب القرار في العالم، التصدِّي بكل قوّةٍ وحزم، لوقف التهديدات الصهيونيّة، والتنكيلات اللا إنسانية، ضد إخواننا في فلسطين، وقُدْسِنا السليب ".
وأضاف " لا يمكن أن ننسى إخواننا في بلاد الشام الذين طالت معاناتهم ودخلت عامها الخامس دون تحرك فاعل لإنقاذهم من آلة القتل والتدمير والتهجير في أكبر كارثة إنسانية يشهدها التاريخ المعاصر من أناس ?لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلّاً وَلا ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ?، مما يتطلب من إخواننا في بلاد الشام توحيد الكلمة ورصّ الصفوف والاعتصام، وعدم التفرق والاختلاف والانقسام. متفائلين مع كل ذلك بالنصر المؤزّرِ القريب، ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ~ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ?.
وأوضح معالي الدكتور عبدالرحمن السديس أنه في حوالك الكروب ومعامع الخطوب، ومدلهمات الدروب تشرئب طُلَى أهل الإيمان إلى إشراقات التفاؤل والنصر وبشائر الانبلاج، وتتطلع إلى أَرَجِ الانفراج، قائلا :" فمع أن أمتنا لاتزال رهينة المآسي والنكبات، والشتات والملمات، فلا بد من الادِّراع بالتفاؤل والاستبشار، فالأمل يُخَفِّفُ عناء العمل، ويَذْهب باليأس والقنوط والملل، وبعد حُلْكة الليل الشديد، تُشْرق شمس يوم جديد. بالتفاؤل والأمل تتدفق روح العزيمة، وتتألق نسمات النبوغ، وتتأنق بواعث الثقة والتحدي، وهذه القُوَّة الأَخَّاذَة، والكُوَّة النورانية، هي من أزاهير الشريعة الربانية، والسيرة المحمدية لرسول الهدى والحق.وإن حياته الكريمة لأنموذج عملي للتدرع بالتفاؤل والأمل والاستبشار في أحلك الأزمات، والنوازل والملمات، وهجرته حَدَثٌ لو تعلمون عظيم، فيه من الدروس والفوائد، والعبر والفرائد ما لا تحويه أجْلاَد، ولا يُوَفِّيهِ جَلَدٌ ولا اجتهاد، فرغم خروجه من أحب البلاد إليه إلا أنه كان متفائلا مستبشرا، ولقد كان حدث الهجرة أمرًا فارقًا في تاريخ البشرية جمعاء.
وفي المدينة المنورة حذر فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ عبد الباري الثبيتي في خطبة الجمعة اليوم من الانسياق خلف الشيطان وحزبه من أهل المكر والكيد، الذي طال شره الرسل عليهم السلام، مستعرضاً عدداً من الأحداث التي تعرض لها بعض الرسل والأنبياء عليهم السلام في هذا الصدد، مسلطاً الضوء على صفات وأساليب أهل المكر وتربصهم بالإسلام والمسلمين على مر الأيام والأزمان.
واستهل فضيلته الخطبة بحث المسلمين على تقوى الله سبحانه حق التقوى، مؤكداً أن الله تبارك وتعالى خلق أدم عليه السلام، وقام الشيطان بمعاداته والمكر به لإغوائه وتعرض الرسل عليهم السلام لأنواع من المكر والكيد ونسجت لهم المؤامرات ، فيوسف عليه السلام مكر به أخوته فصبر على أذاهم، قال الله تعالى فيه (إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ) وإبراهيم عليه السلام جمع له الحطب وأوقدت النار فكانت بردا وسلاما وبطل مكرهم، قال سبحانه وتعالى (فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ)، وأجمع الأعداء أمرهم ومكروا برسول الله صلى الله عليه وسلم وكان مكرهم إلى زوال فقال الله سبحانه وتعالى (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ) .
وأوضح فضيلته أن من صفات أهل المكر والكيد الغدر وخيانة العهود حيث كان الرسول صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله من الخيانة ويقول عليه السلام ( وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخِيَانَةِ؛ فَإِنَّهَا بِئْسَتِ الْبِطَانَةُ ) وأن المنافقون كانوا مصدر أكبر كيدٍ عانى منه رسول الله صلى الله عليه وسلم بتلون مواقفهم وتشكل أحوالهم وقال الله تعالى فيهم ( وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ ) .
وأضاف الشيخ عبد الباري الثبيتي أن من صفات أهل المكر والكيد تضخيم الأحداث وتصيد الذلة والخطأ وأشاعته وتجاهل الإنجازات والإيجابيات والظهور في أوقات المحن والحوادث والفرح بمصاب المسلمين فاذا أصاب المسلمون نصرا وتمكينا أصابهم غيظٌ وهمٌ وكرب ، وإذا نزلت بالمسلمين نازلةٌ وحل بهم بلاء انتشى الأعداء فرحا واختيالا ؛ وهذا ديدن الحاقدين والحاسدين ، مستشهدا فضيلته بقول الله تعالى (إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا) .
وأشار إمام وخطيب المسجد النبوي إلى أن من صفات الماكرين استهداف الشباب وإغوائهم بالكلمة والصورة والفكرة عبر وسائل الإعلام والاتصال وهذه أشد خطرا من الجيوش الجرارة والأسلحة الفتاكة بنشر أفكار التطرف والغلو لحساب أغراض مشبوهة والاستيلاء على عقول الشباب والفصل بينهم وبين علمائهم ليسهل اصطيادهم والتأثير عليهم من نكرات لم يُعرفوا بعلم ولا عمل.
وبين الشيخ الثبيتي أن من أعمال الماكرين والحاقدين زرع التنظيمات الإرهابية في ديار المسلمين لتكون وقودا يحرق الشباب ويدمر مستقبلهم وبلدانهم وتصور هذا الدين بمظهر التخلف والفوضى والهمجية والوحشية بعرض مناظر دامية وتنفيذ اغتيالات من مندسين في صفوف المسلمين ومن متلبسين بثوب الدين.
وذكر فضيلته أن من صور المكر اختلاق الأكاذيب ونشر الإشاعات المغرضة وجاءت البيانات وجاءت الآيات لتحذر من مسايرة المروجين والتوجيه بتسديد القول وعدم إلقائه على عواهنه من غير حكمة وتبين قال تعالى (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا) ، وجه القران الكريم الى أحكام القول والتدقيق فيه ومعرفة هدفه واتجاهه قبل متابعة المنافقين.
وأكد الشيخ الثبيتي أن من أشد أنواع المكر بث الشكوك بين المسلمين في قيادتهم وولاة أمرهم بتزييف الحقائق وتزويرها وتصدير فتاوى الشبهات والفتنة ليشاع الباطل مكان الحق ليلتبس على المسلمين دينهم وليحدث في الأمة آثارا سلبية وأضرار بليغة وليصد عن الحق بأثارة الغرائز والشهوات وليتفرق صف المسلمين.
وأفاد أن الثبات على الحق والاعتصام بالكتابة والسنة والتوكل على الله جلا وعلا واجتماع الكلمة ووحدة الصف وتألف القلوب بين المسلمين هو طريق النصر والعزة وأساس التمكين قال تعالى (وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرً).
وقال فضيلته في نهاية خطبته :" إن أمن هذه البلاد بلاد الحرمين المملكة العربية السعودية أساس أمن الأمة وهي قلبها النابض والإساءة إليها إساءة لأمن الأمة ولايزال جسد الأمة بخير مادام القلب ينبض فخير هذه البلاد عميم وأعمالها الخيرة لا تنقطع واستقرارها وتحصينها من مكر الماكرين وكيد الحاقدين مطلب شرعي وواجب ديني على كل مسلم وأبنائها العقلاء يدركون ذلك ويسهمون بوعيهم في إحباط مؤامرات المتربصين ومن حاول الإضرار بأمن هذه البلاد فهو يخدم أعداء الملة والدين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.