إيران : اليورانيوم المخصّب «تحت أنقاض» المنشآت المستهدفة    إدانات دولية واسعة للهجوم الإسرائيلي على قطر في مجلس الأمن    الاتحاد السعودي لكرة القدم و stc يوقعان رعاية الدوري السعودي للنخبة    الأهلي يغادر إلى الدمام استعداداً لمواجهة الاتفاق    أتلتيك بيلباو يعلن التعاقد مع لابورت لاعب النصر    ضبط مقيم هندي لتلويثه البيئة بتفريغ مواد خرسانية في الشرقية    الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: الخطاب الملكي يؤكِّد على المبادئ الراسخة لهذه الدولة المباركة    نائب أمير الرياض يطّلع على مشاريع «البلديات والإسكان» في المنطقة    الوفد الكشفي السعودي يبرز أصالة الموروث الشعبي في فعالية تبادل الثقافات بالجامبوري العالمي    أمين القصيم يوقع عقد صيانة شوارع في نطاق بلدية البصر بأكثر من 5,5 ملايين ريال    محافظ وادي الدواسر يستقبل الرئيس التنفيذي للمجلس التخصصي لجمعيات الأشخاص ذوي الإعاقة    امانة القصيم تطلق مهرجان الدليمية بعدد من الفعاليات والأنشطة في الحديقة العامة    خلال تدشينه جمعية كافلين للأيتام بالمحافظة محافظ تيماء: خدمة الأيتام تتطلب فكرًا وعملًا تطوعياً    250 مشروعًا رياديًا تتأهل إلى التصفيات النهائية لكأس العالم لريادة الأعمال بالرياض    «كشف النقاب» في لندن    ⁨جودة التعليم واستدامته    المملكة تقدم للعالم جدول فعاليات استثنائي بمشاركة كريستيانو رونالدو    انطلاق ورش العمل التخصصية لمؤتمر القلب العالمي 2025 بالرياض    الفتح يغادر إلى جدة لمواجهة الاتحاد .. وباتشيكو ينضم للتدريبات    أسواق الأسهم العالمية قرب أعلى مستوياتها معززة بأسهم التكنولوجيا    اطلاق كرسي الأمير محمد بن فهد للقيادة الإنسانية بين الأجيال وبناء مجتمعات المستقبل بين جامعة الأمير محمد بن فهد ومنظمة الإيسيكو    منتدى المشاريع المستقبلية 2025 يثمن دور عين الرياض الرائد في دعم قطاعات الأعمال والمؤتمرات والسياحة والاستثمار    " كريري" يزور المدخلي للاطمئنان على صحته بعد نجاح عمليته الجراحية    غدا..إقامة الحفل الختامي لمهرجان ولي العهد للهجن في نسخته السابعة بميدان الطائف    استمرار إنطلاقة مبادرة "إشراقة عين" بمركز الرعاية الأولية بالشقيق    محافظ الطائف يلتقي القنصل الامريكي رفيق منصور    نائب أمير منطقة تبوك يدشّن مشروع السكتة الدماغية الشامل بالمنطقة    تركي العمار يواصل الرحلة... تجديد العقد حتى 2029    إسقاط 17 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل    نائب أمير منطقة عسير يتوّج المنتخب السعودي تحت 19 عامًا بكأس الخليج في نسخته الأولى    200 شخص اعتقلوا في أول يوم لحكومة لوكورنو.. احتجاجات واسعة في فرنسا    الشرع يترأس وفد بلاده.. سوريا تؤكد مشاركتها في القمة الروسية – العربية    أكد أن الدوحة حليف موثوق لواشنطن.. ترمب: الهجوم قرار نتنياهو ولن يتكرر    هوساوي: أعتز برحلتي الجديدة مع الأهلي    منافسة نسائية في دراما رمضان 2026    معرض الصقور والصيد السعودي الدولي 2025.. موروث ثقافي يعزز الأثر الاجتماعي والحراك الاقتصادي    «الفطرية»: برنامج لمراقبة الشعاب المرجانية    وزير الداخلية لنظيره القطري: القيادة وجهت بتسخير الإمكانات لدعمكم    أرامكو تصدر صكوكاً دولارية دولية    إسهاماً في تعزيز مسيرة القطاع في السعودية.. برنامج لتأهيل «خبراء المستقبل» في الأمن السيبراني    أكد أن النجاحات تحققت بفضل التعاون والتكامل.. نائب أمير مكة يطلع على خطط طوارئ الحج    حمد الجميح رجل البر    "التعليم" توقع اتفاقية "الروبوت والرياضات اللاسلكية"    «آسان» و«الدارة» يدعمان استدامة التراث السعودي    نائب أمير المنطقة الشرقية: الخطاب الملكي الكريم خارطة طريق لمستقبلٍ مشرق    اليوم الوطني.. نبراس للتنمية والأمان    «الحج والعمرة» تُطلق تحدي «إعاشة ثون»    التأييد الحقيقي    خطاب يصوغ المستقبل    هيئة الشرقية تنظّم "سبل الوقاية من الابتزاز"    مبادرات جمعية الصم تخدم ثلاثة آلاف مستفيد    "الشيخوخة الصحية" يلفت أنظار زوار فعالية العلاج الطبيعي بسيهات    إنقاذ حياة مواطنَيْن من تمزّق الحاجز البطيني    هل توقف العقوبات انتهاكات الاحتلال في غزة    الهجوم الإسرائيلي في قطر يفضح تقاعس واشنطن ويغضب الخليج    مُحافظ الطائف: الخطاب الملكي تجسيد رؤية القيادة لمستقبل المملكة    أمير المدينة يلتقي العلماء والمشاركين في حلقة نقاش "المزارع الوقفية"    نيابة عن خادم الحرمين.. ولي العهد يُلقي الخطاب الملكي السنوي لافتتاح أعمال الشورى في الدور التشريغي 9 اليوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إمام الحرم: العدوانَ الذي تعرَّضت له البلاد أمرٌ مرفوضٌ وتعدٍ لحدود الله وانتهاكٌ لحرماته
نشر في المدينة يوم 07 - 08 - 2015

أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام بمكة المكرمة الشيخ الدكتور أسامة خياط المسلمين بتقوى الله عز وجل, فهي خيرُ زاد السالكين، وأفضلُ عُدَّة السائرين إلى رب العالمين، فطوبى لمن اتقى الله مولاه، وأخذ من دنياه لأخراه..
وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها بالمسجد الحرام إنَّ الحذَرَ من خُسران العمل، والنّفرةَ من ضلال السعيِ، نهجُ أولي الألباب، وسبيلُ عباد الرحمن،وطريقُ الرّاسخين في العِلم، يبتَغون به الوسيلة إلى ربهم، ويرجون به الحظوة عنده، ونزولَ دار كرامته إلى جوارِ أوليائه والصفوةِ مِن خلقه؛ لأنهم يستيقِنون أن سعادةَ المرء هي في توفيقِ الله له إلى إصابةِ الحقِّ، ولزوم الجادّةِ، والاهتداء إلى الصراطِ المستقيم، والسلامةِ من العثار، والنجاةِ من الزّلَل، بعبادةِ الله على بصيرةٍ، والازدلاف إليه بما شرَعَه سبحانه، مما أنزله في كتابِه أو جاءَ به رسوله صلى الله عليه وسلم.
ففي هذا صيانَةٌ للعبد، ووقايةٌ له من أن يضَمَّ إلى زمرةِ الأخسرين أعمالاً، الذين نبّأنا سبحانَه بأحوالهم، وأوضَحَ حقيقتَهم بقولِه عزّ اسمه : ((قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً،الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا))، وهم كما رجَّح العلاّمة الإمام ابن جرير رحمه الله "كلُّ عامِلٍ عملاً يحسَبه فيه مصيبًا، وأنّه لله بفعلِه ذلك مطيعٌ مرضٍ له، وهو بفعلِه لله مُسخِط، وعن طريق الإيمان به جائِرٌ من أهلِ أيِّ دينٍ كان". فهو تعبيرٌ ربّانيّ عن حال أولئِك الفاشلين في حياتهم الدنيا، ومع ذلك فهم يخدَعون أنفسَهم باعتقادٍ لا يُسنده واقعُهم ولا يشهَد له حالُهم ولا تصدِّقه أعمالهم.
وأوضح فضيلته أن في ضلالَ السعيِ ضروبٌ وألوانٌ لا يكاد يحدُّها حدّ، أو يستوعِبها بيان، غير أنَّ من أقبحها وأشدِّها نُكرًا،وأعظَمها ضررًا، شقَّ عصا الطاعة ومفارقةَ الجماعة، والتردِّي في حمأة التمرُّد والعِصيان، واستباحةِ الدِّماء المعصومةِ، وقتلِ النفس التي حرَّم الله قتلَها إلا بالحق، بالتأويلات الباطِلةِ، والآراءِ الفاسدة المدخولة، والفتاوَى المغرِضة التي لا تستنِد إلى دليلٍ صحيح ولا ترجِع إلى فقهٍ ولا نظرٍ سليم قويم.
ومن ذلك ما حدَث في مدينةِ أبها ظهيرة الأمس مما جاء خبرُه، واتّصل بكم نبَؤه، فأحدَث شرًّا ونكراً وفساداً عريضاً، لا يمكن لمؤمن صادقٍ يحذَر الآخرةَ ويرجو رحمةَ ربّه أن يقبلَ به أو يدعوَ إليه أو يحضَّ عليه، كلاّ والله لا يمكن ذلك أبدًا؛ إذ متى كان القتلُ والترويع أمرًا مشروعًا في هذا الدين وفي كتابُه المنزَّل من حكيم حميد: ((مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّه ُمَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاس َجَمِيعًا)) ومتى كان البَغيُ والعدوان على المسلمين طريقًا إلى رضوانِ الله وسبيلاً إلى جنّاته ومن المنتفِع بهذه الأعمالِ على الحقيقة يا عباد الله وكيف يرضَى أحد لنفسِه أن ينقلبَ إلى أداةٍ بيد أعداءِ دينِه وخصوم وطنِه وأمّته،يبلغون بها ما يريدون من الشرِّ والخَبال وهم قارّون مَوفُورون لم يمسَسهم سوء وكيف لا تقَرّ أعينُ هؤلاء الموتورِين وهم يرَونَ من يقاتل عنهم ويضرِب بسلاحِهم ويتحيَّز إلى فئتهم .. ثم ألم يحذِّرنا ربّنا من طاعة الشيطان واتّباع خطواتِه فقال عز من قائل: ((إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ))، وقال سبحانه: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّة ًوَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ)) وما عسى أن يكونَ هذا العمل وأمثالُه مما سبقَه ما عساه يكون إن لم يكن موالاةً للشيطان وطاعةً له واتّباعًا لخطواته .
وتساءل فضيلته في خطبته : ألم يتفكر هؤلاء في سوء منقلب من أصاب دماً حرامًا كما جاء في الحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه عن عبد الله بن عمر-رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم-, وقال: "لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يُصِبْ دمًا حرامًا" ثم ألم يطرُق سمعَ مَن فعل هذه الفعلةَ النكراء ما جاءَ من الوعيد الصارِخ على لسان نبيِّ الرحمة والهدى صلوات الله وسلامه عليه لكلِّ مَن قتل نَفسًا أو قتل رجلاً غدرًا، وذلك في الحديث الذي أخرجه الإمام في مسنده وابن ماجه في سننه واللّفظ لهما وابن حبان في صحيحه بإسنادٍ صحيح عن عمرو بن الحمِق أنه سمعَ رسول الله, يقول: "من أمَّن رجلاً على دمِه فقتله فإنّه يحمل لواءَ غدرٍ يومَ القيامة"، ولفظ ابن حبان: "أيما رجل أمَّن رجلاً على دمه ثم قتَلَه فأنا من القاتل بريء وإن كان المقتولُ كافرًا "، وفي الصحيحين عن عبد الله بن مسعودٍ أنّه قال: قال رسولُ الله : "يُنصَب لكلِّ غادرٍ لواء يومَ القيامة، يقال: هذه غَدرَةُ فلان بن فلان". وفي هذا من الفضيحةِ لصاحبِ الغَدر والتَّشهير به على رؤوسِ الأشهادِ يومَ القيامة ما لاَ مَزيدَ عليه مع ما أُعِدّ له من شديدِ العقابِ.
وبين فضيلته أن هؤلاء البغاة الضالون ما زالوا سادرين في غيهم، يُخبون ويوضعون في الإثم والعدوان، الذي يتجلى في أبشع صوره وأشدها نكراً: في قتل أهل الإسلام المصلين الراكعين الساجدين لرب العالمين، مزدلفين إليه بأداء فريضة من فرائضه، التي أخبر سبحانه عن رفعة مكانتها، وعظم منزلتها بقوله: " وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه.." الحديث أخرجه الإمام البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، التي أخبر رسول الهدى صلوات الله وسلامه عليه عن شرفها وخيريتها بقوله: "استقيموا ولن تحصوا واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة ولن يحافظ على وضوء إلا مؤمن" أخرجه الإمام أحمد في مسنده وابن ماجه في سننه،وابن ماجه والدارمي في سننهما وهو حديث صحيح بمجموع الطرق.
وقال فضيلته : شتان يا عباد الله , شتان بين من يقدم على ربه مصلياً راكعاً ساجداً، وبين من يقدم عليه محاداً لله ولرسوله، يقتل نفسه ويقتل النفس التي حرم الله قتلها بغير حق، إن بين الخاتمتين لموعظةً وذكرى للذاكرين، وإن بينهما لمدكراً لقوم يعقلون وما أحسن ما قال بعض السلف في الخوارج إنَّهم المذكورون في قوله تعالى : (( قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً )) هم الأخسرون أعمالا ؛ إذ يحسبون أن قتل المناجين ربهم في الصلوات، يُرضِي رب الأرض والسموات، ولم يعلموا أنه من أكبر الكبائر والذنوب الموبقات، والعظائم والخطيئات ، وأنه مما زيَّنه لهم شياطين الإنس والجن، والله المسؤول أن يعصمنا منهم بِحولِه وقوته.
وكشف إمام وخطيب المسجد الحرام إنَّ لنيران الحقدِ ضِرامًا تطيش معه العقول وتصمّ الآذان وتعمَى الأبصار، فلا ينتفِع صاحبه بعقلِه ولا بسمعِه ولا ببصره، لا ينتفع بعقلِه حين لا يضَع الأمورَ في نِصابها ولا يتفكَّر في مآلها ولا ينظر في عواقِبِها،ولا ينتفع بسمعه حين يصمّ أذنَيه عن سماع النصح ويولِّي مستكبرًا معرِضًا عن قَبول التّذكير الذي ينفَع المؤمنين، ولا ينتفِع ببصرِه حينَ يغلِق عينَيه عن النّظر إلى البيّنات والهدى الذي يبصِر به طريقَ الحقّ، هنالك تكون العاقبة شرًّا ووبالاً عليه وخسرانًا يبوء به وضلالَ سعيٍ لا يغادِره ونهايةً تعِسةً مظلِمة خائبة تنتظِره. وهذا هو حال هؤلاء المجرمون الضالون.
وأكد فضيلته أن هذه الأحداث الأليمةَ التي تقضّ لها مضاجعُ أولي النّهي، وتهتزّ لها أفئدة أولي الألباب، وإنَّ هذا العدوانَ الذي تعرَّضت له هذه البلاد هو أمرٌ مرفوضٌ ينكِره كلُّ العقلاء أشدَّ الإنكار،لأنّه محرَّم بنصوص الكتاب والسنة؛ ولأنّه تعَدٍّ لحدود الله وانتهاكٌ لحرماته وعدوانٌ على عباده، ولأنّه فسادٌ نهى الله عنه، وأخبر أنّه لا يحبّه وأنّه لايُصلح عملَ المفسدين، وتوعَّدهم عليه بالعذاب الأليم، ولذا فإنّ من ولاّه الله أمرَ هذه البلاد قد قام بحمدِ الله وسوفَ يقوم بما وجب عليه من إطفاء نار الفتنةِ وحماية الحوزةِ والحفاظ على الوَحدة وصيانةِ كيان الأمّة، بالنزول على حكمِ الله وتحكيم شريعتِه، لقطع دابر الفساد والمفسدين وإعادة الحقِّ إلى نصابه، حتّى تبقى هذه البلاد كما كانت دائمًا وكما أراد الله لها مَوئلا للهداية ومبعَثًا للنّور ومثابةً للنّاس وحِصنًا حصينًا تتكسَّر عليه أمواجُ الفتَن وترتدُّ عن حياضه سهامُ المكرِ والكيد خائبةً لم تبلغ ممَّا أرادت شيئًا، ولم تنَل ممّا صبت إليه نفوسُ أصحابِها قليلا ولا كثيرًا؛ لأنَّ هذا تقديرُ العزيز العليم، وفضلُ الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
وقال الدكتور الخياط : إنَّ تضَافُر الجهود وتكاثُف المساعي ووقوفَ الأمة كلها صفًّا واحدًا في وجه هذا البغيِ والإجرام الذي لا يرقُب مقتَرِفُه في مؤمنٍ إلاًّ ولا ذمّة وإنَّ تحصينَ الشباب من صولةِ هذا الباطل وحراسَتَهم من هذا الانحراف وذَودَ هذا الخطر عن ساحتِهم وتطهيرَ كلِّ القنواتِ والرّوافد التي تغذِّي هذا الفكرَ الضالّ وتمدّه بأسباب البقاء والنّماء وإنّ قطعَ الشرايين التي تضمَن له الحياةَ، إنَّ كلَّ أولئك حقٌّ واجب على كلِّ أهل الإسلام، ومن أظهر ذلك لزومُ الإنكارِ لهذا المنكر العظيمِ برفع الصوتِ عاليًا دون تَلجلُج أو توقّفٍ أو تردّد، فهو والله جديرٌ بالإنكار، حقيق على أن يُكشَف عَوارُه وتهتَكَ أستاره ويبيَّن للناس خطرُه وضررُه على المسلمين قاطبةً في كلِّ الديار وفي جميع الأمصار.
وفي المدينة المنورة تحدث فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ عبدالمحسن بن محمد القاسم عن محبة العبد المسلم عند الله ومكانته في قلوب الخلق , موصيا المسلمين بتقوى الله والتقرب إليه بالطاعات واجتناب المحرمات .
وبين فضيلته في خطبة الجمعة, أن الله سبحانه وتعالى خلق آدم وأمر الملائكة بالسجود له , فسجدوا إلا إبليس أبى وأستكبر وكان من الكافرين , فاستحق الإبعاد من رحمة الله , مضيفاً أن سنة الله في خلقه طاعته واتباع رسله والفوز بالسعادة في الدارين ومن عصاه واستكبر عن عبادته ولم يتبع رسله كان من الأشقياء الهالكين قال تعالى (( لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون )) .
وأوضح أن الله جل وعلا أعلى مكانة المؤمنين الموحدين , وأمر الملائكة بالدعاء لهم ولذرياتهم وزوجاتهم أن الله سبحانه وتعالى مع المؤمنين بالتأييد والتثبيت لقوله تعالى (( الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم إنك أنت العزيز الحكيم )) .
وأضاف فضيلة الشيخ القاسم أن الأنبياء يدعون للمؤمنين بالمغفرة , فقال نوح عليه السلام ((رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات ولا تزد الظالمين إلا تبارا )) , مبينا أن نبينا محمد عليه الصلاة والسلام كان يستغفر للمؤمنين الموحدين في جميع أموره .
وقال فضيلته : إن الله أحب العبد المؤمن وقربه إليه (( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ )) , وأيده ونصره (( وكان علينا حقاً نصر المؤمنين )) والله سبحانه هو الذي ينتصر لعباده المؤمنين قال صلى الله عليه وسلم " قال الله تعالى : من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب " رواه البخاري .
وبين أن الله جعل لهم المودة والمحبة في قلوب العباد , في حين أن الله يتولى حفظ ذرية المؤمن ونسله ولو بعد قرون ببركة عمله الصالح (( وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنزٌ لهما وكان أبوهما صالحا )) , لافتا الانتباه إلى أن القرب من المؤمن خير وزيارته من أجل العبادات قال النبي صلى الله عليه وسلم " إذا زار المسلم أخاه في الله أو عاده , قال الله عز وجل : طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة منزلاً " .
وبين فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي أن جميع التقلبات والأحول التي يمر بها العبد المؤمن من الأحزان والأفراح في الدنيا فإنها له خيرا ويضاعفها الله من الأجور ومصائبه مكفرة لسيئاته قال عليه السلام " ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفر الله بها عنه حتى الشوكة يشاكها " , مشيراً إلى أن الله كرم العبد المسلم عند وفاته بغسله وتكفينه ولم يغسل أحد من ذرية آدم إلا المسلم .
وأوضح أن الله تبارك وتعالى جعل أعمال المؤمن الصالحة بعد وفاته تجري أجورها له في قبره " فإذا مات الإنسان أنقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعوا له " , وجماع الشر في احتقار المسلم وازدرائه ولحرمته عند الله أمر أن تكون نفس المؤمن مطمئنة في الحياة فلا تراع ولا تؤذى بل كل أمر يُخشى أن يناله أذى منه نهى الله عنه.
ومضى فضيلته بالقول : إن أذية المسلم باللسان محرمة, قال عليه السلام " قتال المسلم كفر وسبابه فسوق " ولعنه كقتله ومن قذفه بغير بينة فيجلد حيث توعد الله من آذاه بالنكال والعذاب .
وأشار إلى أن شأن دماء المسلمين عند الله عظيم, فهي أول ما يفصل الله بها من الخصومات لعظيم أمرها وكبير خطرها فدم المسلم أعز الدماء عند الله قال صلى الله عليه وسلم " لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم " وقال الطيبي رحمه الله من حاول قتل من خلقت الدنيا لأجله فقد حاول زوال الدنيا ومن تعدى على نفس مسلمة فكأنما تعدى على الخلق كلهم .
وحذر فضيلة الشيخ القاسم في ختام خطبته من سفك دم المسلم وأن سفكها موجباً لغضب الله ولعنته قال تعالى (( ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.