"لجنة الإعلام والتوعية المصرفية" ترفع الوعي المالي لدى منسوبي وزارة الرياضة    قطر تبلغ مجلس الأمن الدولي بأنها لن تتسامح مع "السلوك الإسرائيلي المتهور"    إسرائيل والحوثيون على أعتاب تصعيد جديد    ولي العهد يتلقى اتصالًا هاتفيًا من ملك الأردن    مركز الملك سلمان إنسانية تصنع الفارق في سوريا    شراكة سعودية - صينية في صناعة المحتوى الإبداعي بين «مانجا» للإنتاج و«بيلي بيلي»    مصر ترفض الهيمنة الإثيوبية على النيل    سيرة من ذاكرة جازان: الدكتور علي مسملي    تدشين برنامج الزمالة في قيادة الحوكمة    الاثنين انتهاء حظر العمل تحت أشعة الشمس    نائب أمير تبوك يستقبل مساعد وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية للخدمات المشتركة    اكتمال وصول الوفد الكشفي السعودي للمشاركة في الجامبوري العالمي للكشاف المسلم بجاكرتا    أمانة الشرقية تتصدر أمانات المملكة في مؤشر تحسين المشهد الحضري    رسالة من رونالدو إلى أوتافيو بعد رحيله عن النصر    قطر تنفي إبلاغها مسبقا بالهجوم الإسرائيلي    بي أيه إي سيستمز تستعرض أحدث ابتكاراتها في معرض DSEI 2025    تعزيز الابتكار في خدمات الإعاشة لضيوف الرحمن    حرس الحدود يحبط تهريب (5,580) قرص "إمفيتامين" في جازان    مجلس الوزراء: نتائج الاستثمار الأجنبي المباشر تخطت مستهدفات 4 سنوات متتالية    استشهاد رجل أمن قطري في الهجوم الإسرائيلي على الدوحة    "حضوري" بين الانضباط الوظيفي والتحايل التقني.. حالات فردية تسيء للمنظومة التعليمية    "التعليم" توقع اتفاقية تعاون في مجالات الروبوت والرياضات اللاسلكية    اليوم العالمي للعلاج الطبيعي.. الشيخوخة الصحية في الواجهة    وزير الخارجية وزير الخارجية التونسي يترأسان اجتماع لجنة المتابعة والتشاور السياسي    بدء فعاليات مؤتمر القلب العالمي 2025 يوم الخميس بالرياض    "البيئة والزراعة" تنفّذ ورشة عمل لتدوير المخلفات الزراعية في بقعاء    ‏أمير جازان يطّلع على التقرير السنوي لأعمال الجوازات بالمنطقة    نائب أمير تبوك يستقبل المواطن حمود الحويطي المتنازل عن قاتل شقيقه لوجه الله تعالى    أمير المدينة يفتتح ملتقى "جسور التواصل"    أمير جازان يستقبل رئيس جامعة جازان وأعضاء فريق قافلة طب الاسنان التوعوية الخامسة    مؤثرون ومشاهير    إعطاء أفضلية المرور يسهم في تحقيق السلامة المرورية    ولي العهد يلقي الخطاب الملكي في مجلس الشورى غدا    فييرا: "السعودية مركز عالمي للرياضات القتالية"    وزارة الصناعة والثروة المعدنية و ( ندلب) تطلقان المنافسة العالمية للابتكار في المعادن    النائب العام يرأس وفد المملكة في مؤتمر الرابطة الدولية للمدعين العامين بسنغافورة    رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه يحضر أول مواجهة"Face Off" بين كانيلو وكروفورد    نائب أمير المنطقة الشرقية يعزي أسرة الزامل    بدء استقبال طلبات تراخيص«الحراسة الأمنية»    الإطاحة بملوثي البيئة «بمواد خرسانية»    قاتل المبتعث «القاسم» يدعي «الدفاع عن النفس»    محامي الفنانة حياة الفهد ينفي دخولها في غيبوبة    أنغام تشدو من جديد في لندن ودبي    تفاهم بين «آسان» و«الدارة» لصون التراث السعودي    الجيش اللبناني ينتشر في الجنوب لضبط الأمن    الفرنسي «ماتيو باتويلت» يحمي عرين الهلال حتى 2027    في ختام معسكره الإعدادي.. الأخضر يرفض الخسارة أمام التشيك    تجاوزو فان بيرسي.. ديباي هدافاً ل «الطواحين»    دواء جديد يعيد الأمل لمرضى سرطان الرئة    140 ألف دولار مكافأة «للموظفين الرشيقين»    عندما يكون الاعتدال تهمة    إصبع القمر.. وضياع البصر في حضرة العدم    يوم الوطن للمواطن والمقيم    إطلاق المرحلة الثالثة من مشروع "مجتمع الذوق" بالخبر    وزير الحرس الوطني يناقش مستجدات توطين الصناعات العسكرية    صحن الطواف والهندسة الذكية    كيف تميز بين النصيحة المنقذة والمدمرة؟    تحت رعاية وزير الداخلية.. تخريج الدورة التأهيلية لأعمال قطاع الأمن العام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بين (أسلمة سوريا) و(الثورة في إسلامها).. ملاحظاتٌ منهجية (5)
الزهد في هذه الدنيا هو قرار انسحاب من المسؤولية والأمانة التي حملها الإنسان. إنه بمثابة استسلام، أو حتى اعتراض غير مباشرعلى أمر الخالق، فالزاهدون لا يستطيعون تنفيذ أوامر ربهم ومواثيقه!
نشر في المدينة يوم 30 - 11 - 2014

"علوُّ الهمة في ذمِّ الدنيا"، "تباً لها من دار"، "ابن آدم ابنٌ للخراب وُلِدَ للفناء"، "فصلٌ في ذم الدنيا"، "الموت تُحفة المؤمن"، "رأيتُ الدنيا في النوم عجوزاً مشوهة الخَلق حدباء"، "الدنيا جيفة فمن أراد منها شيئاً فليصبر على معاشرة الكلاب"، "الدنيا سوق الخسران ومصرع العقول ومعدن الشر ومحل الغرور ومُنيةُ الأشقياء"، "الدنيا أولها بكاء، وأوسطها عناء، وآخرها فناء. أصلُها مدر، وعَيشُها كَدَر، ونَفعُها ضرر، وروحُها شرر. دنيئة، وأدنى منها قلبُ من يُحبها"..
الجملُ السابقة فيها أسماء لكتب، وفصول في كتب، وعناوين خطب ومحاضرات، وعبارات واردة في كتب التفسير والفقه، وأقوال تُنسب لصحابة وتابعين وفقهاء مسلمين، وهي مجرد نموذج لا يُمثل سوى جزءٍ صغيرٍ جداً، يتعلق بموضوعٍ واحدٍ فقط، من مئات المواضيع التي (حُشرت) في التراث الإسلامي على مدى التاريخ، وهي تتشابك كالسرطان لتقتل معاني الإسلام الأصيلة ودوره في الحياة.
إلى هذا، توجد أحاديث تُنسب للرسول الكريم، إن صحَّت، تم توظيفها تاريخياً بشكلٍ سلبيٍ جداً، منها على سبيل المثال: "الدنيا سجن المؤمن وجنةُ الكافر". هذا فضلاً عن آلاف المقولات في كتب التفسير، والتي تتحدث عن آيات القرآن المتعلقة بالدنيا، وغالبية تلك الطروحات تُغفل الدلالات الكلية والشمولية للطرح القرآني بخصوص (الدنيا)، والتي تهدف أصلاً لتحقيق الوسطية الإسلامية فيما يتعلق بالنظر إليها وفهمها والتعامل معها، لتمكين الإنسان من امتلاك منظومةٍ فكرية وثقافية تساعده للتعامل مع الحياة بتوازنات دقيقة وحساسة، لها مستتبعات أخلاقية واجتماعية واقتصادية تُحقق إعمار الأرض وخير الإنسان. لكن التفاسير المذكورة تتعسف في استخراج معانٍ تُحيل إلى تلك الواردة في الفقرة الأولى أعلاه.
هذا الموضوع، كما ذكرنا، مثالٌ واحدٌ فقط من أمثلة المُشكلات الكبرى الواردة في المدونة الفقهية والتراثية الإسلامية. وهو في هذه الحالة يجعل، أولاً، علاقة من يؤمن بتلك الرؤية، وهم كُثُر، بالدنيا علاقة سلبيةً بكل المعاني وعلى كل المستويات. وهي، ثانياً، تُفسر كثيراً من واقع المسلمين بشكلٍ عام والسوريين في مقامنا هذا تحديداً. ثم إنها، ثالثاً، مدخلٌ رئيس وطبيعي لمشروع (داعش) بكل تجلياته الفكرية والعملية، ولكل المشاريع (الداعشية) الظاهرة والمستترة، الراهنة والقادمة.
يطول الحديث في التفصيل هنا فنؤجله لمقامٍ آخر. وننقل في معرض التحليل مقاطع لصديقٍ متخصص في الدراسات الإسلامية والقرآنية، تُلقي ضوءاً على بعض جوانب الإشكالية في القضية.
يقول الصديق: "كثيراً ما يُقال لنا إن رسولنا كان فقيراً، وأن الفقر سمة تكاد تلازم المتقين والصالحين، لأنهم زاهدون في الدنيا التي لا تساوي عند الله جناح بعوضة!
كان محمد صلى الله عليه وسلم تاجراً له متجر معروف في مكة قبل البعثة، وكان له شريك في تجارته هو السائب بن أبي السائب. وكان يحضر المعارض المختلفة في المواسم العديدة يعرض بضاعته فيما نسميه اليوم (ستاندات المعارض).
وفي مصطلح اليوم، وظَّفت السيدة خديجة أموالها عند محمد لما رأت من أمانته. فهو لم يكن موظفاً عندها. بل مشغلًا لأموالها من ضمن تجارته. وظل عليه الصلاة والسلام يطور عمله وتجارته حتى بعد بعثته ونبوته عليه السلام. وانتقل من طور تجارة المفرق إلى تجارة الجملة ثم تجارة جملة الجملة.
هذه الحقيقة موجودة في كتب التراث متناثرة متفرقة. جَمَعناها جمعاً بعد دراسة وبحث وتنقيب.
ترى من يريد لهذه الحقيقة أن تُطمس وتُشوه؟ ليرسم بدلاً عنها صورة فقر وفاقة عن نبينا الكريم، وأنه كانت تمر عليه الأيام لا يجد في بيته إلا الأسودين: التمر والماء، وأنه كان يستدين من تاجر يهودي.
كيف سيُطبقُ منهج الاستخلاف من لا يكاد يجد ما يسدُّ به رمقه؟ وهو الذي كان يعلمنا أن المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف!
إن الله خلقنا من وفرة، وعنده خزائن السموات والأرض، وعلمنا في كتابه كيف نُسخرُها ليفتح علينا هذه الخزائن بركات من السماء والأرض.
كان من مصلحة كثيرٍ من الانتهازيين وأصحاب المصالح وغيرهم عبر التاريخ الإسلامي تشجيع حركة الزهد وحركة التصوف، وذلك كي تكون متنفساً للناس تلهيهم وتشغلهم، كما يشغلهم اليوم كثيرٌ من التفاهة السائدة أحياناً باسم الإعلام والرياضة والمسابقات. لسنا ضد هذه القضايا عندما تُوظف لتأدية وظائف تساعد على نهضة المجتمع، وهذا ممكن، لكننا نتحدث عن مظاهر بعينها يعرفها الجميع.
إن حركة الزهد والتصوف في جوهرها هي فصلٌ للدين عن الحياة.
الزهد في هذه الدنيا هو قرار انسحاب من المسؤولية والأمانة التي حملها الإنسان. إنه بمثابة استسلام، أو حتى اعتراض غير مباشر على أمر الخالق، فالزاهدون لا يستطيعون تنفيذ أوامر ربهم ومواثيقه! لقد أمرنا ربنا أن نكون ربانيين لا رهبانيين!
المسلمون، الذين يعبدون الله لا يشركون به شيئاً، يجب أن يكونوا طاقة لا تهدأ ولا تيأس. يجب أن يكونوا دائماً مِثلَ كلمةٍ طيبة، تؤتي أُكُلها كل حين، في كل المجالات. ويجب أن تتجلى دلالات تلك المعاني في شركاتهم ومؤسساتهم، ومزارعهم ومصانعهم، ومنظماتهم وتحالفاتهم، ووعودهم وعقودهم وأبحاثهم، لا أن يُحصر المعنى في مدلوله المباشر.
فهذه النشاطات كلها يجب أن تكون (كزرعٍ أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه)، بمعنى أن تكون جميعاً على أرقى مستوى، بل وأن تتطور بشكل دائم. وليس بالمعنى المحصور في الزراعة والنبات فقط.
كم يبدو الأمر مؤلماً في بديهيته. بمثالٍ واحد في مقالٍ قصير، يمكن أن ندرك ضرورة وجود ثورةٍ في فهم الإسلام وتنزيله، ونرى كيف يمكن أن تُعيد تلك العملية للإسلام دوره الأصيل.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.