استبق الرئيس الأمريكي باراك أوباما حملته الانتخابية بإضافة فقرة صغيرة لبرنامج الحزب الديمقراطي تنص على أن القدس عاصمة موحدة لإسرائيل متجاهلًا بذلك كافة القرارات الدولية التي تقر بأن القدسالشرقية جزء من الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ العام 1967، ومتجاهلًا أيضًا أن حل الدولتين الذي ينادي به يدعو إلى إقامة دولة فلسطينية على تلك الأراضي. المفارقة أن هذه الإضافة التي طالب بها الرئيس أوباما، صدرت عشية الذكرى 11 لهجمات 11 سبتمبر الإرهابية، بما يفترض معه أن واشنطن استوعبت الدرس جيدًا بأن السبب الأكبر وراء التطرف الذي أدى إلى تنامي موجة الإرهاب عبر العالم كله هو ازدواجية المعايير، وهي السياسة التي لا تزال تمارسها حتى الآن، حيث يعتبر الانحياز السافر إلى إسرائيل أهم مظاهرها، عندما تغض الطرف عن تجاهلها للقانون الدولي ولقرارات الشرعية الدولية واستمرار احتلالها للأراضي الفلسطينية وانتهاك الحقوق الإنسانية للشعب الفلسطيني بما في ذلك حقه في الحياة والحرية وتقرير المصير. صحيح أن الولاياتالمتحدة أصبحت اليوم بعد 11 عامًا مضت على أكبر جريمة إرهابية في العصر الحديث، أكثر حصانة أمام الإرهاب، لكن المواجهة مع التطرف تكون بإبداء المزيد من الاعتدال وبتبني حلول لأهم قضايا المنطقة على أساس احترام الشرعية الدولية ومبادئ العدالة. لكن ثمة مفارقة بعد أحد عشر عامًا من هجمات سبتمبر التي تحل ذكراها اليوم، فواشنطن التي اعتبر منظروها السياسيون بعد هجمات سبتمبر أن الإسلام هو عدوها الجديد بعد تفكك الاتحاد السوفيتي وانهيار الشيوعية، أصبحت الآن تمد جسور التعاون مع قوى إسلامية جديدة أفرزتها أحداث ما بعد الربيع العربي في تونس ومصر واليمن وليبيا. ما يتوجب على أمريكا وضعه في الاعتبار وهي تعيش اليوم ذكرى 11 سبتمبر أن التطرف والإرهاب يقترنان أيضًا بالمسيحيين واليهود، وأنه لا سبيل للقضاء على هذه الظاهرة الخطيرة وتحقيق الأمن والسلام في المنطقة وفي العالم كله إلا باحترام مبادئ العدالة، والتخلي عن سياسة الكيل بمكيالين وإلزام إسرائيل باحترام القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.