يصادف اليوم الذكرى العاشرة لهجمات سبتمبر الإرهابية، فيما لا يزال البعض يشكك في الجهة التي وقفت وراءها. فقد نظر العالم إلى ذلك الحدث المروّع كل من منظاره الخاص، وحيث كانت نظرية المؤامرة سيدة النظريات. لكن الجميع اتفقوا على أن ذلك الحدث شكّل نقطة تحوّل في تاريخ أمريكا والعالم، وحيث وقف العالم كله، في جبهة واحدة في الحرب على الإرهاب الذي أصبح منذ ذلك اليوم المشؤوم يشكل خطرًا على كافة دول العالم. خطورة 11 سبتمبر 2001 لم تكن في الخسائر المادية والبشرية الجسيمة التي أدّت إليها تلك الهجمات الإرهابية التي نفذت في ذلك اليوم، وإنما أيضًا، في تداعيات هذا الحدث وكلفته الباهظة التي لا تزال تدفع حتى الآن، لأسباب عدة يأتي في مقدمتها كيفية تعامل الرئيس الأمريكي جورج بوش مع ذلك الحدث، وهو ما أوضحته صحيفة نيويورك تايمز في افتتاحية الرأي أمس بالقول إن أمريكا وقعت في ذلك الوقت تحت رحمة رئيس استثنائي ورطها في حربيين كارثتين دون الإعداد الجيد لهما، ودون تهيئة الشعب الأمريكي للتضحيات التي تتطلبها هكذا حروب. الدرس الذي ينبغي على العالم -وعلى الأخص الولاياتالمتحدة- تعلّمه من تلك الأحداث وتداعياتها أن الخطر الذي بات يهدد العالم منذ أحداث سبتمبر يضم، إلى جانب القاعدة، الاحتلال، وسياسات الفوضى الخلاقة، وازدواجية المعايير التي لا تزال واشنطن تنتهجها في منطقة الشرق الأوسط، والفتن التي يتم الترويج لها من خلال أيدٍ عابثة تديرها من خلف الستار، إلى جانب الحاخامات والقساوسة والأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا وإسرائيل الذين يتطاولون على الإسلام ورموزه، ودعاة الكراهية للإسلام بما يعرف بظاهرة «الإسلاموفوبيا» التي تفشت بعد تلك الهجمات. خلاصة درس الذكرى والاعتبار أنه بات من المؤكد أنه لا يمكن تحقيق نصر إستراتيجي نهائي على الإرهاب دون إنهاء حالة الانحياز الغربي والأمريكي لإسرائيل التي تمارس كافة أشكال الإرهاب ضد الشعب الفلسطيني على مدى عقود عدة، وتضرب بعرض الحائط القانون الدولي، وكافة قرارات الشرعية الدولية من خلال استمرارها للاحتلال، وهو ما يمنح تنظيم القاعدة وغيره من التنظيمات المتطرفة المبرر لممارسة عملياتهم القذرة، التي شملت كافة دول المنطقة، باستثناء إسرائيل.