تعانى غالبية المجتمعات الإسلامية من جهل «بنات حواء» بحقوقهن ، ربما بقناعتهن أن معرفتهن بها والمطالبة بتحقيقها سيجلب لهن الكثير من المشاكل الاجتماعية فى ظل فهم خاطئ من بعض الرجال لمفهوم « القوامة الشرعية «،و غالبا ما تعتمد المرأة على الرجل في استيفاء حقوقها والمطالبة بواجباتها ، ولأجل هذا نجد أن كثيرا من الحقوق تفوّت أو تضيع نتيجة إهمال أولياء الأمور و تفريطهم في توعية الفتاة بها . «الرسالة « ناقشت أسباب جهل الفتاة بحقوقها ؟ وكيف يمكن للفتاة أن تتثقف، وتعيّ حقوقها الشرعية ؟ في ثنايا هذا التحقيق: في البداية تؤكد الناشطة الاجتماعية د. نوف علي المطيري أن المرأة نصف المجتمع ولها واجبات ،وعليها مسئوليات سواء زوجة أو احد أفراد الأسرة ،وعليها دور كبير في تنمية المجتمع وهي رمز للعطاء ونبع لا ينضب ولكنها قد تحرم من بعض حقوقها بسبب الأعراف والتقاليد التي تقيد حريتها في التعليم أو اختيار الزوج أو النفقة . وأضافت المطيري :» هناك للأسف نساء تفرط في حقوقها كحقها في المهر والنفقة طواعية ظن منها أن ما تفعله من باب الحب والطاعة فتخسر كل شيء، كما أن بعض الأسر قد تمارس التسلط ويستغل فيها الذكور القوامة بطريقة سيئة فتحرم المرأة من حقوقها مما يساهم في تعاسة المرأة وشعورها باليأس والإحباط « مشيرة إلى أن تساهل المرأة فى حقوقها يجعلها ضعيفة دائما ،وقد تصدم بالجحود والنكران مما يؤثر سلباً على نفسيتها وقد تمرض أو تتمرد وربما تنحرف. وأوضحت أن من واجبات الأسرة تربية الأبناء على تحمل المسؤولية ومعرفة ما لهم وما عليهم وإعدادهم للحياة و للزواج وتعريفهم بواجبات وحقوق الزوجين ومسؤوليات كل طرف في تلك العلاقة، وقالت :» حينما يعرف الإنسان ماله وما عليه داخل وخارج المنزل يعيش بسعادة ،ويحترم حقوق الطرف الأخر ،وهو ما يساهم في انخفاض نسبة المشاكل داخل المجتمع» جهل بالحقوق ومن جهته شدّد المستشار الأسري سليمان الجدوع على أن الإسلام رفع من شأن المرأة ، وسوى بينها وبين الرجل في أكثر الأحكام ، فهي مأمورة مثله بالإيمان والطاعة ، ومساوية له في جزاء الآخرة ، ولها حق التعبير ، وحق النصح والتوجيه فتنصح وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتدعو إلى الله ، ولها حق التملك ، تبيع وتشتري ، وترث ، وتتصدق وتهب ، ولا يجوز لأحد أن يأخذ مالها بغير رضاها . وأضاف الجدوع :» وفي دراسة قدمها مركز باحثات لدراسات المرأة وجد أن 18 في المائة من السعوديات يعرفن حقوقهن الشرعية والنظامية، في حين أن 32 في المائة منهن لا يعرفن بالمطلق ما هي حقوقهن، في الوقت الذي تعرف نحو 48 في المائة من السيدات بعض الحقوق» وقال أن تلك الدراسة تدل على جهل المرأة بحقوقها الشرعية وأن معظم النساء يعانين من خطر جسيم هو عدم وعيها بهذه الحقوق وعدم تمسكها بها كجزء من العقيدة العظيمة التي تنتمي إليها . وأشار إلى أن نسبة من النساء تجهل تلك الحقوق ولا تملك سوى أن تندب حظها، وهو ما أدى إلى تراجع دور المرأة المسلمة عما ينبغي أن يكون عليه، وبالتالي تخلخل بناء المجتمعات المسلمة وأصبحت بالشكل الذي هي عليه الآن ، رغم أن الإسلام أكد إنسانية المرأة، وأهليتها للتكليف والمسؤولية والجزاء، ولم يفوّت لها حقاً من حقوقها، وحدد معالم شخصيتها، وأوضح عناصر تكوينها، وثبت حقوقها، وبيّن واجباتها، وسوّاها بالرجل أمام الله وأمام الناس وأمام القوانين، ولم يجعلها تابعاً للرجل لا في التفكير، ولا في صنع القرار، ولا في الاستخلاف. وأوضح إن عدم وعي المرأة المسلمة بحقوقها يعتبر معول هدم لجهود البناء الحضاري، ولا يكفي أن تعلّم المرأة تعليماً يمحو أميتها فحسب، بل يجب أن يتعدى ذلك ليمحو أميتها في معرفتها بقدراتها، وبحقوقها الشرعية وبدورها الذي رسمه لها الإسلام بعيداً عن التقاليد البالية المخالفة للشريعة والأفكار المستوردة. مخرجات تربوية أما المستشار الأسري الدكتور أحمد الشيخي فيفتتح حديثه في القضية بقول الله تعالى « ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير مما خلقنا تفضيلا» موضحا أن كرامة الإنسان هي محور الحقوق والواجبات في العلاقات الإنسانية بين كافة شرائح المجتمع. وقال :» وبما أن الفتاة هي الجزء الأهم في بناء المجتمع من خلال أدوارها الفعالة في كافة مراحل الحياة؛ فتنشئتها التنشئة الصحية في كنف والديها تعتبر القاعدة المتينة التي تبنى عليها حياة أسرة في المستقبل، ويكون ذلك ببناء ثقتها في نفسها بتقديرها وصيانتها وحفظ كرامتها، فالأنثى هي نصف المجتمع الذي يراعي النصف الآخر وما أن تستلم دورها في بيت الزوجية إلا، ويتم تطبيق كافة المبادئ التي تشربتها من أسرتها لتنقلها بدورها، وبمساعدة زوجها إلى الأبناء في سلسلة متوالية من العطاء المبني على الحب والتقدير والاحترام في ترجمة حيوية للكرامة والإباء لبناء جيل صالح لإدارة شئون الحياة بمستوى عال من الصحة النفسية يعود نفعه على الفرد و المجتمع».