السائل (أحمد عبدالله - الطائف): عندي أسئلة أحبّ أن أجمعها وأبعثها إليك فضيلة الشيخ، ثم ذكر سؤالاً في اللغة وهو: هل جملة (خَلَفَ الله عليك) عبارة صحيحة؛ لأن المعروف في اللغة (أخلف) بالفعل الرباعي؟ الفتوى 50: سؤال مليح، والجملة المذكورة شائعة على الألسنة، من أدعية الأضياف لمن أطعمهم، وتقال أيضًا في غير هذا الموضع، والذي جاء في القرآن بنحو هذا المعنى قوله سبحانه: (وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِين) [سبأ:23]، وهو من (أخلف) الرُّباعي، وقد نقلت المعاجم العبارتين(أخلف الله عليك)، و(خلف الله عليك)، ولكنَّ بينهما فرقًا في المعنى، ففي أوهام الخواص للحريري: (الفرق بينهما أن لفظة (خلف الله عليك) تقال لمن هلك له من لا يستعيضه، ويكون المعنى: كان الله لك خليفة منه، ولفظة (أخلف الله عليك) تستعمل فيما يرجى اعتياضه ويؤمّل استخلافه). وأصل هذا التفريق لابن فارس صاحب (المقاييس)، وهذا أيضًا في (صحاح) الجوهري . وفي (التاج): (ويقال : خلف الله لك خَلَفًا بخير، وأخلف عليك خيرًا، أي: أبدلك بما ذهب منك وعوضك عنه). وظاهره العموم وأن ذلك يقال فيما يستعاض كالمال والطعام، وفيما لا يستعاض كالأب والأم، ومن غرائب هذا الفعل أن يجوز فيه فتح عين مضارعه، فيقال: خلَف يخْلَف، كفَتَح يفتَح، وهو نادر، كما نصّ عليه الأئمة، واللّغة الفصحى بالضم من باب نصَر ينصُر، وللعدناني صاحب (معجم الأغلاط) تفصيل حسن؛ ولكنه لم ينته إلى شيء فيه سوى الجمع بما يفيد أنه لا فرق بينهما، والظاهر لي أن التفريق بينهما متعيّن في اللّغة، وأن لكل منهما معناه الذي نقلناه، ولا يجوز وضع أحدهما مكان الآخر إلا أن يكون ذلك على وجه المجاز والتوسع، فهذا أمرٌ لا يستطيع أحد منعه، مادام التجوّز قائمًا على أصله، وللحس العامّي في مثل هذا أثر لا يخفض من شأنه، ولهذا كان أصدق التراجم وأقربها للأسماء الأعجمية كالآلات ونحوها من المصطلحات التي يحتاجها الناس كانت ترجمتهم هي الأصدق والأوفق، وعليها تعتمد مجامع اللّغة في فريق كبير منها، وهل التسمية بالجوال والمحمول والخلوي إلا من تراجم العامّة واختيارهم؟ وهل هو إلا ممّا أخلفوهُ من خير؟