كالمستجير من الرمضاء بالنار هذا حال من يعاني العنف الأسري في وطني حين تخونه يدٌ قريبة وتمتد لتخنق الحياة وتغتصبها بدلاً من أن توفر له الحياة الكريمة, وكأن العيش الاسري بكرامة مطلب آثم لا يحق لضحية العنف , وقد كَثُرَ الغُثاء والقيل والقال في هذا المجال بلا حلول ملموسة !! فتاة تبلغ ال 18 ربيعا لا تقرأ ولا تكتب وتعرضت للعنف من ذويها, تُزَوّج من رجل ثمانيني وضايقها ابناؤه فتهربُ بحثاً عن الأمان ! أطفال بعمر الزهور يُتركون بغرفة مظلمة كالقطط يتغذون على ما يُخلّفون من فضلات لإرضاء أهواء مريضة لدى زوجة الأب .. ويشاركها هو في الجريمة ! شابة تتعرض للضرب أمام عيني من قِبل أمها وأختها في قاعة أفراح وجُردت من ملابسها أمام الملأ ! فمهما كان خطؤها فمن ضرب الجنون واللإنسانية معالجة الخطأ بخطأ مثله. وهذا غيض من فيض وفي أقلّ من سنة واجهت أو سمعت عن حالات العنف الأسري وغير ذلك الكثير وما خفي كان أدهى وأمرّ فلا معاملة إنسانية ولا أرقام حقيقية ترصد الحالات وتدرسها والصمت الشيطاني الأخرس هو سيد الموقف! كل هذا من المسؤول عنه ؟ ما دور الجمعيات الخيرية للحؤول دون ذلك ؟ ما الدراسات و الإحصاءات الدقيقة والرسمية المفعّلة لحل المشكلة ؟ أين التنسيق بين الجهات ذات العلاقة؟ واقتبس من جريدة الشرق الأوسط في العدد 10088 بعنوان ( إحصائية رسمية: الرياض أولا في تسجيل حالات العنف الأسري) في حديث لها مع محمد الحربي مدير إدارة الحماية الاجتماعية « ولفّت الحربى إلى أن فلسفة الحماية الاجتماعية ما زالت غير مفهومة داخل المجتمع السعودي وأن فلسفة العمل المهني الاجتماعي مفقودة ومرفوض التعامل معها من قبل المعنفات وأسرهن وذلك لخصوصية المجتمع السعودي والخوف من التشهير، مشيرا إلى أن المجتمع ما زال يرفض تدخّل إدارات الحماية في حماية أي من مواجهي حالات العنف من الأطفال والنساء ويكون الإجراء الاداري في حالة الإبلاغ عن وجود حالات عنف بمخاطبة شرطة الحي التي ترغم العائلة على استقبال أخصائية الإدارة لمتابعة الحالة الموجودة داخل الأسرة.» اتفق مع رأي الأستاذ محمد وأضيف أن هناك تخاذلا من قِبل الجهات المسؤولة عن حماية المُعنف إلا من رحم ربي فليس من المنطقي أن نلوم المعنف فقط وخاصةً عندما يرمي بأحماله على أعتاب تلك الجهات المختصة بحمايته وترده خائباً وخالي الوفاض إلا من حسرته وقهره !! .. ولابد من الاعتراف بأن النسيج الاجتماعي للمجتمع السعودي قد اختلف جذرياً وإن عقلكم الباطن أثناء قراءته لهذا المقال سيُجرّم المعنف بكل بساطة وبلا محاكمة وبأنه قد جلب لنفسه هذا الكمّ من المشاكل, فنحن مستعدون لتحميل الفرد وحده فقط بلا هوادة مسؤولية أخطائه وتشريحه بلا رحمة والتنصّل من أي عبء . إنه المُعنف هو المسؤول الوحيد والأوحد في إنهيار حياته «أُغلقت القضية»..!! أُنهي مقالتي المكلومة بذكر حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم (عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ»قَالَ: كُنْتُ أَضْرِبُ غُلامًا لِي, فَسَمِعْتُ خَلْفِي قَائِلا يَقُولُ : « اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ « , فَالْتَفَتُّ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : « وَاللَّهِ إِنَّ اللَّهَ أَقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَيْهِ «قَالَ: فَمَا ضَرَبْتُ مَمْلُوكًا بَعْدَ ذَلِك ) هذا المملوك فمن باب أولى فلذات الأكباد ! والله عز وجل أكبر وأقدر على من تسوّل له نفسه بالظلم والسعي وراء شقاء البشر يُقال بأن هناك وزارة تُعنى بأمور المُعنّفين !! انتهت الجملة الاعتراضية . سمر الشريف – جدة