وزير الدفاع يفتتح مرافق كلية الملك فيصل الجوية ويشهد تخريج الدفعة (103)    كيف تصبح مفكراً في سبع دقائق؟    يهود لا يعترفون بإسرائيل !    اعتصامات الطلاب الغربيين فرصة لن تعوّض    ليفركوزن يسقط روما بعقر داره ويقترب من نهائي الدوري الأوروبي    الأهلي يتغلب على ضمك برباعية في دوري روشن    بدء إصدار تصاريح دخول العاصمة المقدسة للمقيمين العاملين خلال موسم الحج    قصة القضاء والقدر    تعددت الأوساط والرقص واحد    سعودة التاريخ وحماية الوحدة الوطنية    كيفية «حلب» الحبيب !    من المريض إلى المراجع    9 غيابات في الاتحاد أمام أبها    ب10 لاعبين.. الرياض يعود من بعيد ويتعادل مع الفتح ويخطف نقطة ثمينة    «التخصصي» العلامة الصحية الأعلى قيمة في السعودية والشرق الأوسط    رحلة نجاح مستمرة    أمير الرياض يزور مسرح المهندس محمد البواردي بمحافظة شقراء    أمير جازان يطلق إشارة صيد سمك الحريد بجزيرة فرسان    «مسام» يفكك كميات ضخمة من المتفجرات في قارب مفخخ قرب باب المندب    « أنت مخلوع »..!    خان يونس.. للموت رائحة    «التعليم السعودي».. الطريق إلى المستقبل    صدور بيان مشترك بشأن التعاون في مجال الطاقة بين السعودية وأوزبكستان    "تمزق العضلة" ينهي موسم طارق حامد مع ضمك    بيان صادر عن هيئة كبار العلماء بشأن عدم جواز الذهاب للحج دون تصريح    وزير الطاقة يشارك في جلسة حوارية في منتدى طشقند الدولي الثالث للاستثمار    وزير الخارجية يستقبل الأمين العام للمكتب الدولي للمعارض    مركز «911» يتلقى (2.635.361) اتصالاً خلال شهر أبريل من عام 2024    القبض على فلسطيني ومواطن في جدة لترويجهما مادة الحشيش المخدر    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على عبداللطيف بن عبدالرحمن آل الشيخ    الإصابة تهدد مشاركة لوكاس هيرنانديز مع فرنسا في (يورو 2024)    النفط ينتعش وسط احتمالات تجديد الاحتياطي الاستراتيجي الأمريكي    الذهب يستقر برغم توقعات ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية    محافظ بلقرن يرعى اختتام فعاليات مبادرة أجاويد2    مباحثات سعودية فرنسية لتوطين التقنيات الدفاعية    قتل مواطنين خانا الوطن وتبنيّا الإرهاب    "شرح الوصية الصغرى لابن تيمية".. دورة علمية تنفذها إسلامية جازان في المسارحة والحُرّث وجزر فرسان    المملكة: الاستخدام المفرط ل"الفيتو" فاقم الكارثة بفلسطين    هاكاثون "هندس" يطرح حلولاً للمشي اثناء النوم وجهاز مساعد يفصل الإشارات القلبية    مبادرة «يوم لهيئة حقوق الإنسان» في فرع الاعلام بالشرقية    مستشفى خميس مشيط للولادة والأطفال يُنظّم فعالية "التحصينات"    العدل تُعلن عن إقامة المؤتمر الدولي للتدريب القضائي بالرياض    السعودية تدعو لتوحيد الجهود العربية لمواجهة التحديات البيئية التي تمر بها المنطقة والعالم    انعقاد أعمال المنتدى العالمي السادس للحوار بين الثقافات والمؤتمر البرلماني المصاحب في أذربيجان    المنتخب السعودي للرياضيات يحصد 6 جوائز عالمية في أولمبياد البلقان للرياضيات 2024    سماء غائمة بالجوف والحدود الشمالية وأمطار غزيرة على معظم المناطق    مبادرة لرعاية المواهب الشابة وتعزيز صناعة السينما المحلية    الوسط الثقافي ينعي د.الصمعان    برئاسة وزير الدفاع.. "الجيومكانية" تستعرض خططها    هكذا تكون التربية    ما أصبر هؤلاء    يجيب عن التساؤلات والملاحظات.. وزير التعليم تحت قبة «الشورى»    الهلال يواجه النصر.. والاتحاد يلاقي أحد    حظر استخدام الحيوانات المهددة بالانقراض في التجارب    زيادة لياقة القلب.. تقلل خطر الوفاة    إنستغرام تشعل المنافسة ب «الورقة الصغيرة»    أشاد بدعم القيادة للتكافل والسلام.. أمير نجران يلتقي وفد الهلال الأحمر و"عطايا الخير"    أغلفة الكتب الخضراء الأثرية.. قاتلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الصندوق الأسود» للأنظمة؟!
نشر في المدينة يوم 27 - 07 - 2011

إن مصطلح «الصندوق الأسود» (Black Box) غالبًا ما يستخدم للدلالة على أن هناك أشياء مهمة مخفية في حرز مكين، تهم المعنيين كثيرًا، ولا يمكن الحصول عليها إلا إن تم التمكن من «فتح» ذلك الحرز، واستخراج ما فيه من «معلومات» وأشياء قيمة، للمعنيين، كانت محجوبة عن المتعطشين لمعرفتها. وكلمة «صندوق» كناية عن الحرز والمجهولية التي تتضمنها الأشياء الموجودة في صندوق مقفل. أما صفة السواد، فتعبر عن الطابع السري، وبعيد المنال، لما تتضمنه محتويات ذلك الصندوق.
ويستعمل هذا المصطلح في الكثير من الميادين في المجالات الاقتصادية والسياسية والأمنية والاجتماعية. ومن أشهر الميادين التي يستخدم فيها ميدان الطيران... ففي كل طائرة، وخاصة المدنية منها، يوجد «صندوق أسود»... يسمونه هكذا، رغم أن لون أغلب هذا النوع من الصناديق الموجودة بالطائرات هو «برتقالي». وهذا الصندوق يحتفظ ولمدة طويلة نسبيًا، بالمعلومات المتعلقة بكل رحلة طيرن تقوم بها الطائرة، ويسجل كل المحادثات التي تجرى (طيلة كل رحلة جوية) بين قيادة الطائرة، والمراقبة الجوية الأرضية.
وهذا الصندوق الذي لا يزيد حجمه عن حجم علبة معدنية متوسطة الحجم، لا يحترق، ولا يتحطم، مهما حصل للطائرة من تدمير؛ إذ يستخلص من الحطام، بعد كل حادث طيرن... ويتم فتحه ودراسة ما به من معلومات، للمساعدة في معرفة ما جرى، وأدى إلى الحادث. وهذه «فائدة» الصندوق الأهم، والغرض الرئيس من تثبيته في كل طائرة.
****
وفي التحليل السياسي، كثيرًا ما يستخدم مصطلح «الصندوق الأسود»، من قبيل المجاز، وككناية عن وجود «جزئية» من السلوك السياسي، لأناس أو ساسة معينين، لا يعرف ما يجري فيها، وما تحتويه... إلا إن فتحت تلك الجزئية، قسرًا أو طوعًا...واستخلص ما فيها. واذكر أن عالم السياسة الأمريكي الشهير «ديفيد ايستون»، وغيره، ابتدعوا إطارًا علميًا لتحليل السلوك السياسي لأي نظام سياسي قائم، اشتمل على جزئية فيه أشاروا إليها ب«الصندوق الأسود» للنظام -أي نظام سياسي-.
فالبيئة، بشقيها الداخلي والخارجي، ترسل إلى النظام (الحكومة) مدخلات (مطالبات، تأييد، معارضة...الخ) تدخل إلى النظام ليتعامل معها أشخاص السلطة، ويتجاوبون معها ب«مخرجات» مناسبة (في رأيهم) تأتي في صورة قرارات وسياسات... ترسل إلى البيئة، فتجد لها «صدى»، يعود مرة أخرى إلى النظام في هيئة مدخلات جديدة. وتلك هي الصورة العامة التي في إطارها يتم التفاعل بين النظام السياسي والبيئة التي يوجد فيها.
وفي داخل أي نظام (أي حكومة، مهما كان نوعها) هناك دائرة صغيرة تتكون من أكبر صانعي القرار في تلك الحكومة، والتي غالبًا ما تكون كثيرًا من مداولاتها سرية... ولا يعرفها أحد، حتى أؤلئك الذين هم يحسبون داخل النظام. ويشار إلى تلك الدائرة ب«الصندوق الأسود» للنظام.
****
لكل نظام إذًا -في التصور، وبصرف النظر عن نوعه- صندوق أسود، قد يكون مليئًا بالأسرار، المقبولة وغير المقبولة. ولكن هناك فروقًا جوهرية بين محتويات ذلك الصندوق في الحكومات الديمقراطية (المفتوحة) ومحتوياته في ظل الديكتاتوريات، ففي ظل الحكومات الديمقراطية غالبًا ما يحتوى الصندوق الأسود فيها على مداولات، واجتهادات، رؤي أن تكون سرية، ولو لحين، ولأسباب أمنية ووطنية في الغالب.
أما الصناديق السود لمعظم الديكتاتوريات، فغالبا ما تكون مليئة بشتى صنوف الاستبداد، وما ينجم عنه من: إجرام وقهر وفساد وظلم... يكدر النفوس، ويزكم الأنوف... عندما تفتح تلك الصناديق؛ نتيجة لانهيار تلك الأنظمة، أو زوالها، وتلك من الحقائق التي يؤكدها علم السياسة، وواقع التاريخ السياسي المعاصر.
****
وبعد انهيار بعض الأنظمة الجمهورية الديكتاتورية العربية، نتيجة للثورات الشعبية ضد هذه الأنظمة، فتح الصندوق الأسود لكل منها. حيث بدئ بفتح الصندوق الأسود لكل من نظامي تونس ومصر. وشرع في فتح الصناديق السوداء لكل من أنظمة ليبيا واليمن وسوريا. وحتى قبيل تلك الثورات، تسربت من تلك الصناديق وغيرها، بعض المعلومات المؤلمة بالفضائح المخجلة... وذلك عبر: جمعية «ويكيليكس» الشهيرة، والخبيرة في اختراق الصناديق السوداء لبعض الأنظمة، يعبر غيرها من الجهات. ورغم أن ما أعلن من محتويات هذه الصناديق ما زال -حتى الآن- محدودًا، فإنه صعق العالم... من شدة سوئه ونتانته؛ إذ حفل بكل أنواع الجرائم والتجاوزات التي غالبًا ما تنتج عن الاستبداد. ويعتقد أن ما خفي -ولم يعلن بعد- غالبًا ما سيكون أبشع وأفظع.
وسيظل معظم العرب متخلفين، طالما ظلت صناديق أنظمتهم السوداء هكذا... حالكة السواد، ومحتوية على قدر هائل من الخطايا وسيء العمل.
* كاتب سياسي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.