للناس وجهات نظر تتفاوت من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار. خذوا مثلًا قضية قيادة المرأة للسيارة، فرأي يرى أنها مجرد خيار شخصي لا غبار عليه، وهو حق هُضم طويلًا. ورأي يرى أنها نهاية الحشمة والفضيلة في بلادنا، بل هي الكارثة بعينها والفساد الذي ليس بعده. وهذا شاب أمريكي توصل أخيرًا إلى قناعة راسخة بأن التعليم الجامعي مضيعة للوقت، ولذا فهو يصفه بأنه أسلوب حياة يرسخ التطابق لا الاستقلالية، والتنافس لا التعاون، والحفظ لا التعلم، والنظرية لا التطبيق. ويعتقد ديل ستيفنس بأن حب الإبداع والابتكار والفضول لا مكان له في التعليم الجامعي. ويقول أيضًا بأن الفشل مدعاة للعقوبة بدلًا من أن يكون فرصة للتعلم. وكثير يرون التعليم الجامعي خطوة أساسية نحو النجاح بدلًا من أن يكون وسيلة لاكتساب المعرفة. أما الدافع إلى هذه القناعة فهو نجاح كثير ممن لم ينخرطوا في تعليم جامعي حتى النهاية من أمثال بيل جيتس الذي ظل متربعًا على عرش أغنى رجال العالم لسنوات طويلة بفضل عبقريته التي أنشأت شركة ميكروسوفت المشغلة لمعظم أجهزة الكمبيوتر المحمول في العالم. الدرس الذي يُستقى للمرة الألف في عالم المال والأعمال هو أن النجاح الحقيقي لا يرتبط بالضرورة بالشهادة الجامعية، بل إن الشهادة الجامعية كانت في أحيان كثيرة سببًا في تأخر نجاحات كثير من الرواد العصاميين، وقد ساعدت آخرين حتمًا. لكن العبرة بمدى قدرة هذا الشخص أو ذاك على استغلال الفرص المتاحة، وعلى التفكير في فرص جديدة لم تخطر على بال ألوف من خريجي الجامعات الذين تاهوا بين الملفات الخضراء التي أثقلت أيديهم والمؤسسات الخاصة التي تصدهم بلطف ولباقة، وتذكرهم بأن عليهم الاسترخاء حتى تصلهم مكالمة تبشرهم بالوظيفة على طبق من ذهب. ولكن كما هو واقع الحال يموت البعير وهو ينتظر العلف. مسؤولية الجامعات أن تضع الطالب طوال السنوات الأربع أو الخمس في هذا المعترك حتى لا تغيب عن ذهنه حقيقة أن الشهادة ليست نهاية المطاف، بل بداية البحث عن فكرة جادة لاستثمار ناجح يخدم وطنًا نحبه جميعًا. [email protected]