وزير الدفاع يستعرض العلاقات الثنائية مع "كوليبالي"    550 نباتاً تخلق بيئة نموذجية ب"محمية الملك"    "المرويّة العربية".. مؤتمر يُعيد حضارة العرب للواجهة    80 شركة سعودية تستعرض منتجاتها في قطر    برعاية ولي العهد.. 600 خبير في ملتقى الرياض لمكافحة الفساد    مساعدات إيوائية لمتضرري سيول حضرموت    تفاصيل صادمة ل«طفل شبرا».. شُقَّ صدره وانتُزعت عيناه وقلبه لبيعها    «كلاسيكو» تأكيد الانتصار أم رد الاعتبار ؟    اللذيذ: سددنا ديون الأندية ودعمناها بالنجوم    برئاسة آل الشيخ.. إحالة تقارير ومقترحات ل«الشورى»    السعودية.. الجُرأة السياسية    5 مشروبات تكبح الرغبة في تناول السكَّر    محافظ الطائف يناقش إطلاق الملتقى العالمي الاول للورد والنباتات العطرية    سمو ولي العهد يهنئ ملك مملكة هولندا بذكرى يوم التحرير في بلاده    انطلاق بطولة كأس النخبة لكرة الطائرة غدا    «عكاظ» ترصد.. 205 ملايين ريال أرباح البنوك يومياً في 2024    المجرشي يودع حياة العزوبية    القضية المركزية    القبض على مروج إمفيتامين مخدر    تدخل عاجل ينقذ حياة سيدة تعرضت لحادث مروري    وصول التوءم السيامي الفلبيني إلى الرياض    القادسية لحسم الصعود أمام أحد.. الجبلين يواجه العين    صندوق البيئة يطلق برنامج الحوافز والمنح    السعودية وأميركا.. صفحة علاقات مختلفة ولكنها جديدة    وزير الموارد البشرية يفتتح المؤتمر الدولي للسلامة والصحة المهنية    تقويم لائحة الوظائف والنظر في المسارات والفصول الثلاثة.. ماذا تم..؟    ثلاثة آلاف ساعة تطوعية بجمعية الصم بالشرقية    الذكاء الصناعي ركيزة في الرؤية    100 مليون ريال لمشروعات صيانة وتشغيل «1332» مسجداً وجامعاً    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على بدر بن عبدالمحسن    فيصل بن نواف: جهود الجهات الأمنيّة محل تقدير الجميع    هدف لميسي وثلاثية لسواريس مع ميامي    فيصل بن مشعل: يشيد بالمنجزات الطبية في القصيم    شاركني مشاكلك وسنبحث معاً عن الحلول    وزير الدفاع يستعرض العلاقات الثنائية مع "كوليبالي"    "سلمان للإغاثة" يُدشِّن البرنامج الطبي التطوعي لجراحة القلب المفتوح والقسطرة بالجمهورية اليمنية    أمراء ومسؤولون وقيادات عسكرية يعزون آل العنقاوي في الفريق طلال    فلكية جدة : شمس منتصف الليل ظاهرة طبيعية    باسم يحتفل بعقد قرانه    البحث عن حمار هارب يشغل مواقع التواصل    60 طالباً وطالبة يوثقون موسم «الجاكرندا» في «شارع الفن» بأبها    أبها تستضيف أول ملتقى تدريبي للطلاب المشاركين في برنامج الفورمولا 1 في المدارس    الدور الحضاري    رحيل «البدر» الفاجع.. «ما بقى لي قلب»    المعمر، وحمدان، وأبو السمح، والخياط !    ورحل البدر اللهم وسع مدخله وأكرم نزله    عزل المجلس المؤقت    تأملاّيه سياسية في الحالة العربية    يوفنتوس يتعادل مع روما في الدوري الإيطالي    "جاياردو" على رادار 3 أندية أوروبية    تقدير دعم المملكة ل "التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب"    مهرجان الحريد    إستشارية: الساعة البيولوجية تتعطَّل بعد الولادة    آل معمر يشكرون خادم الحرمين الشريفين وولي العهد    النملة والهدهد    لا توجد حسابات لأئمة الحرمين في مواقع التواصل... ولا صحة لما ينشر فيها    "الفقه الإسلامي" يُثمّن بيان كبار العلماء بشأن "الحج"    كيفية «حلب» الحبيب !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مشروعات دهمها موت تشيخوف المبكر
نشر في المدينة يوم 16 - 03 - 2011

روت الممثلة المسرحية الروسية أولغا كنيبر زوجة الكاتب أنطون تشيخوف وكانت قد تزوجته في السنوات الثلاث الأخيرة من حياته أن تشيخوف قام فجأة من رقدته بإحدى المستشفيات الألمانية حيث كان يستشفى من السل واعتدل في جلسته كما لم يفعل من قبل وقال باللغة الألمانية التي لم يكن يلم بها وبصوت واضح كأنه يخاطب الطبيب (آيش شتيربي) “Ich sterbe”؛ العبارة تعني “إنني أموت”، ولعل تشيخوف أحس وهو الطبيب أنه يموت حقًّا. إذ روت زوجته أن الطبيب جاء بعد سماعه هذه العبارة وحقن تشيخوف حقنة مهدئة وأعطاه كوبًا مليئًا من مشروب، ومضى بصمت، أما تشيخوف فقد شرب الكوب وهو يقول لزوجته أولغا إنه لم يشرب هذا المشروب منذ فترة طويلة. وما إن أكمل الشرب تقول أولغا حتى هجع في سريره على جنبه الأيسر ومات. مات سريعًا مثل ذلك الموت الذي ختم به قصة “موت موظف” للدرجة التي لم تستطع فيها زوجته أولغا، وقد هرعت، أن تشاهده وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة، فوجدته كما قالت راقدًا في سكينة وفي براءة طفل.
كان تشيخوف يقول لأصدقائه حين يلحون عليه بالزواج: “أعطوني زوجة كالقمر لا تظهر في سمائي كل يوم”، وذلك في استنكار منه أن يتعرف على زوجة تقبل بأن يكون هو بجنوب روسيا حيث يستشفى من السل وسحتا للاماكن الدافئة، وهي بموسكو. ولعله كان يتنبأ بزواجه من أولغا دنيبر أو على علم به في قرارة نفسه فهي ممثلة لا تستطيع أن تبرح مسارح موسكو وقد شاركت في مسرحيات الكاتب. وهو يزور موسكو لمامًا ولا يستطيع أن يبرح الأماكن الدافئة في الجنوب حين اشتدت عليه وطأة المرض.
تزوجا عام 1901م وسرعان ما مات تشيخوف عنها عام 1904م وهو في الرابعة والأربعين.
في مفكرته -منجم الخواطر والحكي- يمكن للباحثين كما فعلوا ويفعلون دائمًا أن يكتشفوا أسرار كتابة القصة القصيرة والمسرحيات لدى تشيخوف فهناك قصص قصيرة ومسرحيات وعناوين لها كان الكاتب يسجلها على أمل أن يشرع في تنفيذها لاحقًا. أحيانًا يسجل تشيخوف في المفكرة العنوان فقط مثلًا كتب العنوان التالي في مفكرته: «مسرحية بعنوان المطر الذهبي» ومثل هذا العنوان بالطبع لا يفيدنا كثيرًا ومما لاشك فيه أن الكاتب قد استصحب الفكرة الأساسية لهذا العنوان وهي في طور تخلقها معه إلى مثواه الأخير وحتى لو حكاها لأصحابه أو زوجته أو بعض أقاربه فإن الفكرة ستظل غامضة طالما أن الكاتب لم يحققها مكتوبة بالكامل مكتوبة.
أحيانًا يكون هناك سطر من مسرحية أو اسكتش من قصة أو اسم لشخصية والحال كذلك فتحتاج المفكرة لتصنيفها حسب فائدتها إما بإمعان النظر إلى مشروعات القصص والمسرحيات المضغوطة في عدة أسطر بحيث نتأمل في فكرتها الأساسية ومن ذلك مثلًا مشروع القصة القصيرة التالية كما ورد في المفكرة: «أستاذ أو باحث دون مواهب؛ عمل مدة أربع وعشرين سنة ولم يأت بشيء مفيد. منح العالم دارسين غير موهوبين ضيقي الأفق مثله. في الأمسيات كان يقوم بتجليد الكتب سرًا هذا هو العمل الذي يجيده بحق. في هذا هو فنان ويجد متعة كبيرة في التجليد. في تلك الأمسيات كان يجيئه عامل يعمل في مهنة تجليد الكتب ويحب أن يتعلم فيدرس مجلد الكتب سرًا بالليل ويستمتع هذا العامل بما يدرس في كتب الأستاذ»
وكما يرى القارئ فإن الكاتب عمد إلى وضع مقابلة ساخرة بين الأستاذ الباحث وبين مجلد الكتب فهذا العامل كان يجب أن يكون لولا أن الظروف مجحفة هو العالم لا مجلد الكتب وهي مهنة متدنية أشبه بوظيفة الإسكافي.
اسكتش هذه القصة الذي ورد في المفكرة لا يمكن اعتماده عملًا إبداعيًا وإلا لنشر على هذا الأساس لكنه بذرة عمل إبداعي يمكن لأي من كتاب القصة القصيرة أن ينفخ فيه من نفسه أو ينقله من حالة الكبسلة الجافة إلى حالة السيولة القصصية. ولو كانت أتيحت لتشيخوف أن يكتب هذه القصة لقام فيما اعتقد بقصقصة زواياها الحادة فلا يبين ضيق أفق الأستاذ بعبارة «ضيق الافق» بل بالصور التي توضح ضيف الأفق. ولا يبين أثره السالب نفسه على تلاميذه إلا بالصور الفنية images أيضًا فالفن لا مجال فيه لرسم الشخصيات من الخارج بتدخل فظ من الكاتب كما لا مجال فيه للمواعظ.
تعكس مشروعات القصص والمسرحيات الواردة في مفكرة أنطون تشيخوف الحياة في روسيا في نهاية القرن التاسع عشر مطلع القرن العشرين.
كان هناك تعدد زوجات» كان لدى رجل زوجتان إحداهما تسكن في بطرسبورج والأخرى في كيرتش. ضايقتاه بالصياح إلى الحد الذي بات يفكر فيه في الانتحار ثم خطرت له فكرة أن يسكنهما تحت سقف واحد..
» المفكرة» والقصص لا تقتصر على تلك الفترة فهناك كما نعلم أعمال إبداعية لهذا الكاتب الكبير تعتبر فتحًا في سبر غور بعض مغاليق الإنسان مطلق إنسان فهل ترى مشروع القصة القصيرة التالية مما ورد في مفكرة تشيخوف يقتصر على روسيا وحدها؟. «ضابط وزوجته اعتادا الذهاب إلى الحمام العمومي وكان يقوم بتنظيفهما معًا عامل الحمام الذي فيما يبدو لا يعتبرانه رجلًا».
هناك مشروعات قصص في المفكرة فيما أعتقد فيها بوارق من هذا الكشف وكثير من التأملات التي نشرها تشيخوف في المفكرة تنحو هذا المنحى» زمن السعادة يستغرق فقط الوقت الذي تدير فيه الزنبرك لملء الساعة» الأشكال الجديدة في الأدب تنتج أشكالًا جديدة في الحياة ولهذا تبدو للعقول المحافظة أفكارًا متمردة ثائرة» الشخص الرائع يشعر بالحياء حتى أمام كلب».
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.