العبودي: كثيرون توقّعوا فشل الجامعة الاسلامية .. وابن باز كان يعشّينا على “النواشف”

قال الشيخ الرحالة محمد بن ناصر العبودي الأمين العام المساعد لرابطة العالم الإسلامي وأمين الجامعة الإسلامية الأسبق: إن كثيرين توقّعوا فشل الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة عند انطلاقها قبل 50 عاما وان الشيخ ابن باز نائب رئيس الجامعة رحمه الله كان يعشّيهم على “ النواشف “ ابان انعقاد مجلس الجامعة ليلة الجمعة من كل اسبوع . واضاف إنه يجد صعوبة في استذكار الدول التي لم يزرها من بين دول العالم، مؤكداً أنه كان أول موظف عُيّن للعمل بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وظلّ فيها ستة شهور لا يوجد معه موظف غيرُه، وذلك حين كان إنشاء الجامعة فكرة في عهد الملك سعود رحمه الله عام 1380ه.واستعرض العبودي في محاضرة ألقاها بالجامعة الإسلامية ضمن برنامجها الثقافي بعنوان «ذكرياتي في الجامعة الإسلامية ورحلاتي» مساء امس الاول قصة إنشاء الجامعة الإسلامية وتعيينه للعمل بها، وقال: في ربيع الآخر عام 1380ه كنت مدير المعهد العلمي في بريدة وكنا نجري اختبارات الدور الثاني لطلاب المعهد، وكنت أستمع إلى النشرة الرئيسية من الإذاعة السعودية بعد المغرب مباشرة فإذا خبر يقول: اجتمع جلالة الملك سعود بصاحب السماحة المفتي الأكبر ورئيس القضاة الشيخ محمد بن إبراهيم وبحث معه موضوع إنشاء الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة. ومن الغد مع أذان الظهر جاء موزع البرقيات ومعه برقية باسمي من سماحة المفتي الأكبر تقول: حسب أمر جلالة الملك سلموا المعهد للمساعد وتوجهوا إلى الرياض، ولم يحدد لماذا، وخطر في ذهني أن له علاقة بإنشاء الجامعة الإسلامية، فسافرت واجتمعت بالمفتي، وأخبرني أنه بحث مع الملك مشروع إنشاء الجامعة الإسلامية، وأن الملك سعود يرى أن يكون مدير الجامعة هو الشيخ عبدالله خياط وكان إمام المسجد الحرام آنذاك وأن تكون أنا مساعداً له.
وذكر العبودي أن أهم ما اختلفوا حوله هو هل ستكون مقاعد الجامعة مخصصة لغير السعوديين كاملة، أم تخصص نسبة منها للسعوديين، مشيراً إلى أنهم رأوا أن السعوديين في ذلك الوقت لهم كليتا شريعة في الرياض ومكة، واستقر الرأي على أن يكون للسعوديين نسبة لا تزيد على 20%.وأشار العبودي إلى أن الملك سعود والمفتي اتفقا على أن يكون الرئيس هو ابن إبراهيم وهي وظيفة بدون راتب، وأن يُعيّن ابن باز نائباً لرئيس الجامعة براتب 5 آلاف ريال، على أن يتولى العبودي وظيفة الأمين العام للجامعة براتب ثلاثة آلاف، وقال عرفت في ذلك الوقت أن رواتب قضاة المحكمة في المدينة لا تزيد على 1800 ريال.
افتتاح الجامعة
وأشار العبودي إلى أن انطلاق الجامعة كان ربيع الأول عام 1381ه، وكان مجلس الجامعة ينعقد ليلة الجمعة من كل أسبوع، وكان الشيخ ابن باز يعشّيهم كل ليلة من جيبه الخاص، وربما كان عشاء خفيفاً على «النواشف».
ولم يُخفِ العبودي تشاؤم كثيرين وتوقعهم فشل الجامعة بحجة أن إداراتها غير ذات خبرة في التعليم الجامعي، مؤكداً أن الخبرة لم تكن تنقصهم بحكم عمله هو مديراً لمعهد بريدة العلمي وكون أكثرهم عمل أستاذاً بكليات سابقة.
وذكر أن بداية رحلاته كانت حينما واجهت الجامعة مشكلة نقص الخبرة بأحوال المسلمين في الدول التي يستقدم منها الطلاب وخاصة في أفريقيا، فاقترح على الشيخ ابن باز إرسال بعثة من الجامعة إلى أفريقيا وبعد موافقة الملك، سافر هو على رأس البعثة التي زارت إحدى عشرة دولة في أفريقيا في مهمة استغرقت ثلاثة أشهر وسبعة عشر يوماً،وأسفرت المهمة عن وجود قصور شديد في معرفة أحوال المسلمين في أفريقيا فاقترح العبودي على الملك فيصل رحمه الله تعيين خمسين داعية إلى الله في إفريقيا فوافق الملك.
وعن رحلاته التي طوّف خلالها حول العالم كله قال العبودي: لم أذهب مرة واحدة للترفيه بل كانت كلها رحلات عمل، وكنت إذا زرت بلداً أستقصي الجهات القريبة منه وأذهب إليها ولهذا كتبت عن الهند 12 كتاباً وعن البرازيل 8 كتب، حتى وصلت الرحلات إلى أماكن عجيبة منها القطب الشمالي وقرب القطب الجنوبي.وذكر أنه رأى من العجائب الكثير، وأشار إلى منطقة في القطب الشمالي قال إن الشمس لا تغيب عنها مطلقاً ولا ليل بها، حتى إنه صلى معهم المغرب والعشاء والشمس تملأ الأفق، لافتاً إلى أن أهل هذه المناطق مخيرون بين تقدير ساعات الليل والنهار أو الأخذ بقول الأحناف باتّباع توقيت أقرب مدينة بها غروب وشروق حقيقي.