هل شاهدتم الأمهات الثكالي وهم يستدرون عطف الكاميرات أن تلتقط صور ًا لأبنائهم المرضى؟! هل شاهدتم الحرائر وهن في العراء يتقلبون على نار الجوع ولظى الخوف من غدر إخوة الوطن؟! وهل رأيتم الشيوخ عليهم وقار التدين وهم مشردون؟! يا له من موقف يثير حمية الإنسان.. أي إنسان! فما يمر به إخوتنا –نعم إخوننا- في قرغيزيستان، والذي يعرض يوميا على شاشات التلفزيون وعلى صفحات الجرائد لا يمكن أن يبقي أي إنسان حر -فضلا عن أن يكون من أهل النخوة والمروؤة- من الدعوة إلى المبادرة في تقديم يد العون والرعاية لهم. إن التشريد والقتل الذي جرى من عصابات التعصب العنصري للأسف! تجري أنهر الدماء، والتدمير تحت أعين وسمع وبصر القوى بين قوسين “العظمى” التي تربض قواعدها بسلام على بعد أمتار من تلك المذابح والتي راح ضحيتها المئات من الأبرياء والشيوخ بل والأطفال. إن هذا التخاذل عن العمل في إيقاف المأساة أو إنقاذ العزل وهو الحد الأدنى، يضيف دليلا آخر على أن هذه القوى لا يعنيها من قريب ولا بعيد قضية الإنسان مادام لا يتمتع بجريان الدماء الزرقاء التي تنتمي لتلك الدول، وهو ما يؤكد السقوط المريب لدعاوى حقوق الإنسان التي يلوحون بها علينا ومعها عصا العقوبات والتدخل في شؤوننا الدخلية. بالطبع أمام هذه المأساة لا تخطأ أحدنا الفطنة أن يلمح الحضور الإيراني المبادر والمهرول إلى "قصعة” تلك المناطق المنكوبة من خلال تقديم المساعدات الإنسانية مصحوبة بالاستمالة السياسية والمذهبية لاستقطاب قلوب وعقول آلاف المكلومين من أبناء الأوزبك، في الوقت الذي لا زال تحركنا يخضع لحسابات وهاجس11سبتمبر، وهو ما يجعل حركتنا الإغاثية شبه مشلولة، أو تخضع لقرار بيروقراطي قد يأتي ولكن متأخرا كثيرا، وبعد فوات الكثير من المصالح. لذا فالحاجة ماسة لوجود تحرك إغاثي مباشر ومبادر من الدول العربية وبالأخص ذات الثقل الإسلامي والدولي مثل المملكة العربية السعودية، خاصة في ظل المبادرات النوعية التي يقودها خادم الحرمين الشريفين على الصعيد الإقليمي والإسلامي والعالمي، فالمملكة –ولله الحمد- تتمتع بعلاقات إيجابية مع جميع الأطراف، وما تقدمه من دعم يأتي انطلاقا من الدافع الإنساني والإسلامي الذي يمثل رصيدًا حقيقيًا في قلوب تلك الشعوب، خاصة في ظل الكوارث والأحداث الأليمة التي يمر بها النساء الثكالى والأطفال الرضع والشيوخ السجد في تلك الأصقاع. [email protected]