السعودية تحقق المركز ال16 عالميًا في تقرير الكتاب السنوي للتنافسية العالمية 2024    تعرف على درجات الحرارة في مكة والمشاعر المقدسة    "الداخلية" تستضيف أسر الشهداء والمصابين لأداء مناسك حج هذا العام 1445ه    سعود بن مشعل يستقبل مدير عام المجاهدين    بحضور تركي آل الشيخ.. نجوم "ولاد رزق 3" يُدشنون العرض الأول للفيلم في السعودية    العنقري يُشارك في اجتماع مجموعة المشاركة للأجهزة العليا للرقابة المالية لمجموعة العشرين في بيليم بالبرازيل    مؤشرات أسواق الأسهم الأمريكية تغلق على ارتفاع    هذا سبب ارتفاع أقساط السيارات في الوقت الحالي    ليان العنزي: نفذت وصية والدي في خدمة ضيوف الرحمن    قائد أحب شعبه فأحبوه    الرئيس المصري يغادر بعد أداء الحج    في 2025.. ستصبح الشوكولاتة باهظة الثمن !    صادرات النفط السعودية تتراجع إلى 6 ملايين برميل    800 مليار دولار قروض عقارية في الربع الأول    مصادر «عكاظ»: أندية تنتظر مصير عسيري مع الأهلي    مصدر ل«عكاظ»: أبها يرغب في تمديد إعارة الصحفي من العميد    «بيلينغهام» ثالث أصغر هداف إنجليزي    المملكة.. تهانٍ ممزوجة بالنجاحات    48 درجة حرارة مشعر منى.. لهيب الحر برّدته رحمة السماء    جدة: منع تهريب 466 ذبيحة فاسدة    «ترجمان» فوري ل140 لغة عالمية في النيابة العامة    رسالة لم تقرأ..!    نجاح مدهش اسمه «إعلام الحج»    بعوضة في 13 دولة تهدد إجازتك الصيفية !    نظرية الحج الإدارية وحقوق الملكية الفكرية    فخر السعودية    وفود وبعثات الحج: المملكة تقود الحج باقتدار وتميز وعطاء    بديل لحقن مرضى السكري.. قطرات فموية فعّالة    5 مثبطات طبيعية للشهية وآمنة    فخ الوحدة ينافس الأمراض الخطيرة .. هل يقود إلى الموت؟    فرنسا تهزم النمسا في بطولة أوروبا    أمطار الرحمة تهطل على مكة والمشاعر    منهج مُتوارث    مدرب رومانيا: عشت لحظات صعبة    الاتحاد الأوروبي يفتح تحقيقاً ضد صربيا    يورو 2024 .. فرنسا تهزم النمسا بهدف ومبابي يخرج مصاباً    القبض على إثيوبي في عسير لتهريبه (34) كيلوجراماً من مادة الحشيش المخدر    رئيس مركز الشقيري يتقدم المصلين لأداء صلاة العيد    وزارة الداخلية تختتم المشاركة في المعرض المصاحب لأعمال ملتقى إعلام الحج    السجن والغرامة والترحيل ل6 مخالفين لأنظمة الحج    ولي العهد: نجدد دعوتنا للاعتراف بدولة فلسطين المستقلة    وزير الصحة يؤكد للحجيج أهمية الوقاية بتجنّب وقت الذروة عند الخروج لأداء ما تبقى من المناسك    د. زينب الخضيري: الشريك الأدبي فكرة أنسنت الثقافة    تصادم قطارين في الهند وسفينتين في بحر الصين    «الهدنة التكتيكية» أكذوبة إسرائيلية    2100 رأس نووي في حالة تأهب قصوى    القبض على إثيوبي في الباحة لترويجه مادة الإمفيتامين المخدر    الرئيس الأمريكي يهنئ المسلمين بعيد الأضحى    نائب أمير مكة المكرمة يطلع على خطط أيام التشريق    فيلم "ولاد رزق 3" يحطم الأرقام القياسية في السينما المصرية بأكثر من 18 مليون جنيه في يوم واحد    عروض الدرعية تجذب الزوار بالعيد    51.8 درجة حرارة المنطقة المركزية بالمسجد الحرام    "الصحة" للحجاج: تجنبوا الجمرات حتى ال4 عصراً    عيد الأضحى بمخيمات ضيوف الملك ملتقى للثقافات والأعراق والألوان الدولية    موسكو تحذّر كييف من رفض مقترحات السلام    كاليفورنيا ..حرائق تلتهم الغابات وتتسبب بعمليات إجلاء    الاحتلال الإسرائيلي يحرق صالة المسافرين بمعبر رفح البري    قتل تمساح ابتلع امرأة !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البطالة .. مسؤولية من ؟
نشر في المدينة يوم 26 - 05 - 2010


تضمن التقرير السنوي الأخير لمصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات أرقاما مفزعة ومقلقة عن القوى العاملة، ومن يقرأ بين سطوره سيجد أرقاما أخرى أكثر إقلاقا. أهم ما تضمنه التقرير ارتفاع نسبة البطالة إلي 10.5% لعام 2009، بزيادة نصف نقطة عن العام السابق، نصف النقطة هذه تعني أن حوالى 35 ألف مواطن حرموا فرصة عمل، وظل المعدل يراوح 10% للثماني سنوات الماضية، مما يعني فشل وسائل علاجه طوال تلك المدة. يضيف التقرير أن البطالة أكثر انتشارا بين المتعلمين (44% لحملة البكالوريوس من الذكور، و78% للإناث) وهي لعمري وضعية غريبة أبسط ما تعنيه أن التعليم لدينا، عكس كل الدول، يساهم في زيادة البطالة، ولعلها خصوصية جديدة تضاف إلي خصوصياتنا. يقول التقرير أيضا أن أكثر المتضررين من البطالة هم فئة الشباب (47% ذكور، 46% إناث) وجميعنا يعلم أن نسبة شبابنا إلى مجمل السكان تفوق 70%، مما يوضح حجم المأساة ومدى خطورتها. نسبة ال 10% بطالة لا تبدو مقنعة لكثيرين ممن يرون جيوش العاطلين وهم يرفعون علمهم الجديد» الملف الأخضر»، أو عند النظر للأعداد المهولة للمتقدمين لوظائف محدودة. تضليل هذه النسبة المتدنية للبطالة يظهره التعريف الضيق لمصلحة الإحصاءات لمصطلح البطالة، فهي تشترط البحث بجدية عن وظيفة خلال فترة إعداد التقرير، (ابحثوا لي عن وسيلة قياس هذه الجدية أكثر من الوقوف تحت لهيب الشمس ساعات طوالاً عند الإعلان عن أي وظيفة) وإلا فإن المصلحة تعتبره «خارج قوة العمل»، وهذا مصطلح آخر مبهم ومُغرِر، بل يمكن القول أنه يساهم في إخفاء خطورة البطالة على الاقتصاد الوطني، فبحسابه نجد أن من هم خارج قوة العمل سبعة ملايين ونصف عاطل، مصلحة الإحصاءات تقدر القوة العاملة لدينا بحوالى 11.8 مليون قادر على العمل، وعليه فإن نسبة من يعملون فعلا هي حوالي 22% من إجمالي القادرين، وأبسط ما يعنيه هذا أن مجتمعنا يعمل بأقل من ثلث طاقته، فهل يمكن تصور ذلك؟ تنصلت وزارة الخدمة المدنية من المسؤولية، وكالعادة ألصقتها بوزارة المالية، غير أن موقف وزارة العمل كان ملفتا، حاول نائب الوزير تحميل المجتمع وزر البطالة بالقول إنها هيكلية وحسب، وعدد أسباباً في حديثه أمام مجموعة العشرين لوزراء العمل في واشنطن منها عدم موافقة مخرجات التعليم والتدريب لمتطلبات سوق العمل، انخفاض مستوى الأجور بسبب العمالة الوافدة، تفضيل المواطنين للقطاع الحكومي برغم تشبعه. وهي أسباب لوزارة العمل دور في تفاقمها، أقله ما يتعلق بتدني الأجور وعدم تحديد حد أدنى لها، أو ما يتعلق بمنح تأشيرات العمل. يعترف معاليه أن البطالة بين النساء كارثية برغم أن لديه قرارا من مجلس الوزراء الموقر يطالبه بوضع جدول زمني لتنفيذ برامج تزيد فرص العمل للمرأة، وبدلا من تحمل المسؤولية يلقيها على المجتمع متذرعا بأن هناك من هدد وزارته، ولا أصدق أن هناك من يستطيع إعاقة تنفيذ قرارات حكومية، أو أن حكومة تنتظر موافقة جميع سكانها على كل قراراتها. هناك أسباب بنيوية للبطالة تتعلق بالنظرة الاستراتيجية للاقتصاد والتنمية في البلد، خطط التنمية الجبارة ومشاريعها الكبرى لا يستفيد من فرصها المواطن بل يقوم كل مقاول باستيراد آلاته ومدرائه وعماله من الخارج، وكان يمكن فرض نسبة سعودة قبل التعاقد أو تحمل نسبة من راتب المواطن أو اشتراط تدريب مواطن لإحلاله، إلا أن كل هذا قصة أخرى. ماذا عن خلق وظائف جديدة كل عام؟ كل الدول يعمل اقتصادها سنويا على خلق وظائف جديدة تتناسب مع معدل نمو الدخل والسكان، فإذا كانت شكوى وزارة المالية من وجود بطالة مقنعة، وهي شكوى صحيحة على أية حال، إلا أنها لا تدل سوى على التراخي الإداري، والحل ليس بتقليل التوظيف بل بتشديد الرقابة على المقنعين وقياس إنتاجيتهم. في المقابل هناك دوائر حكومية أكثر تعاني من قلة عدد موظفيها، المرور والشرطة والبلديات والمستشفيات مجرد أمثلة، من يصدق أن 700 مراقب فقط يعملون لدى ديوان المراقبة العامة لمراقبة الآلاف من موظفي الدولة المتعاطين مع المال العام، مراقبو وزارة التجارة والصحة والماء أمثلة أخرى. حجة إحجام الشباب عن ممارسة العمل المهني واليدوي تلاشت، حجة عدم رغبتهم العمل في مناطق نائية تهاوت، هاهم يحملون لواءهم الأخضر يجوبون به آفاق الوطن بحثا عن عمل بابخس أجر، عملوا خدما في المطاعم والمنازل والمكاتب، عملوا سائقين ومسئولي أمن وكاشيرات، ينقبون الصخر بحثا عن فرص وظيفية وجهات التوظيف لا تخلق وظائف جديدة. ليس المسئول هنا وزارة المالية أو الخدمة المدنية أو العمل، هي مسئولية كل الوزارات مجتمعة، تلك المكتظة بالبطالة المقنعة لعدم حسن إدارتها لما تحت يديها من قوة عاملة، وتلك الشاكية من نقص العمالة لعدم الإصرار على تحقيق مطالبها والاكتفاء بالشكوى للصحف. وأنا أتحدث هنا عن جهات تنفيذية المفترض أن تكون لها القدرة على تنفيذ ما تكلف به، أما تحميل السبب على المجتمع تارة ونقص البنود أو التدريب تارة أخرى فأبسط ما يعنيه عدم قيام الجهة التنفيذية بمهامها وأول ما يتطلبه الاعتذار عن الاستمرار في المهمة. أضحت البطالة بسبب عدم جدية التعاطي معها المهدد الأول لتماسكنا الاجتماعي، بدأنا نلحظ نذر ذلك في ارتفاع معدلات الجريمة وتعاطي المخدرات وحوادث الطرق واكتظاظ السجون، وكل أشكال الانحرافات السلوكية الأخرى. وسواء اعترفت بعض الجهات الحكومية بمسؤوليتها الكلية أو الجزئية عن البطالة فإن هذا لا يكفي فالبطالة أكبر من أن تعالجها جهة واحدة، خطورة مؤشراتها على الأمن والسلم المجتمعي يحتم تشكيل هيئة ملكية عليا للحد من آثارها والقضاء عليها وقد عودنا ملك الإصلاح، وفقه الله، على إصلاح ما أفسده الدهر.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.