والتجول في حي المحطة الشعبي وسط عمان وفي ضاحية الهاشمي المحاذية وقرب الساحة الهاشمية يعني التجول وسط غابة من الشيعة؛ لأن أشرطة الكاسيت المسموعة في المكان خير دليل على ذلك وهي اللطميات. ولأشرطة اللطميات قصة طريفة فهي رائجة على نطاق لا يستهان به وسط الجمهور الأردني، وبسبب الاحتكاك اليومي بالعراقيين دخلت اللطميات البيوت الأردنية، وأصبحت معروضة في محلات الكاسيت. وهذه الأشرطة أصبحت نظرًا لرخص ثمنها الهدية الأكثر ثباتًا من أي عراقي لأي أردني كما يقول عبدالله القيسي أحد المسؤولين الأردنيين عن تنظيم الدور في كراجات العراقيين. فخزانة الرجل ممتلئة الآن بأشرطة اللطميات بسبب كثرة الهدايا التي تلقاها من هذا النوع. ويشهد أردنيون كثر أنهم استمعوا لأشرطة اللطميات في سيارات التاكسي والسرفيس، وثمة مجموعة شيعية في عمان تحاول توفير تقنية إلكترونية لبث إذاعة متخصصة بالحماسيات الشيعية، والأهم أن النغمة الأكثر رواجًا في وسط العراقيين في الأردن عبر أجهزة الخلوي هي نغمة لطمية خاصة علي وزن .. آه يا حسين ومصابا.. دمع العين سجابا.. وهي نغمة يتم إهداؤها أيضًا للأردنيين عبر الماسيجات. ولأغراض السياحة الدينية كما قلنا تحاول السلطات الأردنية تسهيل المواكب الحسينية التي تأتي من بغداد إلى مدينة الكرك جنوبي البلاد في المناسبات الدينية السنوية، وتحديدًا في العاشر من المحرم، وتفيد شخصية عراقية بارزة بأن العلاقات العاطفية التي تأسست بسبب الاختلاط بين أردنيات وعراقيين شيعة نتج عنها تشيع عدد من الفتيات الأردنيات السنّيات، ونتج نفس الشيء في طبقة الشبان جراء الاختلاط بالعمل خصوصًا وأن شيعة العراق اقتحموا وسط المجتمع الأردني وبهدوء بالغ حوزاتهم وحسينياتهم وهي مسألة سياسيًا وأمنيًا هناك محاذير معقدة عند مواجهتها. والأهم أن الأسابيع القليلة الماضية شهدت محاولات محسوسة ومباشرة من قِبل بعض النشطاء الشيعة في الأردن لإيجاد تعبيرات علنية عن الهوية الشيعية، فبحجة دعم السياحة الدينية أوقفت وزارة الأوقاف الأردنية محاولات بناء أول حسينية كانت ستقام في الأردن وتحصل على ترخيص بصفتها جمعية خيرية. وتلك كانت بطبيعة الحال أول إشارة على وجود (نشاط شيعي) مدروس يحاول الإفلات، والتعبير عن نفسه داخل الأردن بدلًا من البقاء داخل الغرف المغلقة في أحواس حي المحطة أو في أروقة المطاعم الشعبية الصغيرة، خصوصًا وأن العراقيين يوصون أنفسهم خلال التنقل بين عمان وبغداد بإحضار الزنجيل لاستخدامه في المناسبات الدينية. والزنجيل هو مجموعة السلاسل الحديدية المرتبطة بقبضة يد معدنية والتي تستخدم في ضرب الذات وجلدها؛ لتطهيرها وللتأسف على رحيل الإمام الحسين حيث بدأت هذه الزناجيل تظهر في عمان.