محاولة إجراء حوار مع جوزيف بلاتر رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، تعد مهمة تصل درجة صعوباتها إلى مستحيلة، في ظل ضيق الوقت، وضغط برنامج الزيارة، وسباق كل وسائل الإعلام للظفر، ولو بتصريح من الرجل الذي يدير أكبر لعبة شعبية على مستوى العالم، و زاد الامر تعقيداً الظروف التي حالت دون تحديد موعد مسبق لإجراء هذا الحوار، لكن الإصرار على اغتنام فرصة وجود الرجل في الرياض في زيارة سريعة، جعل الامور تسير في النهاية إلى الخروج بحوار، تحدث فيه بلاتر عن هموم وشجون كرة القدم على المستوى العالمي والعربي والسعودي. وعن رؤيته للسباق الخفي الدائر على رئاسة الفيفا، والذي انحصر بينه وبين القطري محمد بن همام، بعد إعلان الفرنسي ميشيل بلاتيني اكتفاءه برئاسة الاتحاد الاوروبي لكرة القدم، وأشاد بلاتر في حواره الخاص مع المدينة، بنظام الاحتراف السعودي، واعتبره النموذج الامثل للحد من ظاهرة سيطرة اللاعبين الاجانب على بعض الاندية مثل ما يحدث في تشيلسي وارسنال وميلان وسيسكا موسكو، ودافع بلاتر ايضا عن رؤيته في ابعاد التكنولوجيا عن اللعبة في مواجهة اخطاء الحكام كما كشف عن رؤيته في إدارة الفيفا إذا تم انتخابه مجددا رئيساً له، والمتمثلة في جعل كرة القدم مدرسة وحياة، وعرج بلاتر في حديثه ل ( المدينة ) ان طلب من الامير سلطان بن فهد الرئيس العام ضرورة ان يكون ملف قطر لاستضافة المونديال متكاملاً حتى يحظى بفرصته .. فإلى الحوار... ** وانت تستعد لخوض الانتخابات لفترة رئاسية رابعة، ماهي القناعات التي انطلقت منها لهذه الاستمرارية؟ = أشكرك على السؤال لاهميته في هذه الفترة من الزمن الذي يستعد فيه العالم لمشاهدة كأس العالم في جنوب افريقيا والتي نعمل في الاتحاد الدولي بكل جدّ مع المنظمين لتقديم دورة مميزة في القارة السمراء لاسيما وانها تقام هناك للمرة الاولى، وكان هذا تحدٍ كبير لافريقيا وللفيفا معا، وحينما نتحدث عن كأس العالم فأنا لا أتحدث عن مباريات فقط تقام وتنتهي انما هو حدث رياضي ثقافي اقتصادي تلتقي فيه الامم بثقافاتها المختلفة جمعتهم كرة القدم في حدث كبير، فكرة القدم حدث يتحكم بمشاعر الناس على اختلاف اجناسهم وثقافاتهم والوانهم ولهذا تجد المشاعر تجاه البطولة جياشة لان اللعبة منتشرة في كل انحاء العالم ويمارسها الجميع، وعلى هذا الاساس نعمل لان تكون للجميع، وان تكون البطولة نقطة تحول في حياة الشعوب، ثم بعد ذلك يأتي تفكيري في خوض الانتخابات لان مهمتي تكمن في اداء رسالتي التي بدأتها قبل عدة اعوام وتتمثل في جعل كرة القدم نموذج حياة ومدرسة يتعلم فيها الجميع لأنها للفقراء قبل الاغنياء وبالتالي سنعمل كل مافي وسعنا لمساعدة هؤلاء على الرقي والتطور لهؤلاء فهم يحتاجون مدربين ومعدات وكفاءات إدارية وبعض الحوافز، ولدينا الان مشروع اسمه (هدف للجميع) ترأسه الملكة الاردنية رانيا وأشاركها المهمة وجاء المقترح من عدة دول منها بريطانيا وامريكا، وفرنسا، وبلجيكا،البرازيل وغيرها ويحظى بدعم كبير من عدة دول حيث لقي المشروع ترحيبا كبيرا في افريقيا التي ستكون المستفيد الاول منه، ويقوم المشروع على توفير فرص التعليم للصغار، والتطبيب بالاضافة الى الرياضة وخصوصا كرة القدم لان العقل السليم في الجسم السليم وهذه رسالتي المهمة جدا للمرحلة المقبلة عند انتخابي لفترة جديدة والتأكيد على ان كرة القدم مدرسة حياة نجحنا في السابق في مشروع الهدف الذي انجزنا منه حتى الآلاف وسيتواصل وفيه نقدم الدعم الفني وتوفير الاشياء الضرورية للاتحادات الاهلية المحتاجة لكننا لانقدم الفلوس. أصدقاء الأمس خصوم اليوم ** أصدقاء الأمس أصبحوا اليوم خصوما ومتنافسين أشداء على كرسي رئاسة الفيفا بإعلان كل من ميشيل بلاتيني ومحمد بن همام ترشيح نفسيهما لازاحتك عن كرسي الرئاسة، فما الذي حدث؟ = نعم كنا اصدقاء وسنظل اصدقاء حتى وان اختلفنا في توجهاتنا التي تصب في النهاية لمصلحة كرة القدم من وجهة نظر كل طرف، وحسب معلوماتي ومن واقع مانشر في الصحف الفرنسية فان بلاتيني قد اختار البقاء على كرسي رئاسة الاتحاد الاوروبي وسيخوض الانتخابات المقررة الجمعة، وقد تحدثت معه، أما محمد بن همام فهو يريد ابعادي عن الرئاسة وتقدم بمقترح في الاجتماع السابق للجنة التنفيذية للفيفا ينص على تحديد الفترة الزمنية للرئيس بثمان سنوات مبينا انه لايقصد بهذا الاقتراح شخص جوزيف بلاتر وانما أي رئيس قادم للفيفا وذلك عندما سئل من قبل اعضاء اللجنة التنفيذية عن الهدف واختيار التوقيت وطالبوه بسحب الاقتراح لكنه رفض فخضع للتصويت وحصلت انا على 19 صوتا وحصل هو على خمسة اصوات ومن الواضح ان محمد لايريد لي الاستمرار في الفيفا. الحكم.. سيد الملعب ** دار جدل كبير حول استخدام التقنية في مباريات كرة القدم فهل توصلتم الى شيء، وهل سيكون هذا في مصلحة اللعبة ويحافظ على جمالياتها؟ = انا اتحدث معك من قمة هرم الكرة العالمية وبالتالي فأنا انظر الى مصلحة اللعبة اولا واخيرا كأي زعيم وطني يحرص على رعيته ولدي من المساعدين المخلصين والخبراء المتمكنين الذين يشاركونني العمل الجاد، وقد عملنا في السابق على استخدام التقنية في تطوير الكرة ذاتها بحيث صارت أسرع وأقدر على التفاعل مع عطاء اللاعب داخل الملعب وهناك اشياء كثيرة تحدث داخل الملعب لايمكن للتقنية مهما تطورت ان تتعامل معها بشكل صحيح يحافظ على جمالية اللعبة واثارتها لان ذلك يعنى ايقاف اللعب والعودة الى اللقطات التلفزيونية وهذا غير منطقي وغير ممكن لذلك سيظل الحكم هو سيد الملعب سواء كان هناك مساعدون له ام لا ، واذا ذهبنا بعيدا في استخدام التقنية داخل الملاعب فسيكون ذلك في حدود خط المرمى ومنطقة الجزاء لكن ذلك لن يكون قريبا. ** أسعار عقود اللاعبين في ارتفاع مستمر وقد يؤثر ذلك على مستقبل اللعبة؟ = اتفق معك في هذا الخصوص وسبق لي ان تحدثت في هذا الموضوع الذي يحتاج الى مراجعة شاملة ومناقشة مستفيضة تنطلق من القناعة بأن كرة القدم ليست للربح فقط وانما هي كما اسلفت مدرسة حياة وهذا ماجعلنا نتوسع في مشروع الهدف وسنواصل العمل لان النتائج ايجابية، وليس هذا فحسب فاننا نشرف على صيانة تلك المنشآت والمرافق حتى تدوم الاستفادة منها، لكننا في ذات الوقت نقرّ بأن المال ضرورة للحياة الكريمة السعيدة وبه نستطيع ان نحقق كثيرا من الاشياء لكنه يجب ان لا يطغى على تفكيرنا ويكون على حساب امور أخرى. خدمة الفقراء وتهمة الأغنياء ** وجهت لك وللفيفا اتهامات بأنكم مع المحترفين على حساب الهواة؟ = الاعلام يتكلم دائما عن امور عدة ونحن نحترم الاعلام لأنه شريكنا الرئيسي في هذا العمل لكنه في بعض الاحيان يخالف الحقيقة، فكيف نكون مع المحترفين على حساب الهواة ونحن نعمل على تطوير اللعبة في البلاد التي ليس لديها امكانيات ونساعدها على تنمية هذه اللعبة عبر عدة مشاريع لكن التعامل مع المحترفين شيئ ومع الهواة شيئ آخر، فالفئة الاولى تعمل وفق انظمة دقيقة وصارمة يلتزم بها الجميع وهو مالا يقدر عليه الهواة لاسباب كثيرة، ومن هذا المنطلق نشجع بقوة التحول من الهواية للاحتراف لان ذلك سيسرّع من عجلة العمل والتطوير. المناخ يقف في طريق قطر ** قطر ثالث دولة عربية تتقدم لاستضافة كاس العالم 2022 فما هي حظوظ هذه الدولة، وهل امكانياتها تساعدها على ذلك، ام ان حظها سيكون مثل حظ المغرب ومصر؟ = نحن في الفيفا حريصون كل الحرص على ان تقام البطولة في احدى الدول العربية البالغ عددها 22، ولها ثقل في الاتحاد الدولي وفي السابق تقدمت الدول التي أشرت اليها لكن ملفاتها لم تف بالشروط المطلوبة، وقد نقل إلي الامير سلطان بن فهد الرغبة القطرية ودعم الدول العربية له، وطلبت من الامير سلطان العمل على ان يكون الملف القطري متكاملا حتى يأخذ فرصته في المناقشة والتصويت وفي الواقع ان قطر قدمت نموذجا جيدا في تنظيم دورة الالعاب الاسيوية التي ضمت اكثر من 23 لعبة، لكن المشكلة التى تواجه استضافة قطر للبطولة العالمية هو الزمن والمناخ فكاس العالم تقام في شهري يونيو و يوليو اكثر شهور السنة حرارة في الخليج حيث تتجاوز درجة الحرارة ال 50 درجة وابناء المنطقة يتجهون الى الأماكن الباردة هربا من لهيب الصيف فكيف ستلعب مباريات البطولة في ذلك الوقت وبالتالي اذا قبل الملف القطري فاننا بحاجة الى تغيير النظام الذي نسير عليه في اقامة المباريات ويتطب ذلك موافقة الجمعية العمومية. الصدام مع الاتحاد الأوروبي ** لماذا توقف حديثكم عن مشروع 6+5 في الملاعب الأوروبية ؟ = كرة القدم للجميع ونحن متفقون على ذلك وقلت ايضا في هذا الحوار اننا نعمل على تطوير المستويات في البلاد ومنح الجميع فرصة ممارسة اللعبة والوصول الى البطولات العالمية، وقلت ايضا يجب ان يكون المال والربح هما الهاجس ولهذا أقر الفيفا نظام 6 لاعبين مواطنين + خمسة أجانب بعد ان وصل الامر ببعض الفرق الى أن تلغى من حساباتها اللاعب الوطني كما هو الحال في تشلسي وارسنال الانجليزيين،وانتر ميلان الايطالي كما ان فريق دينمو موسكو لديه الان 11 لاعبا برتغاليا وبرازيليا وهذا شيئ غير منطقي لانه يعنى الكسب المادي والوقتي، وهناك انظمة ممتازة جدا تجمع بين امكانية الاستعانة بأحسن الخبرات واتاحة الفرصة للاعب الوطني مثل نظام الدوري السعودي الذي يسمح بثلاثة اجانب ورابع في الدوري الاسيوي، واجابة على سؤالك توقف الحديث عن الموضوع لبعض الوقت لأننا وصلنا الى التصادم مع الاتحاد الاوروبي . العلاقة مع الاتحاد السعودي ** هل حصلت على ماتريد من زيارتك للسعودية وهو التأييد لاعادة انتخابك؟ = لقد أجاب الامير سلطان بن فهد على السؤال عقب اجتماعنا وقال: إننا لم نناقش الموضوع، بل ناقشنا امورا كثيرة لها علاقة بالكرة العالمية والعربية والسعودية انطلاقا من علاقتنا المتميزة مع الاتحاد السعودي والتي تمتد ل35 سنة منذ مقدمي للعمل في الاتحاد الدولي لكرة القدم ونعمل على تعزيزها دائما وكان من ابرز الموضوعات المطروحة على جدول البحث دعم الملف القطري لاستضافة كاس العالم، تطوير العمل داخل الاتحاد السعودي لكرة القدم والذي اعتقد انه سيعيد المنتخب السعودي الى كأس العالم مرة ثانية بعد اخفاقه في المرة الاخيرة، كما انني جددت اقتراحي للامير سلطان بان تستضيف السعودية كاس العالم لان لديها الفرص للتنظيم لتنوّع المناخ لديها . المنتخب السعودي فرط بالتأهل ** السعودية من البلاد التي طبقت نظام الاحتراف وهناك آراء ترى انها لم تحقق المراد فما هو السبب في اعتقادك؟ = غير صحيح ان نظام الاحتراف السعودي لم يحقق المراد لقد تأهل المنتخب السعودي لكاس العالم 4 مرات في ظل نظام الاحتراف وكانت الفرصة امامهم متاحة للوصول للمرة الخامسة وكانوا يحتاجون الى هدف واحد للتأهل في ثلاث مباريات امام الكوريتين والبحرين لكنهم لم يسجلوا وبالتالي فقدوا الفرصة، وسيعودون الى كاس العالم في البرازيل فهناك عمل جبار يجري من اجل ذلك. ** ماهي أسباب الاخفاق ياترى؟ = ليس لدي معلومات كافية وان كان الامير سلطان قد أشار إلى بعض تلك المسببات والتي أضيف أنا اليها الحظ . ** بعد هذه الرحلة الطويلة هل حققت هدفك في الاتحاد الدولي؟ = لو كان الامر كذلك لما رشحت نفسي لفترة رئاسية مقبلة لانني لازلت على قناعة بأن لدي الكثير لأقدمه حتى تكون كرة القدم في العالم مدرسة حياة، وفي هذا العمر لن أتوقف عن العمل لأن ذلك يعني الاستسلام للموت وانتظار مقدمه. نفهم من هذا أنك تريد تغيير واقع كرة القدم؟ = التغيير كثقافة، كمستقبل، وجعلها املاً يعيش عليه الناس لكنني بالطبع لن أغيّر في واقع المباريات فهي ستظل على حالها لأن التغيير في هذا الجانب يلغي هويتها وهو ما نرفضه مطلقًا حفاظًا على هوية اللعبة وجمالها الذي سحر الملايين. = لو خسرت الانتخابات ما الذي ستفعله؟ = لا شيء سأقبل بحكم صندوق الاقتراع بكل احترام وسأترك موقعي لمن تختاره الأسرة الدولية لقيادة السفينة ومواصلة العمل وسأعود الى بيتي لكن في ذلك الوقت سأكون حزينًا لأنني لم أتمكن من تحقيق كل احلامي لهذه اللعبة وجعلها اسلوب حياة لاسيما وان شعوب الارض جميعًا تمارسها وتحبها حتى الجنون وتلمس ذلك في ازقة واحياء وشوارع الدول الفقير وهم يلعبون حفاة في عز الظهيرة وتحت الشمس الحارقة في كثير من البلاد. = المنشطات داء يهدد سلامة الممارسة الرياضية ويقضي على التنافس الشريف وقد تسرب حتى الدول الاقل امكانيات فكيف تواجهون ذلك؟ = في كثير من الامور لابد ان تكون حازمًا والمنشطات منها لانه من يقدم عليها لا يتحلي بالاخلاق الرياضية ويتمتع بالروح الرياضية التي ندعو اليها تحت شعار اللعب النظيف ولذلك فنحن لا نتهاون في معاقبة هولاء سواء كانوا لاعبين او مدربين او اداريين ونشدد على الاتحادات الاهلية في مواجهة ذلك دون هوادة، وفي الحقيقة انهم يشاركوننا الهم في القضاء على الظاهرة الخطيرة. = كان لكم موقف حازم مع عدد من الاتحادات الكروية في البلاد العربية التي أقدمت على تغيير الاتحادات المنتخبة فيها، لكنكم في ذات الوقت لم تراعوا ظروفها الخاصة؟ لا شك أن لدول المنطقة ظروفها الخاصة ونحن نقدر ذلك لكن تقديرنا لا يصل الى حد التنازل عن الثوابت والمبادئ التي نسير عليها والتي تدعو الى اعطاء الاندية والناس حرية الاختيار ونقف بكل قوة مع الدول التي تقدم على مثل هذا لانها بالتأكيد تعمل على احداث التطور الذي ننشده جميعًا وفي السعودية مثلا بدأت المشوار بانتخابات جزئية تمثل خطوة مهمة في الطريق الصحيح لتهيئة المؤسسات المحلية لهذا التحول والذي سيتم في المنظور القريب جدًا وهو تعامل واقعي، وفي العراق تراجعوا عن قرارهم بحل الاتحاد العراقي واعطيناهم فرصة لاصلاح الوضع في حين لازالت المشكلة في الكويت قائمة، ونحن بالمناسبة لسنا ضد الدول الصغيرة كما يسوق البعض. نحن مع النظام وكانت لنا قرارات حاسمة مع دول متقدمة في اوروبا وغيرها.
