إلى ساعة كتابة هذا المقال ليس هناك أي لقاح تم إنتاجه رسميًا ضد فيروس كورونا الجديد (كوفيد 19) محليًا أو عربيًا أو عالميًا، صحيح هناك أكثر من ستين جهة تعمل جاهدة للوصول إلى اللقاح وفقًا لما ذكرته منظمة الصحة العالمية، لكنها نفت التوصل -من أي جهة من تلك الجهات- إلى إنتاج لقاح ضد هذا الفيروس حاليًا أو سيتم استخدامه قريبًا، وكلما أعلنت أي جهة- إعلاميًا- وذكرت أن اللقاح عندها وتم إنتاجه والحصول عليه ماهي إلا أيّام ويتبين للناس غير ذلك ويستقر في الأذهان أخيرًا أنه كلام في الهواء بالنسبة لحقيقة الإنتاج وما تم وما يتم ما هو إلا محاولة لتسجيل سبق إعلامي، سواء من تحدث عن ذلك من الصين أو أمريكا أو ألمانيا أو أسبانيا أو دول أخرى عربية أو مراكز بحثية محلية، فلماذا لم ينتج اللقاح إلى الآن؟ ولماذا تعثر الحصول عليه؟ ومتى يمكن أن يكون اللقاح كمنتج جاهز للاستخدام؟! أولا أريد أن أوضح أن هذا لا يعني أن ليس هناك مراكز على مستوى عال من التقنية والإعداد، لا الأمر ليس كذلك أبدًا لأن هناك مراكز بحثية عالمية وعربية ومحلية على أعلى مستوى من التجهيز والتقنية والكوادر العلمية وفي المملكة العربية السعودية معامل على مستوى عالٍ من الجاهزية، وفي جامعة الملك عبدالعزيز في مركز الملك فهد للبحوث الطبية على وجه الخصوص هناك وحدة للفيروسات فيها كوادر سعودية، وأقول هذا لأنني أعمل في المركز ومشرف على وحدة الخلايا الجذعية الجنينية فيه فأعرفه عن قرب وكثير ما أستمع إلى كلام معالي مدير الجامعة الأستاذ الدكتور عبدالرحمن اليوبي في حديثه عن لقاح كورونا، اتصل يسألني عن اللقاح أين يجدونه فقلت لهم إن معاليه عندما تحدث عن اللقاح المنتج كان قصده كورونا ميرس الذي ظهر عام 2012 أما كورونا كوفيد 19 المستجد فالمركز لم يتوصل بعد إلى لقاح له وكان كلامه واضحًا أنه أمكن زراعته في الخلايا- وهذا إجراء أولي تجريه معامل الفيروسات- وهناك خطوات لاحقة لتطويره ومحاولة إنتاج اللقاح بعد أخذ الموافقات الرسمية ولم تعلن إلى الآن أي جهة في العالم أنها استطاعت أن تتوصل إليه لأن طبيعة خطوات إنتاج اللقاحات- بالذات لهذا النوع من الفيروسات- ليس سهلا إنما يأخذ وقتًا ويحتاج إلى خطوات جادة وتطبيقية خاصة. إن بعض الأبحاث تذكر أن الفيروس له ثلاث سلالات وراثية مختلفة جينيًا هي Aو B و C وأن A و C هما المنتشران في أوربا وأمريكا ونوع B في الصين وآسيا ولعل أقرب دولة يمكن أن تنتج اللقاح هي الصين، حيث بدأت تجاربها مبكرًا وهي الآن أنهت المرحلة الثانية وغيرها من معظم الدول في المرحلة الأولى أو بداية المرحلة الثانية ولذلك فان إنتاج اللقاح وتسويقه لن يكون قبل ستة أشهر أو سنة، هذا إذا تم كل شيء وفقًا للإجراءات البيولوجية الناجحة والصحيحة والمؤكدة لأن هناك خطورة في إنتاجه بدون الضوابط التجريبية والعلمية والتعجل في إنتاجه، مما يسعى إليه الشركات الاستثمارية طلبًا للربحية. إن التحدي اليوم قائم بين المراكز البحثية العالمية والعربية والمحلية في السبق لإنتاجه لذلك أقامت وزارة التعليم بمشاركة الجامعات هذا الأسبوع عن بعد بالجلسات الافتراضية أربع ورش عمل عن كورونا كان أحدها خاصًا عن مستجدات تطوير اللقاح والتدخل العلاجي.. إن العلم science والبحث العلمي كما نعلم هما مستقبل الصحة، بإذن الله، وقد أظهرت جائحة كورونا أهميتهما (العلم والبحث العلمي) كما أظهرت عجز الإنسان وضعفه أمام قدرات ما خلق الله من خلق وهما كذلك- أقصد العلم والبحث العلمي- الأمل الذي به تعالج الأدواء لقوله صل الله عليه وسلم في الحديث الصحيح (ما أنزل الله من داء إلا وله دواء علمه من علمه وجهله من جهله). بقي أن نشير إلى أن اللقاح وقاية وليس علاجًا وسيأخذ وقتًا ليتم إنتاجه فحتى يتم ذلك علينا بالوقاية الفعالة ضد الإصابة بهذا الفيروس وهي الأخذ بتوجيهات وزارة الصحة من البقاء بالبيت وغسل اليدين بالصابون ومن ظهر عليه أعراض حجر نفسه ويبلغ الوزارة لتتابع حالته وعدم المصافحة وتطبيق التباعد الجسمي وتحقيق التقارب الاجتماعي من خلال التقنيات الحديثة صوتًا وصورة.