بنز الاتحاد هداف مولود داخل ال18    جيسوس يرفض المغامرة بالميترو    نهج ترمب في الشرق الأوسط حدة وجدل وفوضى ومستقبل مظلم    صراع الجيش والدعم السريع يدفعان السودان نحو مجاعة كارثية    المبعوث الأمريكي لأوكرانيا: لن نفرض السلام على زيلينسكي    الخريف: "وعد الشمال" تمثل نموذجًا عالميًّا للتكامل الصناعي    مساعد بوتين: أمريكا وروسيا لم تتفقا بعد على كيفية بدء محادثات أوكرانيا    نخبة آسيا 2025 : النصر يتعادل سلبياً مع بيرسبوليس الإيراني    من رواد الشعر الشعبي في جازان.. الشاعر حسين النعمي الهروبي    قادة الإعلام البريطاني يناقشون تحديات المهنة في المنتدى السعودي للإعلام.. الأربعاء    «دِل تكنولوجيز»: رؤية إستراتيجية للتحول الرقمي وتنمية المواهب في السعودية    استمرار تراجع أسعار النفط قبل بدء محادثات إنهاء الحرب في أوكرانيا    البكيرية يقسو على العين بخماسية في دوري يلو        اختتام وطن بلا مخالف بالرياض    رئيس هيئة العقار يفتتح معرض ريستاتكس الرياض العقاري 2025    محافظ المهد يستقبل أمير منطقة المدينة المنورة خلال زيارته التفقدية    اعتماد جدول صلاتي التراويح والتهجد بالحرمين الشريفين    المفتي العام ونائبه يتسلّمان تقرير فرع عسير للعام 2024    مريض يطمئن على مريض تركي السرحاني إنسانية ووفاء    أمير منطقة القصيم يكرّم 24 فائزاً بجائزة صناعة المحتوى    استعدادات إسرائيلية لاستلام جثامين 5 أسرى.. الخميس    فريق نيسان للفورمولا إي يستعد لخوض سباق ميامي إي-بري مدعومًا بشراكته مع إلكترومين    وكيل وزارة الخارجية للشؤون الدولية المتعددة ووزير خارجية موريشيوس يستعرضان التعاون الثنائي    بعد حمص.. اللجنة التحضيرية تطلق جلسة حوارية سورية في طرطوس    «الزكاة»: إتاحة استرداد ضريبة القيمة المضافة للمتبرعين بتنفيذ مشاريع النفع العام    الأمير سعود بن نهار يختتم جولاته التفقدية للمراكز الإدارية التابعة للطائف    سمو نائب أمير منطقة الرياض يؤدي صلاة الميت على والدة العقيد جبران بن محمد بن خاطر -رحمها الله-.    "تخفيضات رمضان" على Amazon.sa تنطلق في 17 فبراير: خصومات مذهلة وآلاف العروض    مساعد وزير الداخلية يشهد تخريج الدفعة ال 6 من الدورة التأهيلية للفرد الأساسي (نساء)    قائد القوات الخاصة للأمن البيئي يدشن القوة الخاصة للأمن البيئي بمحمية عروق بني معارض الطبيعية بمنطقة نجران    أدبي جازان يقيم عدد من الفعاليات بمناسبة يوم التأسيس    برعاية أمير منطقة الرياض.. "جمعية كفيف" تزف بعد غدٍ 45 شابًا وفتاة من المكفوفين    وزير الشؤون الإسلامية يدشن مشروع تشجير مساجد وجوامع منطقة القصيم    أمير القصيم يستقبل مدير عام الجوازات والفائزين بصناعة المحتوى    تزامن فلكي بين التقويم الهجري والميلادي.. مطلع رمضان    "هيئة الأمر بالمعروف" تشارك بورقة علمية في مؤتمر المركز الوطني للوثائق والمحفوظات    نستثمر للوطن    حرم ولي العهد تُعلن إطلاق متحف مسك للتراث «آسان»    أمانة تبوك تكثف أعمال الإصحاح البيئي ومكتفحة آفات الصحة العامة    مجلس إدارة هيئة الصحفيين السعوديين يُقر أعضاء مجلس إدارة صندوق دعم الإعلاميين    ماذا تقدم بيضة واحدة أسبوعياً لقلبك ؟    تراجع مفهوم الخطوبة بين القيم الاجتماعية والتأثيرات الحديثة    عيد الحب.. بين المشاعر الحقيقية والقيم الإسلامية    التعامل بحزم مع الاعتداء على «اليونيفيل».. السعودية تدعم إجراءات لبنان لمواجهة محاولات العبث بالأمن    تحذير من أجهزة ذكية لقياس سكر الدم    وزير الخارجية الأميركي: إيران لن تكون قوة نووية    الشيخ السليمان ل«الرياض»: بعض المعبرين أفسد حياة الناس ودمر البيوت    «سلمان للإغاثة» يدشن مبادرة «إطعام - 4»    أمير الشرقية يرعى لقاء «أصدقاء المرضى»    الحجامة.. صحة وعلاج ووقاية    محمد بن ناصر يدشّن حملة التطعيم ضدّ شلل الأطفال    يوم «سرطان الأطفال».. التثقيف بطرق العلاج    الحاضنات داعمة للأمهات    غرامة لعدم المخالفة !    القادسية قادم بقوة    منتدى الاستثمار الرياضي يسلّم شارة SIF لشركة المحركات السعودية    عدم تعمد الإضرار بطبيعة المنطقة والحياة البرية.. ضوابط جديدة للتنزه في منطقة الصمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النشوز في مناهجنا الدراسية (2)
نشر في المدينة يوم 29 - 06 - 2019

أواصل الحديث عن درس «النشوز» في مادة «الفقه» للمستوى السادس النظام الفصلي للتعليم الثانوي المسار العلمي والإداري للعام الدراسي 2018/2019؛ إذ نجد مُعدِّي المنهج فسّروا آيتي نشوز الزوجة والزوج بمعاقبة الزوج لزوجه الناشز بضربها ضربًا بدنيًا، وبمكافأة الزوج الناشز بإقراره على نشوزه بمطالبة زوجه التنازل عن حقها في النفقة أو المبيت، لئلّا يُطلِّقها!!
فآية نشوز الزوجة بدأت علاج نشوز الزوجة بالوعظ والنُصح، وإذا لم تستجب يكون الهجر في المضجع الذي له دلالته النفسية والتربوية على المرأة، فإذا لم يجدِ هذا العلاج يكون بالضرب أي بالمفارقة والابتعاد عن البيت، (واضربوهن) في الآية ليست بالمدلول الفعلي للضرب البدني، لأنّ الضرب هنا هو المباعدة أو الابتعاد خارج بيت الزوجية، ويؤيد هذا المعنى ما قام به الرسول صلى الله عليه وسلم عندما غضب من زوجاته؛ إذ طبّق المعنى الصحيح للضرب في الآية، وهو المفارقة والمباعدة، بتركه بيت الزوجية ولم يمارس الضرب البدني؛ لذا جاء قوله عليه الصلاة والسلام: (لا تضربوا إماء الله)، الذي يتفق مع قوله تعالى: (فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان)، وقوله: (وعاشروهن بالمعروف)، والقرآن لا يناقض نفسه، والسنة لا تناقض القرآن، فكيف يقول الله جل شأنه: (واضربوهن)، والرسول صلى الله عليه وسلّم يقول: «لا تضربوا إماء الله»؟.. والضرب البدني للزوجات لا يتفق مع قوله تعالى: (ولقد كرّمنا بني آدم)، وأصبح يمارسه رجال الأسرة ضد نسائها، وقد يصل الأمر إلى ضرب بعض الأبناء لأمهاتهم!
فكل هذه التجاوزات ناتجة عن إعطاء معنى الضرب في آية النشوز معنى الضرب البدني، مع أنّ لكلمة ضرب في القرآن الكريم، ومعاجم اللغة معنى المفارقة والمباعدة، مثل: (ضرب الدهر بين القوم) أي فرّق وباعد بينهم.. و(ضرب عليه الحصار) أي عزله عن محيطه.. و(ضرب عنقه) أي فصلها عن جسده.. فالضرب إذن يفيد المباعدة والانفصال والتجاهل.
وهنالك آيات كثيرة في القرآن تتابع نفس المعنى للضرب أي المباعدة، منها: (وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَّا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى) (طه:77)، أي أفرق لهم بين الماء طريقًا.
أمّا عن نشوز الزوج، قال ابن عادل قال الكَلْبِيّ: نشوز الرَّجُل للزوجة: ترك مُجَامَعَتِها، وإعراضُهُ بوجْهه عَنْها، وقلة مُجَالَسَتِها» (الكلبي: تفسير اللباب، 5/ 377).
فالنشوز هو الخروج عن الواجبات التي تطلب من الزوجين في إطار الأسرة، فكل من الزوجين له حقوق وعليه واجبات، فإذا ما تخلى عن واجباته أُعتبر متمردًا وناشزًا.
أمّا عن حل نشوز الزوج فقد بيّنه القرآن الكريم في قوله تعالى: (إِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا) (النساء:128) بالصلح وتقوى الله، فإن رفض الزوج العودة إلى زوجته، وإعطائها حقوقها في النفقة والمعاشرة الزوجية، يتفرقا، أي الانفصال، ولم يقل يتخالعا، وهناك فرق بين الخلع والفراق المتمثل في الطلاق.
إنّ نشوز الرجل أخطر وأشد على حياة الأسرة من نشوز المرأة, لأنّ المرأة لا يوجد لديها من ينفق عليها وعلى أولادها إن كانت فقيرة، وليس لديها عمل، بينما الزوج لا يتضرر ماليًا لنشوز الزوجة، كما لا يتضرر جسديًا وجنسيًا، لأنّه يجوز له الجمع بين أكثر من زوجة، بينما المرأة تتضرر ماليًا وجسديًا وجنسيًا من نشوز زوجها، من حيث الإنفاق، ومن حيث إرضاء رغبات الجسد ومتطلباته، خاصة إن كانت شابة، فقد تنزلق في ارتكاب الفاحشة لإرضاء رغبات جسدها، لأنّه لا يجوز لها الجمع بين زوجين، ومن هنا نجد أنّ الفاروق رضي الله عنه، عندما تبيّن له أنّ الزوجة قد تُفتن إن غاب عنها زوجها أكثر من أربعة أشهر، أمر بأن لا يغيب الجند عن زوجاتهم أكثر من أربعة أشهر، وقد اجتهد الإمام أحمد بن حنبل في هذه المسألة، وأعطى للمرأة المهجورة والمعلقة حق طلب فسخ عقد زواجها من القاضي إن مضى على هجر الرجل لها، أو تعليقه لها مدة ستة أشهر.
وهكذا نجد أنّ معدي بعض مناهجنا الدراسية يُفسِّرون بعض الآيات بما يحملونه من فكر واجتهادات شخصية، مخالفين العدل الإلهي المتمثل في المعنى الصحيح لآيات القرآن الكريم.. والسؤال هنا: لمصلحة مَن يُوجّه معدو مناهجنا الدراسية الدينية هذا التوجه؟!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.