"تمور المملكة" بمعرض الصين "الدولي"    "كأس العالم" لريادة الأعمال ب"المملكة"    الجبير يلتقي وزيرة خارجية جمهورية البيرو    ضمك يوقف قطار انتصارات الهلال ويخطف نقطة ثمينة    بلدية الشملي تنهي استعداداتها للاحتفاء باليوم الوطني 93.. غدا الجمعة    مصر ترحب بجهود المملكة وسلطنة عمان لدعم التوصل لحل مستدام للأزمة اليمنية    الاتفاق يفوز على الطائي في مباراة مثيرة    القبض على شخص لترويجه مادة الحشيش المخدر وأقراصًا خاضعة لتنظيم التداول الطبي بالجوف    وزير الخارجية يشارك في الاجتماع التنسيقي لوزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي    بنك إنجلترا يبقي معدل الفائدة عند 5,25% بعد رفعها 14 مرة    على وقع إطلاق نار في «قره باغ».. انتهاء الجولة الأولى للمحادثات بين طرفي الصراع    سلطنة عُمان ضيف شرف معرض الرياض الدولي للكتاب 2023    ليبيا: نزوح أكثر من 43 ألف شخص إثر الفيضانات التي اجتاحت درنة    أمير الجوف يكّرم الممرضة الرويلي    فيصل بن سلطان: نشهد مرحلة تاريخية اكتملت فيها الممكنات التي ننطلق بها إلى المستقبل    تدشين جهاز "مسموع" بحديقة مكتبة الملك فهد    الدكتور الربيعة يلتقي وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية    أمانة الشرقية تكشف برنامجها للاحتفال باليوم الوطني ال 93 بحاضرة الدمام    عضوا شورى ل«عكاظ»: مقابلة ولي العهد قدم من خلالها تفصيلا لأهم القضايا الدولية السياسية والاقتصادية والأمنية    تصنيف فيفا..صدارة الأرجنتين ووصافة فرنسا    «الوطنية للإسكان» تطلق مشروع دارة سدايم.. ثالث مشاريعها في شهر سبتمبر وال 40 خلال عام 2023    مجلس إدارة مكتبة الملك عبد العزيز ب«جامعة بكين» يناقش خطته العلمية والثقافية والمالية وأعماله التشغيلية    27.3% زيادة بأقساط تأمين المركبات بعد ارتفاع الأسعار    53 سفينة تنقل 11 مليار طن من البضائع سنويا بالمملكة    السجن عامين وغرامة 20 ألف ريال لمندوب يصنّع ويغش مستحضرات بيطرية    اليوم الوطني كما تعلمناه من عبدالعزيز    كلمة أمين #المنطقة_الشرقية بمناسبة #اليوم_الوطني (93) للمملكة    سحب رعدية مسبوقة برياح نشطة تحد من مدى الرؤية على 4 مناطق    توقيع مذكرة تعاون بين صحيفة "الرأي" الإلكترونية وهيئة الأمر بالمعروف بالسليل    الثبيتي متحدثاً رسمياً ل"التعليم"    نحلم ونحقق    ولي العهد: السعودية أعظم قصة نجاح في القرن ال21    «اليونسكو» تُدرج محمية «عروق بني معارض» على قائمتها للتراث العالمي    اكتمال استعدادات شقراء وأشيقر للاحتفال باليوم الوطني    القيادة تهنئ رئيس نيبال بذكرى يوم الدستور    اتحاد القدم يعتمد آلية مشاركة الأندية #السعودية في البطولات الآسيوية 2024-2025    ثلاث مباريات لعبت في #دوري_يلو    المملكة العربية السعودية.. ظِلٌ وظِلال    ابن عقيل الظاهري.. «شخصية العام الثقافية»    اليوم الوطني 93    ماذا تعمل بنا الأحلام؟    هدم الأعمال    الأمان رمز الوئام    عملية نقل أعضاء متوفى دماغيًا تنقذ أربع حالات    دليل توعوي حول الاحتراق الوظيفي    قلة الإنعاش ترفع معدّل وفيات النساء بأزمات قلبية                عسير: بدء تطبيق برنامج اللغة الصينية ل 7 آلاف طالب وطالبة                صاعقة رعدية تنهي حياة معلم بقطاع صامطة                51 لغة إرشاد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النشوز في مناهجنا الدراسية (2)
نشر في المدينة يوم 29 - 06 - 2019

أواصل الحديث عن درس «النشوز» في مادة «الفقه» للمستوى السادس النظام الفصلي للتعليم الثانوي المسار العلمي والإداري للعام الدراسي 2018/2019؛ إذ نجد مُعدِّي المنهج فسّروا آيتي نشوز الزوجة والزوج بمعاقبة الزوج لزوجه الناشز بضربها ضربًا بدنيًا، وبمكافأة الزوج الناشز بإقراره على نشوزه بمطالبة زوجه التنازل عن حقها في النفقة أو المبيت، لئلّا يُطلِّقها!!
فآية نشوز الزوجة بدأت علاج نشوز الزوجة بالوعظ والنُصح، وإذا لم تستجب يكون الهجر في المضجع الذي له دلالته النفسية والتربوية على المرأة، فإذا لم يجدِ هذا العلاج يكون بالضرب أي بالمفارقة والابتعاد عن البيت، (واضربوهن) في الآية ليست بالمدلول الفعلي للضرب البدني، لأنّ الضرب هنا هو المباعدة أو الابتعاد خارج بيت الزوجية، ويؤيد هذا المعنى ما قام به الرسول صلى الله عليه وسلم عندما غضب من زوجاته؛ إذ طبّق المعنى الصحيح للضرب في الآية، وهو المفارقة والمباعدة، بتركه بيت الزوجية ولم يمارس الضرب البدني؛ لذا جاء قوله عليه الصلاة والسلام: (لا تضربوا إماء الله)، الذي يتفق مع قوله تعالى: (فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان)، وقوله: (وعاشروهن بالمعروف)، والقرآن لا يناقض نفسه، والسنة لا تناقض القرآن، فكيف يقول الله جل شأنه: (واضربوهن)، والرسول صلى الله عليه وسلّم يقول: «لا تضربوا إماء الله»؟.. والضرب البدني للزوجات لا يتفق مع قوله تعالى: (ولقد كرّمنا بني آدم)، وأصبح يمارسه رجال الأسرة ضد نسائها، وقد يصل الأمر إلى ضرب بعض الأبناء لأمهاتهم!
فكل هذه التجاوزات ناتجة عن إعطاء معنى الضرب في آية النشوز معنى الضرب البدني، مع أنّ لكلمة ضرب في القرآن الكريم، ومعاجم اللغة معنى المفارقة والمباعدة، مثل: (ضرب الدهر بين القوم) أي فرّق وباعد بينهم.. و(ضرب عليه الحصار) أي عزله عن محيطه.. و(ضرب عنقه) أي فصلها عن جسده.. فالضرب إذن يفيد المباعدة والانفصال والتجاهل.
وهنالك آيات كثيرة في القرآن تتابع نفس المعنى للضرب أي المباعدة، منها: (وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَّا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى) (طه:77)، أي أفرق لهم بين الماء طريقًا.
أمّا عن نشوز الزوج، قال ابن عادل قال الكَلْبِيّ: نشوز الرَّجُل للزوجة: ترك مُجَامَعَتِها، وإعراضُهُ بوجْهه عَنْها، وقلة مُجَالَسَتِها» (الكلبي: تفسير اللباب، 5/ 377).
فالنشوز هو الخروج عن الواجبات التي تطلب من الزوجين في إطار الأسرة، فكل من الزوجين له حقوق وعليه واجبات، فإذا ما تخلى عن واجباته أُعتبر متمردًا وناشزًا.
أمّا عن حل نشوز الزوج فقد بيّنه القرآن الكريم في قوله تعالى: (إِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا) (النساء:128) بالصلح وتقوى الله، فإن رفض الزوج العودة إلى زوجته، وإعطائها حقوقها في النفقة والمعاشرة الزوجية، يتفرقا، أي الانفصال، ولم يقل يتخالعا، وهناك فرق بين الخلع والفراق المتمثل في الطلاق.
إنّ نشوز الرجل أخطر وأشد على حياة الأسرة من نشوز المرأة, لأنّ المرأة لا يوجد لديها من ينفق عليها وعلى أولادها إن كانت فقيرة، وليس لديها عمل، بينما الزوج لا يتضرر ماليًا لنشوز الزوجة، كما لا يتضرر جسديًا وجنسيًا، لأنّه يجوز له الجمع بين أكثر من زوجة، بينما المرأة تتضرر ماليًا وجسديًا وجنسيًا من نشوز زوجها، من حيث الإنفاق، ومن حيث إرضاء رغبات الجسد ومتطلباته، خاصة إن كانت شابة، فقد تنزلق في ارتكاب الفاحشة لإرضاء رغبات جسدها، لأنّه لا يجوز لها الجمع بين زوجين، ومن هنا نجد أنّ الفاروق رضي الله عنه، عندما تبيّن له أنّ الزوجة قد تُفتن إن غاب عنها زوجها أكثر من أربعة أشهر، أمر بأن لا يغيب الجند عن زوجاتهم أكثر من أربعة أشهر، وقد اجتهد الإمام أحمد بن حنبل في هذه المسألة، وأعطى للمرأة المهجورة والمعلقة حق طلب فسخ عقد زواجها من القاضي إن مضى على هجر الرجل لها، أو تعليقه لها مدة ستة أشهر.
وهكذا نجد أنّ معدي بعض مناهجنا الدراسية يُفسِّرون بعض الآيات بما يحملونه من فكر واجتهادات شخصية، مخالفين العدل الإلهي المتمثل في المعنى الصحيح لآيات القرآن الكريم.. والسؤال هنا: لمصلحة مَن يُوجّه معدو مناهجنا الدراسية الدينية هذا التوجه؟!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.