خلق الله كوكب الأرض وسنَّ فيه سنناً كونية تحافظ على التوازن والتعايش بين مكوناته، وإذا ما حاول الإنسان التدخل إما لغرض التطوير أو لغرض التخريب فإن ذلك سيؤدي إلى تغيير في مكونات هذا الكوكب الحي، وقد يؤدي إلى تحسين أو إحداث ضرر كبير. لذا فإن التغيير لغرض التطوير يجب أن يكون مدروساً بعناية حتى لا يقود للضرر - لا قدَّر الله -.. أما التخريب سواء بقصد التخريب ذاته أو التخريب غير المباشر وهو تغليب المصلحة الخاصة على المصلحة العامة فإن نتائجه واضحة وهو دمار وخراب إما سريع أو بطيء. والبيئة التي تحتضننا تتميز بتوازن عجيب بين مكوناتها الحية وغير الحية لكن ظروف الحياة حتَّمت على الإنسان التّدخل في مكوناتها إما بسبب الانفجار السكاني أو بسبب متطلبات الحياة الأخرى فالإنسان يحتاج للمصانع وينتج عنها كنتيجة حتمية ملوثات جوية أو بحرية أو على اليابسة. لكن هل يمكن الحفاظ على مكونات البيئة على الرغم من حالة التطور التي يشهدها العالم اليوم؟ والجواب على هذا السؤال يكون بالإيجاب إذا كان الإنسان الذي يعيش في هذه البيئة واعياً ومدركاً لأهميتها. والسؤال الآخر ماذا عن بيئتنا المحلية؟ وماذا عن وعي المواطن وإدراكه لأهميتها؟ والجواب ماثل للجميع فالبيئة المحلية بعضها ما زال محافظاً على طبيعته والبعض الآخر امتدت إليه يد الإنسان بسبب التطور المذهل الذي تعيشه مملكتنا الفتية.. لكن المطمئن في الأمر أن المواطن في كثير من الأحيان يعي أهمية الحفاظ على البيئة ومقدراتها، ولا أدل على ذلك من رعاية أصحاب السمو أمراء المناطق لفعاليات حملة الحفاظ على البيئة ومن ذلك ما شهدته محافظة الغاط يوم الخميس 8-3-1427ه، حيث رعى صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز الحملة البيئية ضمن الفعاليات التي رعاها - حفظه الله -.. كما تميزت محافظاتالقصيم بتنظيم حملات مشابهة تدل على مدى الوعي لدى المواطن تجاه بيئته. وحري بمحافظات المملكة التي لم يتم تنظيم حملات بيئية فيها سرعة تنظيمها لما لها من أثر تربوي على النشء وتثقيفي للمواطنين، فديننا الحنيف يأمرنا بالحفاظ على البيئة، ومن ذلك حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم (إماطة الأذى عن الطريق صدقة). نتطلع إلى أن تزوّد الهيئة العليا للسياحة المحافظات التي لم تبدأ بتنفيذ الحملة بالطريقة المثلى في تنظيم الحملات البيئية ليتسنى تنظيمها في أفضل صورها. كما نتطلع إلى وجود لجنة بيئية ترتبط بالمحافظ مباشرة تضطلع بدور المراقب البيئي، وكذلك مهمة التثقيف والإرشاد، وفي هذه المناسبة أود أن أشيد بمدارس محافظة الزلفي حيث خصصت ركناً نباتياً يستزرع فيه النباتات المهددة بالانقراض إضافة للتجارب العلمية الأخرى. ما أحوجنا لغرس التربية البيئية في نفوس أبنائنا، فالبيئة ملك للجميع وحفاظنا عليها ضمان لمستقبل أجيالنا. وما أحوجنا لتكاتف القطاع الخاص في تنظيم ودعم هذه الحملات فمن منطلق وطني عليه أن يبادر في الدعم والمساندة وكل الشكر لشركة المراعي وباقي الشركات الراعية للحملات البيئية التي نُفذت. وفق الله الجميع وسدد على طريق الخير الخطى.