منتجو البتروكيميائيات يبحثون بدائل المواد الخام    بيبان.. حيث تتحول الأفكار إلى فرص    المملكة تنجح في خفض اعتماد اقتصادها على إيرادات النفط إلى 68 %    تداول 168 مليون سهم    «إسرائيل» تستخدم المساعدات الإنسانية ورقة ضغط ضد الفلسطينيين    القيادة تهنئ رئيسي النمسا وإيرلندا    بعثة منتخب أوزبكستان تصل إلى المملكة للمشاركة في بطولة العالم لرياضة الإطفاء والإنقاذ 2025    ملك البحرين: العلاقات مع المملكة تاريخية ومميزة    ضبط (22613) مخالفاً في أسبوع    قرار وشيك لصياغة تشريعات وسياسات تدعم التوظيف    كلية الدكتور سليمان الحبيب للمعرفة توقع اتفاقيات تعاون مع جامعتىّ Rutgers و Michigan الأمريكيتين في مجال التمريض    الشيخ الفوزان: جهاز الإفتاء يلقى دعم ومساندة القيادة    14.2% نموا في الصيد البحري    رصد سديم "الجبار" في سماء رفحاء بمنظر فلكي بديع    المملكة.. عطاء ممتد ورسالة سلام عالمية    غوتيريش يرحب بالإعلان المشترك بين كمبوديا وتايلند    8 حصص للفنون المسرحية    «مسك للفنون» الشريك الإبداعي في منتدى الأفلام    صورة نادرة لقمر Starlink    الدعم السريع تعلن سيطرتها على الفاشر    موسكو ترد على العقوبات بالنووي وأوكرانيا تطالب بتعزيز تسليحها    ريال مدريد ينهي عقدة الكلاسيكو بالفوز على برشلونة    الوعي الذي يصون المحبة    منتخب إيران يصل السعودية للمشاركة ببطولة العالم للإطفاء والإنقاذ 2025    أمير حائل يرعى حفل افتتاح ملتقى دراية في نسخته الثانية    المعجب يشكر القيادة لتشكيل مجلس النيابة العامة    أكثر من 1000 طائرة درون تضيء سماء الظهران في افتتاح "موسم الخبر"    أمير الرياض يستقبل مدير عام التعليم بالمنطقة    نائب أمير الشرقية يؤكد دور الكفاءات الوطنية في تطوير قطاع الصحة    الشؤون الإسلامية في جازان تُقيم مبادرة شهر التوعية بسرطان الثدي بصبيا    الشؤون الإسلامية بجازان تواصل تنفيذ البرنامج التثقيفي لمنسوبي المساجد في المنطقة ومحافظاتها    مفتي عام المملكة ينوّه بدعم القيادة لجهاز الإفتاء ويُثني على جهود الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ رحمه الله    انطلاق النسخة ال9 من مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار غدا    أمير الشرقية يُدشّن معرض "وظائف 2025" ويؤكد دعم القيادة لتمكين الكفاءات الوطنية    إعلان الفائزين بجائزة مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية 2025    578 ألف ريال لصقرين في الليلة 13 من مزاد نادي الصقور السعودي 2025    أبرز 3 مسببات للحوادث المرورية في القصيم    الضمان الصحي يصنف مستشفى د. سليمان فقيه بجدة رائدا بنتيجة 110٪    تقدم في مسار المصالحة الفلسطينية.. توافق على قوة حفظ سلام بغزة    صدارة آرسنال في اختبار بالاس.. وسيتي ضيفاً على أستون فيلا    رؤساء وزراء دول يصلون إلى الرياض    القيادة تهنئ رئيس كازاخستان بذكرى «يوم الجمهورية»    سائح يعيد حجارة سرقها من موقع أثري    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على هيفاء بنت تركي    انطلاق القمة العالمية للبروبتك    الديوان الملكي: وفاة صاحبة السمو الأميرة هيفاء بنت تركي بن محمد بن سعود الكبير آل سعود    بحضور أمراء ومسؤولين.. آل الرضوان يحتفلون بزواج عبدالله    مسؤولون ورجال أعمال يواسون أسرة بقشان    غرم الله إلى الثالثة عشرة    116 دقيقة متوسط زمن العمرة في ربيع الآخر    ولي العهد يُعزي رئيس مجلس الوزراء الكويتي    ولي العهد يُعزي هاتفياً رئيس الوزراء الكويتي    %90 من وكالات النكاح بلا ورق ولا حضور    النوم مرآة للصحة النفسية    اكتشاف يغير فهمنا للأحلام    "تخصصي جازان" ينجح في استئصال ورم سرطاني من عنق رحم ثلاثينية    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالريان ينهي معاناة مراجعين مع ارتجاع المريء المزمن بعملية منظار متقدمة    نائب أمير نجران يُدشِّن الأسبوع العالمي لمكافحة العدوى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فتش عن الإدارة!
عبد الفتاح أبو مدين
نشر في الجزيرة يوم 20 - 05 - 2006

يقولون: (فتش عن المرأة)، وأنا اليوم أقول: فتش عن الإدارة، وقد كتبت مقالا قبل نحو خمس عشرة سنة، في مجلة الغرفة التجارية بجدة، وأنا أتحدث عن بعض المؤسسات المختلفة، قلت: إن أي عمل ناجح وراءه إدارة ناجحة، وإن اي عمل فاشل تجد وراءه إدارة فاشلة. ولعلي كونت هذا الرأي أو هذه الرؤية من خلال تجربتي العملية وممارساتي في الحياة.
* في خضم حياتنا الدنيا التي نحياها، نجد ونرى في كل البلاد شعوبا عاملة منتجة جادة، مدركة أن الحياة عمل وعطاء وإتقان وإنجاز، ونجد بعض الشعوب غير آبهة بأمانة الحياة، وإنما هي أفراد وجماعات، همها مصالحها الخاصة وما ينهض بكسبها في تحصيلها من مختلف الأبواب والسبل، شعوب حية تدرك للزمن قيمة عندها، لأنها وعت ذلك، مما تعلمت في التعليم العام والجامعات، وفي مدرسة الحياة، بدأت بالتربية في بيوتها ومدارسها، وقادها معلمون واعون، أدركوا أن عليهم رسالة لا بد من أدائها فأخلصوا لهذه المهمة، لأنهم منتمون إلى أوطانهم، ولأنهم مدركون أن العمل حياة، وأن الرقي لا بد له من معرفة وعمل وإخلاص فيه، رسالة بين أعينهم وعوها جيداً، فأخلصوا لها كل الإخلاص، وأدركوا قيمة الزمن، وهو في ثقافتنا، عبر عنه بأنه كالسيف.. فنهضت أمم وشعوب ودول، ونامت أخرى نوماً طويلاً، وحين يلتفت المرء ليقارن، لا يستطيع أن يجد روابط، لأن المعادلتين مختلفتان أو متناقضتان ومتعارضتان ومتصادمتان.
* أمتنا المسلمة عبر تاريخها، كانت أمة جادة قوية إلى حدّ الصرامة ثم مرت بها أيام، ركنت فيها إلى الدعة والخمول وعدم المبالاة، بعدت عن رسالتها، فأدركها الضعف وعدم المبالاة والتخاذل، ركنت إلى الهزل واستلذت الفراغ والوهن، تقدم غيرها ووقفت في مكانها لا تريم، قلدت الغرب ولا سيما شبانها وشاباتها، وليتهم قلدوا غيرهم بما يرقى بهم وبحياتهم وعلوم الحياة الكثيرة، التي ترقى بهم وبأمتهم ومستقبل الأوطان، وإنما انجذبت وراء القشور وإلى الأدنى من معطيات الحياة، أمة أصبحت متواكلة لا يعبأ بها، لأنها فقدت الطموح والجدّ والحياة الكريمة، فهانت على نفسها وعلى غيرها.. بعدت عن تاريخها الباذخ بالمهمات والأهداف العالية فشاخت في صباها؛ لأن أحلامها قعدت بها عن المعالي.. أمة تقول ولا تفعل، فتأخرت، لأنها تخلفت عن ركب الحياة الجادة القوية فنامت، ولو وعت حقيقة دينها وتاريخها المجيد، وسارت على نهج عظماء الإسلام، لكانت أمة تتحدى الحياة لتكون، ولعلها اختارت ألا تكون، والذي ينسى خالقه ينسيه نفسه، كما أعلن الكتاب العزيز.. وهذه الحياة لا قيمة فيها للمتخاذلين القانعين السادرين.
* عنوان هذه الكلمة يقود إلى العمل وضده، وقلت إن الإدارة تقود إلى ما ينفع ويرتقي وينجز، وهو متطلب رسالة الإنسان في الحياة، حتى العبادة في جوهرها عمل، والكتاب العزيز قال الحق فيه: {وَقُلِ اعْمَلُواْ}، لكن أمة هذا الدستور بعدت عن هذه المعطيات، فرطت في رسالتها وأمانتها وقواعد نموها ورقيها، نامت ونهض غيرها، لأنهم عملوا، لإدراكهم لقيمة العمل في الحياة.. وإذا رأيت مؤسسة في علوها وانخفاضها ونجحها وفشلها، التفت إلى إدارتها، فهي مقياس حياتها ومواتها، والموت لا يعني مفارقة الحياة، ولكنها كما عناها أبو الطيب في قوله:
ليس من مات فاستراح بميت
إنما الميت ميت الأحياء
* كم يتمنى المخلصون الجادون، أن يروا أمتهم من موظفين في كل مرفق، في المدرسة، في العمل، في الشارع، أن يروا كل إنسان في تخصصه، صادقاً جاداً، يكد، ويسعى لأن عليه رسالة وأمانة، تحمل تبعاتها، فهو يعمل ما استطاع إلى ذلك سبيلاً؛ ليكون في مستوى المسؤولية، ليحاسب نفسه، ويلتفت إلى ما قدم، فإن وجد خيراً حمد الله، وإن وجد غير ذلك، استعان الله وشمر عن ساعد الجد وشرع بكل ما يملك من قوة وقدرة، ليؤدي أمانته، وذلك حين يتذكر أنه محاسب، أن وراءه جزاءً لما قدم، فإن أخلص وتفانى وأدى ما عليه، فله جزاء الحسنى، وإن فرط، فسيكون أمام حسيب وكتاب قال فيه منزله: {وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ}.
* ما أجدر إنساننا أن يحاسب نفسه قبل أن يحاسب، فهو الفطن الحي الخائف إن أهمل وقصر وفرط.. كم أتمنى أن يكون كل فرد في أمتي مدركاً لما عليه، أما ما له فهو نائله اليوم أو غداً.. وما أخلق من في كل إدارة ووزارة ومصنع ومتجر ومزرعة، ومدرسة وجامعة، أن يؤدي كل إنسان ما عليه، يغار من الغربي الذي يشبه النحلة، مخلصاً صادقاً أميناً في عمله، وأمة لا إله إلا الله مفرطة كل التفريط؛ لأنها نسيت، وأهمتها الدنيا، فهي هلوعة، تظن أنها مخلدة، ومن العجب العجاب، أننا لا نتعظ، وقد قيل: كفى بالموت واعظاً، ولكن حتى هذا لم يؤثر في حينا، لأننا سادرون، وصدق القائل: الناس نيام، فإذا ماتوا استيقظوا، لكن ما قيمة اليقظة بعد ذهاب كل الصلاحيات والقدرات، التي خلفها الإنسان وراءه في الحياة؟ الجواب كما قيل: فات الميعاد.
* ليت من بأيديهم مسؤوليات كبرت أم صغرت يدركون واجباتهم، فينهضون بها ويؤدونها، لعل الله أن يتجاوز عنهم، كما قال ذلك الرجل لغلامه: (إذا أتيت معسراً فتجاوز عنه، لعل الله يتجاوز عنا)، وقد تجاوز الله عنه؛ لأنه محسن، وكم أتمنى أن يكون كل من بيده مصالح الناس وشؤونهم محسناً في أدائه، ويراقب من يرقبه في كل شيء، لأنه سبحانه لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء.. والحق يقول: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ}.. اللهم أعنا على أنفسنا حتى لا نضل، وأعنا على أعدائنا حتى لا نذل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.