كل منطقة لها لهجتها ولها ملاحتها الخاصة وكل أهل لهجة يقولون حين يخرج في التلفزيون مَنْ يتحدث لهجتنا نشعر أنها سيئة ومضحكة.. بل لو تحدث ممثل ما بذات اللهجة في مسلسل اعتبروه تهجماً واستخفافاً مع أنه لم يفعل شيئاً إلا أنه تقمص دوراً موجوداً في الحياة! ** وفي برنامج (أوبرا) الشهير لم نحب أنْ نريَ أنفسنا أيضاً صورةَ النسوة بعباءتهن القديمة اعتبرناها تهجماً مع أن نساء كثيرات في شوارعنا ما زلن يرتدين العباءة بهذه الطريقة بل إن كثيرين يرون أن هذا هو النموذج الأفضل. بمعنى أن (أوبرا) قدمت العباءة (النموذج) حسب معتقد شريحة كبيرة من الناس.. يفضلونها لأنها قديمة بغض النظر عن أي شيء آخر لأن المواصفات الأساسية للحجاب بإمكانها أن تبقى مع أي نموذج حديث. ** وقالت (أوبرا) إن المرأة في السعودية لا تقود السيارة وما الذي يغضب في ذلك.. أَليست هذه الحقيقة؟ هل نمنع النساء من قيادة السيارات ونقنع بعضنا بمبررات ومخاوف وأسباب اجتماعية وانتظار لمرحلة نضج ثقافي واجتماعي وتهيئة وإجماع اجتماعي على قبول الأمر؟.. ثم حين يقول أحد من الغرب إننا نمنع المرأة من السيارة نغضب، ألسنا واثقين من صحة مبرراتنا؟.. ألسنا قابلين ومقتنعين بوضوحنا وإنصافنا وعدم غمطنا لحق المرأة؟.. ** قالت (أوبرا) إن رانيا الباز واحدة من نسوة يُضربن في السعودية وتطلب منهن الثقافة الاجتماعية أن يكن طائعات لأزواجهن.. وهذا لا يغضب أيضاً أحداً فلدينا نساء يضربن مثل كل بلدان العالم وأوبرا ليست الوحيدة التي بالغت في الحديث عنا.. فلدينا قائمة من الكاتبات والإعلاميات السعوديات لا يتركن فرصة تضيع عليهن في الحديث لقنوات فضائية أو وكالات أنباء أو إذاعات عربية وعالمية ويتحدثن على أنهن نسوة مناضلات في مجتمع يحاربهن ويضيق عليهن وأنهن يتولين إنقاذ المرأة من الاضطهاد.. وأوبرا أخذت عنهن هذه الصورة.. فمن أين اشتقت أوبرا معلوماتها قبل أن تعد برنامجها.. فلماذا تغضبنا أوبرا وكنا نصفق لوقت قريب لغيرها.. ومَنْ قال لهن إنكن تبالغن وتخطأن في حق وطنكن، غضبن عليه ووصفنه بالرجعية والجمود بل والنعامة التي تدس في الرمل رأسها وغيرها من الأوصاف الجاهزة في قواميسهن.. وهدفهن معروف ومكشوف لدى كل ذي عقل لبيب.. هي الشهرة وبريقها التي تعمي الرؤوس وتدير العقول حتى ينسى الضعفاء شيئاً عظيماً اسمه الوطن الذي يتقافزون على حسابه!! ** منذ ظهور رانيا الباز في الإعلام وأنا أقول حقها أن تخرج وتتكلم وليس من بأس في ظهورها.. فالحقيقة لا تغضب أحداً.. وكم رانيا عندنا.. وكم امرأة خرجت بوجه رانيا قبل الترميم وبعده.. إن الحقائق هي وحدها هي التي تعالج المشاكل وتعدل المنحرفين وتعطي إشارة حقيقية عن الموجود والواقعي.. وأوبرا ماذا نتوقع منها وهي منذ خمس سنوات تقرأ في الإعلام الأمريكي الذي هي ابنته الكم الكبير من الحديث السلبي عن بقعة نفطية صحراوية خرج منها في سواد الليل فتيان قادوا العالم نحو هاوية الإرهاب.. وقتلوا الأبرياء وفجروا الطيارات والمتروات!! هل نتوقع منها أن تتحدث عن سميرة إسلام أو ثريا عبيد أو لبنى العليان أو ثريا التركي أو سلوى الهزاع.. لماذا تغضبنا أوبرا حين اختارت (رانيا الباز) كنموذج للمرأة السعودية وسط نماذج نسائية مبهجة من العالم؟.. إن (أوبرا) تعبر عن غضبها واستيائها تجاهنا.. وهي تخدم لعبتها الإعلامية.. الدور والباقي على كثيرات وكثيرين كنا نحدثهم بحب ووطنية عن اللعبة الإعلامية فيتهموننا بالمحافظة والجمود والصمت السلبي.. كنا نقول إن اختيار وقت طرح الموضوع.. مهارة إعلامية.. وإن لغة الموضوع مهارة إعلامية. وإن النجاح الذي يجير للعمل الإعلامي.. يجب أن يكون أولاً وأخيراً فيما يحققه لمصالح الفرد والمجتمع والوطن.. ** لم أغضب من (أوبرا) واستغربت كثيراً حجم الرسائل التي استحثتني على الكتابة بغضب عنها.. منذ ظهور هذه الحلقة في أول الصيف.. والحقيقة أنني لم أغضب.. لأنني أحاكم أوبرا وفق نسقها الثقافي والقيمي ولذا فهي لم تخطئ ولقد قدمتنا كما نحن فلماذا نغضب هل نحن نكره رؤية أنفسنا بحقيقتها.. ألسنا مقتنعين بما نحن عليه إذن!؟!!