جدة.. زراعة أكثر من 15 ألف شجرة خلال الربع الأول من 2024    السعودية تستضيف اجتماعيّ المجلس التنفيذي والمؤتمر العام ل"الألكسو" بجدة    ( مسيرة أرفى ) تعلن عن إنطلاق فعاليات شهر التصلب المتعدد    20 ألف مستفيد من خدمات مستشفى الأسياح    "تعليم تبوك" و"أرامكو" يطلقان حملة توعوية للوقاية من الحرائق    "باحث": لا يوجد أدلة على أن الاستمطار يحدث هطول أمطار شديد    الأمم المتحدة تكشف: آلاف السودانيين يفرون يوميا من جحيم الحرب    80 شركة تشارك بمعرض المنتجات الوطنية السعودية بقطر    المملكة تعين وتروي المحتاجين حول العالم    تنمية جازان تفعل برنامجًا ترفيهيًا في جزر فرسان    رونالدو: لا أركض وراء الأرقام القياسية    "ميدياثون الحج والعمرة" يختتم أعماله    الإيرادات تقفز بأرباح "تداول" 122%    توقعات بهطول أمطار رعدية خفيفة على معظم مناطق المملكة    اللحوم والبقوليات تسبب "النقرس"    السعودية تؤكد ضرورة إعادة هيكلة منظمة التعاون الإسلامي وتطويرها    القبيلة.. وتعدد الهويات الوطنية    «المظالم» يخفض مدد التقاضي و«التنفيذ» تتوعد المماطلين    الأرصاد: توقعات بهطول أمطار على أجزاء من منطقة الرياض    السعودية.. دور حيوي وتفكير إستراتيجي    يسله وجيسوس يحذران المهددين من «الإنذارات»    تعديلات واستثناءات في لائحة ضريبة التصرفات العقارية    «مهندس الكلمة» عاصر تحولات القصيدة وغيَّر أبعاد الأغنية    البدر «أنسن العاطفة» و«حلّق بالوطن» وحدّث الأغنية    «الجمارك»: استيراد 93,199 سيارة في 2023    «السبع» تتخلى عن مصادرة أصول روسيا    بأمر خادم الحرمين.. تعيين 261 عضواً بمرتبة مُلازم تحقيق في النيابة العامة    عضوية فلسطين بالأمم المتحدة.. طريق الاستقلال !    «كاكا» الصباغ صرخة سينمائية مقيمة    لا تظلموا التعصب    أنقذوا «سلة الحقيقة»    معالي الفاسد !    مفاوضات هدنة غزة.. ترقب لنتائج مختلفة    مركز الملك سلمان يواصل مساعداته الإنسانية    70 % نسبة المدفوعات الإلكترونية بقطاع التجزئة    وفاة صاحب السمو الملكي الأمير بدر بن عبدالمحسن بن عبدالعزيز آل سعود    منح تصاريح دخول العاصمة المقدسة    رعى حفل التخرج الجامعي.. أمير الرياض يدشن مشروعات تنموية في شقراء    تحت رعاية ولي العهد.. وزير الدفاع يفتتح مرافق كلية الملك فيصل ويشهد حفل التخرج    الهلال يستأنف تدريباته استعداداً لمواجهة الأهلي    الطائي يتعادل مع الخليج سلبياً في دوري روشن    بتنظيم وزارة الرياضة .. "الأحد" إقامة المؤتمر الدوري للقطاع الرياضي    القيادة تعزي رئيس الإمارات وتهنئ رئيس بولندا    "زرقاء اليمامة".. أول أوبرا سعودية تقدم تفسيراً لإحدى أقدم الأساطير    الذهب يتأرجح مع تزايد المخاوف بشأن أسعار الفائدة    تقدير الجهود السعودية لاستقرار السوق العالمية.. المملكة تعزز تعاونها مع أوزبكستان وأذربيجان في الطاقة    موسكو: «الأطلسي» يستعد لصراع محتمل    يجنبهم التعرض ل «التنمر».. مختصون: التدخل المبكر ينقذ «قصار القامة»    انطلاق فعاليات «شهر التصلب المتعدد» بمسيرة أرفى    النملة والهدهد    «ذبلت أنوار الشوارع.. وانطفى ضيّ الحروف»    لا توجد حسابات لأئمة الحرمين في مواقع التواصل... ولا صحة لما ينشر فيها    أمير الجوف يعزي معرّف جماعة الشلهوب بوفاة شقيقه    وزير الخارجية: السعودية تؤكد ضرورة إعادة هيكلة «التعاون الإسلامي» وتطويرها    محمية عروق بني معارض.. لوحات طبيعية بألوان الحياة الفطرية    "الفقه الإسلامي" يُثمّن بيان كبار العلماء بشأن "الحج"    كيفية «حلب» الحبيب !    بيان صادر عن هيئة كبار العلماء بشأن عدم جواز الذهاب للحج دون تصريح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحرب على الإرهاب والخطر الأخضر

بعد انهيار الاتحاد السوفيتي نادى عدد من السياسيين الأمريكيين مثل زيجنيو برجنسكي zbigniew Brzezinski مستشار الأمن القومي السابق ودان كويل Dan Quail نائب الرئيس جورج بوش الأب باعلان الحرب على الاسلام وقالوا جاء دور «الخطر الأخضر» بعد ان زال «الخطر الأحمر». فلماذا يا ترى أصبغ كبار ساسة الغرب على الاسلام مصطلح «الخطر الأخضر» في الوقت الذي أصبح فيه اللون الأخضر هو شعار أحزاب وجمعيات السلام والبيئة في كافة أنحاء العالم منذ عقود؟ فمثلا هناك حزب الخضر Green Party في أمريكا نفسها وفي معظم دول أوروبا كما ان أكبر منظمة شعبية بيئية عالمية اسمها منظمة السلام الأخضر.
إن كثيراً من سكان كوكب الأرض لا يعلمون ان اللون الأخضر هو شعار الاسلام دين الحياة والنماء والنقاء والسلام العالمي وان الاسلام هو أول دين نادى بالمحافظة على البيئة «الأرض وما عليها من موارد كائنات» منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام. تعالوا معي نستعرض بعض الحقائق من القرآن الكريم والسيرة النبوية الشريفة حول العلاقة الخاصة بين الاسلام واللون الأخضر وحماية البيئة:
* لقد خلق الله تعالى النباتات وأوراق الشجر وهي أساس الحياة من اللون الأخضر. قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ} [الحج: 63] . وقال:{ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَاراً فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ} [يس: 80] ، وقال: { وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِراً نُخْرِجُ مِنْهُ حَبّاً مُتَرَاكِباً وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ
} [الأنعام: 99] .
* فرش أهل الجنة لونه أخضر قال تعالى:{مٍتَّكٌئٌينّ عّلّى" رّفًرّّفُ خٍضًرُ وّعّبًقّرٌيَُ حٌسّانُ} [الرحمن: 76] .
* كذلك ثيابهم من الحرير الأخضر قال تعالى:{عّالٌيّهٍمً ثٌيّابٍ سٍندٍسُ خٍضًرِ وّإسًتّبًرّقِ} [الإنسان: 21] ، وقال:{ أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ } [الكهف: 31] .
شهداء الاسلام طيور خضر في الجنة
جاء في تفسير ابن كثير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئِل في الآية الكريمة {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران: 169] فقال: «أرواحهم في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش تسرح من الجنة حيث شاءت ثم تأوي الى تلك القناديل». وفي حديث آخر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لما أصيب اخوانكم يوم أحد جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة وتأكل من ثمارها وتأوي الى قناديل من ذهب في ظل العرش، فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم، وحسن مقيلهم قالوا يا ليت اخواننا يعلمون ما صنع الله بنا لئلا يزهدوا في الجهاد، ولا ينكلوا عن الحرب فقال الله عزوجل: أنا أبلغهم عنكم فأنزل الله هذه الآيات.
* في أحد الأحاديث الشريفة ورد عن النبي الأمين صلى الله عليه وسلم أن جبريل عليه السلام جاءه وعليه ثوب أخضر.
* هناك الكتيبة الخضراد وهي كتيبة المهاجرين والأنصار في الجيش الاسلامي التي يقودها الرسول محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم.
* وهناك الروضة الخضراء والقبة الخضراء في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم بالمدينة المنورة.
بالاضافة الى ما تقدم اليكم بعض العلاقات من التاريخ الاسلامي:
* الخليفة العباسي المأمون غيَّر الزي الرسمي للدولة العباسية «الشعار» من الأسود الى الأخضر وكان هذا شعار آل البيت.
* القائد العربي عزالدين القسام كون خلايا مقاتلة في فلسطين في أوائل القرن الماضي سمَّاها «الكف الأخضر» لقتال الاحتلال البريطاني.
* تنص المادة 3أ من النظام الأساسي للحكم بالمملكة العربية السعودية مهبط الوحي وقبلة المسلمين ومقر الحرمين الشريفين على أن علم الدولة لونه أخضر ونص على ذلك أيضا نظام العلم الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/3 في 10/3/1393ه. وفي تحليلي ان اختيار الملك عبدالعزيز مؤسس الدولة السعودية الثالثة للون الأخضر وشهادة «لا إله إلا الله محمد رسول الله» والسيف لأنها تمثل رمز للرؤية الاسلامية لوظيفة الانسان المسلم وعلاقته بالوطن المحيط به «البيئة». فالشهادة «أول أركان الاسلام» ترمز الى الايمان بوحدانية الخالق وعلوه وسيادته على ملكوته والايمان برسوله الأمين. أما السيف المسلول الموازي للشهادة فيرمز الى سلطة الانسان كخليفة الله في الأرض مهتدياً بمصادر الشريعة وهما القرآن الكريم والسنة النبوية الطاهرة. أما اللون الأخضر فيرمز الى الحياة والنماء والنقاء والقوة والعطاء والتوازن والتكافل بين المخلوقات.
* أما شعار المملكة فهو سيفان عربيان متقاطعان تعلوهما نخلة خضراء.
الرؤية الاسلامية لعلاقة الإنسان بالبيئة
إن كل شيء في هذا الكون ملك لله سبحانه وتعالى وله وحده السيادة عليه. قال تعالى {الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً} [الفرقان: 2] . كما أن الله تعالى خلق كل شيء لعبادته وكل المخلوقات تسبح لله سبحانه وتعالى. قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوُابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ} [الحج: 18] ، وقوله: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً} [الإسراء: 44].
وخلق الله الخليقة بقدر مسبق وبميزان دقيق جداً ولم يخلق شيئاً صدفة أو عبثاً. يقول سبحانه وتعالى: {إنَّا كٍلَّ شّيًءُ خّلّقًنّاهٍ بٌقّدّرُ} [القمر: 49] . وقال: { اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ} [الرعد: 8] . وقال عز من قائل: { وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [الأنعام: 59] . وقال: { )وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ(19) وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ) (20)
)وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ} [الحجر: 19 - 21] . وقال:{ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [هود: 6] ، وقال {وّأّحًصّى" كٍلَّ شّيًءُ عّدّدْا} [الجن: 28] . وقال تعالى: {وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [يونس: 61] .
ويتفق الاسلام مع الأديان السماوية الأخرى في خلق الانسان من الطين ولكنه يختلف معها في وظيفة الانسان على الأرض. فالمسلم مكلف بوظيفة رئيسية وهي عبادة الخالق الأحد سبحانه وتعالى قال تعالى: {وّمّا خّلّقًتٍ الجٌنَّ وّالإنسّ إلاَّ لٌيّعًبٍدٍونٌ} [الذاريات: 56] ووظيفة متفرعة منها هي الخلافة في الأرض وهذه لا تعني أنه أصبح سيداً أو مالكاً لها ولكنه منح صلاحية رعايتها واستغلال مواردها استغلالاً رشيداً محافظاً جيلا بعد جيل وتبقى الملكية والسيادة لله الواحد القهار. قال تعالى: {وّإذً قّالّ رّبٍَكّ لٌلًمّلائٌٌٌكّةٌ إنٌَي جّاعٌلِ فٌي الأّّرًضٌ خّلٌيفّةْ} [البقرة: 30] ، وقال:{ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْأِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً} [الأحزاب: 72] .
يقول أبو الأعلى المودودي في شرح معنى الخلافة في الأرض: دعنا نأخذ مثالاً: عقار يخصك وعينت شخصاً ما لادارته نيابة عنك، إن هناك أربعة شروط لابد من توفرها أولاً: الملكية الحقيقية للعقار تبقى لك وليست للمدير. ثانيا: أنه يدير ملكك بناء على تعليماتك مباشرة، وثالثاً: أنه يمارس سلطته في الحدود التي أعطيتها له، ورابعاً: أثناء ادارته للعقار هو ينفذ إرادتك ويحقق أهدافك لا أهدافه، ويضيف المودودي أن أي ممثل لا يحقق هذه الشروط الأربعة يكون متعدياً لصلاحياته وخائناً للميثاق المتضمن في مبدأ الخلافة.
لذا أمر الله سبحانه وتعالى الانسان بالمحافظة على الأرض «البيئة» والاستعمال الرشيد لمواردها ومخلوقاتها وعدم الافساد والاسراف فقال: {وّلا تٍفًسٌدٍوا فٌي الأّرًضٌ بّعًدّ إصًلاحٌهّا} [الأعراف: 56]، كما قال:{وّكٍلٍوا وّاشًرّبٍوا وّلا تٍسًرٌفٍوا إنَّهٍ لا يٍحٌبٍَ المٍسًرٌفٌينّ} [الأعراف: 31]، وقال: {وّالَّذٌينّ إذّا أّنفّقٍوا لّمً يٍسًرٌفٍوا وّلّمً يّقًتٍرٍوا وّكّانّ بّيًنّ ذّلٌكّ قّوّامْا} [الفرقان: 67]، وقال: {وّمّا مٌن دّابَّةُ فٌي الأّرًضٌ وّلا طّائٌرُ يّطٌيرٍ بٌجّنّاحّيًهٌ إلاَّ أٍمّمِ أّمًثّالٍكٍم مَّا فّرَّطًنّا فٌي الكٌتّابٌ مٌن شّيًءُ} [الأنعام: 38].
كما أن رسول الإسلام محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم أمر في العديد من المواقف بالنظافة والمحافظة على مخلوقات الله والموارد البيئية وعدم تلويثها والاسراف في استغلالها بل تنميتها. فمثلاً ربط بين الإيمان وإماطة الأذى عن الطريق ونهى عن التبول في الماء الراكد وأنكر على أحد الصحابة الإسراف في الوضوء للصلاة قائلاً: ما هذا السرف يا سعد؟ فقال: أفي الوضوء سرف؟ فقال:«نعم ولو كنت على نهر جار» وكان صلى الله عليه وسلم يتوضأ بمقدار مد ويغتسل بمقدار صاع من الماء. وقال عليه الصلاة والسلام:«المسلمون شركاء في ثلاث الماء والكلأ والنار» وهذا يعني جواز أن يأخذ الانسان مقدار حاجته من موارد المياه والمراعي والطاقة مثل الحطب وغيرها أما ما زاد عن حاجته فإنه يجب عليه تعويض بقية المسلمين عن الأخذ من حقوقهم. ونهى عليه الصلاة والسلام عن تعذيب الحيوان ولعن من اتخذ شيئا فيه روح غرضاً أي صيره هدفاً للموت بهدف التسلية ونهى عن قطع شجرة في الفلاة يستظل بها الإنسان والحيوان غشماً وظلماً، كما قال صلى الله عليه وسلم:«ما من مسلم يغرس غرساً أو يزرع زرعاً فيأكل منه طير أو انسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة»، وقال:«إن قامت على أحدكم القيامة وفي يده فسيلة فليغرسها» والأمثلة كثيرة.
والخلاصة أن الشريعة الاسلامية تنص على ان الله خلق الانسان لوظيفة أساسية هي عبادة الله وحده سبحانه وتعالى ولكي يتمكن من القيام بهذه الوظيفة فقد استخلفه في الأرض يستغل مواردها ومخلوقاتها لمنفعته جيلا بعد جيل بشرط ان يحافظ عليها ويصونها من الافساد والتعطيل والاحتكار والاستغلال الجائر والانقراض والتلوث وذلك للأسباب التالية:
أولاً: أن جميع المخلوقات الحية وغير الحية ملك لله ولها وظيفة دينية وهي كونها آيات دالة على وجود الله الخالق وحكمته وقدرته ورحمته وصفاته الأخرى سبحانه وتعالى.
وثانياً: لأن لها وظيفة دينية أخرى وهي عبادة الله والتسبيح له سبحانه وتعالى.
وثالثاً: لأنها لها وظيفة نفعية لخدمة الانسان والمخلوقات الأخرى.
ورابعاً: أن الإنسان خليفة الله في الأرض ولا يستطيع القيام بهذه المهمة مخلوق سواه.
وخامساً: لأن الاسلام دين أسس على مبدأ الخيرية وحماية البيئة عمل خير.
الرؤية المسيحية واليهودية لعلاقة الإنسان بالبيئة
في عام 1967م نشر المؤرخ الأمريكي Lynn White مقالا في العدد 155 من مجلة Science بعنوان «الجذور التاريخية لأمتنا الإكولوجية» (The Historical Roots of our Ecologic Crlsis) قال فيه: إن الديانتين اليهودية والمسيحية افترضتا الفصل بين الانسان والطبيعة فالانسان هو سيد وليس عضواً في عالم المخلوقات استناداً الى الكتب المقدسة لكلا الديانتين. وقال: إن التراث اليهودي والمسيحي يعتقد بأن سائر المخلوقات لم توجد إلا لخدمة الانسان فقط. ووجد وايت الدليل على نظريته في سفر التكوين Genesis (1:27-28):(كونوا خصيبين وتضاعفوا واملئوا الأرض واقهروها وامتلكوا السيادة على سمك البحر وعلى طيور الجو وعلى كل شيء يتحرك على الأرض). وقال: إن هذا كان المبرر الذي احتاجه المسيحيون لاستعباد الطبيعة متى شاءوا وأكد على أنه لن تحصل تغييرات ايجابية في العلاقة بين الناس والطبيعة حتى نرفض الاعتقاد المسيحي بأن الطبيعة لم تخلق إلا لخدمة الانسان. فطوال ألفي عام فسر المسيحيون الكتاب المقدس لتبرير استغلال واغتصاب الطبيعة بنفس الطريقة التي برر المدافعون عن الرق استغلال واستعباد طبقات معينة من البشر.
إن هذه الرؤية هي أحد الأسباب الرئيسية للمشاكل السياسية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية في كوكبنا اليوم وما النظام العالمي الجديد والعولمة الرأسمالية التي يفرضها الغرب والحروب على الارهاب التي يشنها «محور الشر» جورج بوش وتوني بلير وارييل شارون إلا وسائل جديدة للسيطرة والاستعمار وسرقة موارد الشعوب الأخرى. فحسب ادارة الضرائب الأمريكية (IRS) كان دخل أغنى 400 أربعمائة أمريكي عام 2000م 69 تسعة وستون بليون «مليار» دولار، بينما دخل 19 تسعة عشر دولة أفريقية فقيرة مجموع سكانها 300 ثلاثمائة مليون شخص في عام 2001م كان 68 ثمانية وستين مليار دولار تقريباً.
فهل عرفتم السبب وراء تسمية ساسة الغرب ديننا العظيم بالخطر الأخضر ومحاربتهم له؟ إذاً بما أن هذا الدين يتعرض لهجوم وتشويه لم يسبق له مثيل بحجة مكافحة الارهاب في نفس الوقت الذي يتزايد فيه الاهتمام بحماية البيئة وقوانينها وأحزاب ومنظمات الخضر «السلام والبيئة» ونسبتها الى المجتمعات الغربية لذا أؤكد على أهمية أن يكون جزءاً من الدعوة الى الاسلام والعمل البيئي ابلاغ الشعوب برؤية الاسلام حول البيئة وأن اللون الأخضر هو شعار الاسلام دين السلام والنماء والنقاء وحماية البيئة كما أن نظام الحسبة الاسلامي أسس العمل الحكومي والعمل التطوعي لحماية البيئة والموارد الطبيعية قبل أن تتبناه حكومات العالم والمنظمات غير الحكومية مثل السلام الأخضر وغيرها بأربعة عشر قرناً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.