الاتحاد يمدد عقد عبد الرحمن العبود    غوميز يستهدف بديل إيكامبي    منظومة التدريب التقني والمهني بتبوك تستعرض مبادراتها    استقرار أسعار الذهب    وفد أعضاء لجنة الصداقة البرلمانية السعودية الهندية بمجلس الشورى يلتقي وزير الشؤون البرلمانية وشؤون الأقليات بجمهورية الهند    اللواء العنزي يشهد حفل تكريم متقاعدي الأفواج الأمنية    ملتقى ميزانية 2026 يختتم أعماله    باستوريلو يضع النقاط على الحروف بشأن صفقات الهلال    هيئة الهلال الاحمر بالباحة تشارك جمعية الاطفال ذوي الاعاقة الاحتفاء باليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة    جمعية التطوع تفوز بالمركز الأول في الجائزة الوطنية للعمل التطوعي    وزير التعليم يلتقي القيادات بجامعة تبوك    المجلس العالمي لمخططي المدن والأقاليم يختتم أعماله    المؤتمر العربي رفيع المستوى يدعو إلى تعزيز حماية الأطفال    اعلان مواعيد زيارة الروضة الشريفة في المسجد النبوي    التوصل لإنتاج دواء جديد لعلاج مرض باركنسون "الشلل الرعاش"    هيئة الأدب والنشر والترجمة تنظّم مؤتمر الرياض الدولي للفلسفة 2025    كولينا : استخدام (فار) في احتساب الضربات الركنية لن يعطل المباريات    أمين جازان يتفقد مشاريع الدرب والشقيق    جمعية سفراء التراث تحصد درجة "ممتازة " في تقييم الحوكمة لعام 2024    تهامة قحطان تحافظ على موروثها الشعبي    الدفاع المدني يحتفي بيوم التطوع السعودي والعالمي 2025م    أمير تبوك يستقبل معالي وزير التعليم ويدشن ويضع حجر الأساس لمشروعات تعليمية بالمنطقة    واشنطن تستضيف قرعة كأس العالم 2026 اليوم    رصد مسيرات بالقرب من مسار رحلة زيلينسكي إلى دبلن    أمير جازان يؤدي واجب العزاء لأحد أفراد الحماية في وفاة شقيقته    وزير التعليم يؤكد استمرار تطوير التعليم في تبوك وتعزيز البنية الرقمية وتهيئة البيئة التعليمية    ب 56 ميدالية .. السعودية تتصدر العالم في بطولة كمال الأجسام    معركة الرواية: إسرائيل تخوض حربا لمحو التاريخ    في الوقت القاتل .. سوريا تخطف التعادل أمام قطر في كأس العرب 2025    منتدى القطاع غير الربحي الدولي بالرياض.. خارطة طريق لتعزيز الاستدامة والابتكار في القطاع    سفير المملكة في الأردن يرعى حفل ذوي الإعاقة في الملحقية    مفتي عام المملكة يستقبل الرئيس التنفيذي لهيئة الإذاعة والتلفزيون    السعودية تسجل رقما عالميا في موسوعة غينيس كأكبر عدد من المشاهدين لدروس مباشرة عن التطوع    انطلاق العرض الدولي ال8 لجمال الخيل العربية الأصيلة في ال9 من ديسمبر الجاري بالرياض    قمة البحرين تؤكد تنفيذ رؤية خادم الحرمين لتعزيز العمل الخليجي وتثمن جهود ولي العهد للسلام في السودان    أمير منطقة تبوك يكرم المواطن فواز العنزي تقديرًا لموقفه الإنساني في تبرعه بكليته لابنة صديقه    مفردات من قلب الجنوب ٣١    أكد معالجة تداعيات محاولة فرض الأحكام العرفية.. رئيس كوريا الجنوبية يعتذر عن الأخطاء تجاه «الشمالية»    1.3 مليار ريال للبنية التحتية والكهربائية ل«قمم السودة»    برعاية خادم الحرمين..التخصصات الصحية تحتفي ب 12,591 خريجا من برامج البورد السعودي والأكاديمية الصحية 2025م    مقتل آلاف الأطفال يشعل الغضب الدولي.. العفو الدولية تتهم الدعم السريع بارتكاب جرائم حرب    سمر متولي تشارك في «كلهم بيحبوا مودي»    معرض يكشف تاريخ «دادان» أمام العالم    الناتو يشعل الجدل ويهدد مسار السلام الأوكراني.. واشنطن وموسكو على حافة تسوية معقدة    آل حمدان يحتفل بزواج أحمد    تعاون سعودي – كيني لمواجهة الأفكار المتطرفة    في ذمة الله    صيني يعيش بولاعة في معدته 35 عاماً    ابتكار علاج صيني للقضاء على فيروس HIV    الكلية البريطانية تكرم الأغا    هرمونات تعزز طاقة المرأة العاملة    افتتاح متحف زايد الوطني في أبوظبي    إقحام أنفسنا معهم انتقاص لذواتنا    لم يكن يعبأ بأن يلاحقه المصورون    الطلاق الصامت.. انفصال بلا أوراق يُربك الأسرة    القيادة تعزي رئيس سريلانكا في ضحايا إعصار ديتواه الذي ضرب بلاده    أضخم منصة عالمية للاحتفاء بالحرف اليدوية.. «الثقافية» تمثل السعودية بمعرض أرتيجانو آن فييرا    رجل الدولة والعلم والخلق الدكتور محمد العقلاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفن التشكيلي.. قوة ناعمة أيضاً
محمد الجاد
نشر في الجزيرة يوم 12 - 03 - 2021

تُعد الثقافة من أهم مصادر القوة الناعمة للدول والجماعات في العالم أجمع, حيث تحاول كل دولة تقديم ثقافتها وإرثها للعالم الخارجي بشكل جذاب للتأثير على الآخرين؛ بهدف تقديم صورة إيجابية إلى الخارج واكتساب احترامهم، وذلك من خلال إعلام صادق وجذَّاب ومتنوع, وفي المملكة العربية السعودية توجد مصادر مهمة للثقافة بوسعها أن تقدم صورة أفضل للعالم.
يُذكر أن مصطلح القوة الناعمة صاغه «جوزيف ناي» من جامعة هارفارد, ولقد استخدم هذا المصطلح لأول مرة كتعبير عن النفوذ الذي تمارسه الآداب والفنون وذلك للتأثير على الرأي الاجتماعي والعام والعمل على تغييره، والقدرة على التأثير وجذب الآخرين بالإقناع وليس بالإكراه إلى المسار الذي يخدم كيان الدولة ومصالحها، باستخدام وسائل لا تصل إلى استخدام أدوات القوة الصلبة غير وسائل الإجبار المادي, مما يعني أن القوة الناعمة هو أن يكون للدولة قوة تجسدها أفكار ومبادئ وأخلاق وتسامح وسلام، من خلال دعم مجالات حقوق الإنسان والبنية التحتية والثقافة والفن، حيث أصبحت القوة الناعمة اليوم نمطاً أساسياً في كسب العقول وتطويع العواطف وتحييد سلوك الشعوب عن طريق التسامح وقبول الآخر.
ومما زاد من أهمية القوة الناعمة تنوع أنماطها وتعدد أشكالها وابتعادها عن النمط التقليدي المتمثل بالقوة الفعلية بالمال أو السلاح والعنف، أي أن القوة الناعمة هي أداة فعالة لزيادة نفوذ أي دولة واستراتيجيتها عن طريق تعزيز سمعتها ومكانتها إقليمياً وعالمياً؛ لتأمين سياساتها الخارجية وتطويع حلفائها في المجال الدبلوماسي والثقافي.
يجدر بالذكر أن القوة الناعمة بطبيعتها تمارس عمليات التأثير أولاً، ثم الجذب والإقناع لبناء علاقات متبادلة تمكّن الدول من تحقيق أهدافها بطرق ووسائل أصبحت سهلة وميسرة، كانتشار العولمة ووسائل التواصل الاجتماعي وما صاحبها من ظهور برامج وتطبيقات سهّلت وصول البشر إلى بعضهم البعض من جميع أنحاء العالم لاستثمار التقارب الثقافي العالمي، مما جعل مفهوم (القوة الناعمة) مفهوماً يحقق الانتشار والجاذبية للدول جميعاً وبخاصة الدول التي تمتلك مقومات كبرى كأمريكا وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وغيرها، ما جعل الدول العربية تلجأ إلى استخدامه أيضاً وتضمينه في سياساتها الخارجية، للحفاظ على مصالحها ونفوذها في منطقة تشهد منافسة قوية من قوى دولية وإقليمية تمتلك من مصادر القوة الصلبة ما يفوق قوتها.
من هذا المنطلق يمكن القول إن بلداً مثل المملكة العربية السعودية بمكانتها السياسية الاقتصادية والثقافية والاجتماعية على المستوى الدولي يمكنه أن يؤدي دوراً بارزاً لتحقيق إنجازاته والظفر بالقوة الناعمة بشكل مؤثر وكبير، خاصة أن المملكة على المستوى الاجتماعي تعد الأكثر تفاعلاً مع وسائل التواصل الاجتماعي؛ كونها تحتل أرقاماً متقدمة بين دول العالم فيما يختص بتطبيقات التواصل الاجتماعي العالمية مثل (يوتيوب - تويتر - سناب شات.. وغيرها), كما أن هناك دراسة خلصت إلى أن هناك خمس علامات أساسية بالمملكة العربية السعودية لها أفضل تأثير عند دول العالم، تتضمن ما يلي : مهبط الوحي وأرض الحرمين الشريفين، وقيادة العالم الإسلامي، وتعليم عالٍ متميز، ونموذج اقتصادي جذاب، ومملكة شابة ومتطورة, وهذه العلامات الخمس تمثل عماد القوة الناعمة السعودية التي ينبغي العمل على ترسيخها والمحافظة الدائمة عليها, كما أن الدراسة رصدت أن هناك مجموعة علامات تحتاج إلى مراجعة وهي : الإبداع الفني، الإعلام المؤثر، وجهة ترفيهية جاذبة، وجهة سياحية جاذبة، الإبداع الرياضي، الإبداع الثقافي.
وهذه العلامات يجب استثمارها بالشكل الأمثل, حيث يُلاحظ أن وطننا يتعرض كثيراً لهجمات إعلامية شرسة تحارب دينه وسياسته وثقافته وإرثه، في الوقت الذي تقف السعودية بحزم ضدها إما سياسياً أو دبلوماسياً أو مادياً. وهذا ما يدعو جميع الجهات المسئولة إلى الالتفات إلى أهمية القوة الناعمة وتفعيل جميع مساراتها بطريقة ممنهجة ومستمرة لمحاربة هذه الهجمات القذرة التي ستبقى لها آثار سلبية لو أُغفلت, كما أن العمل على معرفة عناصر القوة الناعمة للسعودية هو ما سيجعلها سلاحاً فاعلاً ومؤثراً في مثل هذه المرحلة التي تناقش على الساحة العالمية قضايا حساسة توظفها بعض القوى والمؤسسات الثقافية والسياسية المعادية للمملكة لصالحها.
فالأزمات تولّد الفرص وتنبه المسئولين إلى مكامن الخلل, والمملكة العربية السعودية تمتلك قوة ناعمة حقيقية وهائلة، ولكنها مع ذلك لم تستثمر الاستثمار الأمثل، وما استفادت منه لم يُوظف ويستثمر بالقدر الذي يتناسب مع ما يتوافر في جعبة المملكة من أدوات وعناصر لهذه القوة الناعمة.
لقد تابعنا لسنوات عديدة جهود وزارة الثقافة والإعلام سابقاً والوفود الثقافية بالخارج وجهود المُلحقيات الثقافية بالسفارات السعودية واجتهادات بعض المؤسسات الخاصة, ولن ننسى بالطبع جهود القائمين عليها لتقديم برامج ثقافية ومشاريع التي قدمت عدداً من المعارض السعودية طافت بها عواصم العالم لم يكن لها ذلك التأثير المستمر والمناسب لتلك الميزانيات الضخمة التي صرفت عليها.
فهل هي كانت كافية لتوضيح ماذا نريد أن نقدم كفنانين تشكيليين سعوديين للعالم؟ وهل عملت على تصدير فنوننا التشكيلية وتراثنا المحلي للخارج بأشكال جاذبة للإنسان في العالم؟
من هنا تبرز أهمية الفن التشكيلي كجزء من الثقافة التي تعد أحد عناصر القوة الناعمة وطرح تساؤلات خلف هذا المقال وتدور حول الآتي :
هل يمكن أن يصبح الفن التشكيلي السعودي أحد العناصر المؤثرة كقوة ناعمة سعودية؟
هل هناك استراتيجية واضحة لتصحيح الصورة النمطية للفنان السعودي التشكيلي وخلق صورة صحيحة لفنون المملكة التي تمثل ثقافتها وإرثها الحضاري أمام دول الخارج؟
كيف يمكن أن نستثمر الفن التشكيلي ليكون عنصراً فعالاً في القوة السعودية الناعمة؟
ما الكيانات الإدارية المسئولة عن تحقيق الإنجازات واستثمار القوة الناعمة السعودية؟
فعندما أعلن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان «رؤية السعودية 2030م» في تاريخ 24 أبريل 2016م, تحررت مصادر القوة الناعمة السعودية من القيود التي كبَّلتها وأعاقتها عن الحركة لمدة طويلة؛ بسبب قوى متشددة حجّمت قيمة أغلب مجالات الفنون والترفيه, فكانت انطلاقة جديدة للثقافة السعودية باعتبارها أحد أهم محركات التحول الوطني نحو التنمية البشرية, حيث تسعى «الرؤية» لتطوير قطاع الثقافة في المملكة، وتأسيس مراكز حاضنة للإبداع وتوفير منصات للمبدعين للتعبير عن أفكارهم وطموحاتهم، مع خلق صناعة ثقافية تعنى بالفن والمسرح والسينما، والأنشطة الفنية والتشكيلية، بالإضافة إلى مبادرات وزارة الثقافة التي أعلنتها قبل فترة التي تضمنت (27) مبادرة، يضاف إلى ذلك تأسيس هيئة تطوير العلا وإحياء المواقع التاريخية.
وعلى ضوء ما ذكرناه أعلاه، فإن قيام صناعة ثقافية سعودية يجب أن تتوافق مع رؤية المملكة 2030، وهذا يتطلب إعداد خطة شاملة ومتكاملة بتعاون مشترك من وزارة الثقافة ووزارة الإعلام والتعليم والسياحة والهيئات الحكومية المعنية بالثقافة التي يجب أن تعمل الآن كراعٍ رئيسي للنهوض بها، وتطوير جميع مجالات الفنون والتراث كقوة حضارية تبدأ بتحديد الموارد الثقافية المتمثلة في كونها قوة ناعمة, وفي قدرتها على تحويل النشاط الثقافي إلى نشاط اقتصادي وسياسي مكتمل الأركان يحقق أهداف رؤية المملكة مستقبلاً, وهذا ما نتمناه جميعا وقريباً.
د. هناء بنت راشد الشبلي - فنانة تشكيلية - الرياض.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.