يسود الاعتقاد بين الناس في كثير من المناطق ان الضبع ينبش القبور، ويأكل الموتى، ولا يزال هذا الاعتقاد موجوداً الى الآن عند اهالي البادية، ولكن كثيراً من «كبار السن أهل الخبرة» ينفون ذلك مؤكدين انهم لم يشاهدوا او يسمعوا في حياتهم قبراً نبشه ضبع، ويذهبون الى الظن ان ذلك ربما كان من عمل الذئب والذي يشم رائحة الميت في قبره وينبشه بحثاً عن الطعام، ولكن تهمة نبش القبور رغم براءة الضبع منها لاتزال تطارده، وهذا ما يفسره قتل الضبع وتعليقه على الأعمدة والأشجار كتقليد تعارفوا عليه.. والضباع عموماً تشكل خطراً كبيراً على مواشي أهل القرى والبادية وهي تعيث فساداً، لذلك يلجأ أهالي البادية الى وضع السم في الجيف تخلصاً منها، وعرف الضبع بالسطو على الحمير المستأنسة ويعتبر الضبع عدو الحمار الأول اذ يقتله حيث وجده، والحمار يخاف من رائحة الضبع وهو ميت، وربما مات هو الآخر من شدة الخوف!! والضبع يتحمل العطش فترات طويلة، ويتجول لمسافات طويلة في المناطق التي يعيش فيها، ومن عادات الضبع عدم قدرته على الاتزان والوقوف حال قيامه من النوم فيستغل الصياد ذلك ويمسكه دون عناء، ومن عاداته ايضا عدم مهاجمته من يدخل عليه المغارة لعدم قدرته على الرؤية، ولكنه ما ان يخرج الى النور حتى يفترس صائده!! تحمل أنثى الضبع لمدة «3» أشهر، تلد بعدها مابين «35» جراء عميان وتكون في الكهوف لمدة عام تحت رعاية والديها، ويعمر الضبع حتى «24» عاماً في حدائق الحيوان. الضباع في اللغة والأدب يضرب بها المثل للتخريب فيقال «أعيث من جعار» لأنها تعيث فساداً في الأغنام ولاتكتفي بما يشبعها وسميت جعار وجعر لأنها تجعر واذا اجتمع الذئب والضبع في الغنم سلمت لأن كل واحد منهما يمنع صاحبه، ولذلك تقول العرب في دعائها: «آللهم ضبعاً وذئباً أي اجمعهما في الغنم لتسلم قال الشاعر: تفرقت غنمي يوماً فقلت لها يارب سلط عليها الذئب والضبعا وقد ارتبط هذا الفساد والتدمير بان سمت العرب السنة المجدبة التي تأكل الماء والغذاء وتفسد الحياة بالضبع قال العباس بن مرداس السلمي: أباخراشة أما كنت ذا نفر فإن قومي لم تأكلهم الضُّبُع كما يضرب بها المثل في الحمق، فيقال «خامري أم عامر» أي اشتري، ويضرب المثل لن يأتي بالكذبة الواضحة للجميع، والضُّبُع معروفة بالحمق، لأنها لاتحذر من صيادها، وقد قيل ان الصياد اذا رمى في جحرها حجراً، خرجت اليه تحسبه فريسة، فيصطادها، كذلك يقولون بعض الكلمات على باب جحوها فتخرج اليهم بغباء!! ومن الأمثلة المشهورة عنها قولهم «مجير أم عامر» ويضرب المثل للمحسن الذي يكافأ بالإساءة، وقصة المثل ان جماعة خرجوا للصيد فوجدوا ضبعاً فطاردوها حتى لجأت الى خباء اعرابي فدخلته فأجارها الاعرابي كعادة العرب وحال بينها وبين مطارديها، وبقيت عنده يطعمها ويسقيها فترة من الزمن، وفي احد الايام وبينما هو نائم وثبت عليه وبقرت بطنه ثم ولت هاربة، وجاء ابن عم له يطلبه فوجده مبقور البطن، فعرف انها الضبع، وأخذ كنانته واقتفى اثرها حتى ادركها وقتلها، وجاء شعراً: ومن يصنع المعروف في غير أهله يلاقي الذي لاقى مجير أم عامر أعدّ لها لما استجارت ببيته أحاليب البان اللقاح الدوائر وأسمنها حتى إذا ما تمكنت برته بأنياب لها وأظافر فقل لذوي المعروف هذا جزاء من يجود بمعروف إلى غير شاكر ** المراجع: كتاب الحيوان للجاحظ، عجائب المخلوقات للقزويني، مجمع الأمثال للميداني.