ننشط في تعبدنا إذا كنا في رحاب البيت العتيق فندخل المسجد الحرام قبل الأذان وإن تأخرنا فأثناءه، نؤدي السنن الرواتب القبلية والبعدية ونظفر بتكبيرة الإحرام مع الإمام، نقرأ القرآن قراءة شبه متواصلة، نطوف بالكعبة المشرفة، نتصدق، نصلي سُنَّة الضحى، نقوم قبل صلاة الفجر لنصلي صلاة الليل ليلنا ونهارنا في مكة عبادة أو استعداد للعبادة، إنها حياة جميلة ولكن وآهٍ من لكن هذه، ما ان نعود من مكة إلا ونحن من هذه السيرة الحسنة حالنا منفكة لا ندخل المسجد إلا بعد الأذان، وربما قرب الإقامة وربما أيضاً قمنا لإكمال ما فاتنا بعد سلام الإمام، السنن القبلية والبعدية دائماً هي آخر الاهتمامات، فإن كان ثمة شغل (ما) فهو الأهم، وقراءة القرآن بيننا وبينها أمد بعيد، فقد يمضي اليوم والأسبوع والشهر والشهران ولم نفتح المصحف والأيام وربما الأسابيع، ولم نقرأ ما نحفظه من القرآن، الريال في قلوبنا لا في أيدينا إذا لم نكن في مكة لذا لا نتصدق بعشر ما نتصدق به في مكة، سنّة الضحى ليست في قاموسنا بعد أن نعود من مكة، أما صلاة الليل فالنوم قد غيبها إنها صورتان متغايرتان يعيشها كثير منا إلا من رحم ربي، والسؤال الذي يطرح نفسه كيف لنا أن نحافظ على مستوى معين من المحافظة على صلاة الجماعة وقراءة القرآن وصلاة الليل وسنة الضحى والصدقة والبر والسنن الرواتب؟ كيف لنا أن نجعل خطوطاً حمراء لا يمكن أن نتجاوزها في مستوى تعبدنا؟ كل هذه الأسئلة وغيرها نجدنا في حاجة إلى الإجابة عليها إجابة عملية لا نظرية!!، اعتقد أننا لو كنا في شأن دنيوي لبذلنا كل شيء من أجل أن نحافظ عليه وذلك ينبع من أهميته لدينا، فمن المؤسف أن حرصنا على طاعتنا لله رب العاملين لا يصل إلى معشار أمر من أمور دنيانا الفانية وخصوصاً إذا كان في فلك الدرهم والدينار!!