السعودية تدين الاعتداء السافر من قِبل مستوطنين اسرائيليين على مقر الأونروا بالقدس    توقع بهطول أمطار رعدية    مغادرة أولى رحلات المستفيدين من مبادرة "طريق مكة" من جمهورية بنجلاديش متجهة إلى المملكة    إطلاق مبادرة SPT الاستثنائية لتكريم رواد صناعة الأفلام تحت خط الإنتاج    إخلاء مبنى في مطار ميونخ بألمانيا بسبب حادث أمني    ريال مدريد يقلب الطاولة على بايرن ويتأهل إلى نهائي "الأبطال"    طرح تذاكر مباراة النصر والهلال في "الديريي"    وصول أولى طلائع حجاج الخارج ل"مطار المدينة"    هبوط المخزونات الأمريكية يصعد بالنفط    "واتساب" يجرب ميزة جديدة للتحكم بالصور والفيديو    زيت الزيتون يقي أمراض الشيخوخة    الديوان الملكي: وفاة والدة الأمير سلطان بن محمد بن عبدالعزيز آل سعود    محادثات "روسية-أرميني" عقب توتر العلاقات بينهما    بايدن يهدد بوقف بعض شحنات الأسلحة إلى إسرائيل إذا اجتاحت رفح    «سلمان للإغاثة» يختتم البرنامج التطوعي ال25 في «الزعتري»    السعودية تحقق أعلى مستوى تقييم في قوانين المنافسة لعام 2023    أشباح الروح    بحّارٌ مستكشف    جدة التاريخية.. «الأنسنة» بجودة حياة وعُمران اقتصاد    دجاجة مدللة تعيش في منزل فخم وتملك حساباً في «فيسبوك» !    الاتحاد يتحدى الهلال في نهائي كأس النخبة لكرة الطائرة    منها الطبيب والإعلامي والمعلم .. وظائف تحميك من الخرف !    النوم.. علاج مناسب للاضطراب العاطفي    احذر.. الغضب يضيق الأوعية ويدمر القلب    المملكة ونمذجة العدل    القيادة تعزي رئيس البرازيل    فهيم يحتفل بزواج عبدالله    نائب أمير منطقة مكة يكرم الفائزين في مبادرة " منافس    ختام منافسة فورمولا وان بمركز الملك عبدالعزيز الثقافي    كشافة شباب مكة يطمئنون على المهندس أبا    أسرة آل طالع تحتفل بزواج أنس    " الحمض" يكشف جريمة قتل بعد 6 عقود    سعود بن جلوي يرعى حفل تخريج 470 من طلبة البكالوريوس والماجستير من كلية جدة العالمية الأهلية    14.5 مليار ريال مبيعات أسبوع    محافظ قلوة يدشن أعمال ملتقى تمكين الشباب بالمحافظة.    يسرق من حساب خطيبته لشراء خاتم الزفاف    روح المدينة    خلال المعرض الدولي للاختراعات في جنيف.. الطالب عبدالعزيزالحربي يحصد ذهبية تبريد بطاريات الليثيوم    البلوي يخطف ذهبية العالم البارالمبية    الوعي وتقدير الجار كفيلان بتجنب المشاكل.. مواقف السيارات.. أزمات متجددة داخل الأحياء    مدرب أتالانتا: مباراة مارسيليا الأهم في مسيرتي    الجولة ال 31 من دوري روشن للمحترفين.. نقطة تتوج الهلال أمام الحزم.. والشباب يستقبل الأهلي    مهرجان المنتجات الزراعية في ضباء    نائب أمير الشرقية يلتقي أهالي الأحساء ويؤكد اهتمام القيادة بتطور الإنسان السعودي    لقاح لفيروسات" كورونا" غير المكتشفة    سمير عثمان لا عليك منهم    الذهب من منظور المدارس الاقتصادية !    تغيير الإجازة الأسبوعية للصالح العام !    الاتصال بالوزير أسهل من المدير !    حماس.. إلا الحماقة أعيت من يداويها    أعطيك السي في ؟!    35 موهبة سعودية تتأهب للمنافسة على "آيسف 2024"    "الداخلية" تنفذ مبادرة طريق مكة ب 7 دول    وزير الشؤون الإسلامية يدشّن مشاريع ب 212 مليون ريال في جازان    سمو محافظ الخرج يستقبل رئيس مجلس إدارة شركة العثيم    أمير تبوك يشيد بالخدمات الصحية والمستشفيات العسكرية    المدح المذموم    الأمير خالد بن سلمان يرعى تخريج الدفعة «21 دفاع جوي»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كلمات في تهذيب النفس


(1)
إن رأيتَ من استَفْززتَ ركينًا وقورًا، فلا تحملنّ ذلك على العجز عن جوابك، فربما كان الصمتُ أبلغَ ردّ على غلظتك وعُنجهيّتك.
وكائِنْ ترى مَن آثر الصمتَ، إبقاءً على المودّة، ومراعاةً للخِلطة، ووفاءً للسابقة. ولو شاء لانتصر منك، غير أن المروءة تحجزه عن التقحّم على موارد السّفَه.
(2)
لا يكوننّ دأبُك في المجالس (قيل وقال)، فما فيهما سوى وجع الأحناك، واحتمال الأوزار، وملابسة الوقاحة، واعتياد الغيبة، وبَسْط قَفا عِرْضك لغيرك. وما رأيت مشغوفًا بالهذر إلا وجدتُ أثر ذلك في شمائله، خفّةً ونزَقًا، وفي سُمعته، استثقالًا له، وإعراضًا عنه، وفي معيشته ضيقًا ونكَدًا.
(3)
اللبيب يُطيل الفكر، ويمدُّ أنفاس التأمّل.
فإذا همَمْتَ بأمرٍ فأَجِلْ فيه فكرك، فإنه إما أن يكون خيرًا، تزداد إحكامًا له وضبطًا لأقطاره إن تأنّيت فيه، أو شرًّا يستبين لك عُوارُه، فتستنقذ نفسَك من الوقوع فيه.
وما كانت الأناة في شيء إلا زانته، وما دخل التهوّر في شيء إلا شانه.
(4)
رُضْ نفسَك على أن تقول لها: (لا)، فما من مُدلّلٍ شرٌّ من نفس. وعود لسانَك أن يكون قارورةَ عطر، وعينَك أن تكونَ رائدَ فضل، وأذنَك أن تمسيَ سمّاعةً للخير، مجّاجةً للشر، وقلبَك أن يكونَ قبرًا لما يخوض فيه الناسُ، مما لا نفع فيه.
واعلم أن شرّ أعدائك بين جنبيك، فاحتَطْ لنفسك من نفسك.
(5)
أحدّثك عن رجلٍ كان لا يرى إلا نفسه، حتى في مجالس السمر ومطارح المنادمة، فما هو إلا أن نبذه الناس، واستثقلوا طلعته، وتواطؤوا -وإن لم يصرّحوا- على اطّراحه، بل تقذّر بعضهم صحبتَه، ومجّوا ذكر اسمه، فصار في سَواء الجهالة، نسيًا منسيًّا:
ومن دعا الناسَ إلى ذمّه
ذمّوه بالحقّ وبالباطلِ
(6)
لو شئتُ أن أحدّثك عن ضروب الأصدقاء، لطال بي نفَس القول، واطّردت لي مسالك التصنيف، غير أني أُوجِز لك الصداقة بأنها: علاقة الأرواح لا صلة الأجساد.
ولأن الروح شفيفة غامضة، كان الصديقُ الحقّ شفيفًا غامضًا، لا تدري لماذا ارتضيته، ولا يدري هو لمَ ارتضاك!
(7)
أُشفِقُ بعضَ الإشفاق على من شَغلتْه نفسُه.
وأشفق كلَّ الإشفاق على من اشتغل عن نفسه.
(8)
اعلم أن الزمان معلّم مخلص، ولكنه ابتُلي بتلاميذ أغبياء وأشقياء، بعضهم لا يفهم، وإذا فهم لا يعمل، وإذا عمل لا يُخلص، وإذا أخلص لا يستمر على إخلاصه. وبعضهم لا يتعلم من الزمان، بل يخالفه إلى ما ينهاه عنه. وكلنا تلاميذ بين يديه، فلننظر، أمن القلّة النُّجباء نحن؟ أم من الثُّلّة الأشقياء؟
(9)
لا تحسبنّ الناصحَ مبرّأ من النقص، سالمًا من العيب، فما هو إلا أنت، ولكنّ فيه فضيلة الطموح إلى الكمال، وحسنةَ التطلّع إلى الإصلاح. عرف فأراد أن يعرِّف، ووصل فشاء أن يصل غيرُه.
(10)
قد تجالس الثقيل، فتقتضيك المروءةُ إشعارَه أنك أنست به، وإن كان كالشجا في حلقك، وكالقذاة في عينك، ولولا المروءة لما تعايشنا.
غير أن الداهية النّآدَ أن يجمع مع الثقَل فَدامة وحمقًا، فيصدّق أنك حبيبه الأثير، وصديقه الحميم، فتُبتلى به الأبد الأبيد! فإذا وقعتْ بك هذه الواقعة، فاقرأ على عافية روحك السلام، وأحسن الله عزاءك فيك. وحتى تخلُص منه وتملُص اجعل في وردك أن تدعو بالخلاص منه، وألا يُبتلى به غيرك. وألا تكون مثلَه، فهذا هو المطلوب الأعظم.
(11)
إن شَغلتَ نفسك بشتم الشوك ومناكفة الحجارة الغليظة، ضاع وقتك، وأهدرت عمرك. فدع الشوكَ سادرًا في غيّه، وتمتع بلطافة الزهر، وتنشّق عَرفه، وامض ولا تلتفت، ففي الدروب حماقات، وفي كل جهةٍ عينٌ حاسدة، وقلبٌ حاقدٌ.
(12)
إذا قابلت الإحسان بالإحسان، فذلك نُبل ومروءة.
وإذا قابلت الإساءة بالإساءة، فأنت حرّ تنتصر لنفسك، وقد تجد من يعذرك.
وإذا قابلت الإحسان بالإساءة، فتلك نذالة وخسّة.
وإذا قابلت الإساءة بالإحسان، فهذه عَظَمة. وما يُلقّاها إلا أولو الهمم العالية، وذوو النفوس الصافية.
(13)
من الداء الخفي في الجليس ألا يحسنَ القولَ إلا في أمر واحد، فهو لا يتحدث إلا عنه، ولا يأنس إلا به، ولا يهشّ لك إلا إذا أعَنْته عليه. لي صديق من هذا الضرب، أردت مرارًا أن أخرجه من موضوعه الأثير، فما استطعت، وله في الرجوع إليه طرق لا توصد.
قل: إنه يحبّ الحديث عن الشوارع مثلًا، فلو سألتُه: هل اشتريت كتابًا جديدًا، لقال: وكيف أصِل إلى المكتبات والشوارع مزدحمة؟ ولو قلت له: هل سمعتَ الخبر الفلاني؟ لقال: نعم، وكنتُ حينذاك في أحد الشوارع التي فيها وفيها...ولو قلتُ: ما حال أولادك؟ لقال: (الله يفكهم من الشوارع، ففيها وفيها) ولو سألته: هل دخل وقت الصلاة؟ لأجاب: نعم، ولكن كيف نصل إلى المسجد، والشوارع فيها وفيها؟
فإذا أطبق عليّ الملل، وخرجت، لحقني قائلا: انتبه من مخاطر الشوارع، فإن فيها وفيها.
وإذا هتفتُ بجواله قال: رزقنا الله هذه الجوالات، فاسترحنا من الشوارع التي فيها وفيها.
ولما نجَمَت (الكُرونا)، وحُظر التجول، صار يرسل إليّ رسائل عن فرحه بالمكث في البيت، وخلاصه من الشوارع التي فيها وفيها... فما الحيلة في هذا الشوارعي؟ إن هذا الضرب من الجلساء بغيضٌ كلّ البغض، تهتمّ للقائه، وتغتمّ بلقائه، وخير ما فيه أنه علّمني بعض النقائص، فسعيت إلى اجتنابها. إن أخطاء الآخرين دروس لتهذيب النفس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.