كانت مدينة (تعز) رئة اليمن الفكرية والثقافية التي منها وإليها يعود العز والاعتزاز، ولا تزال (تعز) هي تلك النواة التي حولها تدور الحركة الفكرية والسياسية، وستظل كما هي عزيزة تتأبى بكرامتها بالعزة على السقوط في وحل ضيق الحال، وسوء المآل، وألم العقوق بإهمال أو عدم تقدير دورها كمربية للفكر والثقافة، على مدى سنتين، تئن وهي صابرة متجلدة تحت وطأة طغيان المخلوع والحوثية. ظلت تعز أبية صامدة على مدى سنتين، تنتظر متى يدرك أنها الرئة التي تمد اليمن بأكسجين الحياة. وقد ذكرتُ من واقع معرفة، وفي أكثر من صيغة من خلال أكثر من مقال بعد بداية عاصفة الحزم بأن تعز محور فلك اليمن كله، مؤمناً بما كنت أقوله عن دور تعز حتى تاه فكري وساء ظني في حسن تقديري لأهمية تعز وتأثير وضعها على مجمل الأوضاع في اليمن كله حينما طالها أمد التأجيل والانتظار. أما وقد بدأنا نستشرف الأمل مما نقرأ ونسمع عن أن إمداداً يستهدف فك القيود المليشاوية (الحوثية والمخلوعة) عن تعز، ليرتفع صوت المؤذن لا للنفير، بل منادياً للصلاة لتشرق شمس الحرية من حيث أشرق نور الإسلام على تعز بمقدم معاذ - رضي الله عنه وأرضاه - لتشرق شمس تعز صباح كل يوم من مطلعها فوق الحوبان نقية صافية لا يعكر ضوء بزوغها غبار جنازير دبابات، وأدخنة مدافع ومقذوفات مليشيات ترتزق بالموت وسفك الدماء. لا يكفى تعز لتمارس دورها كنواة تطلق جاذبيتها لساحة الجغرافية اليمنية، ما لم يغسل رداءها الساحلي، لينشر أريج وادي الضباب، وندى ووادي رسيان حتى يعانق أريج الفل والكادي المتحدر مع منحدرات وادي مور حتى يعانق ضوء لآلئه لؤلؤ اللحية. هناك حيث عبق التاريخ لا يزال شاهداً على ماض مزهر لتلك المدينة الأثرية على ساحل شمال الحديدة، متى ما تم تطهير الساحل الغربي لليمن تبعاً لطهارة تعز. ومتى لوى الانقلابيون أعناقهم وطأطؤوا رؤوس المذلة وانقادوا إلى حيث يراد لهم، لا حيث يريدون...