من الخطوط الهندسية إلى عبير الزهور    جبال فيفا.. كنز السياحة والطبيعة في جازان    ليفربول يفتح دفتر التعازي في وفاة جوتا    محمد بن عبدالرحمن يُشرّف حفل سفارة الفلبين لدى المملكة    وزير الخارجية يصل إلى موسكو في زيارة رسمية لروسيا    منتخب التشيك يجهز الأخضر لملحق المونديال    أمير حائل يضع حجر الأساس لإحدى الشركات الوطنية للمواشي    ضبط (6) مخالفين في عسير لتهريبهم (100) كجم "قات"    حرس الحدود بجدة ينقذ مواطنًا تعطلت واسطته البحرية في عرض البحر    نائب أمير منطقة الرياض يؤدي صلاة الميت على والدة أبناء عبدالعزيز السالم    إنقاذ طفل ابتلع حبة بقوليات استقرت في مجرى التنفس 9 أيام    رئيس مجلس الشورى يلتقي رئيس وزراء مملكة كمبودي    حمد الله يشارك في تدريبات الهلال    فرع هيئة الأمر بالمعروف بالشرقية ينظم ندوة للتوعية بخطر المخدرات    لجنة الصداقة السعودية التركية في مجلس الشورى تعقد اجتماعًا مع نظيرتها التركية    استقرار أسعار الذهب مع ترقب المستثمرين توجهات خفض أسعار الفائدة    مدير شرطة عسير يقلد عايض القحطاني رتبة «رائد»    "ملتقى خريجي الجامعات السعودية يجسّد جسور التواصل العلمي والثقافي مع دول البلقان"    تأشيرة سياحية موحدة لدول مجلس التعاون.. قريباً    استشهاد 22 فلسطينيًا في قصف على قطاع غزة    رئيس جمهورية إندونيسيا يغادر جدة    أبانمي ترعى برنامج عطاء الصيفي بمشاركة ٢٥٠ يتيم    الأهلي يكشف شعاره الجديد ويدشّن تطبيقه ومنتجاته    صراع قوي في ربع نهائي مونديال الأندية.. نهائي مبكر بين بايرن وباريس.. وريال مدريد يواجه دورتموند    أطلقت مشروع (تحسين الأداء المالي للأندية).. "الرياضة" تنقل أعمال لجنة الاستدامة المالية إلى رابطة المحترفين    شدد على أهمية الانخراط في تسوية سياسية عادلة.. المبعوث الأممي يدعو اليمنيين لإنهاء الحرب    وسط توترات إقليمية متصاعدة.. إيران تعلق التعاون مع وكالة الطاقة الذرية    روسيا: فرصة لتسريع نهاية الحرب.. أوكرانيا تحذر من تبعات تأخير الأسلحة الأمريكية    911 يستقبل 2.8 مليون اتصال في يونيو    غندورة يحتفل بقران «حسام» و«حنين»    جامعة الملك سعود تحذر من خدمات القبول المزيفة    أمطار على جنوب وغرب المملكة الأسبوع المقبل    أنغام: لست مسؤولة عما يحدث للفنانة شيرين عبد الوهاب    49.4 مليار ريال إنفاق الزوار في الربع الأول    دعم النمو وجودة الحياة.. الرياض تستضيف"سيتي سكيب"    القبول في الكليات العسكرية للجامعيين.. الأحد المقبل    "الغذاء والدواء": جميع المنتجات تخضع للرقابة    «الكتابات العربية القديمة».. أحدث إصدارات مركز الملك فيصل    باب البنط بجدة التاريخية.. ذاكرة الأصالة والتراث    تكريم عائلة المشجع المكمل ل«المليونين» في المونديال    المخدرات الموت البطيء    الإنجاز والمشككون فيه    الجامعات السعودية تنظم ملتقى خريجيها من البلقان    أخضر السيدات يخسر أمام هونغ كونغ في التصفيات الآسيوية    اللقاءات الثقافية في المملكة.. جسور وعيٍ مستدام    «تسكيائي» اليابانية.. وحوار الأجيال    الشكوى هدية    الأمير جلوي بن عبدالعزيز يرعى حفل انطلاق فعاليات صيف نجران    الشؤون الإسلامية في جازان تنفذ عدة مناشط دعوية في الجوامع والمساجد    أمير منطقة جازان يشهد توقيع اتفاقيات انضمام مدينة جيزان وثلاث محافظات لبرنامج المدن الصحية    الأمير ناصر بن محمد يستقبل رئيس غرفة جازان    ترامب يهدد بترحيل ماسك إلى جنوب إفريقيا    بلدية المذنب تطلق مهرجان صيف المذنب 1447ه بفعاليات متنوعة في منتزه خرطم    أمير تبوك يطلع على تقرير فرع وزارة النقل والخدمات اللوجستية بالمنطقة    تأهيل الطلاب السعوديين لأولمبياد المواصفات    انطلاق النسخة الثامنة لتأهيل الشباب للتواصل الحضاري.. تعزيز تطلعات السعودية لبناء جسور مع العالم والشعوب    المفتي يتسلم تقرير العلاقات العامة بالإفتاء    العثمان.. الرحيل المر..!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل يصحّ التفاضل بين اللغات؟ وأين مكان العربية؟ 4
نشر في الجزيرة يوم 10 - 09 - 2016

ونواصل العرض الوجيز لشهادات العلماء في مكانة العربية وتفضيلها:
21 - فمن الأقوال التي تدل على إدراك غير العرب عظمةَ العربية وتمكنها في نفوسهم والإقرار بمكانتها قول جلال الدين الرّومي في (المثنوي) وهو الملقّب: ((قرآن الفرس)) بعد أن ذكر قصّة بالعربية: ((والآن لنعد إلى الفارسية وإن كانت العربية أعظم وأجمل))، وقريب من هذا قول أبي الريحان البيروني (440 ه) العالِم الشهير، الذي كان يعيش ثقافتين الفارسية والعربية: ((والله لأَنْ أُهْجَى بالعربية أحبُّ إليَّ من أنْ أُمدح بالفارسية!)).. وكان جار الله الزمخشريُّ (وهو من أصل فارسي) يقول في مقدمة المفصّل: ((أحمدُ اللهَ على أنْ جعلني من علماءِ العربية)).
22 - ويرى ابن سنان الخفاجي (ت 466ه) في سرّ الفصاحة أنه لا خفاء في أمر امتياز العربية على سائر اللغات وفضلها عليهنّ. ويؤيّد رأيه بسعتها في المعجم والمترادفات، وهي مع هذه السعة والكثرة أخصر اللغات في إيصال المعاني وذكر أن ذلك يبين في النقل إليها، فليس كلامٌ ينقل إلى لغة العرب إلا ويجيء الثاني أخصر من الأول مع سلامة المعاني وبقائها على حالها. قال الخفاجي: وقد أخبرني أبو داود المطران -وهو عارف باللغتين العربية والسريانية- أنه إذا نقل الألفاظ الحسنة إلى السرياني قبحت وخسّت، وإذا نُقل الكلام المختار من السريانية إلى العربية ازداد طلاوة وحسناً؛ قال الخفاجي: وهذا الذي ذكره صحيح يخبر به أهل كل لغة عن لغتهم مع العربية. وقد حُكي أن بعض ملوك الروم -وأظنه نقفور- سأل عن شعر المتنبي فأنشد له:
كأنّ العِيسَ كانت فَوْقَ جَفني
مُناخاتٍ فلمَّا ثُرْنَ سالاَ
وفُسِّرَ له معناه بالرومية فلم يعجبه، وقال كلاما معناه: ما أكذب هذا الرجل كيف يمكن أن يُناخ جملٌ على عين إنسان؟ قال الخفاجي: وهذا يعود إلى ما ذكرته عن النقل إلى اللغة العربية ومنها وتباين ذلك وأن فيها من الاستعارات والألفاظ الحسنة الموضوعة ما ليس مثله في غيرها من اللغات. فإذا نُقلت لم يجد الناقل ما يتوصّل به إلى نقل تلك الألفاظ المستعارة بعينها وعلى هيئتها لتعذّر مثلها في اللغة التي تنقل إليها.
23 - وعقد المطران يوسف داود مطران السريان في الموصل دراسة مقارنة تحت عنوان (تفوّق العربية على جميع لغات الدنيا) في كتابه (التَّمْرِنة في الأصول النحوية) فوازن بين العربية والسريانية والعبرية، وانتهى إلى تفوّق العربية في النظامين النحوي والصرفي وفي ثراء المعجم. وللأب أنستاس الكرملي في كتابه (نشوء اللغة ونموّها واكتهالها) رأي صريح في تفضيل العربية، وهو الخبير العارف بأسرارها ودقائقها بعد أن أفنى عمره في دراستها، فقال في شهادته: ((لسان العرب فوق كل لسان، ولا تدانيها لسان أخرى من ألسنة العالم جمالاً، ولا تركيبا، ولا أصولا...))
24 - وكان إبراهيم أنيس في كتابه (اللغة بين القومية العالمية) يَعُدُّ العربية لغةً ذات مكانة عالية، وأنها اتسمت بسمات اللغة العالمية، ويوجزها في ثلاث سمات: الأولى: أنها لغة ديمقراطية لا تخاطب الكبير بخطاب والصغير بخطاب آخر، ولا تخلط بين ضمير المفرد وضمير الجمع، وإلى غير ذلك من أساليب أصيلة في العربية سوّت بين الناس في الخطاب والغيبة والتكلم. والسمة الثانية سعة انتشارها واصطناع شعوب متعددة لها. والسمة الثالثة: أنها وهي في أوج نهضتها قد رحّبت بكثير من الألفاظ التي اقترضتها من اللغات الأخرى، واستغلتها في المصطلحات العلمية ولغة الكلام، ولكنها لم تسمح لها إلا في النادر باقتحام حصون الأدب العربي. ويذكر أنيس من علامات قوة العربية أنها صمدت في كل تاريخها ولم يؤثر عليها ضعف أهلها عدة قرون بعد القرن الرابع، بخلاف اللاتينية التي ماتت نتيجة لظروف ومصاعب واجهتها، ويذكر أن المقارنة المنصفة بين العربية واللاتينية ترينا بوضوح أن القرن الثامن الميلادي قد شهد لغتين عالميتين عربية الإسلام في المشرق ولاتينية الكنيسة في أوروبا أيام شارلمان، وأنهما كانتا في ذروة مجدهما، ثم تعرّضتا لظروف متشابهة، فتفككت اللاتينية وماتت وقامت على أنقاضها لغات كالإيطالية والفرنسية والأسبانية، وأما العربية فعلى الرغم مما أصاب المشرق من مآس واضمحلال سياسي وحضاري وثقافي خلال عشرة قرون ظلّت صامدة تقويّها الروح الإسلامية وتشد من أزرها.
وأقول: لم تنفع اللاتينية روح الكنيسة، حتى لا يقال إن عامل البقاء والثبات للعربية ديني محض، وكذلك لم ينفع هذا العامل العبرية القديمة التي ماتت من قبل وهي لغة التوراة. (يتبع)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.