السعودية والأمريكية    «الأقنعة السوداء»    العيسى والحسني يحتفلان بزواج أدهم    احذر أن ينكسر قلبك    5 مخاطر صحية لمكملات البروتين    تقنية تخترق أفكار الناس وتكشفها بدقة عالية !    إلتقاء سفيرة خادم الحرمين الشريفين بطلبة المنتخب السعودي في آيسف.    فتياتنا من ذهب    حلول سعودية في قمة التحديات    تضخم البروستات.. من أهم أسباب كثرة التبول    بريد القراء    الرائد يتغلب على الوحدة في الوقت القاتل ويبتعد عن شبح الهبوط    رئيس موريتانيا يزور المسجد النبوي    حراك شامل    ابنة الأحساء.. حولت الرفض إلى فرص عالمية    ولي العهد يلتقي الأمين العام للأمم المتحدة وملك الأردن والرئيس السوري    هتان السيف.. تكتب التاريخ في الفنون القتالية    الاستشارة النفسية عن بعد لا تناسب جميع الحالات    الإطاحة بوافد مصري بتأشيرة زيارة لترويجه حملة حج وهمية وادعاء توفير سكن    مدير عام مكتب سمو أمير منطقة عسير ينال الدكتوراة    مستقبل الحقبة الخضراء    تركي بن طلال يرعى حفل تخريج 11 ألف طالب وطالبة من جامعة الملك خالد    الشريك الأدبي وتعزيز الهوية    التعليم في المملكة.. اختصار الزمن    صالح بن غصون.. العِلم والتواضع        الدراسة في زمن الحرب    76 مليون نازح في نهاية 2023    فصّل ملابسك وأنت في بيتك    WhatsApp يحصل على مظهر مشرق    فوائد صحية للفلفل الأسود    ايش هذه «اللكاعه» ؟!    خطر الوجود الغربي    العام والخاص.. ذَنْبَك على جنبك    حق الدول في استخدام الفضاء الخارجي    كلنا مستهدفون    أثقل الناس    تحولات التعليم.. ما الذي يتطلب الأمر فعله ؟    لماذا يجب تجريم خطاب كراهية النساء ؟    الاتحاد يتعثر من جديد بتعادل أمام الخليج    المسابقات تعدل توقيت انطلاق عدد من مباريات دوري روشن    بتوجيه ولي العهد.. مراعاة أوقات الصلوات في جدولة المباريات    البنيان يشارك طلاب ثانوية الفيصل يومًا دراسيًا    رئاسة السعودية للقمة العربية 32.. قرارات حاسمة لحل قضايا الأمة ودعم السلام    أمير القصيم يرفع «عقاله» للخريجين ويسلم «بشت» التخرج لذوي طالب متوفى    النفط يرتفع والذهب يلمع    أمير تبوك يرعى حفل جامعة فهد بن سلطان    بمشاركة السعودية.. «الحياد الصفري للمنتجين»: ملتزمون بالتحول العادل في الطاقة    أمطار على أجزاء من 6 مناطق    صفُّ الواهمين    أمير تبوك يطلع على نسب إنجاز مبنى مجلس المنطقة    برعاية ولي العهد.. انطلاق الملتقى العربي لمكافحة الفساد والتحريات المالية    سقيا الحاج    خادم الحرمين الشريفين يصدر عدداً من الأوامر الملكية.. إعفاءات وتعيينات جديدة في عدد من القطاعات    أمين العسيري يحتفل بزفاف نجله عبد المجيد    معرض"سيريدو العقاري"أحدث المشاريع السكنية للمواطنين    رحالة فرنسي يقطع ثمانية آلاف كلم مشياً على الأقدام لأداء مناسك الحج    رعاية ضيوف الرحمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لهذا أكتب!
نشر في الجزيرة يوم 30 - 06 - 2012

اسمي كما هو مدون وواضح وبائن أعلاه، ربما لا يروق اسمي لكثير من الناس، لأنه سلسلة من كلمات عادية وليس لها رابط، ولدت في منطقة صحراوية شمالية نائية لا يتجاوز عدد سكانها أصابع اليد، لا فيها شوارع مبلطة ولا صرف صحي ولا إنارة، خالية إلا من قطيع ماشية وسحاب وأعواد رمث وشيح وبقايا عشب وماء، عارياً إلا من شال أمي التي رحلت إلى بارئها حين ولادتي بأشهر قليلة ولم أرها -رحمها الله- ووالدي وأسكنهما فسيح جناته)، مهنتي الكتابة الجادة والواضحة والصريحة وهي مهنة ساحرة وخطيرة وبها مجازفة، حين أكتب لا أرتبك ولا أحاول القيام بأي حيل تضطرني إلى أن ألوذ بها خوفاً ورهبة وتقية، أن أكون كاتباً ليس إنجازاً استثنائياً فغيري كثير، لكنني أخضع نفسي لانضباط والتزام عال كي أنجز الكتابة عن هموم الناس ومعاناتهم وآلامهم وشجونهم وما يخالج حسي وشعوري ويقيني التام وإيماني الكبير بالأشياء والمحسوسات والحجر والبشر، وأسعى جاهدا لذلك، فهذا هو المعنى الذي أردته لحياتي ورسمته ووضعت بنوده وشروطه وأحكمت إغلاقه بقوة، ومن هنا كانت جل كتاباتي المباشرة والرمزية والفلسفية دافعاً قوياً لي لا يقاوم، بل هي سعادة لذيذة لي لا توازيها سعادة، لي صور وانعكاسات وخيال جامح وطموح وتداخلات لأبعاد مختلفة، وأفيض حماسة وتطلعا، أنا ودود ومتسامح وفي جانبي طفل ولين، وأبذل جهودا كبيرة لمساعدة الآخرين أيا كانوا وعلى قدر الاستطاعة، قلمي ليس رخوا ولا جافا وليس به أنانية أو خضوع وغير قابل للكسر أو للتأجير أو للإعارة، لكنه حاد كالسيف نصله بارد وفعله موت، في حياتي أكره الذين يشبهون الأشباح والخفافيش والضباع والثعالب الماكرة والعقارب السامة والثعابين المخيفة والتماسيح وخنافس الجعل والعثث، وأشباه الدواب والطيور الداجنة، وأرفض الذين يقدمون الشكل على الجوهر، والطقوس على حقيقة النفوس، وأصحاب الرؤى الأسطورية والنمط التبضعي الفاقد للحقيقة، وأصحاب اللغو الظلامي والسرطنة الفكرية والقبح والنكد والسواد، لا أحب التسلي بالصراعات والعدوات والحروب، وأكره أن أشحن نفسي بالكره والبغض والحقد والحسد والجشع والطمع، وأمقت التصريحات والتلميحات والاتهامات غير المسؤولة، وأملك كنزاً كبيراً من المبادئ والأخلاق واحترام الآخرين أيا كانت أشكالهم وألوانهم وأحجامهم وإنتماءاتهم ومشاربهم ومواقعهم الاجتماعية وبعدهم أو قربهم، وأغض الطرف كثيرا عن الهمز و اللمز والغمز الصادر منأفواه جائعة للكذب والبهتان والتجريح والتزوير والتزييف ومحاولة قلب معادلات الحقيقة وصولا لأهدافهم ومقاصدهم البغيضة الشائنة، لفظا ورميا للآخرين، وأحاول ألا أخلط بين الفنتازيا والواقع، ولا أملك ثقافة الاستعلاء وحب الفوقية والتعالي والخيلاء، وأكره بشدة التصنيفات المنافية للواقع، وأبغض أن أنعت الآخرين بألقاب وأسماء غير صالحة أو أن أطلق عليهم صفات في غير محلها، ولا أحب بسط نفوذي وعاداتي ولهجتي، وأحب أن ألبس مايناسبني ويروق لي لا ما يناسب غيري ويروق لهم، وأبتعد كثيرا عن الشعارات الرنانة التي لا تفيد، وأكره الكذب والفتنة ومحاولة شق الصف، وأكره أن أقذف الآخرين بكرات النار، أو أن أصب الزيت على الكرات لتزداد لهبا واشتعالا، ولا أحترم الذين يشبهون (عين عذاري) تسقي البعيد وتترك القريب، وأيقن أن ثوبا مقلما يرتديه الإنسان على سروال صيني وينتعل زنوبة قد يكون أفضل تفكيرا وفهما وأوسع إدراكا وثقافة من إنسان يرتدي أفضل الأقمشة اليابانية، وينتعل أفخم الماركات الإيطالية من الأحذية، ويقتني أجمل الأقلام الألمانية الصنع، لكنه يتمنطق بكلام يشبه العلك والعجين، وأمقت الخيانة والرداءة والموبقات وسوء القصد والمنقلب واللصوص وأصحاب الهوى والذين في قلوبهم غل ومرض، لكنني في المقابل أحب الآخرين المشبعين بالبياض ورائحة النعناع، والذين يملكون سحر الحضور والعمل والإبداع، ويأسرون حين الحديث، والذين يهوون إشعال الشموع وتبديد الظلام، والذين يرتحلون بين المجرات لتزيين الحياة والناس، والذين يحبون قطرات الندى، وضوء الشمس، وتراتيل الفجر، والفضاء المفتوح، والطموح والجموح والارتقاء، والذين يشبهون اللؤلؤة والزمردة ونوبة المطر، فهؤلاء كلهم أقرب إلى قلبي وعقلي، وفي المجمل إنني أكتب لأنني أريد محاصرة القصور العملي والإبداعي والتطويري والاجتماعي والإنساني والهم الوطني، وأبقيه محاصرا حتى ينهض المغردون فيه من سباتهم العميق، وحتى يدركوا بأنه لابد أن يكون للكوابيس نهاية، ولا بد للربيع أن يبلغ العالية، ولا بد أن يكون للطرقات أفق وأرصفة، ولا بد أن يكون للريح والأزهار وجهات نحو الغيم والمدار والرابية، وبألا نكون منغلقين على وجودنا، ومتكورين على ذواتنا، وأنانيين ومتوحشين وبنا توحد، وألا نرى سوى صورة واحدة هي صورة أنفسنا، وأسماء واحدة هي أسماؤنا الشخصية، وألا تأخذنا خطانا إلى تيه الفشل والدروب المعتمة العاقرة، وألا نمر على المارب مرور الإبل، ونصيح بأننا قد جئنا من تخوم الغياب، وألا نضيع بين الهرج والمرج، ومفخخات الكلام، وألا نتداعى من شارع لشارع بلا وعي، حتى نقف في الشارع البعيد بلا علامات ولا دليل، وألا نكون مثل جمل تائه يحمل تلا من التمر والزبيب وخطاه تتعثر، حتما سيموت الجمل ويضيع التمر والزبيب، وسيجيء الصعاليك ويلتقطون الحمل ويضيع المسير، في الجملة الأخيرة، ما أسعى إليه في كتاباتي كلها دقها وجلها هي التذكير والتنبيه ودق النواقيس بأننا نحتاج في كل مرة إلى إعادة تدقيق ومعاينة وتمحيص وغربلة للأشياء كلها، وأحيانا كثيرة إلى صرامة وحدة عالية في القول تحيل بسرعة فائقة النكوص والتخاذل والتهاون والتراجع والكسل وضعف القيم والمبادئ الإنسانية والاجتماعية ورداءة العلاقات البينية والجمعية والتواصلية والهوان والغفلة وعدم المبالاة والتقصير في الارتقاء والسمو والتمدن والأخلاق والتميز والعطاء والعمل الخلاب إلى ما يشبه الرعد والبرق وأزيز الصواريخ العابرة.
[email protected]

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.