الهلال يحسم مصير مصعب الجوير    الدحيل يضم الإيطالي فيراتي    «إسرائيل» تقصف الحديدة    تقرير «مخدرات تبوك» على طاولة فهد بن سلطان    كييف: هجمات روسية توقع 40 بين قتيل وجريح    استنسخوا تجربة الهلال بلا مكابرة    القيادة تهنئ حاكم جزر سليمان بذكرى استقلال بلاده    الهلال يضم ثيو ويطارد أوسيمين    «الشورى» يقر توصيات لحوكمة الفقد والهدر الغذائي والتحوط لارتفاع الأسعار    أمير القصيم يشكر القيادة على تسمية مركز الملك عبدالعزيز للمؤتمرات    الأسطورة السينمائية السعودية.. مقعد شاغر    وزير الصناعة والثروة المعدنية يفتتح منتدى الحوار الصناعي السعودي - الروسي    تراجع أسعار الذهب مع ارتفاع قيمة الدولار    الاحتلال الإسرائيلي ينفّذ عمليات هدم في القدس وطولكرم    توقيع عقد صيانة اسفلت محافظة ابانات بقيمة تتجاوز 3 ملايين ريال    جائزة الأمير محمد بن فهد لأفضل أداء خيري تؤثر إيجابيا على الجمعيات والمؤسسات    مدرب ميلان يُعلن انتقال ثيو هيرنانديز إلى الهلال    نائب أمير جازان يطّلع على تقرير عن أعمال فرع الشؤون الإسلامية بالمنطقة    نائب أمير جازان يستقبل رئيس وأعضاء مجلس إدارة "تراحم"    ألمانيا تسجل 2137 حالة وفاة مرتبطة بالمخدرات العام الماضي    أمير جازان يستقبل مدير فرع الشؤون الإسلامية بالمنطقة    126% نسبة زيادة التراخيص المهنية الصادرة خلال خمس سنوات الماضية    648 جولة رقابية على جوامع ومساجد مدينة جيزان    وكالة الفضاء السعودية تطلق جائزة «مدار الأثر»    بدءاً من الشهر القادم وحسب الفئات المهاريةتصنيف رخص عمل العمالة الوافدة إلى 3 فئات    "تاسي" يغلق على ارتفاع    "حساب المواطن": 10 يوليو إيداع الدفعة 92    بحضور محافظ جدة وأمراء .. الجميعة والشلهوب يحتفلان بزواج خالد    ضبط 10 مخالفين و226 كجم من المخدرات    "فلكية جدة": الأرض تستعد لمجموعة من أقصر الأيام    وسط فجوات كبيرة بين الطرفين.. جولة مفاوضات جديدة لوقف النار في غزة    السلطات التايلندية تنقذ طفل العزلة من"النباح"    قمة فرنسية – بريطانية بأجندة معقدة.. قضايا الدفاع المشترك تتصدر المشهد    نيوم يعزز التواجد الفرنسي في دوري روشن بالتعاقد مع غالتييه    «الحارس» يعيد هاني سلامة إلى السينما    كيف يخدعنا الانشغال الوهمي؟    السلمي مديراً للإعلام الرقمي    بعد إصابته المروعة.. بايرن ميونيخ يتعهد بمساعدة موسيالا حتى التعافي    الحب طريق مختصر للإفلاس.. وتجريم العاطفة ليس ظلماً    لسان المدير بين التوجيه والتجريح.. أثر الشخصية القيادية في بيئة العمل    (1.7) مليون سجل تجاري في المملكة    علماء يكتشفون علاجاً جينياً يكافح الشيخوخة    "الغذاء والدواء": عبوة الدواء تكشف إن كان مبتكراً أو مماثلًا    اعتماد الإمام الاحتياطي في الحرمين    إنقاذ مريض توقف قلبه 34 دقيقة    «التخصصات الصحية» تعتمد دبلوم تمريض العناية القلبية بتخصصي تبوك    التحذير من الشائعات والغيبة والنميمة.. عنوان خطبة الجمعة المقبلة    العلاقة بين المملكة وإندونيسيا    مستشفى الملك فهد بالمدينة يقدم خدماته ل258 ألف مستفيد    تركي بن هذلول يلتقي قائد قوة نجران    توزيع 1.200 سلة غذائية في السودان ل 8.874 مستفيدًا    أحداث تاريخية وقعت في جيزان.. معركة الضيعة وشدا    تمكين الهمم يختتم عامه القرآني بحفل مهيب لحَفَظَة القرآن من ذوي الإعاقة    ترحيل السوريين ذوي السوابق الجنائية من المانيا    الرياض تستضيف مجلس "التخطيط العمراني" في ديسمبر    ألف اتصال في يوم واحد.. ل"مركز911"    911 يستقبل 2.8 مليون اتصال في يونيو    أمير تبوك يطلع على تقرير فرع وزارة النقل والخدمات اللوجستية بالمنطقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اختلفوا حول مفهومها فحسمها القرآن الكريم

الموضوع الذي أنا بصدده الحديث عنه هو (مفهوم السعادة) التي ينشدها كل إنسان، إن الفلاسفة في قديم الزمان وحديثه حتى يومنا هذا يحاولون جاهدين أن يضعوا مفهوماً عن معنى السعادة، فالفلاسفة اليونانيون وفي مقدمتهم (أفلاطون وسقراط وأرسطو وتوماس الكويني وزينون) وغيرهم كثير ما زالوا لم يؤطروا مفهوم السعادة حتى وقت كتابة هذا المقال، إلا أن الفيلسوف اليوناني أفلاطون هو ذلك الفيلسوف الذي قد لامس مفهوم السعادة حينما قال: إن السعادة تكمن في (المعرفة) ومن أسمى تلك المعارف عند أفلاطون هي تلك المعرفة التي بواسطتها يعرف الإنسان ربه وقدرته العظيمة، وإن سعادة الإنسان على حد زعم أفلاطون قوله: (إن أكبر لذة يحس بها الإنسان هي تلك اللذة التي تحصل له عندما يتوصل إلى ربه وعظيم قدرته) إن كل الفلاسفة والأدباء الذين أتوا بعد أفلاطون هم عالة عليه في أطروحاتهم، إني في مقالي هذا لا أزايد على أطروحات أفلاطون حو مفهوم السعادة بأي حال من الأحوال، ولكني سأزايد عليه متمسكاً ومتشبثاً بنصوص دينية هي من وحي الله الطاهر في دياناته السماوية الثلاث، وطالما أن القرآن الكريم قد هيمن على نصوص التوراة والإنجيل هيمنة درجة لا هيمنة تضاد فإني لن آتي مستشهداً بنصوص دينية إلا من وحي الله الطاهر القرآن الكريم والحالة هذه، إن مفهوم السعادة يبلوره القرآن الكريم فيلفت أنظارنا إلى أن السعادة تكمن في معرفة الإنسان ربه معرفة تفضي به إلى أن الله تعالى لا تستجلب السعادة إلا منه وذلك بطاعته المنظورة وغير المنظورة، فعن طريق مدخلات الإنسان وهي بمعرفة الله وأنه هو المهيمن على هذا الكون، فما من متحرك ولا ساكن إلا هو بقبضة يده، إن هذه المعرفة تفضي بالإنسان إلى مخرجات تريحه من قلقه وخوفه، فالإنسان في هذه الدنيا يحيط به نوعان من الخوف - الخوف الأول- هو حزن على ما فات، والخوف الثاني -خوف على ما هو آت، والإنسان في هذه الدنيا ليس له مهرب من هذين الخوفين إن جاز التعبير، ولكن بواسطة معرفة الله سيذهب الحزن على ما فات ويذهب الخوف على ما هو آت قال تعالى: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (يونس آية: 62-63-64)، وقال تعالى أيضا: {إِنَّ الَّذِيَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ...} (فصلت آية: 30-31)، وقل تعالى: {... وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (التغابن آية 11)، وقال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً...} (النحل آية 97)، وقد ورد في هذا الصدد قوله تعالى في مزامير داود: «تعالوا أيها المتعبين ويا ثقيلي الأعمال وأنا أريحكم» إن القرآن الكريم طافح بآيات هن من معاريف آياته تبين لنا أن أن السعادة تكمن في تثمين الإنسان قدرة الله تعالى وأن بيديه ملكوت السموات والأرض وأن الله يقضي الأمر لا معقب لقضائه وأنه يرجع الأمر كله له سبحانه لا يستجديه من عظيم فوقه ولا يتلطف له من مساوٍ مثله ولا يأخذه ظلماً من صغير بل له الأمر من قبل ومن بعد قال تعالى: {وَلِلّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} (هود آية: 123)، إذاً إن السعادة الحقة تكمن في استسلام الإنسان لعظيم جلال الله وعظيم قدرته، وأن الله تعالى هو القابض الباسط قال تعالى: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (فاطر آية2)، إن الذين عرفوا الله تعالى أعطاهم الله من واسع رحمته فيضا إلهيا يدلفون عبره أزمات الدنيا فهم يعيشون في سعادة غامرة لأنهم عرفوا مدخلات السعادة، فهم عرفوا أن السعادة لا تتمثل في أرصدة مالية تتعاظم ولا قصراً مشيداً ولا وجاهة اجتماعية ولا كرسيا عاليا، إني سأقول لكم شيئاً هاماً فأرجو منكم أن تصغو إليه: إن السعادة إذاً لا تمكن في الماديات الآنفة الذكر، فكم من إنسان حازها كلها وأمسكها بقرنيها ومع ذلك فهو يتخبط في ظلمات القلق والاكتئاب والأحزان تطوق قلبه آخذة بمجاميعه، إن السعادة تكمن في الإصغاء إلى أوامر الله ونواهيه التي بهما شفاء النفس البشرية، انظروا إلى أولئك النفر الذين خرجوا من مجتمع فاسد فآثروا دين الله على ما سواه يا ترى من هم ألئك؟ إنهم أصحاب الكهف لما خرجوا يبتغون وجه الله ماذا أعطاهم الله من فيوض رحماته - قال تعالى: {إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً} (الكهف آية 10) إن هؤلاء الفتية خرجوا من سعة الدنيا ورحابة الأفق إلى كهف ضيق، ولما كان الضيق الحقيقي بالأنفس والصدور لا بالأماكن، ولما كانت مدخلاتهم الدينية حسنة كانت مخرجاتهم الدنيوية حسنة، انظروا ماذا أعطاهم الله جزاء تلك المدخلات الحسنة قال تعالى: {وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحمته ويُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقاً} (الكهف آية 16)، هذه مخرجات إيمانهم بالله، إنهم طلبوا الرشاد فأعطاهم الله الرشاد وكل مستلزمات الحياة، فكم من مشهور في عالم الفن وفي عالم الرياضة وغيرهم كثير تلاحقهم الكاميرات الساطعة أينما حلوا! فيأتيكم نبأ الواحد منهم بأنه انتحر! وعلى العكس من ذلك كم من شخص مريض يرقد على سرير مساحته بالكاد تساوي حيز جسمه ويراه عواده وطبيبه أنه يكابد الشقاء، ولكن الأمر عكس ذلك فإذا كان هذا المريض يعرف أن وراءه رباً لديه الخزائن المنظورة وغير المنظورة فإنه والحالة هذه في هدوء وسلام، ويقع فيه قوله تعالى: {فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ} (الحديد آية 13)، وأخيراً في هذا المقال سأخلص إلى نتيجة هامة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وهذه النتيجة أنه قد توصل علماء الشرق والغرب وأجمعوا على حد سواء أن الصلة بالبله والالتجاء إليه والملاذ به هو طوق نجاة لكل من داهمته سحب القلق وظلام الهم وفزع الأيام، واكتئاب السنوات العجاف، إن المصحات النفسية في الغرب تكاد اليوم تخلو من روادها، لأن أولئك الذين يطلعون بالأمس بتأسيس المدارس النفسية والتنظير في علم النفس، علموا جميعاً أنهم عاجزون عن إيجاد عقار يلملم شتات النفس البشرية الممزقة على الندم على جراحات الماضي ومكابدة هم تبعات المستقبل، إن أولئك الذين يرتادون إلى هؤلاء المنظرين في علم النفس فإن علماء هذه المصحات قالوا لمرضاهم إن علاجكم لا تملكه وصفاتنا ولا عقاقيرنا، وإنما يملكه محراب الإيمان والصلاة والدعاء عبر تلك الأدعية والابتهالات التي ترفع إلى رب هذا الكونالذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.
إن النفس البشرية تعيش في حالة فراغ وخواء روحي لا يملؤها إلا حينما ننصب للدعاء ونرغب إلى من يعطي جزاء الدعاء والابتهال إليه، إن الأديان السماوية قاطبة ما أتت إلا حلولا وعلاجا لإصلاح النفس البشرية، فالله تعالى ليس بحاجة البتة إلى طاعتنا له، فطاعتنا له لن تنفعه وعصياننا لن يضره، إن ذلك الإنسان الذي يمسك بأطناب دين الله سوف يعيش في هدوء واطمئنان وسلام سيرتحل عن هذه الدنيا وهو بحالة أكثر هدوءا وسلاما وطمأنينة.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.