0.85% نمو تداول خلال أسبوع    11% من واردات الشعير بالعالم من المملكة    التوابل والشاي يساعدان في إبطاء الشيخوخة    رصد المذنب C/2025 R2 (SWAN) في سماء الحدود الشمالية    مفتي روسيا يشيد بجهود المملكة على رعايتها الدائمة لمسلمي روسيا    41 ألف شهادة منشأ جديدة    الحد الأدنى لأجر الأخصائي 7000 ريال.. بدء رفع نسب التوطين ل 4 مهن صحية    إصدار رخصة النشاط الزراعي عبر «نما»    في رثاء د. عبدالله عمر نصيف    34 قتيلًا و122 جريحًا.. انتهاكات إسرائيلية لوقف النار بغزة    الأمم المتحدة تواجه صعوبات في إيصال المساعدات الغذائية    خلال الجولة الآسيوية للرئيس الأمريكي.. قمة مرتقبة بين ترمب وكيم جونغ    اختتام منافسات الأسبوع الأول من سباقات الخيل بالرياض    دك شباك الفتح بخماسية.. النصر يغرد وحيداً في صدارة «روشن»    كلاسيكو مرتقب يجمع ليفربول ومانشستر يونايتد    «911» يتلقى 83 ألف مكالمة في يوم واحد    القطان يحتفل بزواج حسن    فتاة تخرج «عجوزاً» بعد ربع قرن على احتجازها    تغريم من يترك الأطفال دون مرافق في المركبة    «بوح الثقافي» يكرم الضامن    بيع فرخ شاهين ب119 ألفاً في ثامن ليالي مزاد الصقور    ياغي يؤكد أن تمكين ولي العهد أسهم في مسيرته العملية.. والسواحه: دعم القيادة حقق المنجزات لأبناء وبنات الوطن    أمير مكة: المشروع يعكس اهتمام القيادة بتنمية المنطقة    إصابة الإعلامية نجوى إبراهيم في حادث بأميركا    إنجاز طبي ينهي أزمة زراعة الكلى عالمياً    تحفيز الاقتصاد المحلي بجذب الخبرات وتنمية الابتكار والتقنية    الإعلام الحقوقي.. ضرورة وطنية مُلحّة    غرينوود يقود مارسيليا لقمة الدوري الفرنسي    أرتيتا ينتقد ال VAR بعد فوز أرسنال على فولهام    الهلال والنصر يكتسحان الاتفاق والفتح ب«خماسية»    «حقوق الإنسان» تنظم زيارة ميدانية لأطفال جمعية رعاية الأيتام بالرياض    بحضور السواحه.. طلاب "كاليفورنيا بيركلي" يحتفون بياغي    «ابن صالح» إمام المسجد النبوي ومربي الأجيال.. توازن بين العلم والعمل    خطيب المسجد الحرام: الثبات على الإيمان منّة من الله    الطلب العالمي على النفط يرتفع معززاً بقطاع البتروكيميائيات    أمير القصيم يوجه بإحالة "تبديل الجثمان" إلى النيابة    الاقتصاد السعودي يواصل التنويع والصادرات غير النفطية تتجاوز التوقعات    يايسله يتجاهل أخطاء العثرات    "مجمع الملك سلمان" يشارك في معرض "فرانكفورت الدولي للكتاب"    أكثر من 13 مليون قاصد للحرمين الشريفين خلال أسبوع    منصة OERx السعودية تفوز بجائزة عالمية    كابل وإسلام آباد.. محادثات في الدوحة لمحاولة نزع فتيل الأزمة الحدودية    69 إجمالي الطائرات الإغاثية السعودية لغزة    القبض على مواطن في جازان لترويجه (45) كجم "حشيش"    ترحيل 13725 مخالفا خلال أسبوع    تهنئة أذربيجان بذكرى يوم إعادة الاستقلال    موسم الدرعية 26/25 ينطلق تحت شعار "عزّك وملفاك"    لائحة لإنشاء الأوقاف وتمويلها عبر التبرعات    جمعية الإعاقة السمعية بجازان تنفذ ورش عمل تدريبية لفئة الصم بالتعاون مع بنك التنمية الاجتماعية    التحالف الإسلامي يطلق المبادرة العسكرية "كفاءة" في الغابون    أمير منطقة جازان يطمئن على صحة الأديب إبراهيم مفتاح    الرضّع حديثو الولادة يتجاوبون مع اللغات الأجنبية    تجمع الرياض الصحي الأول يواصل قوافله الطبية بوادي الدواسر    مسؤول أممي: الوضع الإنساني في غزة كارثي    د. عبدالحق عزوزي يترجم القرآن إلى اللغة الفرنسية    أمير منطقة جازان يطمئن على صحة الشيخ العامري    أمير القصيم يرعى حفل تخريج 167 حافظًا لكتاب الله    رئيس أمن الدولة يهنئ القيادة بمناسبة تأهل المنتخب لكأس العالم 2026    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إسناد ضمائر العاقل لغير العاقل
د. الخطراوي يربك سليقتي
نشر في الجزيرة يوم 31 - 03 - 2001

أحياناً لا يحسن المرء الدخول في الموضوع، خصوصاً إذا كان الأمر يحتاج الجرأة، ورباطة الجأش، والثقة في خوض غماره، وقبل قليل كتبت مقدمة لأمهد لهذا الدخول «الخطر» على كاتب كبير، فصارت المقدمة موضوعاً مستقلاً لطولها، فأرجأتها لأعود لها فيما بعد فربما صلحت لأي شيء إلا أن تكون مقدمة.
أقول هذا وأنا أتقدم إلى مائدة أديب وكاتب أكن له الإعجاب والتقدير، وأهنئ «الجزيرة» على أنها تسكب يراعة البارع على صفحاتها لينير ويفيد ويمتع العقل والروح، متمنياً ألا يقطع الله حبال الوصل بينه وبين قرائه ومحبيه، وأن يكتب الله له حياة سعيدة صافية لا كدر فيها إن شاء الله.ففي زاوية الكاتب الأديب الدكتور محمد العيد الخطراوي «آفاق وأنفاق» وضمن سلسلة تحت عنوان «من الأمثال الحمارية» جاء في السلسلة الثالثة المنشورة يوم السبت 29/12/1421ه الموافق 24/3/2001م في العدد 10404 على صفحة مقالات في جريدة «الجزيرة» ما لفت انتباهي في المثل رقم «21» وهو: «بال الحمار، فاستبال أحمرة»، قال الكاتب: «أي حملهن على البول»، واستمر الكاتب مبيناً مورد المثل فقال: «الأصل فيه أن الحمار إذا بال بين الحمير أثار فيهم شهوة البول، فيقلدونه في ذلك، كأنه يعديهم بذلك..».
وما تنفر منه سليقة قارئ العربية إسناد ضمائر العاقل إلى غير العاقل في هذا الموضع، فقوله: «أي )حملهن( على البول» يعود فيه الضمير على «أحمرة» وهي جمع لغير العاقل، فالضمير «هن» لجمع العاقلات، والصحيح أن يقال: حملها على البول.. فالضمير «ها» يستخدم لجمع غير العاقل، ومثله قوله: «أثار )فيهم( شهوة البول» فالضمير يعود على الحمير وهي جمع لغير العاقل، والصحيح: أثار فيها )أي الحمير(.. وكذا قوله «فيقلدونه.. كأنه يعديهم».
وفي القرآن الكريم قال تعالى: «والخيل والبغال والحمير لتركبوها» فعوملت معاملة غير العاقل، ولو عوملت معاملة العاقل لكانت «لتركبوهم».
وهناك حالات يجوز فيها استخدام صيغ غير العاقل للعاقل أو العكس، ولكن تلك المواضع تكون لإضافة دلالات يقصدها مستخدم اللغة، فمثلاً في قوله تعالى: «والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع يخلق الله ما يشاء إن الله على كل شيء قدير»، أتى ضمير العاقل شاملاً المخلوقات جميعها، وهنا تتولد دلالات متعددة لمثل هذا الاستخدام البلاغي، منها ان هذه الآية الكريمة وردت في سياق التدبر في مخلوقات الله، والمخلوقات أمام خالقها سواء، ليس فيها ذلك التمايز والتصنيف الذي اقتضته اللغة الإنسانية التي تنحو إلى التمييز بين مخلوق وآخر فالإنسان هو الذي أوجد هذه المستويات في اللغة «عاقلاً وغير عاقل، ومؤنثاً ومذكراً..»، وعند الاستخدام الإنساني تفرض اللغة هذا التقسيم والتمايز، أما منظور الخالق لمخلوقاته من خلال النص القرآني فلا تمايز فيه، لأن الهدف من التمايز قد اختفى، فالنص من خالق تتساوى عنده المخلوقات جميعها في هذا السياق وهو التدبر في مخلوقات الله، فجاء استخدام ما يعد بعرفنا اللغوي للعاقل لغير العاقل في «فمنهم من يمشي على أربع» )الضمير، ومن الموصولية( ثم يعود لغير العاقل في استخدام الاسم الموصول: «يخلق الله ما يشاء..»، وللتوضيح أكثر أقول إنه لو كان السياق لغة إنسانية لاقتضى الحال القول: إن الله خلق كل دابة من ماء فمنها )أي الدواب( ما يمشي على رجلين ومنها ما يمشي على أربع.. وحكمة الله بالغة سبحانه فهو يبين للإنسان في «عقر لغته» أنه أمام خالقه لا يساوي شيئاً، ولذا صارت اللغة في مستوى واحد عندما خاطب الخالقُ الإنسانَ بلغته التي صنفت الاستخدام إلى عاقل وغير عاقل، وما حاد النص القرآني في إسناد الضمائر على حد علمي إلا قليلاً منه هذه الآية لأمر بلاغي، والله أعلم. والكاتب في مقاله «الموضوعي» لم يقصد إنشاء نص له دلالات مفتوحة، لأن الموضوع حيادي يعرض المثل ويشرحه ويبين مورده والنصوص المعينة على فهمه، فالنص بذلك لا يحتمل التخريجات، من هنا كانت «السليقة» عندي لا تقبل مثل هذا الاستخدام لضمائر العاقل في نص الكاتب.وإنني أترك الباب موارباً لعل لدى كاتبنا القدير ما يقوله لنا من أسباب غاب عني إدراكها، فالعلم لم يلحق أحد نهايته، ولن يلحق به أحد من البشر. وأملي أن أجد من حامل المسك أديبنا وكاتبنا الدكتور الخطراوي ريحاً طيبة يعطر بها صفحات «الجزيرة» ليشفي سقم سليقتي، أو يشهد لها بالصحة والعافية.
عبدالعزيز يوسف المزيني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.