78.900 مركبة تعبر يوميا منافذ المملكة    185% نموا بجمعيات الملاك    العملات الرقمية تتجاوز 3.3 تريليونات دولار    ضبط (3) مواطنين لدخولهم بمركبتهم في الفياض والروضات في محمية الملك سلمان    ترامب يعلن خطة لخفض الجريمة في العاصمة الأمريكية    مخاطر الخطة الإسرائيلية للاستيلاء على غزة    لبنان بين ابتزاز أمريكي وانتحار إيراني    مستشار ذكي أم مخبر رقمي    كريستال بالاس يظفر بدرع المجتمع    المملكة تحصد لقبها الثاني في كأس العالم للرياضات الإلكترونية    أخضر اليد يواجه إسبانيا وصربيا    «مجمع الملك سلمان» يكرّم أصحاب المشروعات الناشئة    مجمع الملك عبدالله الطبي ينجح في استئصال ورم نادر عالي الخطورة أسفل قلب مريض بجدة    الهلال يُعلن تفاصيل إصابة ثنائي الفريق    نائب أمير جازان يزور نادي منسوبي وزارة الداخلية في المنطقة    مصحف "مجمع الملك فهد" يقود شابًا من "توغو" لحفظ القرآن    النصر يُخطط لضم لاعب آخر من برشلونة    رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون ينال جائزة امتنان للشخصيات الملهمة لعام 2025    هلال جازان يتصدر مراكز المملكة الإسعافية    فرسان المنتخب السعودي لقفز الحواجز .."الدهامي"و"الشربتلي"يتألقان في سلوفاكيا وإيطاليا    مصير ميتروفيتش مع الهلال بعد وصول نونيز    جامعة طيبة تفتح باب التسجيل في دبلوم إدارة الموارد البشرية    وزير الخارجية ونظيره البريطاني يبحثان تطورات الأوضاع في غزة    نتائج تشغيلية إيجابية ل "لازوردي"بدعم من نمو المبيعات وتوسع المعارض    أمير تبوك يدشّن ويضع حجر أساس 48 مشروعًا بيئيًا ومائيًا وزراعيًا    جناح "صقار المستقبل" يجذب الأطفال في المزاد الدولي لمزارع إنتاج الصقور    42% من السعوديين لا يمارسون عناية ذاتية منتظمة و58% يشعرون بالإهمال العاطفي    الروبوتات التفاعلية تخدم زوار ومشاركي مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية للقرآن الكريم بمكة المكرمة    نائب أمير الشرقية يستقبل مدير عام فرع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء بالمنطقة    إنهاء معاناة مقيمة عشرينية باستئصال ورم وعائي نادر من فكها في الخرج    تحذير أممي من المجاعة وسوء التغذية في الفاشر    رئيس بلدية محافظة صبيا يُجري جولة ميدانية لمتابعة مشاريع التنمية والخدمات    اكتشاف قطع فخارية وأدوات حجرية تعود إلى 50 ألف سنة في موقع القرينة بمنطقة الرياض    روسيا تدين توسيع سلطات الاحتلال الإسرائيلي عملياتها في قطاع غزة    الأمم المتحدة ترحب باتفاق السلام بين أذربيجان وأرمينيا    أمطار رعدية غزيرة وسيول متوقعة على عدة مناطق بالمملكة    فريق بصمة الصحي التطوعي يطلق فعالية «اﻻﺳﺒﻮع اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻟﻠﺮﺿﺎﻋﻪ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ» بجازان    جمعية "نبض العطاء بجليل" تطلق مبادرة أداء مناسك العمرة    جامعة الباحة تعلن استحداث القبول للدراسات العليا    الشمراني عريساً    عزنا بطبعنا    «التواصل» السلاح السري للأندية    فدوى عابد تنتهي من «برشامة» وتدخل «السلم والتعبان»    «المنافذ الجمركية»: تسجيل 1626 حالة ضبط خلال أسبوع    إحباط تهريب وترويج 419 كجم مخدرات وضبط 14 متورطاً    القيادة تعزّي رئيس غانا في وفاة وزير الدفاع ووزير البيئة ومسؤولين إثر حادث تحطم مروحية عسكرية    نجاح استمطار السحب لأول مرة في الرياض    قبل قمة بوتين وترمب.. زيلينسكي يحذر من استبعاد أوكرانيا    إيران تضبط 20 مشتبهاً بالتجسس لصالح الموساد    ممرضة مزيفة تعالج 4000 مريض دون ترخيص    هيئة الصحة تستهدف وقايتهم من مخاطر السقوط.. 4 منشآت صديقة لكبار السن مع خطة للتوسع    المملكة تعزّي لبنان في وفاة وإصابة عددٍ من أفراد الجيش    إكرام الضيف خلق أصيل    استمرار الدعم الإغاثي السعودي في سوريا والأردن    بمشاركة نخبة الرياضيين وحضور أمير عسير ومساعد وزير الرياضة:"حكايا الشباب"يختتم فعالياته في أبها    أمير جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأعيان الدرب    أمير جازان يستقبل سفير جمهورية مالطا لدى المملكة    البدير في ماليزيا لتعزيز رسالة التسامح والاعتدال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بحثاً عن تحولات الفلسفة المعاصرة
نشر في الحياة يوم 22 - 11 - 2009

طرحت التطورت العلمية، وعلى الأخص منها الثورة التكنولوجية، أسئلة على الفكر الفلسفي المعاصر، ورمت في وجهه تحديات لم يألفها من قبل. طالت هذه التحولات نماذج الفهم الموروثة ومعها مقولات التفكير المنحدرة من لحظات التحديث المتواصلة منذ الإصلاح الديني مطلع القرن السادس عشر، والثورة العلمية في ما بعد، وما ترتب عليهما من ثورة سياسية وفكرية تجسدت في مرحلة عصر الأنوار. وتفرض الأسئلة الفلسفية نفسها بعد أن بانت بعض نتائج المشروع الحداثي الذي كان قد رسخ كجموعة مسلمات تتصل بالتوجه الى الإنسان والانفصال عن الإله، والتسليم بسلطة العقل والثقة فيه، ومبدأ التعلق بالدنيا وحدها. هذه المسلمات التي ترجمت نفسها «بأسطرة العقل وتقديس العلمنة وتأليه الإنسان»، تبدو اليوم مسؤولة عن الانحراف الذي أصاب الفكر لجهة مسلمات أخرى تبدو بمثابة مخارج «غير عقلانية» من قبيل التصوف والخيال والأسطورة والخرافة وغيرها من أشكال اللامعقول. هذه القضايا الملتهبة اليوم في النقاش الفكري والفلسفي، سعى الجزائري عبدالرزاق بلعقروز الى مقاربتها في كتابه «تحولات الفكر الفلسفي المعاصر، أسئلة المفهوم والمعنى والتواصل». الصادر عن «الدار العربية للعلوم - ناشرون» (بيروت)، و «منشورات الاختلاف» (الجزائر).
يتناول الكاتب جملة من عناوين تبدأ في قراءة تحولات المفهوم في الفلسفة، متطرقاً إليها من منطق الكلية والتجردية الى المنظورية والرهان التداولي، ثم يعالج تحولات العلاقة بين الفلسفة والحداثة انطلاقاً من التوحد وتأسيس المشروعية الى النقد الجذري والمواجهة، وأخيراً يتوقف عند روح العولمة وتحولات مهمة الفلسفة، حيث يجري التطرق الى التداول كشرط للتسامح والتواصل.
يرى الكاتب أن قضية العولمة تحتل الموقع المركزي في قراءة التحولات في الفكر الفلسفي، سواء ما اتصل منها بالفكر الغربي أو بالفكر العربي. تأتي أهمية الموضوع من كون العولمة باتت اليوم الظاهرة الملازمة لحياة الإنسان اليومية، بما يجعلها تعيد تشكيل وجوده وأهدافه بمعزل عن المكان الذي يتواجد فيه، أو نمط الأفكار الفلسفية التي يتلقاها. ولا يخفى ان العولمة في العالم العربي لا تزال موضع سجال وخلاف حول مفهومها ومضمونها، وهي خلافات ناجمة عن الاختلاف في النظرات الفلسفية والسياسية والاجتماعية الى المسائل المطروحة اليوم على الفكر الفلسفي العربي. فهناك من يرى في العولمة شكلاً من أشكال الاستعمار، أو امتداداً للاستعمار التقليدي إنما بوسائل اخرى. وهناك من يدعو الى ترشيد هذه العولمة من طريق تفكيك خطابها وإعادة تركيبه. فيما يذهب آخرون الى وجهة ترى في العولمة لغة العصر ومكوناته الرئيسة التي يستحيل القفز فوقها.
يولي الكاتب اتجاهات ثلاثة في الفكر الفلسفي العربي الحديث، يمثل الأول منها علي حرب الذي «يقدس» العولمة ويرى فيها ثمرة للانفجارات والتحولات المتسارعة التي تضع المجتمعات البشرية أمام تحديات كبرى، ما يفرض التعامل مع العالم بعقل تركيبي مفتوح، وبالتخلي عن لغة الإقصاء والاستعلاء على المختلف واتقان سياسة الاعتراف المتبادل. في المقابل، يرى طه عبدالرحمن ان نظام العولمة أحدث إخلالاً بالهوية الأخلاقية الإنسانية، بحيث ان لا وجود لإنسان من دون أخلاق، ولا أخلاق من دون دين، ولا إنسان من دون دين، ما يعني لدى عبدالرحمن ان ماهية الإنسان تحددها الأخلاق وليس العقل. يعرّف عبدالرحمن العولمة بأنها: «تعقيل العالم بما يجعله يتحول الى مجال واحد من العلاقات بين المجتمعات والأفراد من طريق تحقيق سيطرات ثلاث: سيطرة الاقتصاد في حقل التنمية، سيطرة التقنية في حقل العلم، وسيطرة الشبكة في حقل الاتصالات». أما عبدالوهاب المسيري، فيرى ان زمن العولمة هو زمن التحقق الأقصى للعلمنة الشاملة، حيث يتم فيها نزع عنصر القداسة عن حياة الإنسان، بما يجعله انساناً ذا بعد واحد، في معنى الإنسان الطبيعي او الاقتصادي او الجنساني، انسان تحركه دوافعه المادية وغرائزه الحيوية. ويذهب المسيري أبعد من ذلك، فيرى في العولمة إلغاء للحياة الخاصة.
لا يتوافق الكاتب مع النظرات النقدية الحادة التي تطاول العولمة ومفاهيمها، بل يرى في هذه العولمة روحاً ونظرة وتصوراً حول الإنسان والزمان والعالم والمصير وغيرها من القيم والمسائل التي تقع في صميم التفكير الفلسفي، ما يعني اننا ملزمون بمساءلة الأساس الفلسفي عندما نلجأ الى تحليل الممارسات الثقافية والظواهر الكونية والفكرية التي تنتصب أمامنا كل يوم ونجد تجلياتها في كل ميدان من ميادين الحياة. وفي هذا الصدد، يصر الكاتب على ان التفكير الفلسفي في زمننا الراهن لم يعد مخصوصاً بدائرة حضارية واحدة بمقدار ما بات يتسم بالشمولية، ما يعني ان كل انسان من حقه ان يتفلسف بمعزل عن دينه وعرقه. كما ان الحداثة، في الآن ذاته، تفرض نفسها في وصفها مجموعة القيم الفكرية الهادفة الى نهضة المجتمع.
في ختام معالجته، يشدد الكاتب على ان «زمن العولمة بمفاعيله ونتائجه على الانسان المعاصر وبخاصة إرادة السيطرة والتعميم للنماذج الثقافية المهيمنة وتنميط العقول تبعاً لها، يحتّم تحدياً فلسفياً مضاعفاً، وهو الحاجة الى صحوة العقل وتجديد قيمه وبعث الحياة في الحس التساؤلي، ونقد القناعات النفسية والفكرية الشائعة».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.