ورحلت أمي الغالية    ولادة 3 وعول في منطقة مشروع قمم السودة    القيادة تعزي حاكم عام بابوا غينيا الجديدة في ضحايا الانزلاق الترابي بإنغا    أمير المنطقة الشرقية يستقبل أعضاء مجلس إدارة نادي الاتفاق    الاحتيال العقاري بين الوعي والترصد    موجز    ارتفاع استثمارات «المسار الرياضي»    كشف رب الأسرة    الطائر الأخضر والمقعد الأزرق !    «ديوان المظالم» يقيم جلسة توعوية بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأمن السيبراني    مكتسبات «التعاون»    «مايكروسوفت» تترجم مقاطع الفيديو وتدبلجها    إدانة دولية لقصف الاحتلال خيام النازحين في رفح    نعم.. ضغوطات سعودية !    الديمقراطية إلى أين؟    التعاون يتغلب على الاتفاق بهدف في دوري روشن    إسدال الستار على الدوريات الأوروبية الكبرى.. مانشستر سيتي يدخل التاريخ.. والريال يستعيد لقب الليغا    أخضر رفع الأثقال وصيف العالم    اليوم في ختام دوري يلو.. تتويج القادسية.. والخلود والعروبة في صراع الوصافة    نائب أمير نجران يبارك للأخدود البقاء في دوري روشن        مفهوم الاختبارات    سرقة سيارة خلال بث تلفزيوني    طلب عسير    الأمن العام: 50 ألفاً غرامة تأخر الإبلاغ عن مغادرة المستقدَمين في الوقت المحدد لانتهاء التأشيرة    عبر دورات تدريبية ضمن مبادرة رافد الحرمين.. تأهيل العاملين في خدمة ضيوف الرحمن    الدوسري أشاد بتميز جيل الرؤية.. «الإعلام» تحتفي بالفائزين في معرض « آيتكس»    الفيصل تُكرم الطلاب الفائزين في مسابقتَي «آيسف» و«آيتكس» وتشيد بمشاريع المعلمين والمعلمات    حفلات التخرج.. البذل والابتذال    بدء أعمال إنشاء مساحات مكتبية في "ميدان الدرعية"    إخلاص وتميز    سلمان بن سلطان: خدمة الحرمين ورعاية قاصديهما من أهم أولويات الدولة    كيف تصف سلوك الآخرين بشكل صحيح؟    أمير المدينة يستقبل الشيخ السديس ويطلع على خطة الرئاسة التشغيلية لموسم الحج    سكري الحمل    دراسة تكشف أسرار حياة الغربان    نصائح للمرضى خلال رحلة العمر.. إستشاري: خذوا أدوية السكري في مواعيدها وتجنّبوا الإجهاد    الهلال ينهي الموسم بدون هزيمة..والنصر يقسو على الاتحاد    السعودية قبلة الرياضة العالمية    الذئاب إلى دوري أبطال آسيا 2    21% نمو إنتاج الذهب بالمملكة    أمير تبوك يستقبل المواطنين في اللقاء الأسبوعي    الشورى يدعو لضبط أسعار العقارات السكنية وتنظيم الإيجار    10 آلاف زائر للمعرض الوطني بالقصيم    مجمع إرادة بالرياض يحتفل بيوم التمريض العالمي.. غداً    «جامعة نايف» تفتتح فعاليات الندوة العلمية «إدارة وتأمين الأحداث الرياضية الكبرى»    الخارجية السعودية: «الوزاري المشترك» شدد على ضرورة وقف فوري لإطلاق النار في رفح    قافلة التجمع الأول الطبية تحط رحالها في الدلم.. السبت    سلمان الدوسري يهنئ جيل الرؤية على التفوق والتميز    هيئة الطرق تُطلق الكود السعودي مرجعًا لكافة الجهات المنفذة    فيصل بن بندر يؤدي صلاة الميت على سعود بن عبدالعزيز    إنطلاق أعمال ملتقى تجربة المريض "بين التحديات والفرص في المنشآت الصحية    الجلاجل يشارك في اجتماع مجلس وزراء الصحة العرب بجنيف    نائب أمير مكة يطّلع على استعدادات وخطط وزارة الحج والعمرة    تعليم الطائف يدعو للتسجيل في خدمة النقل المدرسي للعام    جوازات ميناء جدة الإسلامي تستقبل أولى رحلات ضيوف الرحمن القادمين من السودان    الأردن تدين قصف مخيم للنازحين غربي رفح    وصول طلائع الحجاج السودانيين إلى ميناء جدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شابة مغربية تقود مجموعة فارسات في احتفال «التبوريدة» الشعبي
نشر في الحياة يوم 09 - 11 - 2009

كما يليق بالفرسان وأدابهم، رفضت بشرى أن تُلتقط لها ولو صورة واحدة من دون كامل عناصر فرقتها. في عمر العشرين فقط، تعرف هذه «المقدمة» (القائدة) كيف تقود بحكمة ونجاح «سربة» من تسع فارسات، بينهن من يكبرنها سناً. تقود بشرى فريقها بمهنية وذكاء وحرص بالغ على دفع أي شيء قد يشوش على انسجام «الجند» ويعكر صفوهن، وبالتالي يقلل من انضباطهن لتعليمات القائدة واحترامهن لها.
حينما انتهت فرقتها من أداء استعراضات صباح آخر يوم من مهرجان الفروسية السنوي لأحواز الرباط، كانت بشرى أول من رافق الخيول إلى مرابضها، وآخر من غادر. حس مسؤولية عال أكسبها احترام أبناء قبيلتها وإعجابهم، وشجعهم على ائتمانها على قيادة بناتهن في حلبة الفرسان الذكور.
خيام على مد البصر تصنع حدود الحلبة المتربة لمهرجان «التبوريدة» الذي أقيم أخيراً في ضواحي الرباط، وضم نحو ستة قبائل تعيش في محيط العاصمة. مئات الفرسان باللباس التقليدي الأبيض في غالبه تناوبوا على امتطاء صهوات خيول تحلت بأبهى الحلل لاستعراض مهاراتهم في ركوب الخيل واستخدام السلاح الناري.
يطلق المغاربة على هذا الاستعراض الخاص بفن الفروسية التقليدية اسم «التبوريدة»، وهي لفظة مستولدة من البارود، أي الذخيرة الحية، ويعبر عن تقليد متوارث بين الأجيال عبر خمسة قرون، يعكس زمن بطولات الجهاد بالبنادق على صهوة الفرس ضد الأعداء، وطقوس التنظيم العسكري لصفوف «الخيالة» وخبرات القيادة والطاقات القتالية لفرق «السربات».
وقفت بشرى على عملية ملء ذخيرة بنادق «كتيبتها». عملية محفوفة بالخطر قد يكلف الخطأ فيها أضراراً صحية جسيمة، لكنها قلما تأتي على إرادة الفرسان وعشقهم لفن «التبوريدة» الواسع الشعبية. كانت إحدى فارسات «سربة» بشرى أصابت أصابع يديها معاً بطلقة من بندقيتها قبل يومين، إذ لم تنتبه إلى أن الذخيرة كانت مضاعفة.
مع ذلك، خرجت «المصابة» مباشرة من المستشفى إلى صهوة فرسها بيدين مضمدتين، يصعب معهما معرفة كيف أمكنها الإمساك بالبندقية بعدها. موعد مع الفرس والجمهور لا يمكن تفويته لأي سبب كان. «أنا مدمنة على الفروسية»، تقول كوثر بابتسامة واسعة.
وقفت سربة بشرى بلباس أخضر موحد في صف منتظم وسط صفوف الفرسان في انتظار دور استعراضهن. شمس ذلك اليوم كانت حارة. بيد أن «المساواة» السلبية التي مارسها الفرسان الذكور ضدهن حرمتهن من فرصة «التمييز الإيجابي» إزاء النساء الذي يستفدن منه عادة في مواسم الفروسية خارج الرباط، فكابدت الفارسات الحر بإرادة قوية طيلة المرات الثلاث التي أدين فيها عرضهن ذلك الصباح.
حان دورهن. انطلق صوت بشرى قوياً: «مصاوبين؟» ( أي هل أنتن مستعدات للتصويب؟). أجابت الفرقة بصوت واحد: «يصاوب الله». وتنتظر الفارسات التعليمات المقبلة لإعداد الخيول للركض والتحكم بشكيمتها والتصويب إلى أعلى، ومن ثم إطلاق النار في وقت واحد مع الحفاظ على انتظام الصف. كثيراً ما يسقط الفرسان ذوي الخبرة المتوسطة والمبتدئين من أعلى الحصان في هذه الاستعراضات، أو تحرن خيولهم وتعصى الانقياد لهم. لكن سربة بشرى لم تعان أياً من هذا وذاك. ونالت عروض السربة النسائية الوحيدة في المهرجان إعجاب الجمهور وثناء الفرسان.
«لا فرق بين أداء الفارسات والفرسان إذا تدربت الفارسات جيداً على ركوب الخيل واستخدام البندقية»، يؤكد مدرب سربة بشرى، وهو فارس سابق. ثمة أيضاً مؤهلات «وراثية» مجدية بالنسبة الى معظم الفارسات اللواتي يملك أهاليهن الخيول، أو يكونون أنفسهم فرساناً أباً عن جد. ولهذا لا يبدو مثيراً للدهشة أن يولد في أسرة نباتة فرسان كثر، فلبشرى ثلاث أخوات فارسات أيضاً في سربتها، هن حياة وليلى ومحجوبة، أصغرهن عمرها 12 سنة، وأكبرهن 26 سنة، وهي متزوجة. أما أمهن فهي بمثابة «كوتش» (coach) حقيقي تلازمهن بالدعاء والنصائح والرعاية في كل حلبات التباري في المغرب. ولا يفوت الجد والأب مناسبات قريبة مثل هذه لتشجيع فارساتهما والافتخار بهن وسط قبائل المنطقة.
وترأس بشرى جمعية «فارسات الحوزية» التي أنشأتها في العام 2006. وكانت في عمر محجوبة الصغرى عندما امتطت الفرس، ولم تنزل عن صهوتها حتى اقتحمت بها حلبة الفرسان في العام 2003، مع أولى الفارسات المغربيات اللواتي دخلن عالم «التبوريدة». بعد سنتين، حازت ميدالية ذهبية في منافسات جائزة الحسن الثاني للفروسية ضمن فرقة فارسات مدينة المحمدية (شمال الدار البيضاء). وفازت العام الحالي في البطولة نفسها بالميدالية الفضية ممثلة جهة الرباط.
فرق فارسات «التبوريدة» في ازدياد مطرد في شتى أنحاء المغرب، عددهن اليوم سبع سربات، وجمهورهن بلا عدد وإضافتهن الخاصة في عروض الفروسية التقليدية تمنح زمن الحاضر مسحة المشاركة الفعلية للمرأة والرجل في ما أضحى فناً شعبياً للتعبير عن الانتماء في الآن نفسه، وتذكر بزمن كانت النساء يسرن جنباً إلى جنب مع الفرسان إلى ساحات القتال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.