ارتفاع الصادرات غير البترولية بنسبة 5.5% في أغسطس 2025م    القيادة تهنئ الرئيس الاتحادي لجمهورية النمسا بذكرى اليوم الوطني لبلاده    أبرز 3 مسببات للحوادث المرورية في القصيم    مجلس الضمان الصحي يُصنّف مستشفى د. سليمان فقيه بجدة ك "مستشفى رائد" بعد تحقيقه نتيجة قياسية بلغت 110٪.    "زين السعودية" تعلن نتائجها لفترة التسعة أشهر الأولى من 2025 بنمو في الأرباح بنسبة 15.8%    أكثر من 85 ورشة عمل تمكّن رواد الأعمال في "بيبان 2025"    سماء غائمة وسحب رعدية على جازان وعسير.. والضباب يخيّم على الشرقية    اليسارية كاثرين كونولي تفوز برئاسة أيرلندا بأغلبية ساحقة    غدًا.. قرعة بطولة العالم للإطفاء والإنقاذ في الرياض تمهيدًا لانطلاق المنافسات الدولية    "طويق" تشارك في معرض وظائف 2025 بالظهران وتفتح آفاق وظيفية جديدة للموارد البشرية    الزهراني يترأس الاجتماع الدوري الثالث لبرنامج مدينة أضم الصحية    تجمع تبوك الصحي يواصل حملة "التبكيرة خيرة" للكشف المبكر عن سرطان الثدي    إسرائيل تعتبر تدمير أنفاق غزة هدفاً استراتيجياً لتحقيق "النصر الكامل"    نائبة رئيس جمهورية أوغندا تصل الرياض    انطلاق القمة العالمية للبروبتك    100 مشروع ريادي لنهائي الكأس    صدارة آرسنال في اختبار بالاس.. وسيتي ضيفاً على أستون فيلا    تنافس قوي بين كبرى الإسطبلات في ثاني أسابيع موسم سباقات الرياض    اختتام فعاليات بطولة الإنتاج المحلي لجمال الخيل العربية الأصيلة 2025    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على هيفاء بنت تركي    الديوان الملكي: وفاة صاحبة السمو الأميرة هيفاء بنت تركي بن محمد بن سعود الكبير آل سعود    سائح يعيد حجارة سرقها من موقع أثري    بحضور أمراء ومسؤولين.. آل الرضوان يحتفلون بزواج عبدالله    مسؤولون ورجال أعمال يواسون أسرة بقشان    غرم الله إلى الثالثة عشرة    «إياتا» تضع قواعد جديدة لنقل بطاريات الليثيوم    «بدي منك طلب».. رسالة لاختراق الواتساب    بيع 90 مليون تذكرة سينما ب 5 مليارات ريال    الذكاء الاصطناعي يعيد الحياة لذاكرة السينما بمنتدى الأفلام    أمير منطقة حائل يرعى حفل افتتاح ملتقى دراية في نسخته الثانية    116 دقيقة متوسط زمن العمرة في ربيع الآخر    ولي العهد يُعزي رئيس مجلس الوزراء الكويتي    سرقة العصر أو البلاشفة الجدد في أوروبا    %90 من وكالات النكاح بلا ورق ولا حضور    شرطة الرياض: تم -في حينه- مباشرة واقعة اعتداء على قائد مركبة ومرافقه في أحد الأحياء    موجات مغناطيسية سر حرارة هالة الشمس    النصر يتخطى الحزم بثنائية ويواصل صدارته لدوري روشن السعودي للمحترفين    أسهم الذكاء الاصطناعي تواصل الصعود    غياب البيانات يعيد بريق الذهب والفرنك السويسري    انطلاق مؤتمر «مبادرة مستقبل الاستثمار».. غداً    "الشؤون الإسلامية" تطلق برنامج "تحصين وأمان"    الAI يقلص العمل ليومين أسبوعيا    خطيب المسجد الحرام: لا بد أن تُربّى الأجيال على هدايات القرآن الكريم    إمام المسجد النبوي: معرفة أسماء الله الحسنى تُنير القلوب    ولي العهد يُعزي هاتفياً رئيس الوزراء الكويتي    النوم مرآة للصحة النفسية    اكتشاف يغير فهمنا للأحلام    "تخصصي جازان" ينجح في استئصال ورم سرطاني من عنق رحم ثلاثينية    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالريان ينهي معاناة مراجعين مع ارتجاع المريء المزمن بعملية منظار متقدمة    التعادل الإيجابي يحسم مواجهة الشباب وضمك في دوري روشن للمحترفين    رئيس موريتانيا يزور المسجد النبوي    «هيئة العناية بالحرمين» : 116 دقيقة مدة زمن العمرة خلال شهر ربيع الثاني    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على هيفاء بنت تركي بن سعود الكبير آل سعود    دوائر لمكافحة «الهياط الفاسد»    مشاهير الإعلام الجديد وثقافة التفاهة    احتفالية إعلامية مميزة لفريق "صدى جازان" وتكريم شركاء العطاء    نائب أمير نجران يُدشِّن الأسبوع العالمي لمكافحة العدوى    أمير منطقة تبوك يواسي أسرة القايم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المظفر ل «الحياة»: رشّحنا ابن علي لأننا جرَّبناه... ولا أستبعد «الترخيص» لأحزاب يقودها «إسلاميون»
نشر في الحياة يوم 21 - 10 - 2009

نفى القيادي البارز في الحزب الحاكم في تونس، وزير الإصلاح الإداري زهير المظفر أن يكون فوز الرئيس زين العابدين بن علي مرات عدة في الانتخابات الرئاسية في تونس دليل على أن تونس لم تزل «دولة الحزب الواحد» كما هو قائم في عهد بورقيبة، الذي ضمن دستور البلاد قبل أن يعدله زين العابدين أن رئاسة الجمهورية تكون مدى الحياة.
وأعاد مظفر ترشيح حزبه الرئيس بن علي وفوزه بنسبة عالية في كل الانتخابات السابقة، إلى تاريخه السياسي، وإنقاذه البلاد من محن عدة كان بينها خطر انقلاب، كان سيقود البلاد إلى هاوية. لكن ذلك بحسبه لا يعني أن ليس في قيادات حزبه رجل رشيد جدير بالترشح للرئاسة غيره.
وفي ملف المعارضة السياسية أشار إلى واقعها في تونس، معتبراً إياها قوية، وذات برامج، تتفق مع السلطة وتتعارض، وتحظى بحريتها الكاملة، رغم وجود أخطاء لا ينكرها الوزير المفوّه.
وفي قضية المهجرين وقضايا المقاربة مع الإسلاميين، شدد المظفر على تجريم الدستور للتهجير. مكذباً كل ما يتردد على هذا الصعيد. ناصحاً كل تونسي بالعودة إلى وطنه وتسوية ملفه القانوني إن كان صدر بحقه حكم أو مارس جرماً ليمارس بعد ذلك حياته الطبيعية في بلاده.
وفي جانب آخر لم يستبعد المظفر أن ترخص حكومة بلاده لأحزاب ذات رسالة تنموية، وإن كانت قُدمت من جانب إسلاميين، على نحو المقاربة التي تمت مع الإسلاميين في المغرب وموريتانيا. في ما يلي نص الحوار.
في البداية الواقع السياسي في تونس ما هو، فالكثيرون من المشارقة لا يعرفون عن بلادكم إلا البوليس وبورقيبة وزين العابدين؟
- تونس هي دولة جمهورية، ونظام الحكم فيها هو النظام الرئاسي الذي يحكم بالدستور الذي أصدر في 1 حزيران (يونيو) عام 1951، وتغير 14 مرة لكن احتفظ بلبه الذي يقوم على فصل السلطات. الخريطة السياسية تمثلها تسعة أحزاب سياسية معترف بها، منها ستة أحزاب ممثلة في البرلمان، لها 37 نائباً يشكلون المعارضة، وهذه الأحزاب تنشط بصفة قانونية وتعبر عن آرائها، ولها صحف وتشارك في القرار السياسي، وتشارك في البرلمان وتقتنع بدورها كأحزاب معارضة. وهناك الحزب الحاكم حزب الأغلبية «التجمع الدستوري الديمقراطي» والذي لديه الأغلبية في مجلس النواب.
إضافة إلى الأحزاب يوجد مجتمع مدني أبرز مكوناته النقابات، ويمثلها الاتحاد التونسي للحكم «النقابة المركزية» والتي تلعب دورها في الدفاع عن الطبقة العاملة، واتحاد الأعراق واتحاد الصناعة والتجارة الذي يدافع عن مصالح رجال الأعمال وأصحاب المؤسسات، وهناك اتحاد الفلاحين الذي يدافع عن الفلاحين، ومنظمة المرأة التونسية، إلى جانب الأحزاب والمنظمات الوطنية الأربعة، هناك تقريبا 10 آلاف جمعية أهلية في مختلف المجالات، فهناك جمعية أهلية تدافع عن حقوق الإنسان، وهناك جمعيات أهلية رياضية وجمعيات أهلية مدرسية، وعلى ذلك الطيف السياسي في تونس ينشط من خلال الأحزاب السياسية والجمعيات الأهلية.
ويوجد قطاع خاص يلعب دوراً كبيراً في تمويل القطاع الاقتصادي، وهناك أحزاب وتنظيمات غير معترف بها وغير مرخص لها للنشاط في إطار القانون، ومنها حركة النهضة، والجهاد الإسلامي، والنصر، وهي غير معترف بها لأننا نعتبر كل التونسيين مسلمون، والدولة شرعها الإسلام، ولا حاجة للاعتراف بحزب يحتكر الإسلام لنفسه، فكلنا سنيون مالكيون والقانون يمنع تكوبن أحزاب على أساس الدين.
وهناك تنظيمات يسارية غير معترف بها أيضاً، لكونها تدعو إلى أفكار يسارية غير قابلة للتطبيق، فمرجعيتنا الأساسية في تونس هي الدستور ثم الميثاق الوطني الذي يحدد القواسم المشتركة بين كل التونسيين ويعتبر حرية الرأي والتعبير وحقوق الإنسان والانتماء إلى الهوية العربية والإسلامية التونسية، أمر أساس لا مفر منه، بالتالي الأحزاب التي تتعامل بالعنف والتي لديها مرجعية ضد حقوق المرأة وضد الدستور والميثاق الوطني لا يمكن الاعتراف بها.
قلت إن الدستور تم تعديله 14 مرة، فما هي النقاط الجوهرية التي تم تعديلها في الدستور والتي تعتبرونها تغييراً وتطويراً في الدستور؟
- من أهم النقاط التي تم تعديلها في الدستور، التأكيد على ضمان حقوق الإنسان، ثم اعتماد مبدأ التظلم وفصل السلطات في تنظيم الحكم، كما أن تعديل الدستور احدث مجلس المستشارين، والمجلس الدستوري الذي يراقب دستورية القوانين.
في المشرق يتردد أن تونس دولة ملكية غير معلنة، بمعنى أن نتيجة الانتخابات فيها معروفة النتائج مسبقاً والرئيس هو الرئيس، فما ردك؟
- تونس دولة جمهورية بمعنى أن كل خمس سنوات تجرى فيها انتخابات يترشح فيها الرئيس الحالي ومن يريد المنافسة من الأحزاب الأخرى، وفي يوم 25 تشرين الأول (أكتوبر) المقبل سينتخب الشعب التونسي رئيساً له من بين أربعة أو خمسة مرشحين، ولو كان النظام ملكياً كما يقال لما أجريت هذه الانتخابات أصلاً كما هي الحال في بقية الدول الملكية مثل السعودية والمغرب.
لكن هذه الدول ملكيتها معلنة وظاهرة، لكن في تونس غير معلنة، بمعنى في الدول الغربية لم يحدث أن فاز رئيس بالحكم أربع مرات لكن في الدول العربية يحدث، فهل يعقل أن كل انتخابات تجرى لا يوجد رجل رشيد آخر يثق به الشعب التونسي؟
- الأحزاب التونسية كلها ذات سياسات رشيدة، ولكن الشعب التونسي جدد ترشيح الرئيس زين العابدين، لأن ثمة عوامل تاريخية وعوامل حزبية دفعت لذلك، فالحزب الذي ينتمي إليه الرئيس وهو حزب الأغلبية، أقوى الأحزاب وأقدمها، وهو الذي فرض الاستقلال وحرر تونس من فرنسا عام 56 بينما الشيوعيون كانوا ينادون بالاشتراكية الشيوعية الدولية، أما حركة النهضة فلم تكن موجودة آن ذاك.
على أي اعتبار يفوز الرئيس زين العابدين بن علي في الانتخابات كل خمس سنوات؟
- يفوز الرئيس على أساس ثلاثة اعتبارات أساسية: أولها أنه في 7 تشرين الثاني (نوفمبر) عام 87 كان رئيس تونس (بورقيبة) في حال شيخوخة وتدهورت إثر ذلك أوضاع البلاد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وكانت تونس على مشارف الإفلاس وحرب أهلية، لأن ما يسمى بحركة الجهاد الإسلامي كانت كونت خلايا للإثارة والانقلاب في الجيش والشرطة والديوان وكل الأجهزة، وهذه الحركة كانت مخالفة للنهج التونسي والاعتدال التونسي، فقام الرئيس بن علي في7 نوفمبر بحركة التغيير باعتباره وزيراً أول، وطبقاً للدستور فإن الوزير الأول في حال غياب الرئيس عن الرئاسة يتولى الحكم، بالتالي أزيح الرئيس بورقيبة عن الحكم، وأنقذ ابن علي البلاد التي كانت تسير نحو الهاوية، وكل من في القطاعات والديوان آن ذاك لمس هذا التحول والتغيير، وكل الأحزاب حينها ساندته.
وفي عام 89 حين قامت الانتخابات، كل الأحزاب رشحته و99 في المئة من الشعب التونسي اختاره، فقام بتعديل الدستور وأحدث التغييرات وأعاد جامعة الزيتونة، وقام بمصالحة وطنية، وفي عام 94 أيضاً الشعب التونسي رشح ابن علي، وفي 99 الحال نفسها، وقد قال الرئيس للشعب: لا أريد أن أكون في كل مرة أنا المترشح ولكنه يفوز لثقة الشعب التامة به.
من داخل الحزب الذي ينتمي له الرئيس، لماذا يتم ترشيحه هو بالذات، ألم يقترح ترشيح غيره؟
- هذا سؤال وجيه، لأن الحزب في عام 87 كان مرشحاً للاندثار، ولو لم يقم الرئيس بما فعله من تغيير في الحكم لكان هذا التجمع شيئاً من الماضي، فالحزب بقي وفياً للزعيم الذي أنقذه، ولكن ليس معنى هذا انه لا يوجد في الحزب من يستحق الترشيح ولكن وجهة نظرنا أن من جربناه في هذا
المجال هو الأحق بالترشيح، وليس لدينا احتكار ولسنا ضد التداول على السلطة، وإذا وجد لدى الأحزاب المعارضة من لديه القدرة على التغيير والإصلاح وكسب ثقة الشعب التونسي فليتقدم للترشيح.
هناك من يسخر من نتائج مبالغ فيها، حتى وجدت نكتة «99 فاصل 99»، بالنسبة لتونس أليس هناك تدخل من السلطة وأجهزتها الأمنية في صناعة هكذا نتائج؟
- سئلت في قناة فرنسية السؤال نفسه، فقالوا لي هل تعتبرون أنفسكم ديموقراطيين! بماذا تفسرون ترشح الرئيس زين العابدين لأكثر من مرة! فقلت لهم فسروا لي انتم فوز الرئيس جاك شيراك عاماً سبق بأكثر من 83 في المئة، فوز ابن علي بالنسبة التي يسخر منها البعض، لأن التجمع الجمهوري الديموقراطي الذي هو حزب الرئيس لديه 80 في المئة تقريباً من الأصوات، والنقابات رشحت ابن علي، ورجال الأعمال أيضاً، أضف إلى ذلك أن لدينا حزب العمال أي الفقراء وهم قرابة المليون كلهم رشحوا ابن علي. لأن ابن علي ليس رئيس دولة وجمهورية وحسب، بل رئيس شعب، فثمة علاقة خاصة بين الرئيس والشعب، فالرئيس لا يقول أنا منحاز للفقراء، بل ينحاز للأنظمة والقوانين، والرئيس ابن علي يقوم برفع الأجور كل ثلاث سنوات، وعلى هذا ليس بمستغرب أن يحبه الشعب التونسي ويرشحه.
نحن في العالم العربي لدينا حس مؤامرة خصب، فيقول قائل انه لو تم ترشيح شخص أو حزب غير حزب الرئيس، فسيناله القتل والتعذيب، وتخلق الأعذار لإعاقة مسيرته، كما اتهمكم بعض المرشحين هذا العام، فما تقول؟
- لقد كنت مدير مركز الدراسات في الحزب، وكنت مطلعاً على الانتخابات، وسأقول لك بصدق المعارضة تترشح كما تريد، ومن لديه قائمة مستقلة فليرشح نفسه، ومن يقول ان من يرشح غير الرئيس يسجن أو يقتل فكلامه لا أساس له من الصحة.
ذكرت أن لديكم تسعة أحزاب غير الحزب الحاكم، فهل لهذه الأحزاب دور حقيقي، أم هي حبر على ورق؟
- أحزاب الموالاة وأحزاب المعارضة كلها تؤدي دورها، ومجلس النواب لدينا أكبر مجلس فيه أحزاب التشديد، ولو حضرته فستلاحظ أن أحزاب المعارضة تنتقد الحكومة، وتتعاون معها في بعض المشاريع والقوانين، التي تؤمن بوجهة النظر الحكومية فيها، ومن يقول إنها أحزاب للديكور فقط، فكلامه غير صحيح، أحزاب المعارضة تلعب دوراً كبيراً في مجلس النواب وفي صياغة القوانين.
بصراحة هل أحزاب المعارضة تقدم خدمات للشعب، أم وجدت كشهادة بإرساء التعددية لا غير؟
- بالتأكيد تخدم الشعب، نحن كسلطة لدينا ما لا يقل عن 15 مجلساً عالياً تحت رعاية السلطة، والمجالس العليا كالمجلس الأعلى للتنمية، والمجلس الأعلى للسكان، والمجلس الأعلى للتعليم، تناقش فيها السياسات في حضور أحزاب المعارضة التي تطرح آراءها وتناقش في حضور الوزير الأول، ونحن نستفيد من آراء المعارضة كثيراً. وارجع لكتاب ابن علي في 7 تشرين الثاني (نوفمبر) 2007، وستجد أن العديد من الأفكار التي أعلن عنها وعمل بها كانت مستوحاة من مقترحات المعارضة.
في ما يتعلق بالجمعيات المدنية، قرأنا قبل فترة في بعض الصحف أن منظمات حقوق الإنسان الموجودة في تونس تعاني من التضييق فما السر؟
- حقوق الإنسان في العالم العربي هي رابطة تكونت عام 77، وهي من أقدم واعرق منظمات حقوق الإنسان في تونس، ولعبت دوراً مهماً لسنوات عدة ، لكن مع الأسف حصل انقسام داخل الإدارة المسيرة لهذه الرابطة، وحاولت السلطة السياسية الإصلاح، وقال الرئيس زين العابدين في كثير من المناسبات ان رابطة حقوق الإنسان مكتب وطني مهم، ويعتبر مكوناً أساسياً من مكونات المجتمع المدني، ونأمل أن تجد الرابطة حلاً لهذا الوضع المتأزم التي تعاني منه. (بعد الحوار حدث الأمر نفسه مع نقابة الصحافيين، وتبادلت السلطة وقادة النقابات تهم المسؤولية عن عرقلة المجتمع المدني التونسي.
إذاً ما صحة وجود انتهاكات لحقوق الإنسان داخل تونس، وذهاب الكثيرين من أبناء البلد إلى الخارج وزعمهم أنهم ممنوعون من دخول تونس؟
- تونس ليست معصومة من الخطأ، لكننا نسعى دائماً لضمان حقوق الإنسان في الدستور والتشريعات، وحتى في المحاكم، بدليل أن من قاموا بجرائم كبيرة مثل الجرائم الإرهابية لم تتم محاكمتهم من محاكم استثنائية أو عسكرية، بل حوكموا في محاكم مدنية تضمن حقهم في الدفاع، ومن يتجول في تونس يعرف أن ما يدعى على تونس في انتهاك حقوق الإنسان هو ضرب من الخيال أو صنف من صنوف المبالغة.
قبل فترة بثت قناة معينة لقاء لتونسيين يقولون إنهم خرجوا عنوة من وطنهم، ويخشون العودة لما ينتظرهم، على حد قولهم من البطش، فما مدى صحة ذلك وأنت تقول حقوق الإنسان التونسي محفوظة؟
- الدستور التونسي يحرم تغريب المواطنين وكل تونسي له الحق في العودة إلى وطنه، وأنا أتحدى أي تونسي يقول انه منع من دخول تونس، وهذا ما ينص عليه الدستور ونحن ملتزمون به، وإذا كان هناك من عليه حكم وهرب إلى خارج تونس فعليه العودة ومواجهة الحكم، ويستطيع استخدام حقه في الدفاع، لكن الحديث عن المغربين التونسيين حديث باطل. والدستور التونسي والقضاء التونسي والتشريع التونسي يضمن لكل تونسي تحت مظلة القانون العيش بسعادة تامة.
أنتم كحزب حاكم لماذا لا تعلنون عفواً عن كل التونسيين الموجودين في الخارج؟
- العفو العام طرح موضوعه من جانب المعارضة، ولكن ليس لدينا أحكام سياسية، فمن قام بعملية إرهابية، وزوّر جواز سفره للهرب خارج تونس لماذا نصدر عفواً عنه.
لفتح الباب أمامه ومساعدته في إصلاح نفسه من جديد مثلاً، كما يحدث في أكثر من دولة، على قاعدة «عفا الله عما سلف»؟
- ثمة عفو خاص، ورئيس الجمهورية له في كل مناسبة لتونس عفو خاص، أما العفو العام فنحن ليس لنا محكومون سياسيون.
هل هنالك تنظيمات غير مرخصة مثل حزب النهضة؟
- ثمة أحزاب غير مرخص له أيضاً لان أطروحاتها يسارية وغير قابلة للتطبيق، أما كل تنظيم سياسي يعترف بالدستور، ويقر بحقوق المرأة وبصلاحيات رئيس الجمهورية فسيعترف به، أما الأحزاب أقصى الشمال وأقصى اليمين فهذه غير معترف بها.
قلت قبل قليل إن من يرشح نفسه سواء من أقصى الشمال أو من أقصى اليمين يقبل ترشيحه إذا لم يكن عليه ملاحظات خاصة، ماذا تعني؟
- نحن نفرق بين الاعتراف بالأحزاب والترشح للانتخابات، نحن لا نسمح لحزب غير معترف به أن يترشح كحزب، أما إذا وجد أشخاص مستقلون يريدون الترشح للبرلمان أو البلديات فهذا من حقهم وحق كل تونسي «بما في ذلك راشد الغرنوشي!» إذا توافرت فيه الشروط فليترشح.
في المغرب وفي مصر وفي موريتانيا، هناك ما يسمى أحزاب على النهج هي أحزاب إسلامية لكنها لا تقدم نفسها على أنها كذلك، لماذا لا توجد هذه المقاربة في تونس؟
- حين يكون التوجه سياسياً فهو كذلك، الحزب هو عقيدة وتوجه وخيارات وكل حزب سياسي لديه عقيدة ومبدأ وخيارات، ونحن قلنا من مذهبه إسلامي صرف فهذا ديني.
أنا أقصد مجموعة ذات أفكار إسلامية لكنها لا تقول ذلك، هل تمانعون في الترخيص لهذه النوعية من الأحزاب، كالعدالة والتنمية المغربي مثلاً؟
- إذا كان هذا الحزب يلتزم بقانون الأحزاب ويلتزم بالدستور فلا مانع لأننا نحكم بالظواهر أما البواطن فيحكم عليها الله.
قلت في البداية لولا تقدم الرئيس للرئاسة في 7 نوفمبر لكان حدث انقلاب من الشيوعيين والإسلاميين، أين ذهب أولئك؟
- قلت لك جرت مصالحة وطنية، وحتى راشد الغرنوشي عُفي عنه وأُخرج من السجن هو وجماعته، وكان هناك ما يقارب 20 ألف تونسي متورطين في قضايا ومشكلات، شملهم العفو أيضاً، وأخليت السجون من كل سجين سياسي أو نقابي.
والآن هل ستعفون عن الغنوشي مجدداً؟
- (ضاحكا) تونس مفتحة أبوابها أمام كل التونسيين، ومن عليه حق خاص أو مطالبة قضائية فليسوّ ملفه القانوني، وليبق مواطناً صالحاً.
تفتخر تونس بتجربتها الأمنية في قضايا الإرهاب، باختصار ما هي تجربة تونس في هذه المعالجة؟
- تصدينا للإرهاب كان ثلاثي الأبعاد، لأننا لم نهتم بالمقاربة العسكرية فقط، بل كانت هناك مقاربة اجتماعية فاهتممنا بالأحياء الفقيرة التي كانت تعشش للإرهاب، ثم قمنا بمقاربة تربوية في المناهج التعليمية، ثم أتى دور المعالجة الأمنية، وسر نجاح تونس في معالجة الإرهاب أولاً هو القيام بمصالحة وطنية كما قلت لك.
فيما يتعلق بالتوانسة المتدينين، هل لا زالوا يشكلون بؤرة يمكن أن يخرج منها الإرهاب؟
- أولاً، يجب أن نفرق بين الأصوليين، والمتدينين، والمتطرفين، نحن نحترم المتدينين والشعب التونسي شعب متدين، أما ما يتعلق بالأصوليين والمتطرفين، فهذا ملف لم يغلق ولكن لا يشكل قلقاً لأن موضوع التطرف موضوع قائم في كل الدول، ولقد نجحنا بفضل مقاربتنا الثلاثية في تضييق هذه البؤرة إلى حد كبير، ومستمرين ونسعى في أن نجعل الشعب التونسي شعباً معتدلاً وسطاً كله.
فيما يتعلق بالمتطرفين والإرهابيين هل يوجد في السجون التونسية الآن مجموعة منهم؟
- هناك مجموعة من الشباب غُرر بهم وتمت محاكمتهم بناءً على قانون الإرهاب، ولا أعرف العدد بالضبط، ولكن من كان له ضلع في القيام بأعمال مخلة بالأمن والدستور تمت محاكمتهم ويقبعون في السجون.
وهل هذه العقليات الراديكالية أصبحت قليلة في تونس الآن؟
- قلة قليلة جداً، وهم في واقع الأمر شباب غُرّ، أعمارهم صغيرة وليست لديهم خبرة، عبّروا عما يشاهدونه في الواقع العربي من احتلال بغداد، وفلسطين وحرب أفغانستان وما تبثه الفضائيات من شحن للعواطف بطريقة خاطئة لكن الشعب التونسي في مجمله هو شعب مسالم ومعتدل. br / في كثير من الدول قضيتهم الأولى الفساد الإداري والمالي، فماذا عنكم في تونس وأنت وزير الإصلاح الإداري؟
- كل دولة فيها فساد وكل دولة فيها رشوة، ومن يقول بعكس ذلك، إما مكذب للحقيقة أو لا يعرف الواقع، لكن الإدارة التونسية في غالبيتها الغالبة إدارة سليمة، وأكبر دليل على ذلك أننا في منظمة الشفافية الدولية حصلنا على ترتيب جيد جداً بهذا الخصوص، وإذا وُجِد خلل فلدينا وسائل المحاسبة ومجالس التأديب و المحاكم.
هل تمت محاكمة مديرين عموميين أو وزراء ومساءلتهم من قبل جراء الفساد؟
- نعم، ولكن أقلية قليلة. وكما قلت لك، نحن في تونس لسنا ضالعين في الفساد، أما فيما يخص المال العام فنحن مرتبين في درجة ثانية بعد سنغافورة في حسن التصرف بالأموال العمومية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.