جدة - ا ف ب - يرتكب الاتحاد الأرجنتيني لكرة القدم خطأ ربما لن تغفره له جماهير منتخب التانغو في الرابع عشر من شهر تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، هذا التاريخ الذي ربما سيبقى خالداً في ذاكرة الأرجنتين كلها كونه قد يكون وصمة عار على جبين منتخب لطالما صال وجال وامتطى صهوة البطولات ومنصات التتويج. وقد يشكل هذا التاريخ أيضاً نقطة سوداء في تاريخ أسطورة الأرجنتين والعالم دييغو أرماندو مارادونا، وربما تكبر تلك النقطة لتزيل «ما تبقى» من قلوب وعقول الأرجنتينيين أفراحاً رسمها باقتدار أثناء ملامسته الكرة لا أثناء جلوسه على مقاعد المدربين. قد يبدو الأمر محزناً بالنسبة إلى عشاق الأرجنتين أن يروا منتخبهم خارج نهائيات كأس العالم 2010 في جنوب أفريقيا، لكن الأمر بالتأكيد سيكون كارثياً على أبناء التانغو عندما يتسمرون خلف الشاشات لمتابعة منتخبات لا تمت لهم بصلة في عرس لطالما كان المنتخب الأرجنتيني علامة فارقة فيه ومرشحاً من فئة «الخمس نجوم» لإحراز كأسه. يملك منتخب الأرجنتين 22 نقطة من ستة انتصارات وأربعة تعادلات وذلك قبل جولتين من نهاية التصفيات إذ تبقى له مباراتان، الأولى أمام ضيفته البيرو صاحبة المركز الأخير السبت المقبل، والثانية في 14 من الشهر الجاري أيضاً أمام مضيفته الأوروغواي السادسة برصيد 21 نقطة والطامحة بدورها إلى بطاقة مباشرة إلى النهائيات أو إلى احتلال المركز الخامس المؤهل إلى الملحق ضد رابع تصفيات منطقة الكونكاكاف. لعل الحقيقة الواضحة وضوح الشمس أن الأرجنتين اختارت «ولداً ذهبياً» لتسلمه وديعة قديمة حملها فترة طويلة كلاعب، لكن تلك الوديعة سلمت لغير أهلها، لا بل سلمت إلى «مدرب» مغرور ومتعال يرفض النقد وتقبل الرأي الآخر، فاللاعب الذي كان قادراً على اصطياد الأهداف الخرافية ولو ب«معجزة» وأنهى حياته بتعاطي المخدرات والخمور والسمنة الزائدة، ها هو الآن يتجه بالمنتخب إلى الهاوية بل ربما سقط فيها، فعندما نسمع أن منتخباً خسر أمام بوليفيا 1-6 والأكوادور صفر-2 والبرازيل 1-3، والباراغواي صفر-1، فهل نصدق أن من نتكلم عنه هو منتخب الأرجنتين؟ وعندما نقرأ أن مدرباً يتعرض لتلك الهزائم ويضع منتخبه على شفير الخروج من مونديال 2010 ثم يخرج ليقول: «سأحارب الجميع، وسأحطم الإعلاميين القذرين»، ويبقى في منصبه، فإننا ربما في تلك اللحظة لا نعتقد أننا نتحدث عن مدرب لأبرز المنتخبات العالمية. ولا يمكن بالطبع أن تكون تلك الكلمات القاسية محقة بحق نجم غير وجه الكرة، إلا أنها أيضاً قد تكون قليلة إذا ما دقت صافرة الإنذار في 10 و14 تشرين الأول (اكتوبر) أمام البيرو والاوروغواي، وعندها فإن الأرجنتينيين قد يقولون كلاماً ربما لم يسمعه مارادونا حتى حين كان زائراً لأوكار المخدرات. لكن الغريب في الأمر أن مارادونا لم يستفد من «الإنذار المبكر» أمام بوليفيا ثم الأكوادور، وحتى البرازيل، فبقي مصراً على آرائه رافعاً كل النصائح من هنا وهناك، لا بل وفي الوقت الذي كان فيه منتخب التانغو يحصد الخيبة تلو الأخرى، كان مارادونا «يتنزه» في أوروبا ومتنقلاً بين عياداتها لخفض وزنه. لم يدم شهر العسل طويلاً بعد الفوز الودي على اسكتلندا وفرنسا ثم على فنزويلا في التصفيات، حتى بدت واضحاً الرهانات الخاسرة والخيارات العقيمة لمارادونا الذي قام بتجربة أكثر من 60 لاعباً، ومع ذلك بقي مصراً على استبعاد أسماء مهمة منها الخبير ريكلمي ما أجبره على إعلان الاعتزال الدولي ومهاجم ريال مدريد الاسباني هيغوين الذي سجل 22 هدفاً في الموسم الماضي قبل ان يستدعيه متأخراً للمباراتين الأخيرتين. في المقابل، أصر على أسماء أثبتت فشلها أو قلة خبرتها وركز على الهجوم بقيادة الثلاثي ليونيل ميسي وكارلوس تيفيز و«زوج ابنته» سيرخيو أغويرو، وأغفل بقية الخطوط، وأصر على تسليم خط الوسط للمخضرم خوان سيباستيان فيرون الذي لم يعد قادراً على مجاراة سرعة اللاعبين الشباب، كما انه كان بين الفينة والأخرى يستدعي لاعبين تشكل أسماؤهم مفاجأة للمتابعين، كالمهاجم مارتن باليرمو الذي لم يلعب مع منتخب الارجنتين منذ العام 2000، او إشراكه المدافع رولاند كيافي (36 عاماً) في المباريات المصيرية الأخيرة، والذي لم يسبق له اللعب مع المنتخب. رفض مارادونا الالتفات لآراء مساعده ومدربه السابق كارلوس بيلاردو (مدير منتخبات كرة القدم في الاتحاد الأرجنتيني)، وزاد على ذلك رفضه الاجتماع مع رئيس الاتحاد خوليو غروندونا.