انطلاق أولى ورش عمل مبادرة "سيف" بمشاركة أكثر من 40 جمعية من مختلف مناطق المملكة    الجنيه الإسترليني يرتفع مقابل الدولار الأمريكي وينخفض مقابل اليورو    نائب أمير تبوك يثمن جهود البريد السعودي بالمنطقة    منسوبو أسمنت الجنوبية يتفاعلون مع حملة ولي العهد للتبرع بالدم    وزير الحج والعمرة يبدأ زيارة رسمية لتركيا    الذهب عند قمة جديدة بدعم من توقعات خفض الفائدة الأمريكية    الأخضر الأولمبي يخسر وديته الثانية أمام روسيا بثلاثية    إيران تقرر استئناف المفاوضات النووية مع أمريكا    تونس تتأهل لكأس العالم 2026 بفوزها على غينيا الاستوائية    مركز الملك سلمان للإغاثة يوقّع اتفاقية تعاون مشترك لتأهيل آبار منطقة دوما بريف دمشق    أمير دولة الكويت يستقبل سمو الأمير تركي بن محمد بن فهد    التحالف الإسلامي يطلق مبادرة توعوية لمواجهة الخطاب المحرّض على الإرهاب    ضبط 68 مروجا و603 كيلوغرامات من المخدرات    عقارات الدولة تطرح 11 فرصة استثمارية بمددٍ تصل 25 سنة    فضيلة المستشار الشرعي بجازان: "التماسك بين الشعب والقيادة يثمر في استقرار وطن آمن"    جامعة حائل تحقق إنجازًا علميًا جديدًا في تصنيف "Nature Index 2025"    7 توصيات في ختام المؤتمر الدولي ال5 لمستجدات أمراض السكر والسمنة بالخبر    مجلس إدارة جمعية «كبدك» يعقد اجتماعه ال27    إسبانيا تُعلن تسعة إجراءات تهدف لوقف "الإبادة في غزة"    صندوق الاستثمارات يوقع مذكرة تفاهم مع ماكواري لتعزيز الاستثمار في قطاعات رئيسية بالسعودية    وزراء خارجية اللجنة العربية الإسلامية بشأن غزة يعربون عن رفضهم لتصريحات إسرائيل بشأن تهجير الشعب الفلسطيني    توقعات الأرصاد لخريف 2025م: أمطار غزيرة ودرجات حرارة أعلى من المعدل    أمانة الشرقية تفعل اليوم الدولي للعمل الخيري بمشاركة عدد من الجمعيات    محافظ عفيف يدشن مبادرة نأتي اليك    إطلاق المرحلة الثالثة من مشروع "مجتمع الذوق" بالخبر    نمو الأنشطة غير النفطية بنسبة 4.6% في الربع الثاني من 2025    جمعية حرف التعليمية تنفذ فعالية الرصد الفلكي للخسوف الكلي للقمر بجازان    المرور يحذر من سحب أو حمل أشياء عبر الدراجات    حين يتحدث النص    مراقبون توقّعوا أن تكون الزيارة أهم حدث دبلوماسي في 2025 ترمب يدعو ولي العهد إلى زيارة واشنطن.. نوفمبر القادم    الأميرة أضواء بنت فهد تتسلم جائزة الأميرة صيتة بنت عبدالعزيز «امتنان» للعمل الاجتماعي    بنجلادش تكافح موجة متصاعدة من حمى الضنك وحمى شيكونجونيا    إطلاق جائزة "مدن" للتميز.. تعزيز الابتكار والاستدامة في الصناعات السعودية    أمريكي يصطاد ابنته بدلاً من «الطائر»    شرطة لندن تضبط «نصابة» المواصلات    النسور.. حماة البيئة    الجوازات تواصل استقبال ضيوف الرحمن    يعتمد على تقنيات إنترنت الأشياء.. التعليم: بدء المرحلة الأخيرة للعمل بنظام «حضوري»    السعودية تحمي النسور ب«عزل خطوط الكهرباء»    وزير الحرس الوطني يناقش مستجدات توطين الصناعات العسكرية    الأخضر السعودي يختتم استعداده لمواجهة التشيك    في مهرجان ولي العهد.. تألق سعودي في سباق الهجانة للرجال والسيدات    راغب علامة يلاحق «المسيئين» بمواقع التواصل    «صوت هند رجب» يفوز بالأسد الفضي في مهرجان البندقية    «الإعلام» : استدعاء 5 منشآت لدعوتها معلنين من الخارج    السمكة العملاقة    بعد أول خسارة في التصفيات.. ناغلسمان يعد بتغييرات على تشكيلة ألمانيا    في نهائي كأس السوبر للسيدات.. الأهلي والنصر يجددان المواجهة    التعاونيون لن ينسوا خماسية النصر    صحن الطواف والهندسة الذكية    كيف تميز بين النصيحة المنقذة والمدمرة؟    تحت رعاية وزير الداخلية.. تخريج الدورة التأهيلية لأعمال قطاع الأمن العام    932.8 مليار ريال قروضاً مصرفية    رقائق البطاطس تنقذ امرأة من السرطان    «الصحة» تستكمل فحص الطلاب المستجدين    إعادة السمع لطفلة بعمر خمس سنوات    نائب أمير الشرقية يستقبل مدير شرطة المنطقة ويطلع على التقرير الإحصائي السنوي    حين تتحول المواساة إلى مأساة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



متى ستحاور الإدارة الأميركية «النصرةَ» أو «داعش»؟!
نشر في الحياة يوم 22 - 12 - 2013

في تصريح إلى «العربية»، يقول السفير الأميركي في سورية إن الجبهة الإسلامية رفضت لقاءه في اسطنبول، من دون أن يغلق الباب أمام اللقاء إن غيرت رأيها. تصريح روبرت فورد أتى ليعكس تحولاً سريعاً في أداء إدارته، إذ من المعلوم أن الإدارة الأميركية أوقفت مساعداتها «غير الفتاكة» للجيش السوري الحر، إثر استيلاء الجبهة على مستودعاته في منطقة باب الهوى الحدودية مع تركيا، بذريعة وقوع المساعدات في أيدي المتطرفين. وإذا كان يمكن قراءة التحول على أنه نوع من الواقعية السياسية، بخاصة مع اقتراب موعد «جنيف 2»، ما يقتضي التعامل مع القوى الكبرى على الأرض، فتلك نتيجة سبقتها أخطاء كثيرة لا يبدو أن الإدارة الأميركية مقبلة على الاعتراف بها سريعاً.
قبل نحو سنتين من الآن، صرح روبرت فورد بأنه يعرف المعارضة السورية جيداً، وأكد أنها معارضة معتدلة. وإذا كان تصريحه ذاك بات بعيداً جداً، فإن أشهراً قليلة تفصلنا عن أقوال رئيس الديبلوماسية الأميركية، في أثناء جلسات الاستماع في مجلس الشيوخ التي رافقت التلويح بضربة أميركية. فقبل نحو ثلاثة أشهر، قال جون كيري إن المتطرفين الذين تمتلك الإدارة قوائم بأسمائهم لا يشكلون سوى ما نسبته 10 في المئة من مقاتلي المعارضة، وتحدث آنذاك عن خطة مزعومة لدعم المعتدلين لترجيح كفّتهم بالتزامن مع الضربة المحدودة المرتقبة. كيري ردّ تنامي المجموعات المتطرفة، في حديث له بُثّ قبل يومين على شبكة abc الأميركية، إلى المعارك بين فرقاء المعارضة فحسب، من دون أن يوضح الأسباب التي مكّنت النسبة القليلة من المتطرفين من الاستيلاء على مناطق واسعة كان يسيطر عليها المعتدلون!
إذا صدّقنا مجمل التصريحات السابقة، فالخلاصة أن خريف هذا العام شهد انقلاباً حاداً لمصلحة المتطرفين في سورية، وسنكون إزاء احتمالين لتفسير ذلك: فإما أن معلومات المخابرات الأميركية خاطئة في ما خصّ نسبة المتطرفين، أو أنهم يستحوذون على النوعية الأفضل من السلاح، ما مكّنهم من دحر خصومهم المعتدلين. مهلاً، هناك احتمال ثالث وهو أن تكون نسبة كبيرة من المعتدلين قد اتجهت إلى التطرف، وعلينا في هذه الحالة البحث عن الدوافع التي أدت إلى تطرفهم؛ الأمر الذي لا يبدو أن الإدارة الأميركية مزمعة على الخوض فيه.
هناك رسالة سياسية واضحة في وقف المساعدات الهزيلة أصلاً للجيش الحر، فالإدارة تتخلى بذلك عن رئاسة الأركان بقيادة اللواء سليم إدريس الذي عُدّ في وقت سابق رجل أميركا، وتتحلل من أي التزام تجاه المجموعات التي تقاتل النظام، بينما تبقي الباب مفتوحاً على التحاور مع الجميع أو محاولة استمالتهم إلى نهجها السياسي. ما يُقرأ في الرسالة أن الإدارة تطوي نهائياً صفحة الضغط على النظام من خلال الإبقاء على الخيار العسكري مفتوحاً، وثمة تسريبات قديمة عن تعهد أميركي بذلك للشريك الروسي، أي أن تفاهمات صفقة الكيماوي لم تستبعد الضربة الأميركية فقط، لكنها استبعدت أصلاً خيار إسقاط النظام بالقوة مع غياب خريطة طريق متفق عليها لإزاحته عبر الحل السياسي. هذا التوجه من المرجح أن يكون وراء استنكاف الجبهة الإسلامية عن لقاء فورد، بخاصة مع التباينات الواضحة بين موقف الإدارة الأميركية وداعمي الجبهة الإقليميين، وهنا تكون الإدارة قد خسرت جولة أمام الأخيرين، لأنهم هم من يمتلك القوة الأكبر في الميدان.
كان في وسع الإدارة تسويق صفقة الكيماوي كانتصار مجاني لها، فهي دفعت الثمن من رصيد حلفائها في المنطقة والمعارضة، وأيضاً من دماء السوريين الذين بقوا رهن الإبادة. أما أن تستمر على نهجها في محاولة حصد المكاسب المجانية، ومن دون أن يكون لها نصيب من القوة الفعلية في الساحة السورية، فهو ما يُفقدها القدرة على التحكم والسيطرة على الوقائع. السلبية في التعاطي ليست سياسة على أي حال، وإلقاء اللوم على المعارضة، مع استحقاقها للوم من نوع مختلف، لا يعدو كونه مخرجاً للتبرؤ من المسؤوليات التي ألزمت بها الإدارة نفسها مع بداية الثورة، فضلاً عن أن التعامل المتأخر مع قوى الأمر الواقع بدل الدعم الجاد لقوى الاعتدال يقود إلى التساؤل عما يمنع الإدارة من التحاور مع «جبهة النصرة» أو «داعش» مستقبلاً؟
من وجهة نظر واقعية بحتة، وقياساً على التحولات المعلنة، ليس هناك ما يمنع الحوار إن اقتضته الظروف. بالطبع لا يخلو السؤال والإجابة من تبسيط ساذج جداً للواقعية السياسية الأميركية، ولكن مع الأسف يصب تخليها عن الجيش الحر واضطرارها للتحاور مع الجبهة الإسلامية في المنحى ذاته، ويؤكد الاتهامات القديمة المتعلقة بتردي السياسة الأميركية وفشلها إزاء التطرف الإسلامي عموماً. الإسلاميون ليسوا قدر سورية البديل، أقله لم يكونوا كذلك قبل تسامح العالم مع جريمة استخدام الكيماوي، وأن يزداد تأثيرهم بعدها، فهذا هو السؤال الذي ينبغي أن تجيب عنه القوى الدولية الفاعلة، وفي مقدمها الإدارة الأميركية. تعامل الأخيرة مع جزء من النتيجة بمنطق الحرب، ومع جزئها الآخر بمنطق الحوار، لا يصلح ما أفسدته بنفسها، إلا إذا كان يروق لها الوصول إلى الفرز بين متطرفين وأقل تشدداً على حساب القوى الديموقراطية الناشئة والمستضعفة.
تفسير النهج الأميركي، بما أنه لا يؤدي حتى إلى مكاسب على صعيد السياسة المعلنة، من السهل أن يستقطب أصحاب نظرية المؤامرة؛ القدامى منهم والجدد. طريقة إدارة الملف السوري والمراوغة التي لازمتها تهيئان أيضاً المناخ لفرضية المؤامرة، والحديث عن تحول الاهتمام الأميركي إلى الشرق الأقصى لا يكفي لتبرير الآثار السلبية للانخراط الجزئي في الشأن السوري. ربما، وحده إرث القوة العظمى ما يجعل الكثيرين يبحثون عن تبريرات وفرضيات مبهمة وراء تهافت السياسة الخارجية الحالية في الشرق الأوسط، في حين أنها لم تعد تخفي رغبتها في العودة إلى «الاستقرار» الذي كان سائداً قبل ثلاث سنوات. الحوار مع الإسلاميين «المعتدلين» لا يخرج عن إطار إدماجهم في الاستقرار السابق... والتلويح بعصا إبقاء نظام الأسد، للمفارقة، يبدو مصدر القوة الوحيد الذي لا تملك إدارة أوباما سواه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.