تتويج دنيا أبو طالب بأفضل لاعبه عربية    «البيئة»: 30 يومًا على انتهاء مهلة ترقيم الإبل.. العقوبات والغرامات تنتظر غير الملتزمين    على خطى «الأمريكية».. حراك طلابي في جامعات فرنسا دعماً لغزة    مسؤولون دوليون يحذرون: اجتياح رفح «مذبحة»    «الزكاة والضريبة» تُجري تعديلات على اللائحة التنفيذية لضريبة التصرفات العقارية    رسالة من فيرمينو قبل لقاء الهلال    يايلسه غاضب بسبب موعد كلاسيكو الأهلي والهلال    موعد مباراة الاتحاد وأبها اليوم في الدوري السعودي    «الأمن العام»: بدءاً من السبت.. منع المقيمين غير حاملي التصاريح من دخول العاصمة المقدسة    الفوزان: : الحوار الزوجي يعزز التواصل الإيجابي والتقارب الأسري    رئاسة وزراء ماليزيا ورابطة العالم الإسلامي تنظِّمان مؤتمرًا دوليًّا للقادة الدينيين.. الثلاثاء    جامعة الإمام عبدالرحمن تستضيف المؤتمر الوطني لكليات الحاسب بالجامعات السعودية.. الأربعاء    الجمعية السعودية للإعاقة السمعية تنظم "أسبوع الأصم العربي"    اختبار جاهزية الاستجابة لأسلحة التدمير الشامل.. في التمرين السعودي - الأمريكي المشترك    الصحة العالمية: الربو يتسبب في وفاة 455 ألف إنسان    سحب لقب "معالي" من "الخونة" و"الفاسدين"    إشعار المراسم الملكية بحالات سحب الأوسمة    تحويل حليب الإبل إلى لبن وإنتاج زبد يستوقف زوار مهرجان الألبان والأغذية بالخرج    الذهب يتجه للانخفاض للأسبوع الثاني    أمطار متوسطة إلى غزيرة على معظم مناطق المملكة    "ريمونتادا" مثيرة تمنح الرياض التعادل مع الفتح    ربط ميناء جدة ب "بورتسودان"    وزير الدفاع يفتتح مرافق كلية الملك فيصل الجوية    شراكة بين "البحر الأحمر" ونيوم لتسهيل حركة السياح    بدء تحقيق مكافحة الإغراق ضد واردات "ستانلس ستيل"    المملكة: صعدنا هموم الدول الإسلامية للأمم المتحدة    " عرب نيوز" تحصد 3 جوائز للتميز    "تقويم التعليم"تعتمد 45 مؤسسة وبرنامجًا أكاديمياً    "الفقه الإسلامي" يُثمّن بيان كبار العلماء بشأن "الحج"    "جوجل" تدعم منتجاتها بمفاتيح المرور    تزويد "شات جي بي تي" بالذاكرة    فصول ما فيها أحد!    وزير الطاقة: 14 مليار دولار حجم الاستثمارات بين السعودية وأوزبكستان    «الاحتفال الاستفزازي»    وفيات وجلطات وتلف أدمغة.. لعنة لقاح «أسترازينيكا» تهزّ العالم !    ب 3 خطوات تقضي على النمل في المنزل    136 محطة تسجل هطول الأمطار في 11 منطقة بالمملكة    انطلاق ميدياثون الحج والعمرة بمكتبة الملك فهد الوطنية    شَرَف المتسترين في خطر !    الأسهم الأمريكية تغلق على ارتفاع    لجنة شورية تجتمع مع عضو و رئيس لجنة حقوق الإنسان في البرلمان الألماني    في دور نصف نهائي كأس وزارة الرياضة لكرة السلة .. الهلال يتفوق على النصر    الخريجي يشارك في الاجتماع التحضيري لوزراء الخارجية للدورة 15 لمؤتمر القمة الإسلامي    مقتل 48 شخصاً إثر انهيار طريق سريع في جنوب الصين    تشيلسي يهزم توتنهام ليقلص آماله بالتأهل لدوري الأبطال    قصة القضاء والقدر    تعددت الأوساط والرقص واحد    وزير الدفاع يفتتح مرافق كلية الملك فيصل الجوية ويشهد تخريج الدفعة (103)    كيفية «حلب» الحبيب !    من المريض إلى المراجع    أمير جازان يطلق إشارة صيد سمك الحريد بجزيرة فرسان    بيان صادر عن هيئة كبار العلماء بشأن عدم جواز الذهاب للحج دون تصريح    مركز «911» يتلقى (2.635.361) اتصالاً خلال شهر أبريل من عام 2024    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على عبداللطيف بن عبدالرحمن آل الشيخ    مباحثات سعودية فرنسية لتوطين التقنيات الدفاعية    للتعريف بالمعيار الوطني للتطوع المدرسي بتعليم عسير    ما أصبر هؤلاء    هكذا تكون التربية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«نهاية السيد واي» لسكارلت توماس ... حنين إلى كتب قديمة
نشر في الحياة يوم 03 - 12 - 2013

صدرت أخيراً الترجمة العربية لرواية «نهاية السيد واي» لسكارلت توماس، ترجمة إيمان حرزالله، عن دار التنوير في القاهرة وبيروت. «نهاية السيد واي» هي امتداد لحالة الكتابة الأوروبية في السنوات الأخيرة حيث النص داخل النص في شكل مراوغ. فكتابة الرواية داخل الرواية أمر معقد ومستفز، لذا لن يقدم على هذا النوع من الكتابة من هو ليس ملماً بها، لأنه لو أقدم فمن المؤكد أن عمله سيصبح مشوهاً. ولكن سكارلت توماس، تلك الروائية الإنكليزية المولودة في أوائل سبعينات القرن الماضي تعد من علامات الفترة الأخيرة في الرواية الأوروبية. تستهل توماس روايتها بكلمة لصمويل باتلر: «الفكر هو ما يجعل الشيء حسناً أو سيئاً، ليس هذا فحسب، بل لا شيء موجود أصلاً إلا إذا أوجده الفكر»، ما يعني أنها تضعنا منذ البداية على حافة الفكر فقط وأن كل ما لا يمت اليه بصلة فهو خارج سياق الرواية. «نهاية السيد واي» رواية الحنين الى الكتب القديمة والسرور منها، كما صنفتها مجلة «تايم». «يوم كامل من القراءة أمامي، ثمة أسوأ من هذا، يراودني بالفعل النعاس الذي يراودني عادة حين أقرأ كتاباً جيداً: كأنني أريد التمرغ مع الكتاب في الفراش وأنسى العالم الحقيقي». تأخذنا توماس في رحلة المغاير والمتخيل، مروراً بالفلسفة: «لا يبارح ذهني التفكير في القلاع والبروج بقممها المستدقة وجسورها المتحررة البعيدة، إذ أكتب سطراً. بإمكانك اعتبار التربوسفير مجازاً. هو، على وجه ما، ليس غير عالم مجازي. أتساءل عن مجاز القلاع، ثم أتساءل عندما تدخل التربوسفير: هل يتاح لك الدخول فوراً إلى أقرب وعي لك في العالم المادي»... «في النهاية سأصير لا أحد، لكنني كنتُ أُعرف بالسيد واي»، بهذا المجاز وبهذه النهاية الحتمية كالسيد واي، نجد الراوي/ الراوية يستدرجنا بخفة في متاهات عن جدلية البحث بين الأنا والآخر، من دون تحديد لمن هو الآخر، وإن كان يؤمن بأن «الآخر هو الجحيم»، كما يقول سارتر. إننا أمام رحلة طالبة جامعية، تمر بتحولات جذرية في حياتها تبدأ بالنهاية حيث البحث عن كتاب توماس اللعين «نهاية السيد واي»،
لنعود مع الرواية إلى البدايات مع تشوه الحياة واللامبالي والمغامر الذي لا يطيق جدراناً أو حدوداً، لنصل في ذروة الضياع إلى إمرأة ملغزة في علاقاتها، نهمة، وتحديداً متسلقة وقذرة أحياناً في رد فعلها تجاه من تقيم معهم علاقات عابرة. ولكن يظل كتاب «نهاية السيد واي» هو المحرك الخفي للرواية، ويظل هو بوابة السرد الأولى والأخيرة، وهو أيضاً مفتاح الانطلاق للحديث عن الفلسفة: «أفكر في هيدغر ثانية وأدرك أن هناك الكثير جداً مما لا أعلمه». «نهاية السيد واي» رواية داخل الرواية، لكن تنقصها صفحة التركيبة الوصفية لخلاص السيد واي، ذلك التاجر الثري الذي يفقد كل شيء فيقرر الذهاب بعيداً في منطقة التربوسفير حيث اللامكان هو المكان وحيث اللاوعي هو الوعي وحيث الزمن هو اللازمن، ولكننا لا ندري هل الطالبة تحديداً هي ما تود الدخول في تلك المنطقة أم أنها تتحدث عن السيد واي، وبالفعل تحدث نقلة في السرد الروائي أشبه بنقلات سينما ستانلي كوبريك أو تارنتينو عندما ينقلب كل شيء رأساً على عقب، فنجد بسبب الكتاب اللعين ونجد نهاية السيد واي تضع الطالبة في فخ المطاردة الحقيقية/الخيالية، وفجأة تجد الصفحة المفقودة من الكتاب وتعثر على سر تركيبة التربوسفير أو البعد الرابع للأشياء، فتجربها وهنا يصبح جلد الذات هو سر مواجهة الآخر، ونجد الراوية تتحول إلى راوٍ، وتنغمس في شهوانية الشذوذ، وتغرق في خلاص من شيء حتى تلك المدينة بكل شوارعها وحتى شقتها وفئرانها التي تشاركها منزلها الكئيب. وحدة في مقابل إعادة ترتيب الزمن. شعور بالفشل في مواجهة البحث عن الحب. جنون في مواجهة الحلم.
توترات لا تتوقف على مدار الصفحات التي تتجاوز الأربعمئة، وتتداخل ما بين النص المتخيل والنص الواقعي. رواية «نهاية السيد واي» هي أيضاً رواية تأريخية للعلم وللفلسفة في شكل مذهل. ونستطيع القول إنه إذا كان إمبرتو ايكو يعد من أفضل الكتاب في التأريخ سواء للكنسية في «اسم الوردة» مثلاً أو حتى للتاريخ نفسه كما فعل في «مدافن براغ»، فإن سكارلت توماس استطاعت كتابة العلم والفلسفة بمهارة، فأنت في رحلة لفيزياء الكم وفي رحلة لهيدغر على سبيل المثال لا الحصر، ما يجعلنا لا نستطيع حصر كم الكتب والمراجع التي استندت إليها توماس أثناء كتابتها هذا العمل. لغة توماس في «نهاية السيد واي» تعتمد على التعقيد السهل،
والتراكيب الغرائبية في بناء الجمل «أي قطار أستقل؟ رصيف الحزن 1225 رصيف القرف 69 لست واثقة أن بودي ركوب قطار الحزن أو قطار القرف. ماذا عن الألم؟ لكنني لم أكن أتألم فعلاً»، ولكنها لغة شاعرة «هكذا أرقد على فراشي قبل أن تبدأ الشمس في الذوبان في السماء كقرص دواء»، «جسدي كله كأنه ابتسامة». لغة المعاش ولغة الرصد والتحليل، فهي أحياناً تذكرك بشاعرية رامبو، وأحياناً تصفو لتقترب من لغة خوان رولفو أو ماركيز، وأحياناً تمتلئ بالوجع الذي يشعرك بالخشونة كلغة مارسيل بروست، وأحياناً أخرى هي لغة لاكان أو سارتر أو هيدغر.
سكارلت توماس كتبت ثلاث روايات هي إضافة إلى «نهاية السيد واي»، واستطاعت بمقدرة أن تفرض اسمها في عالم الرواية الإنكليزية، فدخلت في العام 2001 ضمن قائمة «الإندبندنت» لأفضل الكتاب الشباب في المملكة المتحدة، وأيضاً هي الآن من المعروفين في أوروبا كلها. أما المترجمة إيمان حرزالله فيتضح دورها وجهدها في ترجمة هذا العمل الصعب الكثير الهوامش والمعقد في تركيبه اللغوي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.