أخضر ناشئي اليد بين أفضل 16 منتخبًا في العالم.. و"العبيدي" يتصدر الهدافين    جامعة طيبة تفتح باب التسجيل في دبلوم إدارة الموارد البشرية    وزير الخارجية يبحث مع نظيره البريطاني تطورات الأوضاع في غزة    أمير تبوك يدشن ويضع حجر أساس 48 مشروعا بيئيا ومائيا وزراعيا بأكثر من 4.4 مليارات ريال    نتائج تشغيلية إيجابية ل "لازوردي"بدعم من نمو المبيعات وتوسع المعارض    "الهلال الأحمر بجازان" يحقق المركز الأول في مؤشرات تجربة المستفيد على مستوى المملكة    جناح "صقار المستقبل" يجذب الأطفال في المزاد الدولي لمزارع إنتاج الصقور    تطورات مفاوضات النصر ضم كينجسلي كومان    42% من السعوديين لا يمارسون عناية ذاتية منتظمة و58% يشعرون بالإهمال العاطفي    استجابة طبية عاجلة تنقذ أربعينية بعد توقف قلبها في الأفلاج    اينيجو مارتينيز صخرة دفاع النصر الجديدة    الروبوتات التفاعلية تخدم زوار ومشاركي مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية للقرآن الكريم بمكة المكرمة    رئيس بلدية محافظة صبيا يُجري جولة ميدانية لمتابعة مشاريع التنمية والخدمات    نائب أمير الشرقية يستقبل مدير عام فرع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء بالمنطقة    إنهاء معاناة مقيمة عشرينية باستئصال ورم وعائي نادر من فكها في الخرج    تحذير أممي من المجاعة وسوء التغذية في الفاشر    رفض عربي وعالمي لخطة إسرائيل بالاستيلاء على غزة    اكتشاف قطع فخارية وأدوات حجرية تعود إلى 50 ألف سنة في القرينة بالرياض    الجزائر تدين المخططات الإسرائيلية لإعادة احتلال قطاع غزة    روسيا تدين توسيع سلطات الاحتلال الإسرائيلي عملياتها في قطاع غزة    ارتفاع الرقم القياسي للإنتاج الصناعي بنسبة 7.9% خلال يونيو 2025    أمطار رعدية غزيرة وسيول متوقعة على عدة مناطق بالمملكة    الأمم المتحدة ترحب باتفاق السلام بين أذربيجان وأرمينيا    فريق بصمة الصحي التطوعي يطلق فعالية «اﻻﺳﺒﻮع اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻟﻠﺮﺿﺎﻋﻪ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ» بجازان    جمعية "نبض العطاء بجليل" تطلق مبادرة أداء مناسك العمرة    السعودية تحصد لقبها الثاني في كأس العالم للرياضات الإلكترونية    جامعة الباحة تعلن استحداث القبول للدراسات العليا    نجاح استمطار السحب لأول مرة في الرياض    دعم إعادة التمويل العقاري    الشمراني عريساً    «المنافذ الجمركية»: تسجيل 1626 حالة ضبط خلال أسبوع    إحباط تهريب وترويج 419 كجم مخدرات وضبط 14 متورطاً    القيادة تعزّي رئيس غانا في وفاة وزير الدفاع ووزير البيئة ومسؤولين إثر حادث تحطم مروحية عسكرية    الطريق إلى شرق أوسط مزدهر    إيران تضبط 20 مشتبهاً بالتجسس لصالح الموساد    عزنا بطبعنا    العصرانية وحركة العصر الجديد    «التواصل» السلاح السري للأندية    فدوى عابد تنتهي من «برشامة» وتدخل «السلم والتعبان»    مدل بيست تختتم حفلات الصيف في جدة والرياض    يوتيوبر مغربي يحصل على حقوق نقل دوري روشن    ناتشو: الدوري السعودي بين الأفضل في العالم    مباراة الدرع الخيرية تدشن الموسم الكروي في إنجلترا.. ليفربول يواجه كريستال بالاس لحسم أول الألقاب    المملكة تعزي في ضحايا انفجار مخلفات الذخائر.. لبنان.. توترات أمنية والجيش يحذر    قبل قمة بوتين وترمب.. زيلينسكي يحذر من استبعاد أوكرانيا    ممرضة مزيفة تعالج 4000 مريض دون ترخيص    هيئة الصحة تستهدف وقايتهم من مخاطر السقوط.. 4 منشآت صديقة لكبار السن مع خطة للتوسع    أسعار النفط تحت وطأة شائعات السلام وحرب التعريفات    المملكة تعزّي لبنان في وفاة وإصابة عددٍ من أفراد الجيش    «موانئ» تحقق ارتفاعًا بنسبة 12.01% في مُناولة الحاويات خلال يوليو 2025    خطيب المسجد الحرام: تعاونوا على مرضاة الله فهي غاية السعادة    إكرام الضيف خلق أصيل    استمرار الدعم الإغاثي السعودي في سوريا والأردن    بمشاركة نخبة الرياضيين وحضور أمير عسير ومساعد وزير الرياضة:"حكايا الشباب"يختتم فعالياته في أبها    أمير جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأعيان الدرب    أمير منطقة جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأهالي محافظة الدرب    أمير جازان يستقبل سفير جمهورية مالطا لدى المملكة    البدير في ماليزيا لتعزيز رسالة التسامح والاعتدال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد الصحافة... الأدب يتجه إلى النشر الإلكتروني
نشر في الحياة يوم 14 - 11 - 2014

عام 2008 بدأت "دار الشروق" المصرية في مشروع "مدونات الشروق"، الذي كان حينها اتجاهاً أدبياً فريداً عدَّه كثيرون "بُشرى خير" كُبرى بتحوُّل خارج عن مألوف صِناعة القرار في واحدة من أهم دور النشر العربية؛ وهو قرار سيعود أثره بكل تأكيد على الوسط الأدبي المصري كله، بما فيه دور النشر الأخرى؛ تحوُّل من الأسلوب الكلاسيكي في اقتصار النشر على المشاهير والفنّانين والسياسيين السابقين والأدباء الذائعي الصيت، إلى البدء في انتقاء المواهب الحقيقية من ذوي الأسماء المَغمورة من فئة عريضة من المُدونين الشباب المُميزين والمنعزلين في شكل أو بآخر عن القِطاع النخبوي الثقافي القاهري، بصِغر أعمارهم، ورحابة أفكارهم، وتمرد أطروحاتهم بل جنونها أحياناً.
كان ظهور بعض هذه الأعمال صادماً لكثيرين من الجهابذة الذين اعتمدوا على قوالب معينة اعتنقها أصحابها وأقنعوا الناس بأنها وحدها هي صَنْعة الأدب وكفى، فتوقعوا لأدب المدونات السقوط، ولكن على خلاف ظنهم حققت السلسلة نجاحاً ساحقاً، وأفرزت كثيراً من الأقلام الواعدة المَدفونة عن الجمهور.
لولا نجاح هذه السلسلة لظلَّ أصحابها أسيري مُدوناتهم، مكتفين بمناجاة دائرة ضيقة من معارفهم الأهل والأقارب والأحبّة وحسب، على أهمية مواهبهم وكل ما يعرضونه. وكان من أبرز الأعمال كتاب "أرز باللبن لشخصين" لرحاب بسّام، وكتاب الدكتورة غادة عبدالعال "عايزة أتجوز"، الذي حظي بمُعظم الأضواء لأنه وجّه صفعة عاتية لمُجتمع أدمن السكوت والسكون واقتنع سنين طوالاً بأن كُل ما لا يعرفه غير موجود.
كما هو متوقّع هاج "أُسطوات" النقد الأدبي من حَاملي الأقلام المُتخمة من كثرة الركون والركود، الذي لا يُغادرون مكاتبهم والمُوكَل إليهم، بُحكم مسؤولية القلم، مهمة التعبير عن واقع يبدون أبعد الناس عنه. من الناس وإلى الناس كان كتاب عبدالعال، فحقّق رواجاً كبيراً استكمله بأن تحوّل إلى مُسلسل ضاعَف من نجاح الكتاب، وسلّط الضوء أكثر على مشكلة العنوسة في مصر بطريقة مبتكرة، توازي مليون مقال يُمكن أن يكتبها هواة المكاتب المكيفة، رواد الاستسهال بعبارات "أكليشيهية"، على غِرار "العنوسة قنبلة داخل بيت"، أو"ناقوس الخطر يقرع في ديارنا"، أو"على الحكومة أن تفعل كذا وكذا"، إلى آخر هذا الهراء الذي لا يُساوي مِلء مَحَابر المَطابع التي طَبعته.
صحيح أن القيمة الأدبية للكتاب، بالمعايير الكلاسيكية، لم تكن في تلك النوعية العالية، لكن قيمته ورسالته الاجتماعية غطتا على ذلك. ومنذ متى كانت للأدب قيمة غير التعبير عن المجتمع بآلامه ومشاكله ومزاياه ومَحاسنه، بطريقته ولغته ولِسان حال شارع قومه؟
نجاح الكتاب، ومن بعده تقلُّد رحاب بسّام منصباً قيادياً في إدارة تحرير الدار، أمران اعتبرتهما ضماناً لاستكمال المسيرة وفتحاً كبيراً على جيل الشباب، ومَنْحهم فُرصاً يستحقونها، فيكون لدينا بدلاً من نموذج "غادة" الأُحادي عشرات النماذج الأخرى، يكتبون ويُبدعون، يُثيرون الجدل ويثرون المكتبة العربية أكثر وأكثر. ولكن فجأة توقف كُل شيء.
من دون أسباب مُعلنة على الأقل تجمّد المشروع كأنه لم يكن، وأصبح هشيماً تذروه الرياح. ولا تهم السياسة التحريرية ل"دار الشروق"، فأهل مكة أدرى بشعابها، ولا حتى رأي الدكتورة غادة، فالأمر يبدو أكبر من ذلك بكثير. والمعنى من كل هذه المُقدمة هو التركيز على ثلاث نقاط أوضحَتها لنا التجربة السابقة. أولها أن هذا الجيل لم يعقم أبداً من الموهوبين في مجالات شتّى رغم أنف كثيرين، وأن كل ما يَحتاجون إليه إنما هو فُرصة ظهور وجلاء ليتجلّون.
ثانيها أن واجب دور النشر في مصر يتخطّى بكثير البحث عن عناوين وحبكات جاذبة تصلح أن تكون أعلى مبيعاً، دون أن تُحقق فائدة حقيقية لقارئ صار الغرض الأول والأخير منه هو جيبه لا عقله، إثارة شهوته لا تنقية نفسه، اللعب على أوتار غرائزه لا مداركه. فأي شيء "يبيع" ننشره مهما كان تافهاً أو فارغاً أو سخيفاً، حتى ولو كان شخبطة طفل يتعلّم الكتابة.
ثالثاً وأخيراً أن شبكات التواصل الاجتماعي، رغم عيوبها الكثيرة، استطاعت أن تُحرر كثيرين من هذه الساقية، ووجهت صفعة ليست بالمميتة ولكنها مُوجعة لفكرة "رسملة" العمل الثقافي، فأفرزت عشرات الأسماء كعمرو صُبحي وسارة درويش وإسلام حجّي وآية الملواني... وغيرهم ممن لمَعتْ أعمالهم الإلكترونية وحصدت روَاجاً كبيراً عبر الإنترنت، فتجاوزت أرقام الاطلاع عليها الآلاف، وحقّقت لأصحابها ما لم تُحققه لهم الأعمال الورقية، لمَن جرّب فكرة النشر الورقي منهم، وذلك لأن الدُور التي تناولت أعمالهم لم تكن "الشروق"، فشاب تسويقها وإدراتها لمُعظم الكُتب خللاً كبيراً، علاوة على تعرُّض بعض الكتّاب لحالات نصب مُتكاملة الأركان من بعض الناشرين المُتاجري بالأحلام السَيئي السُمعة.
يدور الجدل حالياً في العالم بأسره حول قُرب وفاة الصحافة الورقية، وأن المواقع الإخبارية بخدماتها وسهولة التواصل والتعامل معها قد احتلت موقع الصدارة، وصارت نافذة أساسية للأخبار ومَصدراً موثقاً لأي حَدَث، وأن المستقبل بلا شك صار لها، فصرنا نسمع يومياً، في الداخل والخارج، عن إغلاق عشرت الصحف واستبدالها بعشرات المواقع التي تُنشأ بدلاً منها، فهل نحن على أعتاب طليعة خُفوت مُماثل في النشر الأدبي الورقي، خاصةً مع ظهور دارين اختصتا بالفعل بالنشر الإلكتروني لا غير؟
تُرى هل يأتِ علينا يوم نهنّئ فيه الكاتب الفلاني على حصول روايته الإلكترونية، التي اكتفى بطرحها عبر موقع "غودريدرز"، بجائزة الدولة التقديرية في الفرع الفلاني، أو حتى جائزة البوكر لأحسن رواية إلكترونية؟
هذا ما ستُجيب عنه الأيام المُقبلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.