دي ليخت: صافرة الحكم بدون نهاية الكرة أمر مخجل ويفسد كرة القدم    المملكة ونمذجة العدل    14.5 مليار ريال مبيعات أسبوع    محافظ قلوة يدشن أعمال ملتقى تمكين الشباب بالمحافظة.    مهرجان المنتجات الزراعية في ضباء    تعاون مع بيلاروسيا في النقل الجوي    " الحمض" يكشف جريمة قتل بعد 6 عقود    دجاجة «مدللة» تعيش حياة المرفهين    عدوان الاحتلال.. قتل وتدمير في غزة ورفح    سعود بن جلوي يرعى حفل تخريج 470 من طلبة البكالوريوس والماجستير من كلية جدة العالمية الأهلية    91 نقطة أعلى رصيد (نقطي) في تاريخ الكرة السعودية.. رقم الحزم التاريخي.. هل يصمد أمام الزعيم؟    الاتحاد يواجه الهلال على ذهب نخبة الطائرة    البلوي يخطف ذهبية العالم البارالمبية    مدرب أتالانتا: مباراة مارسيليا الأهم في مسيرتي    هدف أيمن يحيى مرشح للأجمل آسيوياً    نائب أمير الشرقية يلتقي أهالي الأحساء ويؤكد اهتمام القيادة بتطور الإنسان السعودي    نائب أمير منطقة مكة يكرم الفائزين في مبادرة " منافس    ختام منافسة فورمولا وان بمركز الملك عبدالعزيز الثقافي    كشافة شباب مكة يطمئنون على المهندس أبا    العمودي والجنيد يحتفلون بناصر    أسرة آل طالع تحتفل بزواج أنس    يسرق من حساب خطيبته لشراء خاتم الزفاف    روح المدينة    خلال المعرض الدولي للاختراعات في جنيف.. الطالب عبدالعزيزالحربي يحصد ذهبية تبريد بطاريات الليثيوم    الوعي وتقدير الجار كفيلان بتجنب المشاكل.. مواقف السيارات.. أزمات متجددة داخل الأحياء    لقاح لفيروسات" كورونا" غير المكتشفة    طريقة عمل كفتة الدجاج    أعطيك السي في ؟!    الاتصال بالوزير أسهل من المدير !    أمطار رعدية على معظم مناطق المملكة من اليوم وحتى الإثنين.. والدفاع المدني يحذّر    سمير عثمان لا عليك منهم    تغيير الإجازة الأسبوعية للصالح العام !    الذهب من منظور المدارس الاقتصادية !    مسؤول مصري ل«عكاظ»: مفاوضات القاهرة مستمرة رغم التصعيد الإسرائيلي في رفح    حماس.. إلا الحماقة أعيت من يداويها    القيادة تعزي رئيس البرازيل إثر الفيضانات وما نتج عنها من وفيات وإصابات ومفقودين    ميزانية إنفاق توسعي رغم العجز    «إيكونوميكس»: 5.5% نمو اقتصاد السعودية «غير النفطي»    "الداخلية" تنفذ مبادرة طريق مكة ب 7 دول    وزير الشؤون الإسلامية يدشّن مشاريع ب 212 مليون ريال في جازان    35 موهبة سعودية تتأهب للمنافسة على "آيسف 2024"    سمو محافظ الخرج يستقبل رئيس مجلس إدارة شركة العثيم    إحباط مخطط روسي لاغتيال زيلينسكي    «حِمى» أصداء في سماء المملكة    أمير تبوك يشيد بالخدمات الصحية والمستشفيات العسكرية    «إثراء» يسرد رحلة الأفلام السعودية في 16 عاماً عبر «متحف حكاية المهرجان»    وغاب البدر    «أسترازينيكا» تسحب لقاح كورونا لقلة الطلب    احذروا الاحتراق الوظيفي!    الفيضانات تغرق مدينة بالبرازيل    انطلاق المؤتمر الوطني السادس لكليات الحاسب بجامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل    برعاية وزير الإعلام.. تكريم الفائزين في «ميدياثون الحج والعمرة»    أمين الرياض يحضر حفل سفارة هولندا    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالسويدي يُجري جراحة تصحيحية معقدة لعمليات سمنة سابقة لإنقاذ ثلاثيني من تبعات خطيرة    الأمير خالد بن سلمان يرعى تخريج الدفعة «21 دفاع جوي»    المدح المذموم    البدر والأثر.. ومحبة الناس !    انتهاك الإنسانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثقافة اجتماعية لا عنصرية
نشر في الحياة يوم 23 - 07 - 2013

في حياتنا اليومية، نتعرَّض لأمور كثيرة. قد ندرك بعضها ولا ندرك بعضها الآخر، ونكتشف البعض منها ويخفى علينا البعض الآخر. من ضمن الأشياء التي قد نقع تحت وطأتها، من دون أن نعلم، «الابتزاز». لِمَ لا نعلم؟ لأننا نمنح المال أحياناً ظناً منّا أنه في مقابل خدمة تقتضي دفع هذا المال لمُسدي هذه الخدمة، لكننا في واقع الأمر لا نعلم أن هذا الشخص تم تعيينه في هذه المهمة أو الوظيفة خصيصاً كي يقوم بهذه الخدمات لنا، وفي المقابل يتقاضى أجراً على ذلك. وبالتالي فنحن هنا قد وقعنا ضحية فخ «ابتزاز» نصبه لنا هذا الشخص الذي أوحى لنا أن ما يقدّمه لنا ما هو إلا خدمة خارج نطاق عمله، وتستوجب منّا مكافأته لقاء هذه الخدمة، ونحن بدورنا لن نتوانى في فتح المحفظة ومنحه حفنة لا بأس بها من الريالات، ولن نتورَّع عن إغداقنا على مسامعه سيلاً من عبارات الشكر والامتنان، لشعورنا أنه أسدى لنا معروفاً ليس مُلزماً به، ومنَّانا فضلاً سنبقى مدينين به لفترة لا بأس بها من الزمن.
تعرَّضتُ كثيراً لهذا النوع من الابتزاز المؤطر بإطار إنساني. وتحديداً في محطة القطار أثناء تنقلي المستمر بين الأحساء والرياض، ففوجئت بالإقبال الكبير والتنافس الشديد بين الإخوة البنغال العاملين في المحطة على الفوز بدفع عربات أمتعة المسافرين، وعرفتُ السر وراء هذا التنافس بينهم، لكن ما لم أعرفه إلا متأخراً هو أن الإخوة البنغال، في حال فوزهم بعربة أحد المسافرين وإيصالهم إياها الى المقر المستهدف، فإنهم يساومونه على الثمن، ولا يرضون بأي مبلغ يُدفع لهم، وإن قبلوا تحت تأثير إصرار المسافر الذي يرفض أن يدفع المزيد، فإن قبولهم يكون على مَضَض، وتعتري وجوههم ملامح الحَنَق والغضب.
في النهاية، وبعد وقوعي تحت براثن ابتزاز هؤلاء البنغال مِراراً، قرَّرتُ أن أتخذ موقفاً حازماً إزاء استغفالهم لنا، وكانت الظروف وقتئذ مواتية، فبعد أن دخلتُ من الباب المؤدي إلى صالة الانتظار الداخلية، وضعتُ أمتعتي تحت جهاز التفتيش، ثم ذهبتُ الى الجهة الأخرى من الجهاز كي أستقبلها، ولم تكن تلك الكبيرة التي تستدعي عوناً. وفجأة، وجدتُ أحدهم يتلقَّف أمتعتي من دون وجه استئذان، وحاولت أن أنهاه لكنه أصر على أن يدفع عربتي ذات الحقيبة المتوسطة والكيس البلاستيكي. مشى معي بضع خطواتٍ إلى أن وجدت مكاناً في صالة الانتظار الداخلية التي تسبق ركوبنا القطار. وبعد أن جلست قلت له: شكراً. وبقي واقفاً على رأسي من دون أن ينبس ببنت شفة، عدت وقلت له: شكراً، ولم يزل واقفاً. في النهاية قال لي: خلاص؟! قلت له: خلاص... شكراً. وغادر مكفهراً متجهماً.
وصلتُ الى قناعة بأن العملية ليست لها علاقة بالإنسانية، وأن هنالك من يحاول اختلاق شيء من لا شيء حتى يوهمنا أنه قدّم لنا خدمة تستحق مقابلاً... مستغلاً بذلك إنسانيتنا وانعدام مهنيتنا وثقافتنا في التعامل مع تلك المواقف ومرتكبيها. وقد علمت من أحد موظفي المحطة أن هناك فئة مخصصة من هؤلاء العمال لحمل أمتعة الركاب، وهو بالتالي يتقاضى راتباً على ذلك في مقابل عمله، فإن شئتُ أن أمنحه بعض المال فهذا كرم مني، ولا يحق له مساومتي وإبداء تذمر حيال المبلغ المدفوع، وإن لم أرغب الدفع، فليس هناك ما يلزمني بذلك، ففي النهاية قام هذا الرجل بعمله الذي هو واجبه.
لم أكن عنصرياً قط، بل أنا من مناهضي العنصرية والطائفية والقبلية وكل ما يدعو الى تبديد العلاقات الإنسانية، وتفتيت الوحدة، وأكره التقسيم والتمييز بين البشر. فذات مرة تعطَّلت سيارتي على طريق الرياض، ووقف لي رجل فيليبيني بشاحنته العملاقة، وترجَّل منها كي يقوم بمساعدتي، وعندما أنجز ما أتى من أجله، ودّعني بالابتسامة المعهودة التي تتميّز بها هذه الجالية. واستوقفته كي أعطيه أجر ما قام به، لكنه رفض بابتسامة أيضاً، فظننتُ أن خجله قد منعه، فأعدتُ عليه العرض بإصرار أكبر، لكنه رفض مجدَّداً وهمّ بالرحيل.
الثقافة الاجتماعية والتعليم الجيد والتربية على القيم تزرع في الفرد ثماراً يانعة يقطفها كل مَن يتعامل معه، ويستطعمها أيما استطعام! فقد تكون ظروف الفيليبيني مساوية لظروف البنغالي، إن لم تكن أسوأ، لكن نفسية الفيليبيني وخُلُقه يختلفان عن غيره.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.