رسالة «من أجل السلام في لبنان والشرق الأوسط» وجهتها غلوريا نصر الطبيبة اللبنانية المقيمة في فرنسا منذ العام 1995، من خلال جريها على مراحل بين باريس وبيروت، مجتازة 3880 كيلومتراً، إذ توقفت في أضنة (جنوب تركيا) لتعذّر مرورها بالأراضي السورية بسبب الأحداث الأمنية هناك والوضع المتأزّم، على أن تجتاز نحو 300 كيلومتر على الأراضي اللبنانية ساحلاً وجبلاً شمالاً وجنوباً، وقد بدأتها أمس بالانطلاق من الأشرفية إلى أدونيس (شمال بيروت). تؤكد نصر (43 سنة) أن السلام الذي تنشده «بمثابة حبة الخردل التي تنمو في الأرض». وتضيف: «بالطبع لن يعم السلام بمجرد أنني ركضت من باريس إلى بيروت. لكن ما حققته يرمز إلى الإرادة الكامنة فينا». خططت نصر، المتخصصة في الطب الفيريائي وإعادة التأهيل والتي تهتم بذوي الحاجات الخاصة، لهذا الحدث منذ سنوات، علماً أنها دأبت على خوض السباقات منذ عام 2002، وانطلقت في اتجاه بيروت يوم سباق ماراثون باريس (4 نيسان/ أبريل الماضي)، أي بعد مرور 10 سنين على خوضها هذا السباق، ومرّت في ألمانيا والنمسا وهنغاريا ورومانيا ثم بلغاريا وتركيا. كانت نصر تجتاز ما معدله 50 كلم يومياً على مراحل (معدّل السرعة 10 كلم/س) وبالتالي تستغرق مهمتها ما بين 5 و8 ساعات. وتبرز صعوبة هذا التحدي في التوزيع الصحيح والمتوازن للجهد من دون بلوغ حدّ الإرهاق في آخر النهار. وطوال رحلتها واكبت نصر قافلة مجهزة حتى وصولها إلى آخر مرحلة في تركيا (1200 كلم في الأراضي التركية). وحظيت نصر بدعم من «مؤسسة سرادار»، كما لقيت ترحيباً ومساعدة أينما حلت ودعماً من أفراد وأسر ومسؤولين وفّروا لها الإقامة وأماكن الاستراحة. وتأثرت بالود الكبير وحرارة الاستقبال في رومانيا، وبمواكبة مثالية في تركيا، لا سيما أن مكتب السياحة التركي في باريس اهتم ببادرتها وسهّل مهماتها، في مقابل «تجاهل» لبناني غير مبرر في العاصمة الفرنسية، «ربما لم يأخذوني على محمل الجد لأنني امرأة ولم يقدّروا طاقتي على الجري علماً أنني خضت سباقات صعبة كثيرة». بين انطلاق وسط حرارة بلغت 3 درجات مئوية، والمرور في مناطق جبلية تركية وسط القيظ الشديد (40 درجة مئوية) وتجاوزها إصابة تعرضت لها في هنغاريا، سعدت نصر ب «اكتشافات ولقاءات أغنت شخصيتي»، وأهدت إنجازها إلى روح والدها الراقد في ثرى بلدة برتي (قضاء جزين، الجنوب) ضاربة موعداً مع تحدٍّ جديد قد يحفزها للجري بين باريس وطوكيو، فضلاً عن مواصلتها خوض السباقات الصعبة «الألترا» وماراثونات الرمال.