لحظة تأمُّل    حققت قفزة نوعية بمعدل 9 نقاط خلال عامين.. السعودية بالمرتبة ال10 بمؤشر التغطية الصحية الشاملة    السجن 15 عاماً لعبقري «العملات المشفرة»    موجز    وسط انتقادات واشنطن لقرار أممي.. مؤتمر دولي لبحث إنشاء «قوة غزة»    جيش الاحتلال يستهدف القيادي في حماس رائد سعد    1092 توفوا في غزة نتيجة تأخر الإجلاء الطبي ونقص الإمدادات    المنتخب الوطني يواصل تحضيراته لمواجهة الأردن    برعاية خادم الحرمين.. أمير الرياض يحضر ختام العرض الدولي الثامن لجمال الخيل العربية الأصيلة    تنظيم الإعلام الرياضي وعقوبات على المتجاوزين ومثيري التعصب.. بعد الموافقة عليه.. تفاصيل مشروع نظام الرياضة الجديد    أمطار على معظم المناطق حتى نهاية الأسبوع    1145 حالة ضبط لممنوعات بالمنافذ    ضبط 19.5 ألف مخالف    أمسية شعرية وطنية في «جدة للكتاب»    فسح وتصنيف 40 محتوى سينمائياً    محمد سعد بطل«دياب»    تنظمها وزارة الشؤون الإسلامية.. دورات متخصصة لتأهيل الدعاة والأئمة ب 3 دول    دراسة: كلما زاد إقناع الذكاء الاصطناعي قلت دقته    ورحلت رفيقة دربي أُم تركي    المملكة تقود مستقبل التحول الرقمي    المملكة توزع 1000 سلة غذائية في ولاية البحر الأحمر بالسودان    القبض على شخصين لترويجهما القات    ضبط 19576 مخالفاً للإقامة والعمل وأمن الحدود    الكهموس: المملكة مستمرة في مكافحة الفساد    الأخضر يتجهز لمواجهة الأردن بفترة «حرة»    تقرير بريطاني يفتح الباب لرحيل صلاح نحو الدوري السعودي    أمير الشرقية يرعى تكريم الفائزين بجائزة الأحساء للتميز.. غداً    «جائزة الإعلام» تطلق مسار «التميّز»    كوزمين: هدفنا النهائي    تحسين الفئات الوظيفية ل3808 من منتسبي المساجد    «الأمر بالمعروف» تفعّل معرض «ولاء» بالطائف    مهاجم نادي الفيحاء يخضع لعملية جراحية ناجحة بمجمع الدكتور سليمان الحبيب الطبي في العليا    مستشفيات الدكتور سليمان الحبيب بالخبر والمحمدية والفيحاء والحمراء والصحافة تحصل على شهادة الاعتماد الدولية JCI    السوق السعودية يغلق الأسبوع على مكاسب محدودة    71.5% من الأنشطة العقارية بالرياض    2.31 تريليون دولار قيمة الإقراض بالبنوك الخليجية    حقن التخسيس تدخل عالم القطط    النوم الجيد مفتاح النشاط اليومي    رب اجعل هذا البلد آمنا    ترمب: هجوم تدمر حدث في منطقة خارج سيطرة الحكومة السورية    «هوبال» يحصد جائزة «فاصلة» لأفضل فيلم سعودي    تشكيل منتخب السعودية المتوقع أمام الأردن في كأس العرب    العزاب يغالطون أنفسهم    غزة بين آثار الحرب والطقس القاسي مع استمرار الضربات العسكرية    السعودية تواصل إيواء النازحين في جنوب غزة    زبرجد فيلم روائي يجذب زوار معرض جدة للكتاب    الملك يرعى الحفل الختامي للعرض الثامن لجمال الخيل العربية الأصيلة    فريق قوة عطاء التطوعي يحتفي باليوم العالمي للتطوّع ويكرّم أعضاءه    ورشة عمل في فندق كراون بلازا تحت إشراف جمعية القلب السعودية ضمن حملة 55 قلبك بخير    سماء المنطقة العربية تشهد زخة قوية من الشهب هذه الليلة    كشف السلطة في محل الفول: قراءة من منظور فوكو    وزراء دفاع الولايات المتحدة وأستراليا وبريطانيا يبحثون اتفاقية "أوكوس"    رئيس دولة إريتريا يصل إلى جدة    نائب أمير الرياض يعزي أبناء علي بن عبدالرحمن البرغش في وفاة والدهم    غرفة إسكندراني تعج بالمحبين    القيادة تعزّي ملك المغرب في ضحايا انهيار مبنيين متجاورين في مدينة فاس    طيور مائية    ولي العهد يفتتح مرافق قاعدة الملك سلمان الجوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«آي فون» يواجه تنظيم «الدولة الإسلاميّة»
نشر في الحياة يوم 21 - 10 - 2014

بطريقة غير مقصودة تماماً، وضعت حرب «داعش» الشرق الأوسط وشعوبه قسراً في مسار الاهتمام بالحماية التقنيّة للمعلومات الفرديّة على الهواتف الشخصيّة، وهو ما يعبّر عنه تقنيّاً بمصطلح «تشفير» Encryption المعلومات.
وبديهي أن يظهر من ينادي أيضاً، في السياق عينه وللأسباب نفسها، بحماية مكالمات الأفراد. وفي استعادة سريعة، استطاعت غير وسيلة إعلاميّة (لعل أبرزها صحيفة «دِر شبيغل» الألمانيّة) التواصل مع الخبير سنودن عبر استخدام نُظُم لتشفير تلك الاتصالات بصورة فرديّة. والأرجح أن نقاش ذلك الأمر يحتاج إلى مساحة أخرى.
في ظل تلك الأسئلة المقلقة، لاح ضوء صغير لكنه مهم، على الأقل بالنسبة للجمهور العام، الذي يصعب على أفراده أن يكونوا على مستوى التمرّس التقني الذي تملكه مؤسّسات الدول أو خبير المعلوماتية سنودن.
نداء أوباما: لنتدرب على التشفير!
قبل الخوض في تفاصيل ذلك الضوء، يجدر التذكير بأن امتلاك نظام لتشفير المعلومات الفرديّة لم يعد مسألة رفاهية ولا حتى هواية تقنيّة، بل بات مسألة ملحّة. وطريّ في الذاكرة أيضاً أن الرئيس الأميركي باراك أوباما، في التفاتة غير مألوفة لمسألة من ذلك النوع، طالب الجمهور العام بألا يعتبر مسألة التشفير موضوعاً تقنيّاً صرفاً ولا هامشيّاً، بل أنه «يجب على الجميع التدرّب على التشفير»، وفق كلمات أوباما التي لم يكن زمانها بعيداً عن اللحظات المتوترة من تفجّر فضيحة التجسّس الإلكتروني الشامل ل»وكالة الأمن القومي» الأميركيّة.
التمع ذلك الضوء الخافت من شركة «آبل»، تحديداً مع إطلاق هاتفها «آي فون 6» (iPhone 6). وقد رافقت انطلاقة ذلك الهاتف ضجّة كبرى، لكن قلّة اهتمت بحضور مسألة تشفير المعلومات في نظام تشغيل «آي فون 6».
إذ يبدو أن «آبل» التقطت فعليّاً الخيط المستجد في الاتصالات المعاصرة، الذي يمثّله التشفير. ربما يصح أيضاً القول إن الشركة لم تنطلق من اهتمامها بحماية الجمهور، بقدر اهتمامها بأرباحها، خصوصاً أن حصّتها في الهواتف الذكيّة باتت تتآكل باستمرار في ظل احتدام المنافسة مع هواتف مُشابهة قدّمتها شركات ك «سامسونغ» («غلاكسي» Galaxy) و «آتش تي سي» («ديزاير» Desire) و «نوكيا» («إكسبيرا» Xperia) و «سوني» («نوت» Note) و «كيندل» («فاير» Fire) وغيرها.
في المقابل، يبدو ذلك أقرب إلى محاكمة على النوايا. أليس بديهيّاً أن تهتم الشركات بأرباحها؟ هل النقاش يتعلّق بالتقنية وعلاقتها مع الناس، أم بمحاكمة ضمائر من يصنع أدوات التقنيّة؟
الأرجح أنها كانت بادرة ذكاء من «آبل» أن تلتفت إلى اهتمام الجمهور بحماية المعلومات التي يضعها الأفراد على هواتفهم الذكيّة، عبر إدماج نظام قوي للتشفير ضمن نظام تشغيل هواتف «آي فون 6»، وهو يحمل اسم «آي أوس 8» iOS8. ويشمل التشفير المعلومات التي تخزّن على ذلك الهاتف مباشرة، بمعنى أنها لا تشمل المعلومات الموجودة على الإنترنت، كتلك المتراكمة على شبكات التواصل الاجتماعي بأنواعها.
وللمرّة الأولى، بات مستطاعاً حماية المعلومات في الخليوي بأنواعها كافة، بما فيها الصور والرسائل وقوائم الأصدقاء ولوائح الاتصالات وقوائم تواريخ المكالمات، بمعنى أن هاتف «آي فون 6» يعمل على تشفيرها بصورة مؤتمتة، من دون أن يطلب منه ذلك. واستطراداً، من الضروري القول إن الجمهور يستطيع أن يساهم بنفسه في تدعيم نظام الشفير، عبر تغيير أرقام الدخول إلى بطاقة الخليوي (تعرف باسم «بي آي أن» PIN، وهي غالباً تتكوّن من 4 أرقام)، وجعلها كلمة شخصيّة تحتوي أرقاماً وحروفاً.
بانتظار الهجوم الإلكتروني
أثارت خطوة «آبل» جدالاً في الولايات المتحدة، لأنها جاءت بعد منازعة قانونيّة حدثت في مطلع الصيف الجاري، كسب فيها نشطاء حماية الخصوصيّة الفرديّة قراراً قضائيّاً يساوي بين البيت والهاتف الشخصي، ما يعني أن الدخول إلى معلومات الهاتف بات يستلزم إذناً قانونيّاً، تماماً كحال الدخول إلى منزل لتفتيشه.
في الغرب، هناك من جادل أيضاً بأن «آبل» إنما تحاول استعادة جزء من سمعتها المفقودة، كغيرها من شركات المعلوماتية والكومبيوتر والاتصالات، بأثر مما كشفه سنودن عن تعاون الشركات مع «وكالة الأمن القومي» في التجسّس على اتصالات الأفراد ومعلوماتهم. وبقدر ما، تبدو تلك الحجة مبرّرة في سياق غربي على رغم أنها ليست خلواً من الميل إلى المحاكمة على النيّة والمحاسبة على الضمائر.
وفي سياق أعمق أثراً، احتجّت مؤسّسات أمنيّة أميركيّة على خطوة «آبل»، ما فتح باباً للنقاش عن مصير هاتف «آي فون 6» في... الصين! إذ جهدت شركة «آبل» للحصول على موافقة حكومة بيجين على بيع «آي فون» في بلاد «العم ماو». وعمليّاً، تنازلت الشركة عن حقها في مقاضاة شركة «كزيومي» Xiaomi الصينية التي تصنع هواتف مستنسخة من «آي فون»، ما يجعل النقاش عن الحق في الدخول إلى معلومات الهواتف مسألة ساخنة. لنفترض أن الشرطة الصينية حصلت على «آي فون» لأحد المحتجّين في «هونغ كونغ»، كيف تتصرّف إذا لم تستطع كسر شيفرة ذلك الخليوي والدخول إلى المعلومات المسجّلة فيه؟ المثير في الموضوع أن نظام التشفير في هواتف «آي فون 6» ليس موصولاً بالشركة، كما كان الأمر في كل النُظِم السابقة، ما يعني أن الشركة هي أيضاً لا تستطيع الدخول إلى المعلومات المسجّلة في هاتف «آي فون 6»!
ماذا لو طلبت جهات حكوميّة، سواء في الصين أو في التحالف الذي تقوده أميركا في حرب «داعش»، من شركة «آبل» مساعدتها في كسر شيفرة شخص ما يعارضها، ثم مانعت «آبل» في التعاون معها؟ كيف ينعكس ذلك على العلاقة بين تلك الحكومة وهواتف «آبل»، بل منتجاتها كافة، وكيف يتفاعل الجمهور مع ذلك الشأن عينه؟ مجرد عيّنة من أسئلة تتكاثر باستمرار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.