العوالي توقع مشروعا ضخما على كورنيش جازان خلال معرض سيتي سكيب    8 فعاليات تخاطب زوار كأس نادي الصقور السعودي 2025 بالظهران    العوالي توقع اتفاقية مع سدكو لإنشاء صندوق عقاري بمليار ريال    ضمانات توقّع اتفاقية تعاون لتفعيل منتج ضمان البيع على الخارطة للأفراد    أمير تبوك يرفع التهنئة للقيادة بمناسبة نجاح الزيارة التاريخية لسمو ولي العهد    هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تنظم لقاء بعنوان (تحديات الأمن الوطني)    بيان سعودي أميركي مشترك: وقعنا شراكات في جميع المجالا    إثراء الشريك الثقافي في منتدى مسك العالمي 2025    ولي العهد والرئيس الأمريكي يُشاركان في أعمال منتدى الاستثمار السعودي الأمريكي    ولي العهد في واشنطن.. تحالف يتجدد ورؤية تتقدم    نائب أمير منطقة مكة يستقبل القنصل العام لجمهورية الصومال    أمير تبوك يستقبل مدير عام السجون بالمملكة    أمير تبوك يكرم شقيقين لأمانتهم ويقدم لهم مكافأة مجزية    أمين الطائف يبحث المشاريع الاستثمارية لشركة (وج) والاحتياجات التوسعية لأعمالها    وسط غموض ما بعد الحرب.. مشروع قرار يضغط على إيران للامتثال النووي    غارة إسرائيلية تقتل شخصاً وتصيب طلاباً.. استهداف عناصر من حزب الله جنوب لبنان    محافظ جدة وأمراء يواسون أسرة بن لادن في فقيدتهم    في الجولة التاسعة من دوري روشن.. الاتحاد والأهلي يواجهان الرياض والقادسية    شراكتنا مع السعودية في أقوى مراحلها.. ترمب: ولي العهد من أعظم القادة في العالم    المتأهلون إلى كأس العالم 2026.. 42 مقعداً حسمت.. والملحق يحدد آخر 6 منتخبات    الأمير عبد العزيز بن سعود يلتقي متقاعدي قطاعات وزارة الداخلية في منطقة الحدود الشمالية    تعمل عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي.. درون وروبوت لمكافحة الحرائق بالمباني الشاهقة    الجوازات تستقبل المسافرين عبر مطار البحر الأحمر    إبراهيم إلى القفص الذهبي    ثمن جهودهم خلال فترة عملهم.. وزير الداخلية: المتقاعدون عززوا أمن الوطن وسلامة المواطنين والمقيمين    تامر حسني يكشف تفاصيل أزمته الصحية    مهرجان الديودراما المسرحي يحتفي بالثنائية الفنية    «وسم الثقافي» يكرم المعيبد    فلسطين تبلغ الأمم المتحدة باستمرار الانتهاكات الإسرائيلية    «التخصصي» يعتمد مركزاً وطنياً لخدمات الميتاجينومكس    دراسة: دواء السكري يقلل فوائد التمارين    «بيئة مكة».. جولات رقابية على الخضار والأسماك    عطارد يمر بين الأرض والشمس... اليوم    يايسله: المهمة أمام القادسية صعبة    "منبهر" يحقق كأس الحفل الثالث    أمير الرياض يستقبل سفير المملكة المتحدة    إطلالة ساحرة    «جامعة سطام» تطلق «خيمة ثقافات الشعوب»    «فنون العلا 5» ينطلق في تنوع فني وتجارب أدائية غامرة    20 بحثًا يعزّز التعاون الثقافي السعودي - الصيني    بولندا تنشر جيشها لحماية البنية التحتية الحيوية بعد هجوم على خط للسكك الحديدية    14 ألف جولة رقابية على المساجد بالشمالية    فيصل بن مشعل يتسلّم تقرير لجنة الحج الفرعية    أثر مدهش من بيضة مجهولة    القبض على شخصين لترويجهما «القات المخدر»    «الجوف الصحي» يقدّم الفحوصات الدورية المتنقلة    لماذا يبدع ضعيف الذاكرة؟!    سمنة الصغار تزيد الإصابة بضغط الدم    "سورات وميرونك" يتصدّران افتتاح بطولة السعودية الدولية 2025 للجولف    من تشجع في مباراة الفضاء؟    عبء العلاقات الاجتماعية ثقل يتزايد بصمت    120 ألف شخص حالة غياب عن الوعي    احتكار الجو    وزير الرياضة: رؤية 2030 أحدثت تحولًا جذريًا ورفعت عدد الاتحادات إلى 97 اتحادًا    نائب أمير الرياض يُشرّف حفل سفارة بريطانيا لدى المملكة بمناسبة اليوم الوطني    5 أهداف للاتفاقية الدفاعية بين السعودية وأمريكا    حسن الظن بالله أساس الطمأنينة    استقبل وزير الحج ونائبه.. المفتي: القيادة حريصة على تيسير النسك لقاصدي الحرمين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر: التربية الجنسية ضائعة بين إحراج الكبار وحاجات الشباب
نشر في الحياة يوم 20 - 05 - 2013

يظن البعض أن ثنائيات العشق ورباعيات الغرام وحلقات المحبة ودوائر الود المقامة يومياً على مدار الساعة على كورنيش نهر النيل وفي أركان الحدائق العامة وجوانب المقاهي الخاصة وسطوح المباني العالية هي خير دليل تثقيفي للشباب عما يجب ان يكون وما يجب ألا يكون في عالم الثقافة الإنجابية! ويظن البعض أيضاً أنه كلما منعت مثل تلك المعلومات عن الصغار، وكلما أمعنت في حجب ما يتعلق بالجنس الآخر، بل ما يتعلق بالجنس الأول عنهم، زادت عفّتهم وتعمقت عذريتهم! ويظن البعض أنه في ضوء الشكل العام للشارع المصري حيث التدين الشديد ممثلاً بالمظهر وتحول ملايين الأركان إلى زوايا صلاة وتفجر القنوات الدينية، فإن الصغار والشباب زهدوا في العلاقات وترفعوا عن جولات الاستكشاف وابتعدوا عن مغامرات العاطفة والجسد وانحشروا تحت قباب المساجد.
لكنها ظنون خاطئة وأحلام أبعد ما تكون عن أرض الواقع، بل يمكن القول ان المنع أدى إلى مزيد من المنح، والمظهر الخادع خبأ كثيراً من الحاجة، وما الحديث عن الحجب والمنع والترهيب إلا ستار في كثير من الأحوال لتشجيع زواج الطفلة والترويج لتشييء الفتاة وتقنين الرغبة الجنسية لمصلحة الرجل من خلال إضفاء هالة من المباركة لزواج القاصرات والزواج السياحي والزواج العرفي والسري... وغيرها كثير.
وبينما أذرع نظام الحكم الجديد في مصر تمتد لتفرض المزيد من التضييق على القليل المتاح من الثقافة الإنجابية والإطاحة بالشحيح المتحقق للشباب من حقوق خاصة بالنوع، تصر المبادرة المصرية للحقوق الشخصية على دراسة متعمقة استغرقت سنوات حول «التثقيف الجنسي في مصر».
كل ما تم إنجازه من مسوح حكومية وغير حكومية حول الوعي الجنسي لدى شباب مصر يؤكد أنهم في حاجة ماسة إلى مثل هذه التوعية من منطلق حقوقي بحت. وتقول الباحثة نهى رشدي إن غالبية الأسر المصرية لا تنقل – في حال معرفتها بها اصلاً - المعارف الأساسية الخاصة بالأمور الجنسية لصغارها، بل يتجنب الوالدان الحديث مع الأبناء في مثل تلك الأمور، لأنهم ببساطة لا يملكون المعلومات والحقائق التي يتوجب أن يعرفها المراهقون والشباب.
ويبدو أن المزيد من الانفتاح على التعليم، والهجرة من الريف إلى المدن، والتحول في الأدوار الاقتصادية كلها عوامل أدت إلى تفاقم الفجوة بين الآباء والأبناء. ويشير المسح الأحدث حول الثقافة الجنسية لدى الشباب المصري والذي أجراه مجلس السكان في عام 2009 إلى أن 73 في المئة من الشبان والشابات في مصر بين سن عشرة و29 عاماً لا يتحدثون أبداً مع الأهل حول التغيرات المصاحبة في فترة البلوغ، وأن 67 في المئة من الفتيات شعرن بالصدمة والخوف مع الدورة الشهرية الأولى.
حتى القليل المتاح ثبت عدم كفايته، فمبادرة وزارة التربية والتعليم لتضمين المناهج معلومات عن الفيزيولوجيا الإنجابية وتنظيم الأسرة في مناهج العلوم للمرحلتين الإعدادية والثانوية ليست كافية (كان هذا قبل سقوط النظام القديم وبدء النظام الإسلامي الجديد الذي يميل بطبيعة الحال إلى غلق الباب تماماً في مثل هذه الأمور). وكانت العقبة الكبرى التي تعتري طريق الطلاب في الحصول على التثقيف الجنسي في المدارس هي عدم استعداد المعلمين لمناقشة الفصول المتعلقة بالثقافة الجنسية داخل كتب المناهج المقررة، فما بالك بالمعلومات الإضافية؟
وتشير رشدي إلى أن الشباب والمراهقين في مصر يمضون حالياً مقداراً أكبر من الوقت خارج المنزل مع الأصدقاء وفي الأماكن العامة. كما أنهم باتوا أكثر قدرة على الحصول على المعلومات من الإنترنت ووسائل إعلامية متعددة، ما يعني تعرضهم للكثير من المعلومات الضارة والخاطئة من دون ان يكونوا مسلحين بخلفية ثابتة من المعلومات الحقيقية.
وعلى سبيل المثال، فإن مقرر العلوم للصف الثاني الإعدادي يحوي شرحاً تفصيلياً للتشريح الجنسي للذكر والأنثى، والتلقيح وتطور الجنين، ومخاطر التشويه الجنسي للإناث، وعلى رغم الشرح الوافي للأمراض المنقولة جنسياً، لا توجد اي معلومات عن وسائل منع الحمل!
كما يصور فيروس نقص المناعة البشرية المكتسبة (إيدز) باعتباره مرضاً ينقل بواسطة العلاقات الجنسية الشاذة والخاطئة. وعلى رغم أن القانون ما زال يحدد سن الزواج ب 18 عاماً، يقتصر الحديث في الكتب المدرسية على ضرورة النضج والشعور بالمسؤولية كشروط للزواج.
وفي ضوء فجوة التواصل بين الآباء والشباب والمراهقين، وبين المناهج الدراسية والشباب والمراهقين، وبين المعلمين والشباب والمراهقين، فإن برامج التثقيف الجنسي الشامل التي تدعو إليها الدراسة توفر سبل الثقيف المرجوة.
التغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي طاولت الأسرة المصرية جعلت من الخطر الحفاظ على الأفكار السائدة في شأن الحياة الجنسية والسلوك الجنسي للشباب. وتجدر الإشارة إلى أن الخطاب العام يكشف الفجوة الكبيرة بين التصور غير الواقعي للكبار بأن المراهقين كائنات متعففة عن الجنس وبين احتياجاتهم الفعلية وحقوقهم في هذا المجال. وكانت دراسة أجريت حول تغير أنماط الزواج في المنطقة العربية (2003) أشارت إلى أن المنطقة تظهر كل علامات الإنذار المشيرة إلى ارتفاع معدلات النشاط الجنسي قبل الزواج. ومع قضية إثبات النسب الشهيرة لهند الحناوي ضد الفنان أحمد الفيشاوي، استيقظ المصريون على بين 14 و21 ألف قضية إثبات نسب!
ووفق منظمة الصحة العالمية، فإن الصحة الإنجابية تتناول العملية الإنجابية والوظيفة الإنجابية والجهاز الإنجابي في كل مراحل العمر، لذلك فإن الصحة الإنجابية تفترض أن للبشر القدرة على التمتع بحياة جنسية مسؤولة ومرضية وآمنة، وأن لديهم القدرة على الإنجاب أو عدمه، وعدد المرات وتوقيتها.
وتشير رشدي إلى المقاومة الاجتماعية باعتبارها أقوى العقبات أمام مبادرات التثقيف الجنسي في مصر، لكنها ترى أن الدولة قادرة على قيادة عملية رفع الوعي بين الأهل والقائمين على العملية التعليمية، مستشهدة بأن إعادة تعريف برامج تنظيم الأسرة باعتبارها برامج للصحة الإنجابية نجحت في إزالة الحواجز تدريجاً من أمام الاشتباك الجاد مع القضايا المهمة المؤثرة في الرفاهية النفسية والاجتماعية للمصريين.
وتقر الدراسة بأهمية التثقيف الجنسي المتكامل كجزء من الصحة الإنجابية والجنسية لكل المصريين والمصريات، مع وضع سياسة وطنية تفصيلية للتثقيف الجنسي. وتنصح ببناء كادر من المدربين لبرامج التثقيف الجنسي المتكامل، واتخاذ تدابير تشريعية تلزم الجهات الحكومية العاملة مع الشباب، ولا سيما وزارتي التعليم والشباب، بالتثقيف الجنسي المتكامل. وتطالب الدراسة بتأسيس آلية للمسح القومي الدوري لقياس الثقافة الجنسية لدى الشباب والممارسات الخطرة، مع ضرورة تسهيل عمل منظمات المجتمع المدني العاملة في تثقيف الشباب والنشء وعدم التضييق عليهم.
ويبقى السؤال: هل يتجه نظام الحكم الجديد في مصر نحو الاستماع الى حاجات الشباب أم تجاهلها أم نحو مزيد من الخنق والقهر تحت شعار العيب والحرام؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.