حكاية غزوات «المحتسبين» على معرض الكتاب في السعودية كل عام أصبحت «مملة» ولا تحمل أي إثارة كما كانت في السنوات الماضية... هذا يعني بشكل غير مباشر أن الحدث ذاته بات أقل إغراءً لمحبي الفوضى ومدمني التسلط على خيارات الناس، وهو أمر طبيعي في ظل وجود ميادين أخرى أكثر جذباً للغزوات الاحتسابية. تجولت الخميس الماضي بين أجنحة دور النشر المشاركة في المعرض، والتقيت الوجوه نفسها التي التقيتها خلال الأعوام الماضية، وتبادلت مع أصحابها الأحاديث والأسئلة والملاحظات القديمة نفسها... لا جديد يُذكر عدا أن نسبة المتسوقين بدت لي أقل بشكل واضح هذا العام، وهو ما دعاني للتفكير جدياً في الاحتساب على المعرض ولكن بطريقتي الخاصة. فور وصولي للمنزل فتحت، مستعيناً بالله، جهازي المحمول وغرّدت عبر «تويتر» مطالباً وزارة الثقافة والإعلام بالخروج بشيء جديد... اقترحت أن يتم تحويل هذا المعرض بدور نشره كافة وكتبه وصخبه إلى تطبيق مجاني عبر أجهزة الهواتف الذكية، ويمكن لدور النشر بيع كتبها عبر التطبيق كملفات إلكترونية بسعر الطبعات الورقية نفسه، سوف يكون ذلك عملاً مميزاً وأقل كلفة على الناشر والقارئ ووزارة الثقافة والإعلام أيضاً. صحيح أن الناس سيفتقدون متعة مشاهدة ومزاحمة بعضهم البعض في ممرات المعرض، وربما يفتقدون أيضاً طعم «القهوة» التي تُباع في زاوية المعرض الجنوبية، لكن هذه إشكاليات بسيطة ولها حلول تقنية أكثر بساطة... كمثال يمكن أن يضاف إلى التطبيق برنامج محادثة بالصوت والصورة، وأجزم أنه سيلاقي نجاحاً باهراً قياساً بالهجمة الشعبية السعودية المدمرة على موقع «كييك»، كما أن طعم القهوة هو ذاته إن صفت النيات وراقت الأمزجة، ولذلك فلن يحتاج التطبيق لنقل المقهى إليه، بحسب ظني. إنني أحتسب وكلي ثقة بأن احتسابي «المقالي» هذا لن يلتفت إليه أي أحد من مسؤولي الوزارة خلال العقد الحالي على الأقل، لكن كلي يقين بأن هناك دولة خليجية مجاورة ستسبقنا كالعادة إلى هذه الفكرة، وقد تجعل التطبيق موازياً للمعرض على الأرض، أي أنها ستقدم للقارئ خياراً جديداً يخدم ولا يضر، وحينها سأكتب مقالاً آخر أطالب فيه بحقوقي الفكرية، ولن أخرج بأي نتيجة طبعاً والله المستعان. قبل نحو عامين أصدرت وزارة الثقافة والإعلام لائحة النشر الإلكتروني، التي تضمنت للمرة الأولى في التاريخ تنظيماً لمنح تراخيص حكومية لدور النشر «الإلكترونية»... وما أفهمه ويفهمه كل من اطلع على تلك اللائحة أن إصدارات تلك الدور ستكون ملفات إلكترونية، والمنطق يقول إنه لابد من إيجاد سوق إلكترونية أيضاً لبيعها، فلا يمكنني تصور أن تلك الدور ستحجز أجنحة في معرض الكتاب وتبيع فيها أقراصاً مدمجة على سبيل المثال... هذه نكتة إن حدثت لكنها غير مستغربة في صحارينا... وكل احتساب وأنتم بخير. [email protected] @Hani_Dh