رسمت الديبلوماسية المصرية أمس أفقاً متفائلا على مسار عملية السلام، وتوقعت على هامش الزيارة الاستثنائية التي يقوم بها الرئيس حسني مبارك لواشنطن خطة سلام أميركية مدعومة من اللجنة الرباعية والمجتمع الدولي في أيلول (سبتمبر) المقبل تركز على المسار الفلسطيني - الاسرائيلي وتسعى الى «اتفاق عادل ومشرف» من الصعب عرقلته. وفيما استكمل مبارك لقاءاته مع الجانب الأميركي والتي شملت أول من أمس وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون ومبعوث عملية السلام جورج ميتشل ومساعديها جيفري فيلتمان ووليام برنز، و17 شخصية بارزة من الوسط الأميركي بينها وزراء خارجية سابقون مثل كولن باول، اعربت كلينتون بعد اللقاء عن سرورها بزيارة مبارك، وأكدت «احراز تقدم على مستوى عملية السلام» واتجاه اطلاق المفاوضات. وأكد الجانب المصري في مؤتمر صحافي عقده الناطق باسم رئاسة الجمهورية السفير سليمان عواد أن أجواء اللقاء كانت «ممتازة ... وليست هناك فجوة بين الموقفين الأميركي والمصري بل التقاء على الحلول المنطقية لإحقاق السلام في المنطقة». وتحدث عن «خطة سلام أميركية تتبلور الآن وستطرح كما قيل لنا الشهر المقبل»، مضيفاً أن مبارك طرح على الجانب الأميركي عناصر الرؤية المصرية للحل للمساهمة والمساعدة في بلورة الخطة الأميركية. وفي سؤال ل «الحياة» عن احتمال اعلان الخطة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، لم يستبعد عواد هذا التوجه، انما أكد أن الكثير سيعتمد على المسار الذي تتخذه استشارات ميتشل في الأسابيع المقبلة ولقائه رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو في لندن الأسبوع المقبل. وأشار الى أن الخطة الأميركية تستلزم عوامل عدة ليكفل لها النجاح، وأن الرئيس المصري تعهد المساعدة في متابعة المفاوضات، كما ركز على محورية أن يكون هناك دور أميركي قوي وفاعل في قيادة العملية. واضاف عواد ان «الادارة الأميركية وعدت بخطة اميركية كونها طرفاً من أطراف الرباعية»، مشيراً الى أن هذه الخطة «ستخرج من مشاورات ميتشل وستكون مدعومة من الرباعية وستحظى بتأييد المجتمع الدولي، ونأمل في أن تأتي مع المصلحة العربية والفلسطينية، ونحن هنا للبحث في العناصر التفصيلية لإنجاح هذه الخطة عند اعلانها الشهر المقبل». وعن المطلب الأميركي بخطوات عربية بالانفتاح على اسرائيل في مقابل تجميد الاستيطان وتمهيداً للمفاوضات، أكد عواد أن مصر تلتزم المبادرة العربية، وأن التطبيع ليس قبل السلام. الا أنه استطرد: «ان اتخذت اسرائيل خطوات منها الوقف الكامل للاستيطان وبينها النمو الطبيعي والعودة الى مفاوضات على الحل النهائي من حيث انتهت مع حكومة ايهود أولمرت، واذا تم الحديث عن دولة فلسطينية بحدود دائمة وليست موقتة، كل هذا من شأنه أن يشجع بعض الدول العربية على بدء الإيماءات تجاه اسرائيل». وقال: «لدينا رأي عام لا بد أن نحترمه، لا تطالبونا بأكثر ما نستطيع أو نطيق»، موضحاً ان «بعض الدول العربية يمكنه اتخاذ بعض الخطوات انما هذا أيضاً لا يمكن الا اذا قامت اسرائيل بوقف الاستيطان ومبادرات للعودة الى المفاوضات ... ان الكرة في الملعب الاسرائيلي». وأشار عواد الى ضرورة الاستفادة من الزخم الذي أتى به أوباما و«موقفه المتقدم وغير المسبوق أميركيا بوقف الاستيطان بما فيه النمو الطبيعي». وأضاف: «ان السلام صعب انما ليس مستحيلا. لا ننطلق من الفراغ، لدينا أسس معروفة، يمكننا العودة الى تفاهمات طابا أو تحديدات كلينتون، الى مفهوم الدولتين والمبادرة عربية». وشدد على أنه «ليس هناك خيار بديل عن السلام». وعن الخلافات الفلسطينية وأثرها على عملية السلام، قال عواد: «نأمل في أن يتحقق الوفاق الفلسطيني كي يتحدث الفلسطينيون بصوت واحد، نأمل من كافة الأطراف، خصوصاً العربية (سورية)، في أن تدعم هذا التوجه ولا تعرقله». الا أنه أضاف: «أما اذا استمرت الأوضاع على ما هي عليه، فلن يكون هناك بديل الا أن تدفع باتجاه السلام ولا تسمح لأحد بأن يعرقل، سواء من بين الفلسطينيين أو من جهات خارجية أو اسرائيل». وقال ان هذا الاتجاه يهدف الى الوصول «الى اتفاق سلام مشرف عادل يستطيع أي قائد فلسطيني تحمله ويؤكد أنه يلبي طموحات الشعب الفلسطيني». واعتبر عواد أن هكذا اتفاق «سيحظى بدعم كاسح من الشعب الفلسطيني، ولن يستطيع أحد أن يشكك بما يقبله الشعب الفلسطيني وستعمل مصر على أن يكون السلام عادلا ومشرفاً يتحدث عن حدود دائمة وليست موقتة». وحذر الجانب المصري من النهج المتدرج أو أسلوب الخطوة الخطوة، وقال: «أسس السلام معروفة ومعالم الوضع النهائي واضحة». واستبعد عواد انطلاق المفاوضات على المسارات الثلاتة (لبنان وسورية الى جانب المسار الفلسطيني) بل حصرها بالمسار الفلسطيني، واضاف: «أعتقد جازماً أن الأشقاء في سورية سيشاركوننا هذا التوجه، وما من عربي في سورية أو لبنان سيعارض ما يجب أن نبدأ به: المسار الفلسطيني وانهاء معاناته هو لب الصراع». وتابع: «سورية ولبنان ومصر لم تكن لديها أرض محتلة قبل عام 1967، ان قضية فلسطين هي القضية الجوهرية، المنطق الطبيعي للسلام هو الذي يقيم الدولة الفلسطينية والنجاح على هذا المسار يفتح الباب واسعاً أمام باقي المسارات». وكان مبارك أكد عبر مقابلة مع شبكة «بي. بي. أس» الأميركية أن الادارة هي «بصدد جمع المعلومات لمتابعة عملية السلام». وأكد أن مصر تسعى الى تضييق الفجوة بين السلطة الفلسطينية و«حماس» لأنه «من دون هذا الأمر وتحقيق المصالحة لن يكون هناك استقرار ولا حتى لاسرائيل». واضاف: «كنا على وشك ضمان اطلاق (الجندي الاسرائيلي الاسير) غلعاد شاليت وحل اشكالية التدخلات الخارجية ... ونحن نعمل مع الجانب الألماني لحل هذه المسألة».